واقعة طنجة: بين مؤيد ورافض لها .. هل يمكن للتربية الجنسية في المدارس أن تضع حدًا لظاهرة التحرش؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
أخبارنا المغربية ــ الرباط
أثارت حوادث تحرش جنسي صادمة في كل من طنجة وشفشاون موجة غضب واستنكار واسع بين المغاربة، بعدما تم توثيقها في مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
الفيديو الأول يوثق لحظة تعرض فتاة لتحرش جماعي في طنجة من قبل مجموعة من القاصرين في أحد شوارع المدينة، حيث استُعمل العنف بشكل مروّع أمام أعين المارة, أما الفيديو الثاني، فيظهر رجلاً يُجبر امرأة على الركوب معه في سيارة أجرة صغيرة تحت التهديد في شوارع شفشاون.
الحادثتان، اللتان هزّتا الرأي العام المغربي، دفعتا السلطات إلى فتح تحقيقات عاجلة تحت إشراف النيابة العامة لتحديد ملابسات الوقائع وتقديم الجناة إلى العدالة.
ومع ذلك، طرحت هذه الأحداث تساؤلات ملحة حول أسباب انتشار التحرش الجنسي في المغرب، وما إذا كان هناك نقص في التوعية والتربية الذي يجعل الشباب يجهلون حدود السلوك المقبول.
ربط التحرش بالتعليم وتدريس الثقافة الجنسية
في خضم هذا النقاش، تبرز قضية تدريس الثقافة الجنسية في المدارس المغربية كموضوع جدلي يتباين حوله الرأي العام، فبينما يرى البعض أن إدخال دروس حول الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية قد يسهم في محاربة ظاهرة التحرش الجنسي وتعزيز وعي الشباب حول احترام حقوق الآخرين، يعارض آخرون هذه الفكرة بدعوى أنها تتعارض مع القيم الدينية والتقاليد المجتمعية.
المؤيدون لفكرة تدريس الثقافة الجنسية يؤكدون أن غياب التربية الجنسية في المدارس يُساهم في تكريس الجهل والفهم الخاطئ للعلاقات الإنسانية، مما يؤدي إلى تفاقم ظواهر مثل التحرش.
بالنسبة لهم، التعليم الجنسي لا يهدف إلى إفساد أخلاق الشباب، بل هو وسيلة لتوجيههم نحو السلوك الصحيح وتوعيتهم بالحدود المقبولة في التعامل مع الجنس الآخر.
وقد أشار البعض إلى أن التربية الجنسية قد تلعب دورًا مهمًا في الوقاية من حوادث التحرش والعنف، التي أضحت تشكل تهديدًا متزايدًا للنساء في الفضاءات العامة.
في المقابل، يعارض الكثيرون هذه الفكرة، ويربطون رفضهم بالقيم الأخلاقية والتقاليد الدينية, فالدين الإسلامي يشدد على الحياء والعفة، ويؤكد في القرآن الكريم على ضرورة غض البصر وحفظ الفرج، كما جاء في قوله تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" (النور: 30).
يرى هؤلاء أن الأسرة هي الجهة المسؤولة عن توجيه الأبناء في هذا المجال، وأن إدخال مثل هذه المواضيع في المدارس قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
التحديات المجتمعية والثقافية
لا يمكن فصل قضية التحرش الجنسي في المغرب عن السياق الثقافي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، فالمفاهيم التقليدية المتعلقة بدور المرأة، والتربية المجتمعية القائمة على تبني سلوكيات تتساهل أحيانًا مع التحرش، تساهم في استمرار هذه الظاهرة. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات، بما في ذلك إقرار قوانين تهدف إلى حماية النساء من العنف والتحرش، تبقى العقليات المجتمعية عائقًا أمام التطبيق الفعلي لهذه القوانين.
ما وقع في طنجة وشفشاون يعكس تحديًا كبيرًا أمام المجتمع المغربي، فبينما تعمل الدولة والجمعيات الحقوقية على تحسين وضعية النساء، يبقى الطريق طويلًا لتحقيق تغيير حقيقي يضمن المساواة والعدالة، ولا شك أن التربية والتعليم يلعبان دورًا محوريًا في بناء وعي مجتمعي يحترم حقوق الجميع، ويعزز قيم الاحترام المتبادل.
خاتمة
مع تزايد حالات التحرش الجنسي والعنف ضد النساء في المغرب، يبقى السؤال حول دور التربية والتوعية في مواجهة هذه الظواهر قائما.
هل يجب إدخال الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية كوسيلة للحد من التحرش؟ أم أن القيم الدينية والتقاليد المجتمعية تشكل عائقًا أمام ذلك؟ بغض النظر عن الآراء المتباينة، فإن الحاجة ملحة إلى حلول شاملة تضمن حماية النساء وتعزز وعي الأجيال المقبلة، بما يتماشى مع تعاليم الإسلام وتطلعات المجتمع المغربي إلى العدالة والمساواة.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: التحرش الجنسی فی المدارس
إقرأ أيضاً:
حقوق إنسان النواب تلتقي وفد الحوار المصري الألماني وتستعرض جهود الدولة في تمكين الفئات المجتمعية
عقدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب ، برئاسة النائب طارق رضوان، لقاءً موسعًا مع وفد الحوار المصري الألماني، وذلك بحضور القس الدكتور أندريا زكي ، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، ومدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية وهي الجهة المنوطة بتنظيم هذا المنتدى والذي يضم عدداً من نواب البرلمان الألماني وممثلي صحف ومواقع إعلامية ومنظمات حقوقية المانية . ويأتي الحوار في إطار استمرار التعاون الثنائي وتبادل الرؤى حول قضايا حقوق الإنسان، والتنمية الشاملة، والتحديات المشتركة بين الجانبين.
وخلال اللقاء، استعرض رئيس اللجنة الجهود الوطنية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، مؤكدًا أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقتها الدولة تعكس التزامًا سياسيًا واضحًا بتحقيق نقلة نوعية في هذا الملف، من خلال نهج شامل يرتكز على دعم الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما تطرق أعضاء اللجنة إلى حزم الحماية الاجتماعية التي أطلقتها الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، والتي تستهدف دعم الفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، من خلال برامج مثل “تكافل وكرامة”، ودعم التموين، والتوسع في خدمات الصحة والتعليم.
ومن ناحية أخرى، تناول اعضاء اللجنة الإشارة الى المبادرات الاجتماعية التي أطلقت خلال الفترة الماضية لتعزيز الحماية المجتمعية وتحسين جودة حياة المواطنين ويأتي على رأسها مبادرة “حياة كريمة”، مبادرة “100 مليون صحة” ، مبادرة دعم صحة المرأة المصرية ، مبادرة “أطفال بلا مأوى”، مبادرة “سكن كريم ، مبادرة “مراكب النجاة” ، مبادرة “قادرون باختلاف” ومبادرات اخرى.
وفي هذا السياق، أكد أعضاء اللجنة على ما حققته الدولة في مجال تمكين المرأة والشباب، كما أشاروا إلى أن المرأة المصرية باتت تشغل مناصب قيادية غير مسبوقة، سواء في الحكومة أو البرلمان أو السلك الدبلوماسي، بالإضافة إلى تمكين الشباب من تولي مواقع اتخاذ القرار عبر برامج تدريب وتأهيل ممنهجة مثل “الأكاديمية الوطنية للتدريب”.
كما ناقش اللقاء التحديات المرتبطة بالأمن القومي المصري، لا سيما في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة، مؤكدًا أن مصر تواجه ضغوطًا كبيرة على حدودها نتيجة للصراعات الإقليمية، وهو ما يستدعي فهمًا أعمق لدور الدولة في مكافحة الإرهاب، وتأمين حدودها، ومنع تسلل العناصر المتطرفة.
وفي هذا الإطار، تم التطرق إلى جهود مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتي أثمرت عن نتائج ملموسة منذ عام 2016، بعد أن توقفت عمليات الهجرة غير النظامية من السواحل المصرية، نتيجة التشريعات والإجراءات الرادعة، وعلى رأسها القانون رقم 164 لسنة 2024 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، والذي يمثل نقلة قانونية مهمة في هذا المجال.
وأشار النواب إلى ما تتحمله مصر من أعباء كبيرة في استضافة ملايين اللاجئين والمهاجرين من جنسيات مختلفة، ممن يتمتعون بخدمات التعليم والصحة والعمل دون تفرقة، وهو ما يمثل نموذجًا إنسانيًا فريدًا في المنطقة، يستحق التقدير والدعم الدولي.
من جانبهم، أعرب أعضاء وفد الحوار المصري الألماني عن تقديرهم للجهود المصرية الشاملة في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان والتنمية، مؤكدين أهمية استمرار التنسيق والتعاون في الملفات ذات الأولوية، وتعزيز أطر الحوار المستمر بين الجانبين.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية احترام الخصوصية الثقافية والاجتماعية للدول في مسار تعزيز حقوق الإنسان، وضرورة بناء الشراكات على أساس من التفاهم المتبادل والتقدير للجهود الوطنية.