مشروع تأسيس الانفصالي بالسودان.. رفض دولي وإقليمي واسع
تاريخ النشر: 31st, July 2025 GMT
منذ أن أعلنت مليشيا الدعم السريع وحلفاؤها السياسيين عن حكومة ضمن مشروع (تأسيس الانفصالي)، ظلت الإدانات الدولية والاقليمية والمحلية تتوالى داخلياُ وخارجياً وتحذر من خطورة الخطوة.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف إعلان “تحالف تأسيس” بتشكيل سلطة حاكمة بديلة بقيادة المليشيا ، بأنه تصعيد بالغ الخطورة يُهدد وحدة السودان وسلامة أراضيه، ويُنذر بتفاقم المعاناة الإنسانية في ظل صراع دموي طال أمده.
وشدد غوتيريش على أن أي ترتيبات أحادية الجانب لا تُفضي إلى سلام حقيقي، مجددًا دعوته إلى حوار وطني شامل يجمع كافة الأطراف السودانية بهدف التوصل إلى تسوية سياسية عادلة ومستدامة.
مصر ترفض
ومنذ مارس الماضي، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، رفضها أي محاولات تهدد وحدة وسيادة أراضي السودان، بما في ذلك تشكيل حكومة سودانية موازية، وذلك عندما بدأ نقاش الموضوع في العاصمة الكينية نيروبي.
وقالت الوزارة في بيان بأن «تشكيل حكومة موازية يعقّد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية». ووفقاً للبيان، طالبت جمهورية مصر العربية، القوى السودانية كافة بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد، والانخراط بصورة إيجابية في إطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تدخلات خارجية.
السعودية ترفض
كما أعلنت وزارة الخارجية السعودية، في بيان رسمي صدر الثلاثاء، رفضها القاطع للاعتراف بما يُعرف بـ”حكومة التأسيس” التي أعلنتها قوات الدعم السريع، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان وشرعيته، وتُفاقم الأزمة المستمرة منذ أكثر من عام.
وقالت بأن تشكيل حكومة خارج إطار الشرعية الدولية يُعد تصعيدًا خطيرًا يُعرقل جهود الحل السياسي.
الاتحاد الأفريقي يدين
وأدان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بشدة إعلان تأسيس حكومة موازية في السودان. ودعا المجلس في بيان صحفي صدر (الثلاثاء) ، جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي إلى “رفض تجزئة السودان وعدم الاعتراف بما يسمى بـ(الحكومة الموازية) لما لذلك من عواقب وخيمة على جهود السلام والمستقبل الوجودي للبلاد”.
كما طالب المجلس الجميع “بالامتناع عن تقديم الدعم أو المساعدة من أي نوع لأي جماعة مسلحة أو سياسية مرتبطة بما يسمى بـ(الحكومة الموازية) في السودان”.
اهتمام بوحدة السودان
من جانبه، أكد ممثل الاتحاد الأفريقي في السودان محمد بلعيش، خلال لقائه برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أن تشكيل حكومة مدنية مستقلة من كفاءات وطنية يُعد خطوة مهمة لتخفيف معاناة السودانيين وتحسين الخدمات، تمهيدًا لبدء عملية إعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم.
وأوضح بلعيش أنه نقل إلى البرهان تحيات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، السفير محمود علي يوسف، مجددًا دعم الاتحاد لوحدة السودان واستقراره، مضيفًا أن زيارته تأتي في إطار استكشاف سبل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد.
الكتلة الديمقراطية ترحب
ورحبت قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، بالموقف الواضح والصريح الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، والذي أكد رفضه القاطع لـ”حكومة التأسيس” التي أعلنها تحالف تأسيس، وتمسكه بوحدة السودان وسيادته ورفضه الاعتراف بأي كيان موازٍ.
وأشادت الكتلة في بيان (الأربعاء) بمواقف جامعة الدول العربية والأطراف الإقليمية والدولية التي عبرت بوضوح عن رفضها لهذه الخطوة وإدانتها.
واعتبرت الكتلة أن إعلان حكومة موازية يمثل تهديدًا خطيرًا للسودان والمنطقة، خاصة وأن معظم الدول المجاورة هشة وغير محصنة ضد الفوضى والانقسام.
تطور خطير
ووصف حزب الأمة القومي تشكيل”حكومة تحالف تأسيس” بمدينة نيالا، لتكون بذلك الحكومة الثانية المعلنة في البلاد بأنه تطور بالغ الخطورة يُنذر بمآلات كارثية على وحدة البلاد وسلامة نسيجها الوطني.
وأعلنت الأمانة العامة لحزب الأمة القومي في بيان صحفي، رفضها تشكيل أي حكومة خارج إطار الشرعية التوافقية أو التفويض الشعبي، بجانب أي اصطفاف مع مشروعات الحرب أو دعمها، وشددت على أن الحل الوحيد للأزمة الوطنية الراهنة هو التوجّه نحو تسوية سياسية شاملة عبر مفاوضات جادة تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار، وتحقيق سلام عادل، واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي.
خطوة خطيرة
وأكد حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن تشكيل ما يُسمى “حكومة تأسيس” خطوة خطيرة وصارخة، تمهّد لتدخل دولي في الشأن السوداني.
وقال، في تصريحات صحفية له: “على الآلية الرباعية أن تستند إلى إرادة الشعب السوداني، لا إلى أجندات خارجية”.
وعبر عن رفضه لأي تحرّك يؤدي إلى تقسيم البلاد أو انتهاك سيادة السودان.
المحقق – طلال إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی تشکیل حکومة فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل يحل البارزاني برلمان كردستان لكسر جمود تشكيل الحكومة؟
تلوّح بعض الأطراف السياسية العراقية بخيار حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات جديدة، في ظل وصول الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق إلى "طريق مسدود" في محادثات تشكيل حكومة الإقليم، بعد أكثر من عام على إجراء الانتخابات البرلمانية.
وأفرزت الانتخابات التي جرت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2024، تقدّم الحزب الديمقراطي الكردستاني بحصوله على 39 مقعدا من مجموع 100، والاتحاد الوطني على 23، والجيل الجديد على 15، فيما حصلت بقية الأطراف على حصص متفاوتة من المقاعد.
وكشفت وسائل إعلام عراقية، الأربعاء، عن وجود توجه لدى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني بحل برلمان الإقليم والدعوة لانتخابات مبكرة، بعد يأس الحزب الديمقراطي من مراوغة الاتحاد الوطني في تشكيل الحكومة الجديدة، واستئناف جلسات البرلمان.
وذكرت صحيفة "العالم الجديد" العراقية، أن الحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني لا يريد ترك أي خيار للاتحاد الوطني بقيادة بافل الطالباني، يناور من خلاله أو يساوم عليه، ولكي يذهب للمفاوضات في بغداد مرتاحا، فإنه يريد اللجوء لخطوة حلّ البرلمان.
ورقة ضغط
تعليقا على الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي من إقليم كردستان، ياسين عزيز لـ"عربي21" إن "فكرة إعادة الانتخابات مطروحة، ولاسيما من الحزب الديمقراطي الكردستاني لكن الأمر لا يزال غير رسمي، كما أن تطبيقها ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض".
وأوضح عزيز أن "إعادة انتخابات برلمان الإقليم بحاجة إلى ترتيبات كثيرة، لذا أعتقد أنها ورقة ضغط ليس إلا من أجل كسر الجمود الحاصل في مفاوضات الحزبين الرئيسيين".
وتابع: "لا يمكن تحميل حزب معين في الإقليم مسؤولية الجمود الحاصل في العملية السياسية وتعطيل التوقيتات الدستورية، صحيح أن سقف المطالبات ارتفع لدى الاتحاد الوطني هذه المرة، لكن عدم إبداء مرونة واضحة من الجميع هو السبب في عدم إحداث تقدم في مفاوضات تشكيل الحكومة".
وشدد على أنه "لو أعيدت الانتخابات فلن تكون هناك مستويات مؤثرة في تغيير الخارطة السياسية في الإقليم، وربما نشهد تراجعا معينا لأحزاب المعارضة، لكن الأسس الثابتة للعملية السياسية في كردستان العراق ستبقى كما هي، وذلك لوجود جغرافية نفوذ للحزبين الرئيسيين".
وأردف عزيز، قائلا: "مهما حاولت الأحزاب الكلاسيكية الرئيسية في الإقليم من ترسيخ مبدأ الأغلبية السياسية أو الاحتكام إلى الاستحقاق الانتخابي، فإن ذلك لن يؤثر على الواقع الذي ذكرته بوجود جغرافية لنفوذ الحزبين مما يلزمهما إيجاد آلية للاتفاق، وهو ما ننتظره في الأيام القليلة المقبلة".
وبحسب الخبير الكردستاني، فإنه "ثمة معلومات بأن اجتماعا للحزبين الرئيسيين سيعقد في منتصف الأسبوع القادم لمحاولة إحداث خرق في الجمود السياسي الحالي".
وأكد عزيز أن "الجمود الحالي يرافقه خيبة أمل لدى الشارع الكردي بسبب استمرار التوتر وعدم التوافق بين الأحزاب السياسية، ولا سيما بين الحزبين الحاكمين مما يقلل بدرجة كبيرة مستوى أية مشاركة شعبية إذا ما تم إعادة إجراء انتخابات برلمان الإقليم".
وشهد برلمان إقليم كردستان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى واحدة جرت في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه الجدد، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
مشهد معقد
على الصعيد ذاته، قال كاظم ياور مدير مؤسسة "دستورنامه" للدراسات الديمقراطية لـ"عربي21"، إنه "رغم مرور أكثر من عام على انتخابات الإقليم، لم يتمكن الحزبان الرئيسان من تشكيل الحكومة، وذلك نتيجة أن الاتحاد الوطني أصبح غريما أساسيا للحزب الديمقراطي الكردستاني".
ياور أرجع سبب ذلك إلى أن "أحزاب المعارضة (الجيل الجديد، الجماعة الاسلامية، الاتحاد الإسلامي) قرروا عدم الانضمام لتشكيلة حكومة الإقليم، بالتالي استغل الاتحاد الوطني ذلك كونه البديل الوحيد لمشاركة الديمقراطي الكردستاني، فرفع من سقف مطالبه في حكومة الإقليم".
وأضاف ياور أن "المرحلة السابقة كانت ثمة اتفاقات بين الحزب الرئيسين بخصوص تقاسم المناصب في إقليم كردستان وبغداد، لكن الاتحاد الوطني بالمناصب المسندة إليه من الحزب الديمقراطي في حكومة الإقليم، لذلك بقيت الأمور على حالها إلى ما بعد الانتخابات العراقية الأخيرة".
وأشار الباحث إلى أنه "خلال مرحلة الحملات الانتخابية العراقية أطلق الطرفين تصريحات نارية وصلت إلى مرحلة التخوين في بعض النقاط، لذلك أصبحت الأمور معقدة سياسيا بينهما".
ورأى ياور أن " الحزب الديمقراطي الكردستاني قد يستخدم اليوم وسائل ضغط من خلال إظهار بعض التصريحات التي تشير إلى أن الخيار التفاوضي مع الاتحاد الوطني وصل إلى طريق مسدود، بالتالي ممكن أن نذهب إلى حل برلمان الإقليم وإجراء انتخابات أخرى".
وأعرب الباحث عن اعتقاده بأن "هذا الطرح هو ورقة مناورة سياسية وليست خيارا أفضل للحزب الديمقراطي وحتى للاتحاد الوطني، رغم أنهما الرابحان في كل انتخابات تحصل بالإقليم نتيجة مقاطعة شريحة واسعة من المواطنين هناك، وبالتالي تنحصر المنافسة بين القواعد الثابتة للحزبين".
وتابع: "لكن مقاطعة الشعب الكردي للانتخابات في الإقليم قد لا تستمر وتحصل مشاركة تحت أي ظرف طارئ أو حدث سياسية، بالتالي تنقلب المعادلة وتخرج الخيارات الانتخابية من بيد الحزبين، وهذا الأمر جدا مقلق للأحزاب الكردية الرئيسة".
بناء على ذلك، يؤكد ياور أن حل البرلمان ربما ليس الخيار المفضل لدى أي طرف من الحزب الرئيسين في الإقليم، خصوصا أن حزب "حراك الجيل الجديد" سبق أن قدم دعوتين إلى المحكمة الاتحادية العراقية لحل البرلمان بسبب تأخر تشكيل الحكومة، ولكن الأخيرة قضت بعدم الاختصاص وردتها.
وأكد ياور أنه ثمة تصريحات من الحزبين الرئيسين تفيد بأن الأسبوع المقبل سيشهد جولة تفاوضية تقدّم خلالها مقترحات جديدة، خصوصا أن المناصب الاتحادية في بغداد أصبحت مرتبطة بمناصب الإقليم، بالتالي لابد من تفاوض الطرفين وحسم الموضوع سريعا في سلة واحدة".
وأشار إلى أن "بعض أحزاب المعارضة في الإقليم وإن كانت تمتلك مقاعد قليلة أبدت مرونة نسبية في كيفية تشكيل الحكومة ومشاركتهم فيها، خاصة من (الجيل الجديد) و(الاتحاد الإسلامي)، وهذا الشيء ربما يفتح بابا يساهم في تحريك المفاوضات بين الحزبين الرئيسين".