يمانيون – متابعات
في الذكرى العاشرة لثورة الـ21 من سبتمبر، ما زالت الحرب الاقتصادية وَالحصار الاقتصادي على اليمن مُستمرًّا إلى يومنا هذا، حَيثُ عمدت دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي إلى تدمير كافة مقومات الحياة من منشآت إنتاجية وخدمية وبُنى تحتية في اليمن، الذي يواجه ظروفا اقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة؛ بسَببِ الحرب الاقتصادية التي تمارس للعام العاشر على التوالي.

أسفرت هذه الحرب في السنوات الأولى من العدوان إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (48 %) وارتفاع المستوى العام للأسعار؛ مما خسّر الأفراد ما يعادل أكثر من ثلثَي دخولهم وتوقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية وتوقف البرامج الاستثمارية الحكومية وجزء كبير من الاستثمارات الخَاصَّة وانسحاب أغلب المستثمرين الأجانب وخروج رأس المال الوطني إلى الخارج؛ بحثًا عن بيئة أمنة كما توقفت صادرات النفط والغاز الطبيعي وتعليق التعهدات من المنح والقروض الخارجية وانخفاض الإيرادات إضافة إلى تكرار الأزمات الحادة في السيولة النقدية وفي الوقود والكهرباء.

وفي هذا الصدد يقول أُستاذ المالية العامة المساعد بجامعة صنعاء والباحث في الشأن الاقتصادي، الدكتور يحيى علي السقاف: “لم تكتفِ دولُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، بتدمير كافة مقومات الحياة من منشآت إنتاجية وخدمية وبُنى تحتية في اليمن، الذي يواجه ظروفًا اقتصادية واجتماعية وإنسانية غير مسبوقة؛ بسَببِ الحرب الاقتصادية والحصار المتواصل على الشعب اليمني للعام العاشر على التوالي، بل عمدت إلى استخدام حربها العدوانية في السياسة المالية والنقدية، عبر نقل نظام السويفت في البنك المركزي بصنعاء إلى فرعه في عدن”.

ويضيف: “نقل صلاحيات البنك المركزي، إلى بنك عدن لها تأثيرات كثيرة، منها قطع المرتبات على الموظفين، وطباعة حجم نقدي كبير جِـدًّا من العملة الوطنية المزورة وصلت إلى أكثر من خمسة تريليونات وثلاثمِئة مليار ريال يمني، تسببت في حدوث تضخم كبير في السلع والخدمات نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية واستخدم العدوان العديد من الإجراءات الاقتصادية التدميرية التي أَدَّت إلى انهيار الاقتصاد الوطني، وكل تلك الحرب الاقتصادية كان يهدف من تحقيقها حدوث معاناة للشعب اليمني في حياته المعيشية للضغط علية وعلى قيادته الثورية والسياسية لفرض شروطه العدوانية ولتحقيق أهدافه التي فشل في تحقيقها في الجبهة العسكرية”.

وعن إنجازات ثورة 21 سبتمبر برغم العدوان والحرب الاقتصادية، يؤكّـد الدكتور السقاف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن “ثورة 21 سبتمبر كانت تحول كبير ضد الوصاية الخارجية والتسلط والاستبداد وأطاحت بهوامير الفساد ومثلت منعطفا تاريخيًّا في حياة اليمنيين لقيامها على أسس وطنية محدّدة الأهداف فكانت من أهم أهدافها الداخلية مكافحة الفساد المالي والاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع اليمنيين وبناء تنمية حقيقية تتواءم مع أولويات واحتياجات الشعب اليمني وتنطلق من تحقيق الأمن الغذائي الذي بلغ أدنى مستوياته بفعل عدم امتلاك منظومة الحكم السابقة لأي مشروع اقتصادي وطني شامل وعدم وجود منظومة متكاملة للإصلاح المالي والإداري في مؤسّسات الدولة”.

ويؤكّـد أن “ثورة الـ21 من سبتمبر التي كانت وما تزال صمام أمام لحماية كُـلّ شبر في الأرض اليمنية والحفاظ على ثرواتها الاقتصادية ومواجهة العدوان والحصار بكل الإمْكَانيات المتاحة والممكنة، تمكّنت الجبهة الاقتصادية من الانتصار في الجانب الاقتصادي على كُـلّ المؤامرات، حَيثُ قامت حكومة الإنقاذ واللجنة الاقتصادية العليا من اتِّخاذ إجراءات ضرورية للحفاظ على العملة الوطنية من التدهور والنجاح في حدوث استقرار نقدي وذلك في تنفيذ قرار البنك المركزي منع التداول بالعملة المطبوعة غير القانونية وَأَيْـضاً من خلال تدشين البرامج الوطنية التنفيذية لإنعاش الاقتصاد الوطني في يناير من العام 2020م”.

مُشيراً إلى أن هذا التدشين جاء في ظل الانتصارات العسكرية والسياسية والاقتصادية من خلال تفعيل دور البنك المركزي اليمني في صنعاء من اتِّخاذ إجراءات تحمي العملة الوطنية وتحافظ على الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ إجراءات حازمة في السياسة المالية والنقدية للدفع بعجلة النمو والتنمية هذا وقد عملت حكومة الإنقاذ بالتعاون مع المجتمع والقطاع الخاص في إطار ما هو متاح على استمرار إمدَادات السلع والخدمات الأَسَاسية في مستوياتها الدنيا إلى جانب حفظ الأمن ما ساهم في استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية وبالتالي تأمين الحد الأدنى من فرص العمل وتدفق الموارد الاقتصادية.

تحقيق الاكتفاء الذاتي:

وعن الإنتاج الزراعي يقول السقاف، اتجهت الدولة ممثلة باللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والجهات الأُخرى المختصة في تشجيع ودعم مزارعي القمح والحبوب بجميع أنواعها وجميع المنتجات الزراعية الأُخرى واستصلاح الأراضي في العديد من المناطق والمحافظات الزراعية؛ بهَدفِ تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، حَيثُ حقّقت بعض المناطق الزراعية وفرة كبيرة في الإنتاج من الحبوب والاكتفاء الذاتي، وانخفضت فاتورة الاستيراد في هذا الجانب، ورغم كُـلّ الجهود التي تبذل ولكن ذلك لا يكفي، حَيثُ يجب على جميع أجهزة ومؤسّسات الدولة لتغطية الفجوة الكبيرة في القمح والحبوب ولو بنسبة 30 % بصورة أولية، والوقوف بجدية وجعلها أولوية وطنية عظمى، وتسخير جميع الإمْكَانيات اللازمة في الدولة.

ويؤكّـد أن الدولة لا نحتاج إلى خطط استراتيجية طويلة المدى في الجانب الزراعي، وإنما تحتاج خطة زراعية وغذائية استراتيجية قصيرة المدى لإنتاج الغذاء من القمح والحبوب، حَيثُ إن أرض تهامة والجوف وبقية الأراضي الزراعية لا تحتاج إلى استصلاح زراعي وإنما تحتاج إلى استثمار، ومن جهة أُخرى يجب أن يكون تشجيع المزارع اليمني من خلال اتِّخاذ إجراءات تنفيذية عملية ومن خلال سن القوانين لتذليل الصعوبات التي تواجه المزارع ومنحه الدعم اللازم والتمويل الذي يحتاج إليه من مرحلة الإنتاج حتى مرحلة تسويق منتجه الزراعي.

دعوة للبناء والتغيير:

ولتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، يرى السقاف أن “التعبئة العامة يجب أن تشمل الجبهة الاقتصادية في جميع مؤسّسات الدولة وتحسين وتطوير أداء عملها عن طريق تنفيذ توجيهات السيد القائد التي دعا فيها إلى التغيرات الجذرية وضرورة تطهيرها من الكوادر الوظيفية الفاسدة والتي تعمل على عكس التوجّـه الثوري وتخدم وتنفذ أجندة أعداء اليمن في الداخل والخارج وخَاصَّة في ظل العدوان الغاشم والحصار الظالم على اليمن، وبالفعل فقد بدئت اليمن في مرحلة البناء والتغيير والتوجّـه العملي والجاد لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية من خلال المرحلة الأولى من التغير الجذري في جميع مؤسّسات الدولة ووحداتها الاقتصادية ويلزم لنجاح ذلك إعداد خطة استراتيجية واقعية تهدف إلى حصر كافة الإمْكَانيات المتوفرة في البلاد ووضع مصفوفة عمل تنفيذية شامله ووضعها تحت التصرفات الدفاعية للدولة وتشمل خطة استراتيجية وتنموية غايتها تحقيق التشغيل الأمثل لجميع مؤسّسات الدولة والكوادر المالية والإدارية الأكاديمية والمهنية وفي جميع المجالات المالية والاقتصادية والزراعية والصناعية والتجارية”.

ولضمان تحقيق ذلك يدعو الدكتور السقاف حكومة البناء والتغيير، إلى “القيام بعمل دراسة وتحليل للوضع الراهن واكتشاف نقاط الضعف والقوة وتحديد أبرز التوصيات والبدء بتنفيذها وإعداد برنامج عمل لتنفيذ منظومة إصلاح مالي واقتصادي في معظم مؤسّسات الدولة مهمته تبني نهج التطوير المؤسّسي في عمل مؤسّسات الدولة وتحسين وتنمية الموارد المالية والبشرية. وبالرغم من أن الإدارة العامة التي تقوم في كُـلّ مكان بالإصلاحات الإدارية وتسعى لاستمرار تحسين الأداء المالي والإداري، إلا أن الحكومات وبفعل الثورة التقنية الحديثة دفعت إلى التفاعل وتبني مفهوم الحكومة الإلكترونية والأفكار الإدارية الجديدة، كذلك فَــإنَّ النجاح المُستمرّ الذي يحقّقه القطاع الخاص بابتكار مفاهيم وتقنيات إدارية جديدة حفز المختصين بالقطاع العام إلى إمْكَانية تطبيقها في الإدارات العامة في كثير من دول العالم”.

معالجات ضرورية:

وفي إطار مواجهة جميع المخطّطات التآمرية لدول العدوان في المستقبل، يقول في حديثه لـ “المسيرة”: يجب الانتقال من المسكنات إلى العلاج، ومن الدفاع إلى الهجوم في الجانب الاقتصادي، حَيثُ يجب على حكومة التغيير والبناء اتِّخاذ معالجات ضرورية متوسطة وطويلة المدى تقطع الطريق على كُـلّ المؤامرات للنيل من اقتصادنا الوطني، وتتمثل في الاهتمام بالإنتاج المحلي سواء الزراعي أَو الصناعي، والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والانتقال من الاقتصاد الاستهلاكي الذي يعتمد على المنتجات الخارجية، إلى الاقتصاد الإنتاجي الذي سوف يعمل على الحفاظ على الاقتصاد الوطني وارتفاع قيمة العملة المحلية الشرائية ويؤدي إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والمستدامة، وعدم الاحتياج للنقد الأجنبي لغرض الاستيراد من الخارج ونكون في مقدمة الدولة الصناعية المتقدمة.

كما نرى فيما سبق الإشارة إليه من ضرورة اتِّخاذ خطوات وإجراءات لتوحيد وتنسيق جهود الحكومة وعملها ككيان موحد؛ مِن أجلِ تحقيق فعاليات السياسات المتخذة وتحقيق أهدافها والحرص على المال العام ومكافحة الفساد وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب والإسهام في المحافظة على مقومات الدخل القومي، وأن من مرتكزات التنمية الاقتصادية الرئيسية في اليمن هو التوجّـه العلمي والعملي الجاد نحو تطوير وتنمية القطاع الزراعي والصناعي والتجاري وتطوير منهجية مبنية على أسس علمية حديثة لزيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي وإنعاش الاقتصاد الوطني ومتابعة معطيات الاقتصاد الوطني والتغيرات المتعلقة بمعدلات التضخم لحظه بلحظه والتي تساعد متخذ القرار أن يصدر القرارات الصائبة والانتقال من اقتصاد يهيمن علية القطاع العام وضعيف الفعالية إلى اقتصاد من المفروض أن يقوده القطاع الخاص بإشراف ورقابة من القطاع العام ويوفر الأسس الصحيحة لتحسين الفعالية وتوسيع التشغيل مما يجنب الدولة نفقات كبيرة خُصُوصاً ما يتعلق بقطاعات الخدمات العامة؛ مِن أجلِ سد عجز الموازنة العامة وتحقيق استقرار عام لسعر الصرف وتنمية اقتصادية مستدامة.
——————————————————
– المسيرة نت: عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحرب الاقتصادیة الاقتصاد الوطنی الاکتفاء الذاتی مؤس سات الدولة البنک المرکزی فی الجانب من خلال

إقرأ أيضاً:

تكوين الشباب الجزائري في مجالات الاقتصاد الرقمي..انطلاق قافلة تحت شعار “Caravan to Digital”

تنطلق شهر سبتمبر المقبل قافلة متنقلة تحت شعار “Caravan to Digital”، تهدف إلى تكوين وتأهيل الشباب الجزائري في مجالات الاقتصاد الرقمي ومهن المستقبل،وذلك عبر أربع ولايات، حسب ما أفاد به منظمو التظاهرة.

وتعد هذه المبادرة، المنظمة من قبل وكالة “We Make Events”، خطوة نوعية برعاية وزارات اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة. السياحة والصناعات التقليدية، الشباب، وكذا التكوين والتعليم المهنيين، حيث تسعى إلى تقليص الفوارق الجغرافية في مجال التكوين الرقمي عبر تقديم دورات مجانية موجهة للشباب, خاصة في الولايات التي تشهد ندرة في هذا النوع من المبادرات.

وستجوب القافلة ولايات سيدي بلعباس (1 و2 سبتمبر)، البويرة (6 و7 سبتمبر)،المسيلة (11 و12 سبتمبر) وباتنة (16 و17 سبتمبر)،بعد اختيارها بناء على استمارات تم ملؤها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كما ستنظم الورشات داخل خيمة مجهزة تتسع لما يصل إلى 100 مشارك. بإشراف خبراء جزائريين معتمدين في مجالاتهم.

ويرتكز البرنامج التكويني على خمسة محاور رئيسية تتماشى مع أولويات السوق الرقمية والتحولات التكنولوجية. وهي: الذكاء الاصطناعي، تطوير الويب والتطبيقات، التجارة الإلكترونية، التسويق الرقمي وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي. وكذا كيفية إطلاق شركة ناشئة.
وأشار المنظمون إلى إمكانية التسجيل عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بالقافلة: www.caravantodigital.com، مع إتاحة خيار التسجيل مباشرة في عين المكان. بهدف توسيع قاعدة المشاركة وتسهيل الولوج إلى التكوين.

وفي كلمته بالمناسبة, أشاد ياسين فاضلي. ممثل التجمع الجزائري للناشطين في الرقميات، بهذه المبادرة، معتبرا أنها تفتح آفاقا حقيقية في مجالي التكنولوجيا والابتكار، من خلال اكتشاف المواهب الشابة ومرافقتها. إلى جانب تعزيز ثقافة التعاون ونشر المعرفة الرقمية.

وعلى هامش القافلة. سيتم إطلاق مبادرة تضامنية تحت شعار “حاسوب في كل منزل”، ترمي إلى جمع أجهزة الكمبيوتر غير المستعملة من طرف المؤسسات.، بغرض إعادة توزيعها على العائلات المعوزة.

مقالات مشابهة

  • السياسات الأمريكية والعبث بالنظام الاقتصادي العالمي
  • ليبيا وتونس تعززان العلاقات الاقتصادية.. مذكرة تفاهم بين غرفتي زليتن وصفاقس
  • الرئيس اللبناني: نحتاج إلى مليار دولار سنويا على مدى 10 أعوام لدعم الجيش
  • نواب بالبرلمان: مشروعات الطاقة المتجددة خطوة استراتيجية لتحقيق أمن الطاقة وتقليل الأعباء الاقتصادية
  • لطفي بوجمعة : ” الحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع نرى نتائجها مع تحقيق الإقلاع الرقمي وانفاذ الإدارة القضائية الإلكترونية”
  • حماية المستهلك: هدفنا خفض الأسعار فعليا ليلمس المواطن نتائج الإصلاح الاقتصادي
  • اجتماع موسع برئاسة وزير الاقتصاد يقر المسودة النهائية للتصنيف الوطني الموحد للأنشطة الاقتصادية
  • من هو أبو شباب؟ .. تحقيق يُعرّي الميليشيا التي تحكم بالمساعدات التي تنهبها وتُهدد مستقبل غزة
  • مجلس الشؤون الاقتصادية: تقدم إيجابي بنتائج سياسات التنويع الاقتصادي ضمن رؤية 2030
  • تكوين الشباب الجزائري في مجالات الاقتصاد الرقمي..انطلاق قافلة تحت شعار “Caravan to Digital”