شدد تقرير نشره موقع "نيوز ري" الروسي على أن وصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لروسيا، التي كانت تعتبر حليفة لإيران، بـ"المعتدية" يثير العديد من التساؤلات، سيما أنه جاء ضمن لقاءات أجراها الأخير مع قادة بعض الدول الغربية.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه ظهرت معلومات حول بدء موسكو محادثات مع الحوثيين بوساطة طهران تهدف إلى تزويدهم بصواريخ بعيدة المدى.

لكن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الإيراني أمام القادة الغربيين تثير العديد من التساؤلات.

وخلال كلمته في نيويورك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بفتح صفحة جديدة في السياسة الخارجية لبلاده قائلا: "أسعى لوضع أساس متين لبدء حقبة جديدة لبلادي من خلال وضعها في موقع يمكّنها من لعب دور فعال وبنّاء في النظام العالمي المتغير".

وعلى هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 أيلول/ سبتمبر، عقد بزشكيان لقاء مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون وصفه بأنه "إيجابي".


ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الإيراني مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي لطرح موضوع استئناف "الاتفاق النووي"، الذي كان قد أبرِم سابقا بين طهران والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وروسيا، بحسب التقرير.

وذكر الموقع أن الرئيس الإيراني الجديد، بهذا التصريح يكون قد شرع في تنفيذ وعوده التي قدمها علنا قبل انتخابه الصيف الماضي، التي تشمل تحسين العلاقات مع الغرب بهدف تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

ووفقًا لبيان قصر الإليزيه، قال الرئيس الفرنسي إن طهران يمكنها استخدام نفوذها لتخفيف حدة التوترات في الشرق الأوسط، خاصة من خلال التأثير على "الجهات المزعزعة للاستقرار".

ويمكن، بحسب التقرير، تفسير هذا التصريح كإشارة واضحة إلى المقاتلين التابعين لحركة "حزب الله" اللبنانية. وقد دعا ماكرون إيران إلى التخلي عن الدعم الذي تقدمه لروسيا في النزاع الأوكراني والتوقف عن تزويدها بالأسلحة، وذلك بحسب ما نقلته وكالة "تاس".

وأضاف الموقع أن رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل التقى يوم الأربعاء، بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وناقش اللقاء الصراع في الشرق الأوسط والتعاون بين طهران وموسكو. وخلال المحادثات، جدد جوزيب بوريل الاتهام الموجه إلى إيران ببيع صواريخ بعيدة المدى لروسيا.

وبحسب ما نقلته صحيفة "كوميرسانت" الروسية، قال بوريل: "يعتبر الاتحاد الأوروبي تسليم مثل هذه الأسلحة تهديدًا مباشرًا لأمن أوروبا. ويعد هذا تصعيدًا كبيرًا بالنظر إلى عمليات التسليم السابقة للطائرات الإيرانية المسيرة والذخائر إلى روسيا"، مع العلم أن الجانبين الروسي والإيراني نفيا في السابق وجود أي إمدادات عسكرية من هذا النوع.

وأوضح الموقع، أن الرئيس الإيراني أدلى كذلك بتصريحات هامة حول النزاع الأوكراني متحدثًا بلغة حادة وقاطعة. ووفقًا لما نقلته صحيفتا "الغارديان" و"العربية"، قال الرئيس الإيراني: "نحن مستعدون للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الأوروبيين والأمريكيين لإجراء حوار ومناقشات. لم نؤيد أبدًا العدوان الروسي على الأراضي الأوكرانية". جاءت هذه التصريحات بعد لقاء بزشكيان مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الذي كان قبل لقائه مع الرئيس الفرنسي.

وأورد الموقع، أن المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف علّق على هذه التصريحات قائلا: "هذا هو الموقف السيادي لإيران. سنواصل شرح موقفنا وكل ما يتعلق بهذا النزاع حول أوكرانيا لأصدقائنا الإيرانيين".

وأضاف بيسكوف أن العلاقات مع طهران تتطور بشكل إيجابي، معربًا عن أمله في استمرار هذه الديناميكية.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الإيراني، نفى في نيويورك الشائعات التي تفيد بأن الجمهورية الإسلامية بدأت تزويد روسيا بصواريخ بعيدة المدى. ووصف وزير الخارجية الإيراني في أحد تصريحاته ادعاءات جوزيب بوريل بشأن بيع صواريخ باليستية لروسيا بأنها "أكاذيب".

وأضافت طهران أنها لا تتخذ أي طرف في النزاع الأوكراني ولا تزوّد أي جهة بالسلاح، بل تدعو الدول الأخرى إلى التوقف عن تزويد أطراف النزاع بالأسلحة، بحسب التقرير.

وفي خطابه في طهران يوم 16 أيلول/ سبتمبر، لم يستبعد الرئيس الإيراني احتمال أن يكون أسلافه قد زودوا الجار الشمالي (روسيا) بالصواريخ، على الرغم من نفي البلدين سابقا لهذا النوع من التعاون، وقال: "قد تكون إيران أرسلت صواريخ إلى روسيا في الماضي، لكن منذ أن توليت منصبي، لم تحدث مثل هذه الإمدادات".

وأضاف الموقع، أن الرئيس الإيراني أكد استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة شرط أن توقف واشنطن نهجها العدائي تجاه إيران، واختتم خطابه بتصريح جريء ومفاجئ مفاده أن "الإيرانيين والأمريكيين إخوة".


وفي سياق متصل، أشار رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي إلى أن إيران تسعى لتحقيق أهدافها السياسية الخاصة، وأن تصريحاتها موجهة بشكل رئيسي إلى الجمهور الغربي. وأوضح سلوتسكي أنه "في ما يتعلق بالمستقبل، سنراقب الأمور عن كثب، ومن المبكر التوصل إلى استنتاجات الآن. تتميز العلاقات الروسية-الإيرانية بشراكة استراتيجية ثابتة، وهذا الاتجاه لا يزال مستمرًا"، وذلك وفقًا لما نقلته "نيوز ري".

ونقل الموقع عن خبيرة الشؤون الإيرانية كاريني غيفورجيان، قولها إن هناك خطرا قد يهدد توقيع اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا: "مع ذلك، حتى مع تصريحات الرئيس بزشكيان، لا يزال من المبكر جدًا تقديم توقعات دقيقة. يهتم الرئيس بتعزيز سيادة دولته وإظهار أن الجمهورية الإسلامية يمكن أن تكون الضامن لمصالح دول مختلفة في الشرق الأوسط".

وترى الخبيرة السياسية أن "التصريح جاء في سياق التغييرات على المستوى السياسي الأوسع، وحتى في معسكر الهيمنة العالمية - الولايات المتحدة. ومهمة بزشكيان اليوم هي أن يبدو للغرب بمظهر 'الشرطي الجيد'، بينما يُقدم الحرس الثوري الإيراني على أنه 'الشرطي السيئ' تجاه هذا الغرب"، وهذا يعكس جوهر سلوك الرئيس الإيراني الجديد.

وأشار الموقع، إلى التساؤلات المطروحة حول ما قد يفعله الرئيس الإيراني من أجل رفع العقوبات، خاصة أنه يقود الفصيل المؤيد للغرب في قيادة إيران لكنه لا يزال غير مستعد للتضحية بالعلاقات مع روسيا والصين، وذلك وفقًا لما ورد في مجلة "الأتلانتيك" الأمريكية. ومثلما فعل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أكّد بزشكيان أن أولوية طهران هي حلّ المشاكل الاقتصادية التي تواجهها وهو ما يتطلب زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وإخراج إيران من "القائمة السوداء" الغربية.

ووفقا للتقرير، فإن صعود بزشكيان إلى الرئاسة كان بمثابة جرس إنذار لموسكو، حيث يُقال إن الدبلوماسيين المقربين منه لديهم شكوك تجاه العلاقات مع الصين وروسيا، وذلك وفقًا للمجلة الأمريكية.

وانتقد وزير الخارجية السابق جواد ظريف، الذي أصبح الآن نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية، الأصوات التي تسعى لتقوية الروابط بين إيران وروسيا بشكل مفرط. ووفقًا لمجلة "الأتلانتيك"، فقد "عاد الفصيل الإيراني الموجه نحو الغرب إلى الواجهة. بالطبع، لا يقود أي من هؤلاء الأشخاص القرارات بل خامنئي هو من يتخذها، ولكن حقيقة أن المرشد الأعلى سمح بترشيح بزشكيان تؤكد أن خامنئي يرى أيضًا ضرورة التعامل مع الغرب".

ووفقا لما ذكرته المجلة الأمريكية، فقد أصبح منتقدو العلاقات مع روسيا أكثر جرأة في هيكل السلطة الإيراني، حيث يشير بعضهم إلى أن جزءا من الحرس الثوري الإيراني تبنى سياسات مؤيدة لروسيا خلال السنوات الأخيرة، وحقق مكاسب ضخمة من صفقات الأسلحة مع الصين وروسيا. مع ذلك، تنفي كل من موسكو وبكين المزاعم حول أي صفقات أسلحة.

ومنذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فقد شهدت العلاقات بين موسكو وطهران تحسنًا ملحوظًا. وقد أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي دعمه للرئيس فلاديمير بوتين، واصفًا قرار بدء العملية بأنه "إجراءات وقائية". وهذه التطورات أدت إلى زيادة الزيارات المتبادلة بين القادة من كلا البلدين.

في سنة 2022، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة إلى طهران، كما زار الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي موسكو قبل نحو ستة أشهر. وزار عدد من كبار المسؤولين الروس إيران من بينهم رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين، وأمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو - الذي زار الجمهورية الإسلامية مرتين في الأشهر الأخيرة، في 5 آب/ أغسطس و17 أيلول/ سبتمبر حيث التقى بالرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

ومن المتوقع توقيع اتفاقية للتعاون الاستراتيجي بين إيران وروسيا خلال قمة "بريكس" التي ستعقد في كازان الشهر المقبل بناءً على دعوة وجهها الرئيس الروسي بوتين لنظيره الإيراني لحضور القمة التي ستجرى في الفترة من 22 إلى 24 تشرين الأول/ أكتوبر. وفي إشارته إلى ذلك وصف بزشكيان الاتفاقية بأنها "طال انتظارها". ورغم الانتقادات التي وجهها بزشكيان لروسيا خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنه أكد مشاركته في القمة في كازان حيث من المقرر أن يجري محادثات مع بوتين، وذلك وفقًا لتصريح المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني. وستكون هذه الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إلى روسيا بعد انتخابه.


وبحسب وكالة "رويترز"، فإن روسيا قد تكون على استعداد لتزويد اليمن وبالتحديد المتمردين الحوثيين بصواريخ حديثة. ووفقًا لما أفادت به الوكالة، فإنها يمكن أن تكون هذه الخطوة ردًا غير متكافئ من موسكو على رفع القيود المفروضة على أوكرانيا لشن هجمات على الأراضي الروسية. ونقلت "رويترز" عن مصادر أن روسيا تجري مفاوضات مع الحوثيين بوساطة من إيران لتزويدهم بصواريخ "أونيكس" المضادة للسفن. ورغم عدم تقديم "رويترز" أي أدلة ملموسة، إلا أن هذه المزاعم أثارت اهتمامًا كبيرًا في الغرب خاصة في ظل طلب كييف استخدام الصواريخ الغربية لضرب الأراضي الروسية.

يرى رجب صفروف، المدير العام لمركز دراسات إيران المعاصرة، أن تقرير الوكالة البريطانية يعد مجرد "تسريب إعلامي" يهدف إلى تعكير العلاقات بين موسكو وطهران، مشيرًا إلى أن التأثير الكبير للوبي الإسرائيلي في الغرب قد يكون وراء هذا النوع من التقارير بهدف الضغط على القيادة الإيرانية ودفعها للابتعاد عن أي تواصل مع روسيا.

وفي تصريح له لموقع "نيوز ري"، قال صفروف: "أنا على يقين من أن روسيا وإيران لا تجريان أي محادثات بشأن تقديم مساعدات عسكرية لأي طرف. ولكن مع وصول رئيس جديد في إيران، تحاول العديد من القوى الغربية منع تطبيع علاقات البلاد مع العالم الخارجي، وعلى رأسها تل أبيب. وتسيطر 'رويترز' والعديد من وسائل الإعلام العالمية الكبرى على اللوبي الإسرائيلي، لذلك فليس من الصعب عليهم نشر مثل هذه المعلومات".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الإيراني بزشكيان الغربية روسيا إيران روسيا الغرب بزشكيان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجمعیة العامة للأمم المتحدة الجمهوریة الإسلامیة أن الرئیس الإیرانی العلاقات مع وذلک وفق ا وفق ا لما ما نقلته إلى أن ووفق ا

إقرأ أيضاً:

حرب الاستخبارات السرية بين إيران وإسرائيل بدأت

عقب إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد اثني عشر يومًا من القتال، اتفق معظم المحللين على أنّ الهدنة التي أُعلن عنها بوساطة أميركية وقطرية تقف على أرضية "هشة"، مع احتمال عودة المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب في أي لحظة ودون سابق إنذار. كما اتفقوا أيضًا على أن المواجهات بين إيران وإسرائيل عادت إلى "المنطقة الرمادية".

ففي العشرين عامًا التي سبقت حرب يونيو/ حزيران، كان الكيان الصهيوني يسعى عبر أدواته الأمنية إلى ضرب إيران، في حين كانت الجمهورية الإسلامية تعتمد على إستراتيجية "حلقة النار" (أو طوق النار) في ملاحقة مصالح تل أبيب.

في هذا النمط من المواجهة، يسعى الطرفان إلى إلحاق أضرار متبادلة عبر ضربات غير مباشرة "دون عتبة الحرب"؛ بغية تحقيق أهداف عادة ما تُلاحَق في الحروب التقليدية المباشرة.

وبعد مرور أكثر من أربعين يومًا على نهاية الحرب الأخيرة، شهدت كل من إيران والأراضي الفلسطينية المحتلة سلسلة من الأحداث والتطورات اللافتة، لم يُنسب أي منها رسميًا إلى الطرف الآخر، بل جرى تداولها في الإعلام المحلي على أنها "حوادث عرضية" أو ناجمة عن "أسباب تقنية" لا صلة لها بالعدو.

غير أن هذه الحوادث لم تقتصر على الاغتيالات أو أعمال التخريب التقليدية، بل اتسعت رقعتها لتشمل هجمات سيبرانية، وعمليات نوعية يُرجح ضلوع حلفاء طهران الإقليميين فيها، خاصة في البحر الأحمر.

تسرب غاز أم حرب خفية؟

مع التجميد المؤقت للتوتر بين إيران وإسرائيل، وبالرغم من توقف الضربات المباشرة التي استهدفت مصالح الطرفين، فقد دخلت "حرب الظلال" أو "الحرب الاستخباراتية" بين الجانبين مرحلة جديدة.

فعلى سبيل المثال، 28 يونيو/ حزيران 2025 (أي بعد أربعة أيام فقط من إعلان وقف إطلاق النار)، أفادت بعض وكالات الأنباء بوقوع انفجارات غامضة في غرب العاصمة طهران.

إعلان

وفي اليوم التالي مباشرة، سُجّل انفجار في مصفاة تبريز، وقد أرجعت وسائل الإعلام الإيرانية سببه إلى حادث عرضي في خزان نيتروجين. ثم، في الأول من يوليو/ تموز، سُمع دوي انفجارات في منطقة شهرري جنوب شرقي محافظة طهران.

وفي 14 يوليو/ تموز، وقع انفجار داخل مجمع سكني في منطقة "برديسام" بمدينة قم. أما في 19 يوليو/ تموز، فقد اندلع حريق مريب في الوحدة 70 بمصفاة نفط آبادان، أسفر عن مقتل أحد العاملين في المصفاة.

سلسلة من الحوادث المشابهة وقعت خلال الأسابيع الأخيرة، وقد نُسبت أسباب بعضها إلى "تسرّب غاز"، بينما لم يُعلن عن سبب واضح للبعض الآخر حتى الآن.

ما يلفت الانتباه هنا أن إسرائيل لم تتبنَّ أيًّا من هذه العمليات، فيما لم تُبدِ طهران هي الأخرى أي رغبة في توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، ولا في نسب هذه الحوادث إلى تصعيد أمني مباشر من جانبها. ويبدو أن هذا الامتناع الإيراني متعمد، ويرتبط برغبتها في عدم فتح جبهة صدام مفتوح في الوقت الحالي.

ويُرجّح أن يكون منفذ هذه العمليات هو وحدة "قيصرية"، وهي الوحدة المسؤولة داخل الموساد عن تنفيذ العمليات السرية المعقدة، والتي تشمل الاغتيال الانتقائي، والتخريب، والاختراق الأمني. كما أن وحدة "متسادا"، المعروفة بـ"فرع العمليات الخاصة"، هي المسؤولة عن تنفيذ العمليات شبه العسكرية والتخريبية خارج الحدود الإسرائيلية.

في المقابل، وقعت حوادث مشابهة داخل الكيان المحتل. ففي 30 يونيو/حزيران، أفادت بعض المصادر العبرية بأن مجموعة من المستوطنين الصهاينة شنوا هجومًا على أحد المراكز الأمنية الإسرائيلية التي كانت مزوّدة بأنظمة أمنية متطورة، وتمكنوا من اقتحامه وإضرام النار فيه!

ثم، في 25 يوليو/ تموز، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن عطلًا فنيًا "غير اعتيادي" قد طرأ على منظومة توزيع الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع واسع للتيار في تل أبيب. هذا الخلل لم يقتصر على انقطاع الكهرباء، بل تسبب كذلك في سلسلة انفجارات وحرائق غريبة في معدات الضغط العالي، من بينها محطات توزيع ومحولات كهربائية رئيسية.

ومن الجدير بالذكر أن حوادث مشابهة كانت قد وقعت في الأسبوع الذي سبقه في منظومة الكهرباء داخل القدس المحتلة.

وبعيدًا عن هذه الأعمال الأمنية الداخلية، فقد أطلقت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في 6 يوليو/ تموز صواريخ جديدة استهدفت الأراضي المحتلة، في خطوة تُعد استمرارًا للمواجهة الإقليمية عبر "الوكلاء".

وفي سياق هذه "المعركة غير المتكافئة"، يبدو أن إيران تسعى، بالتعاون مع حلفائها الإقليميين، إلى استهداف مصالح إسرائيل وحلفائها داخل الأراضي المحتلة وخارجها، كجزء من إستراتيجية تهدف إلى موازنة التفوق الإسرائيلي في مجال «الحرب المعلوماتية» والتقنية.

عودة ظلّ الحرب

إن فشل الولايات المتحدة وإسرائيل في تحقيق أهدافهما خلال الحرب التي دامت اثني عشر يومًا، فضلًا عن غياب صيغة أمنية جديدة في منطقة غرب آسيا، يطرح احتمالًا جادًا باستئناف موجة ثانية من الهجمات ضد إيران.

وقد جاء تصريح عباس عراقجي، لشبكة "فوكس نيوز" -والذي أكد فيه استمرار تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية- ليثير ردّ فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي غرّد مهددًا بشنّ هجوم جديد على إيران "إذا اقتضت الضرورة".

إعلان

وفي هذا السياق، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في اجتماع جمعه بكبار القادة العسكريين، على ضرورة إعداد خطة فعالة لمنع استئناف البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.

ووفقًا لمجلة "نيوزويك"، فقد سبق أن حذر عدد من القادة العسكريين الإيرانيين من أنهم في حالة جهوزية تامة، وقادرون على استئناف الحرب مع إسرائيل في أي لحظة، بل وتوعدوا بأنه، في حال تعرضهم لهجوم مشترك من واشنطن وتل أبيب، فإنهم لن يتراجعوا، ولن يُظهروا أي رحمة.

بعيدًا عن هذه التصريحات السياسية والعسكرية، وفي ظلّ التصعيد المتزايد لما يُعرف بـ"الصراع شبه المتماثل" داخل المنطقة الرمادية، تتعاظم احتمالات العودة إلى مواجهة عسكرية مباشرة. ونظرًا لإصرار الجيش الإسرائيلي على اعتماد إستراتيجية "الهجوم الاستباقي"، وتفضيله مبدأ "المفاجأة"، يُتوقع أن تكون الضربة الأولى في الجولة المقبلة من التصعيد من نصيب إسرائيل والولايات المتحدة.

لكن ولأن عنصر المفاجأة قد استُخدم مسبقًا، فإن تكرار التكتيك ذاته يتطلب ابتكارًا تقنيًا جديدًا. هذا الابتكار قد يتمثل في اغتيال شخصية سياسية أو عسكرية رفيعة المستوى، أو تنفيذ عملية اختراق أمني على غرار "حادثة أجهزة النداء اللاسلكية" في لبنان، أو تفجير منشأة رمزية أو حساسة داخل الأراضي الإيرانية، بما يؤدي إلى إرباك مركز القيادة، وتفكيك حلقة القرار، وتهيئة الأرضية لعدوان جديد يستهدف العمق الإيراني.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إيران وباكستان تعززان تحالف المستقبل.. بزشكيان يسعى لرفع التجارة إلى 10 مليارات دولار
  • الرئيس الإيراني يتوجه إلى باکستان
  • بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران
  • باكستان تكرّم قائد الهجوم الأمريكي على إيران بالتزامن مع زيارة بزشكيان
  • كارثة تلوح في الأفق.. الرئيس الإيراني يحذر من جفاف سدود تزوّد طهران بالمياه
  • الرئيس الإيراني يحذر من جفاف سدود تزوّد طهران بالمياه
  • الرئيس الإيراني عن أزمة المياه: السدود قد تجف بحلول سبتمبر
  • بزشكيان يحذر من دخول إيران بأزمة جفاف نتيجة تراجع حاد في السدود
  • الرئيس الإيراني: لا يمكن لأي قوة أن تقف في وجه شعبنا الموحد
  • حرب الاستخبارات السرية بين إيران وإسرائيل بدأت