"أسعار جنونية".. النازحون اللبنانيون يدفعون ضريبة بحثهم عن الأمان مع استمرار القصف الإسرائيلي العنيف
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
في بيتٍ لا يتّسع لأكثر من عائلة، يبيتُ أحمد منصور، مع خمس عائلات أخرى بمنطقة خلدة اللبنانية. ورغم أنه نجا بروحه، إلاّ أن حاله كحال معظم الذين نزحوا من جنون القصف الإسرائيلي في لبنان، لم ينجُ من جشع أصحاب الشقق السكنية الذين استغلوا معاناته.
وهذا ليس النزوح الأول للرجل الثمانيني، كما قال لـ "يورونيوز"، فقد غادر بلدته الحدودية عيترون التي تعرضت لقصف إسرائيلي عنيف منذ بداية المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، إلى بلدة الخرايب.
كان منصور يأمل أن يجد بيتاً آخر لا يعجّ بالنازحين، لا سيّما أنه رجل مسنّ ويحتاج إلى رعاية خاصة، لكن كل مالكي العقارات الذين تواصل معهم طلبوا أسعاراً خيالية، بالإضافة إلى شروط قاسية كدفع إيجار أشهر أو سنة سلفاً.
الاستغلال الذي تعرّض له النازح المسنّ تكرّر مع الكثير من العائلات، وذلك بعد حركة النزوح الكثيفة التي شهدها لبنان في اليومين السابقين مع التصعيد الإسرائيلي على قرى جنوب وشرق لبنان بشكل خاص، إذ تخطى عدد النازحين الـ 150 ألف شخص، بحسب منسّق خطة الطوارئ لمواجهة الأزمة الوزير اللبناني ناصر ياسين.
وهذا الوضع ينطبق على سكان الضاحية الجنوبية لبيروت أيضاَ. تقول مهى فرحات (30 سنة) لـ "يورونيوز" إنها حاولت وعائلتها مغادرة منزلهم المجاور للمبنى الذي استُهدف في الاغتيال الإسرائيلي للقيادي بحزب الله فؤاد شكر، لكنهم لم يتمكنوا بسبب أسعار الإيجارات "الجنونية"، وعدم قدرتهم على تأمين المبلغ المطلوب.
ومع الاستهدافات الاسرائيلية الأخيرة للضاحية الجنوبية، اضطرت العائلة إلى المكوث عند أقاربها في بلدة بشامون، حيث يعيش 15 شخصاً في بيت واحد مؤلف من 4 غرف فقط.
النازحون بين الاستغلال والمبادرات الإنسانيةيُعدّ استغلال الحروب والأزمات لتحقيق المكاسب المالية أمراً مجرداً من الإنسانية، إلاّ أن القانون اللبناني يكفل حقّ المالك بتحديد السعر الذي يراه مناسباً، بحسب نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى.
يُشير موسى لـ "يورونيوز" إلى أنه يوجد سيناريوهات عديدة واجهها اللبنانيون هذين اليومين، فهناك من امتنعوا كلياَ عن تأجير بيوتهم إما لمخاوف مستقبلية متعلقة بإمكانية قدرة المستأجرين على الدفع في حال طال أمد الحرب، أو خوفاً من أن يكون الأشخاص الذين يرغبون باستئجار الشقق مستهدفون من قبل الجيش الإسرائيلي.
أما السيناريوهات الأخرى فهي المطالبة بالدفع المسبق أو التأجير الشهري مقابل أسعار مرتفعة جداً، وهو ما يصفه موسى بـ "استغلال غير منطقي". ويُطالب النقيب بوضع تشريع ينطبق على الحالات الاستثنائية مثل الحروب، لمنع المؤجر من طلب أسعار إيجارات مرتفعة.
ينطبق ارتفاع أسعار الشقق السكنية على غيرها من المسلتزمات التي زاد عليها الطلب مع ارتفاع أعداد النازحين، كالفرش والوسادات، اذ استغل التجار الظروف القاسية ليرفعوا أسعارها.
كل هذه الأسباب دفعت النازحين للجوء إلى مراكز الإيواء التي باتت مزدحمة بدلاً من استئجار البيوت، فقد وصل عدد النازحين في المراكز إلى حوالى ٥٣ ألفاً وفقاً للوزير ناصر ياسين. إلاّ أن العديد من المناطق اللبنانية شهدت مبادرات إنسانية لإيوائهم، ففضلاً عن المدارس والجامعات التي استقبلت النازحين، فتحت أيضاً الكنائس والجوامع أبوابها في مشهد تضامن وطني وإنساني عابر للطوائف والاصطفافات السياسية.
وسارع الكثير من اللبنانيين إلى جمع التبرعات وتوزيعها على المراكز المختلفة، ومن ضمنها حليب الأطفال والحفاضات والأدوية والطعام والثياب ومستلزمات النظافة والفوط النسائية وغيرها...
وكان يوم الاثنين 23 أيلول/ سبتمبر 2024 هو الأعنف والأكثر دموية من حيث تكثيف الغارات الجوية الإسرائيلية، ومن حيث الحصيلة الدموية التي لم يسبق لها مثيل منذ حرب تموز 2006، ما أدى إلى مقتل أكثر من 600 شخصاً وإصابة أكثر من 1600 آخرين، بينهم نساء وأطفال ومسعفون.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حرب متعددة الجبهات .. الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال محمد حسين سرور قائد الوحدة الجوية بحزب الله قتلى وجرحى في قصف البقاع شرقي لبنان وسط تحركات لوقف إطلاق النار أكثر من 600 قتيل وما يزيد على ألفي جريح معظمهم من المدنيين.. التصعيد الإسرائيلي على لبنان يتواصل قصف إسرائيل نزوح لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب اللهالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لبنان حزب الله قطاع غزة الحرب في أوكرانيا روسيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لبنان حزب الله قطاع غزة الحرب في أوكرانيا روسيا قصف إسرائيل نزوح لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لبنان حزب الله قطاع غزة الحرب في أوكرانيا روسيا جو بايدن غزة جنوب لبنان أوروبا اعتداء إسرائيل فولوديمير زيلينسكي السياسة الأوروبية یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
غارات وتحليق وإنذارات.. التصعيد الإسرائيلي يتمدد من الضاحية إلى الجنوب
واصلت إسرائيل تصعيدها العسكري في لبنان، منفّذة غارة جوية جديدة استهدفت سيارة مدنية جنوب البلاد، وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية والمسيّرة فوق مناطق عدة، ما يزيد من هشاشة اتفاق التهدئة القائم مع حزب الله منذ أكثر من عام.
واستهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين على طريق كفردونين- الشهابية جنوبي لبنان، وأسفرت الغارة عن مقتل شخص لم تُحدّد هويته بعد، وفق ما أفادت مصادر محلية، وتأتي هذه العملية بعد ساعات من قصف ليلي استهدف الأطراف الجنوبية لبلدة عيتا الشعب بالرشاشات الثقيلة، انطلاقًا من الموقع العسكري الإسرائيلي في تلة الراهب.
وتزامنًا مع ذلك، شهدت أجواء مدينة الهرمل شرق لبنان تحليقًا للطيران الحربي الإسرائيلي على علو متوسط، في حين رُصدت مسيرات إسرائيلية تحلق على علو منخفض فوق عدد من البلدات الجنوبية، من بينها صرفند، السكسكية، عدلون، أبو الأسود، القاسمية، البرغلية، ومفترق العباسية قرب مدينة صور.
ويأتي هذا التصعيد غداة غارات إسرائيلية مكثفة طالت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في رابع استهداف مباشر للمنطقة منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، والذي تم التوصل إليه العام الماضي بوساطة دولية في أعقاب التصعيد الناتج عن الحرب في غزة.
ورغم استمرار العمل بالاتفاق، أكدت إسرائيل مرارًا أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته العسكرية. وفي هذا السياق، توعدت تل أبيب الجمعة بمواصلة الضربات داخل الأراضي اللبنانية، إذا لم تتحرك السلطات في بيروت لنزع سلاح الحزب.
كما اتهم مصدر أمني إسرائيلي لبنان بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات ضد حزب الله، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته الوقائية.
الغارة الأخيرة على الضاحية الجنوبية، والتي وقعت في 27 أبريل، كانت سبقتها رسائل إنذار إسرائيلية طالبت السكان بإخلاء منازلهم، ما أدى إلى نزوح جماعي مؤقت وازدحام مروري خانق، رافقه إطلاق نار تحذيري كثيف في الهواء من قبل مسلحين لإجبار السكان على المغادرة، ويعد هذا التطور جزءًا من سلسلة عمليات نفّذتها إسرائيل في مناطق تعتبرها أهدافًا عسكرية لحزب الله المدعوم من إيران، في وقت تلتزم فيه قيادة الحزب بردود محسوبة لتجنّب انزلاق الجبهة إلى مواجهة شاملة.