الثورة /وكالات

منذ الأيام الأولى لشن العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، كان التفاعل الشعبي عربيًّا وعالميًّا في اتجاه واحد فقط، داعمًا لفلسطين ورفضًا للمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي على رؤوس المدنيين، وذلك في مقابل مواقف رسمية تتباين بين دعم مطلق لإسرائيل قولاً وعملاً، وبين تعاطف مع ضحايا غزة بالقول دون الفعل، وبين صمت مطبق لا يظهر منه دعم ولا إدانة تجاه أيٍّ من الطرفين.


السّمة الأبرز في هذه المظاهرات أنها لم تخرج إلا في الدول الداعمة لإسرائيل وقليل من الدول العربية كاليمن والأردن والعراق ولبنان، لكنها لم يكن لها وجود في الإمارات والبحرين والسعودية، بينما في مصر خرجت عدة مظاهرات قليلة العدد لبعض الأيام برعاية النظام الحاكم، وسرعان ما توقفت وتمت مواجهتها حتى انتهت قبل أن ينطوي شهر أكتوبر نفسه.
ففي بعض البلدان العربية، اندلعت تظاهرات مع بدايات الحرب واستمرت لعدة أشهر، وكان أبرزها ما شهدته مُدن: عمّان، وصنعاء، وبغداد، من فعاليات واسعة، للمطالبة بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، ووقف العدوان على غزة وتنديدًا بالدعم الأمريكي والأوروبي لإسرائيل في جرائمها ضد الفلسطينيين، وللمطالبة بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وفي المغرب العربي خرجت مظاهرات عديدة في كل من موريتانيا والمغرب والجزائر، للمطالبة بوقف العدوان ورفع الحصار وفتح معبر رفح المصري، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع كيان الاحتلال. موريتانيا، خرجت مسيرة بالعاصمة نواكشوط للمطالبة بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار.
وفي دول الغرب (والتي تنادي بكفالة حرية التعبير عن الرأي والحق في التظاهر) لم تسلم المظاهرات من قمع الشرطة في بعض الأحيان، وتم اعتقال العديد من المتظاهرين، وذلك ضمن حالة الاستقطاب الحاد بين الأنظمة الداعمة للطرف المعتدِي، وبين الشعوب الداعمة للطرف المعتدى عليه.
وخلال عامٍ من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سجل الحراك الشعبي آلاف المظاهرات والفعاليات عبر العالم، بينها زهاء 20 ألف مظاهرة تضامنية في 18 دولة أوروبية، كان من بينها ألمانيا، وهولندا، وفرنسا، وبلجيكا، وسويسرا، وإسبانيا، وإيطاليا، والسويد، والدانيمارك، وأيرلندا، والنمسا.
وتنوعت الفعاليات بين تظاهرات واعتصامات ووقفات احتجاجية ومعارض صور وغير ذلك، وبلغ تعداد المنددين بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمطالبين بإرسال المساعدات الإنسانية إليه، في الـ 30 يومًا الأولى 5 ملايين متظاهر في أمريكا وأوروبا.
وشهدت بدايات الفعاليات في اليوم الأول من معركة طوفان الأقصى وحتى نهاية أكتوبر القليل من المظاهرات المناصرة لإسرائيل في بعض دول أوروبا وأمريكا، لكنها تضاءلت شيئًا فشيئًا حتى لم يعُد لها وجود، لا سيما بعد التنديد الواسع من قبل المؤسسات والمحاكم الدولية والتي أدانت حكومة نتنياهو بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، ما أضعف دور المؤسسات والحراك الداعم لإسرائيل عن الاستمرار في إظهار تأييدهم لجرائم الاحتلال.
وكان من اللافت أيضًا التحول الكبير في مؤشرات الرأي العام المناهض لإسرائيل والداعم للحق الفلسطيني والمندد بالعدوان على سكان غزة، حتى إن بلادًا عدة شهدة انخراط مجموعات من اليهود في الحراك ضد كيان الاحتلال.
ولأول مرة تشهد مدن أوروبا هذا الزخم الكبير من المناصرين لفلسطين؛ حيث كان الحراك يبدأ من العواصم، وسرعان ما ينتقل لمدن أخرى، وهذا ما حدث في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، ما أحرج حكومات تلك البلاد والتي تتباهى دائمًا بمناصرتها وتأييدها العدوان على غزة، فلجأت إلى قمع التظاهرات وإصدار القرارات التي تحظر أي مظهر من مظاهر التأييد للشعب الفلسطيني أو المناهض لإسرائيل، في سوابق لم تكن تعرفها أوروبا في العصر الحديث من قبل، وذلك مما زاد من الفجوة بين مؤسسات المجتمع المدني وكثير من طوائف الشعوب الأوروبية من جهة، وبين حكوماتها التي لم تعد تعبر عن نبض الشارع وتحولت إلى ناطق باسم حكومة نتنياهو.
لكن التظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية قد حازت على نصيب الأسد في مناصرة غزة ومناهضة الاحتلال ومناصريه، وهذا ما أقضّ مضجع النظام الأمريكي (الداعم الأكبر للعدوان الإسرائيلي)، وأربك حساباته، لا سيما وأن التظاهرات كانت نوعية وسريعة الانتشار، فضلاً عن أن لها مطالب محددة لم تتحملها الإدارة الأمريكية حتى أدارت ظهرها لشعارات حرية الرأي والحق في التظاهر، وبدأت في اتخاذ إجراءات قمعية ضد المتظاهرين.
فمع دخول الحرب شهرها السادس، انتفضت الجامعات الأمريكية في فعاليات احتجاجية تمثلت في تظاهرات واعتصامات وغلق حرم بعض الجامعات، وكان من بينها: جامعة نورث إيسترن في بوسطن، وجامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميزوري، وجامعة جنوب كاليفورنيا، وجامعة هارفارد، وجامعة بنسلفانيا؛ حيث طالب المتظاهرون الإدارة الأمريكية بوقف دعمها لإسرائيل والعمل على وقف العدوان على غزة، وإرسال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر، ووقف تعامل إدارات الجامعات وبين كيان الاحتلال.
قابلت الإدارة الأمريكية تلك الاحتجاجات بتعنت واستفزاز للطلاب، وقامت بقمع الكثير من التظاهرات وفصل متظاهرين وحتى الأساتذة الذين تضامنوا مع الطلاب تم عقابهم بالفصل أو بالإحالة للتحقيق، أو بالاعتقال، وذلك ما دفع انتشار الاحتجاجات بين جامعات أخرى.
لم تنته حدود التظاهرات الطلابية داخل المدن الأمريكية، بل تجاوزتها إلى جامعات أخرى في معظم دول أوروبا، وكان الزخم فيه لا يقل عما حدث في الجماعات الأمريكية، ومنها جامعة أكسفورد في بريطانيا والتي شهدت اعتصامات مطالبة بوقف استثمارات الجامعة في الشركات التي تدعم إسرائيل، وقد انضم إليهم مئات الأساتذة وعدة جمعيات حقوقية.
وشهدت جامعة السوربون الفرنسية فعاليات واسعة قوبلت باعتقال عشرات الطلاب، على إثر اعتصامات قام بها الطلاب لحمل إدارة الجامعة على قطع جميع علاقاتها الأكاديمية بمثيلاتها الإسرائيليّة، وتميزت الفعاليات بهتافات المتظاهرين المنددة بتواطؤ الجامعات الفرنسية مع إسرائيل في جرائمها بحق الشّعب الفلسطيني، والهتاف بشعارات تتهم الغرب بخيانة قيم العدل والديمقراطية والتورط مع إسرائيل في ما وصفوه بجريمة الإبادة، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ياسر أبو شباب.. معتقل سابق بغزة متهم بالعمالة لإسرائيل

ياسر أبو شباب فلسطيني ولد عام 1993 في رفح جنوب قطاع غزة، ينتمي إلى قبيلة الترابين، كان معتقلا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بتهم جنائية، وأُطلق سراحه عقب قصف إسرائيل مقرات الأجهزة الأمنية. برز اسمه بعد استهداف كتائب عز الدين القسام قوة من "المستعربين" شرق رفح، تبين أن معها مجموعة من العملاء المجندين لصالح الاحتلال ويتبعون مباشرة لما وصفته المقاومة بـ"عصابة ياسر أبو شباب".

المولد والنشأة

ولد ياسر أبو شباب يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 1993، في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. تتحدر عائلته من قبيلة الترابين، إحدى كبريات القبائل العربية جنوب فلسطين، وتعود أصولها إلى قبيلة قريش، استقرت هذه القبيلة في فلسطين ومصر والأردن عقب الفتوحات الإسلامية، ويتركز أبناؤها بكثافة في قطاع غزة.

قبل عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة فجر 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان ياسر أبو شباب معتقلا لدى الأجهزة الأمنية في غزة بتهم جنائية، لكن أُطلق سراحه بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي المقرات الأمنية.

متهم بالعمالة لإسرائيل

برز اسم ياسر أبو شباب في المشهد الأمني بعد بث كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في 30 مايو/أيار 2025، مشاهد توثّق استهدافها قوة من "المستعربين" التابعين لجيش الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأظهرت المقاطع المصورة تحرّك عناصر القوة قرب الحدود الشرقية، واقتحامها عددا من منازل الفلسطينيين، قبل أن يفجّر مقاتلو القسام أحد المنازل المفخخة أثناء وجود القوة بداخله، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من أفرادها.

وعقب العملية، كشف مصدر أمني في المقاومة الفلسطينية لقناة الجزيرة، أن القوة المستهدفة كانت مجموعة من العملاء المجنّدين لصالح الاحتلال، وممن أوكلت إليهم مهام تمشيط المناطق الحدودية، ورصد تحركات المقاومة، إضافة إلى نهب المساعدات الإنسانية.

إعلان

وأشار المصدر إلى أن هذه المجموعة تتبع مباشرة لما وصفه بـ"عصابة ياسر أبو شباب"، التي تعمل بتنسيق ميداني مع قوات الاحتلال داخل مدينة رفح.

تشكيل قوة مشبوهة

شكّل ياسر أبو شباب قوة خاصة في مدينة رفح، الواقعة تحت السيطرة الكاملة للقوات الإسرائيلية، بزعم تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى بعض مناطق قطاع غزة، وذلك قبل أن تُغلق إسرائيل المعابر بشكل كامل وتمنع تدفّق المساعدات إلى القطاع.

ووفقا لتقديرات إعلامية فلسطينية، يتراوح عدد عناصر هذه القوة بين 100 و300 عنصر، ينتشرون في مواقع لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن مواقع الجيش الإسرائيلي، ويتحركون بأسلحتهم تحت رقابة إسرائيلية مباشرة.

ويتمركز أبو شباب وقوته شرق رفح، قرب معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد الذي يسمح الاحتلال بمرور المساعدات منه إلى غزة. كما تتموضع قوة ثانية تابعة لأبو شباب غرب رفح، قرب نقطة توزيع المساعدات ضمن ما عُرف بالآلية الأميركية الإسرائيلية لتوزيع الإغاثة الإنسانية.

في بداياتها، أطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم "جهاز مكافحة الإرهاب"، قبل أن تظهر لاحقا في 10 مايو/أيار 2025 تحت مسمى "القوات الشعبية".

وقد ورد اسم ياسر أبو شباب في مذكرة داخلية صادرة عن الأمم المتحدة، أشارت إليها صحيفة واشنطن بوست الأميركية، باعتباره يقود الجهة الرئيسية المسؤولة عن تنفيذ عمليات نهب ممنهجة وعلى نطاق واسع للمساعدات الإنسانية الواردة إلى القطاع.

براءة قبلية

سعى ياسر أبو شباب إلى استغلال انتمائه القبلي لتأمين غطاء اجتماعي لأنشطته، إلا أن محاولاته باءت بالفشل بعد أن أعلن وجهاء قبيلته براءتهم منه قطعا، مؤكدين أن القبيلة التي قدّمت العديد من أبنائها شهداء في صفوف المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تحتضن من يعتدي على حقوق الناس أو يتعاون مع الاحتلال.

في مساء الجمعة 30 مايو/أيار 2025، أعلنت عائلة "أبو شباب" في قطاع غزة براءتها الكاملة من نجلها ياسر أبو شباب، بعد تأكد تورطه في أنشطة أمنية خطِرة تخدم الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان

وأوضح بيان العائلة، الصادر عن وجهائها، أنها كانت قد دعمت ياسر بناء على ادعائه العمل في تأمين المساعدات الإنسانية، لكن معلومات موثوقة كشفت انخراطه في ممارسات مشبوهة، وبعد مواجهته، حاول تبرئة نفسه بعرض مقاطع مصورة، إلا أن تسجيلات موثقة من المقاومة أظهرت تورطه مع تشكيلات "المستعربين" وتقديم دعم مباشر للاحتلال.

وأكد البيان تبرؤ العائلة من ياسر وكل من يعاونه، متوعدة بملاحقته ومحاسبته، ومعتبرة "دمه مهدورا" ما لم يسلّم نفسه ويعلن توبته.

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الإسرائيلي يُهدد: لا نظام ولا استقرار في لبنان دون أمن لإسرائيل
  • بري بعد استهداف الضاحية: العدوان لن يحول بيننا وبين أعيادنا
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 54 ألف شهيد
  • الأوقاف في اليوم العالمي لضحايا العدوان على الأطفال: غزة شاهد حي على وحشية الاحتلال
  • الذهب يرتفع مع ضعف البيانات الأمريكية التي عززت رهانات خفض أسعار الفائدة
  • مطروح للنقاش يسلط الضوءَ على إقالة موالين لإسرائيل في الإدارة الأمريكية
  • ياسر أبو شباب.. معتقل سابق بغزة متهم بالعمالة لإسرائيل
  • 129 يوما من العدوان الإسرائيلي المتواصل على طولكرم ومخيميها
  • 129 يوما من العدوان الإسرائيلي المتواصل على طولكرم ومخيمها
  • اعتداء وسرقة وطرد من المنزل.. حكاية عروس شغلت الرأي العام في بني سويف