هوس الكرملين بالتجسس يزرع الخوف بين العلماء الروس
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
بات هوس الخوف من التجسس يهيمن على الكرملين والقلق من تسريب البيانات والأبحاث العلمية إلى الخارج يقلق السلطات الروسية التي تشن حملة على العلماء وتحاكمهم في محاكمات سرية بتهم الخيانة تنتهي بأحكام سجن طويلة، وفق تقرير من صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتنقل الصحيفة أنه على مدى السنوات الست الماضية، اعتقلت السلطات اثني عشر عالما وحكم على آخرهم بالسجن 15 عاما، وجاءت بعض الاعتقالات للاشتباه في تسليمهم بيانات علمية إلى منافسي موسكو.
وأجرى الكثير منهم أبحاثا في مجال الديناميكا الهوائية عالية السرعة أو فرط الصوت، وقد اعتقل العديد منهم بعد مشاركتهم في أبحاث مع دول أخرى، بموافقة الدولة الروسية. وكان بعضهم يعمل في مشاريع تتعلق بقطاع الدفاع. وشارك آخرون في الدراسات العلمية الأساسية.
وقال سيرجي دافيديس، الذي يرأس برنامج دعم السجناء السياسيين في مجموعة حقوق الإنسان الروسية ميموريال الحائزة على جائزة نوبل للسلام "هوس التجسس يسود في روسيا الآن، وهو نوع من مفهوم الحصن المحاصر".
وأضاف "هناك مثل هذا الأمن المفرط من جانب الدولة، والقلق الشديد لضمان ألا شيء يتسرب".
وتنقل الصحيفة أن الخوف في المجتمع العلمي الروسي الآن هو أن أي شخص عمل على التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في الأسلحة يمكن القبض عليه واحتجازه لسنوات قبل مواجهة محاكمة الخيانة.
وبالنسبة للبعض، فإن فكرة متابعة البحوث ذات الصلة محفوفة بالمخاطر للغاية الآن، مما قد يعيق تقدم موسكو في الوقت الذي تكتسب ميزة على الغرب.
والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت هي واحدة من مشاريع الرئيس فلاديمير بوتين المفضلة وهي واحدة من المجالات القليلة التي يمكن لروسيا أن تدعي أنها تقود العالم فيها.
وتم احتجاز ما لا يقل عن ستة باحثين منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، بما في ذلك ثلاثة يعملون في علوم الديناميكا الهوائية في معهد خريستيانوفيتش للميكانيكا النظرية والتطبيقية في سيبيريا. وقد زاد ذلك من القلق عبر المجتمع العلمي من أن ما تعرفه في روسيا بوتين يمكن أن يكون خطيرا مثل ما تفعله به.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين في وقت سابق من هذا العام إنه لا يستطيع التعليق على الاعتقالات بسبب طبيعتها الخطيرة.
وخلال الحقبة السوفيتية، تعرض العديد من العلماء للاضطهاد زورا في ثلاثينيات القرن العشرين خلال عهد جوزيف ستالين، بما في ذلك سيرجي كوروليف، الذي أصبح أحد القادة الأوائل لبرنامج الفضاء في الاتحاد السوفيتي، وزميله مهندس الصواريخ فالنتين غلوشكو. كما ألقي القبض على أليكسي توبوليف، المعترف به دوليا باعتباره من بين مصممي الطائرات الرائدين في العالم، بتهمة القيام بأنشطة ضد الدولة.
وبدأت هذه الموجة الأخيرة من الاعتقالات بعد أن ألقى بوتين خطابا أمام الجمعية الفيدرالية للبلاد في عام 2018 ، حيث كشف النقاب لأول مرة عن أسلحة نووية تفوق سرعتها سرعة الصوت قال إنها قادرة على اختراق الدفاعات الصاروخية الأميركية.
وأشار بعض المحللين إلى أن هناك عنصرا مسرحيا وراء الاعتقالات من حيث أنها تساعد في دعم فكرة أن روسيا حققت ميزة تكنولوجية كبيرة. لكن نطاق الاعتقالات يشير إلى جنون العظمة المتزايد في الكرملين حول كيفية حماية هذه التطورات.
ومعظم العلماء المعتقلين هم من الأكاديميين الأكبر سنا الذين لديهم وظائف متميزة. لقد عملوا في مؤسسات روسية مرموقة ، وشاركوا في تأليف أوراق حول الديناميكا الهوائية مع زملاء أجانب وحضروا مؤتمرات خارجية، ولم يكن لهم بالضرورة دور مباشر في تطوير تطبيقات الأسلحة للتكنولوجيا الجديدة.
ومن بينهم ألكسندر شيبليوك، 58 عاما ، وهو متخصص رائد في مجال ديناميكا الهواء عالية السرعة الذي حكم عليه الشهر الماضي بالسجن لمدة 15 عاما. وفي مايو، حكم على أناتولي ماسلوف، البالغ من العمر الآن 78 عاما، والمتخصص في الديناميكا الهوائية عالية السرعة، بالسجن لمدة 14 عاما بتهمة الخيانة بعد أن اتهمه المدعون العامون بمشاركة معلومات سرية للغاية تتعلق بأبحاث روسيا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت مع ألمانيا.
وقبل شهر، أدين ألكسندر كورانوف، 76 عاما، وهو فيزيائي بارز أجرى أبحاثا في الدفع الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، بالخيانة بزعم "نقل بيانات البحث العلمي إلى خدمات خاصة أجنبية"، وذكرت وكالة الأنباء الحكومية الروسية "تاس" نقلا عن مصادر إنه حكم عليه بالسجن سبع سنوات.
ولم يتم الكشف عن التفاصيل الدقيقة لجرائمهم المزعومة. ويتم النظر في قضايا الخيانة خلف الأبواب المغلقة. ولم تنشر أي معلومات في جداول المحاكم لأن القضايا تتعلق بأسرار الدولة، على الرغم من أن بعض العلماء نفوا ارتكاب أي مخالفات.
وفي السابق، تم تشجيع حضور المؤتمرات الدولية والتنسيق مع الزملاء الأجانب وتبادل المعرفة بعد زوال الاتحاد السوفيتي وحلول عصر الانفتاح، الذي تطور في روسيا في عهد الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف.
وأثناء توليه منصب رئيس الوزراء بين عامي 2008 و 2012، وقع بوتين اتفاقية مع العديد من البلدان المختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا والدول الأوروبية، للمشاركة في مشروع عالمي لدراسة الظواهر الأساسية عالية السرعة.
وكانت المعاهد الروسية ملزمة بالمشاركة في هذا المشروع. والآن بعد أن عاد التعاون ليطارد العلماء الذين قاموا برحلات دولية وكتبوا أوراقا تتعلق بالمشروع، فإن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يحقق في "العلماء الذين يمكن سجنهم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: عالیة السرعة سرعة الصوت
إقرأ أيضاً:
إسطنبول تجمع الروس والأوكران من جديد.. هل تقترب نهاية الحرب؟
تعود إسطنبول لتلعب دور الوسيط الدولي مجددًا، حيث تستضيف الاثنين جولة جديدة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، في قصر "تشاراغان" التاريخي، وسط تصعيد ميداني وهجمات بطائرات مسيّرة داخل العمق الروسي، ما يضفي على الاجتماع بعدًا خاصًا من التوتر والرهان الدبلوماسي.
وتأتي الجولة الحالية استكمالًا للقاء الذي جرى في 16 أيار/ مايو الماضي داخل مكتب رئاسة الجمهورية التركية في قصر "دولمة بهتشة" بإسطنبول، حيث تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق مهم بشأن تبادل 2000 أسير (1000 من كل طرف)، وهو ما نُفّذ بالفعل في 25 مايو، بحسب ما أعلنت الحكومتان.
وفي إطار جهودها الحثيثة، واصلت أنقرة تحركاتها على المسار الدبلوماسي، حيث أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات رسمية إلى كل من موسكو وكييف خلال الأسبوع الماضي، التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما حمل مقترحًا بعقد جولة جديدة من المفاوضات في تركيا.
وصرح فيدان خلال لقائه لافروف بأن "اختيار روسيا لإسطنبول كمقر للمفاوضات يعكس التفاهم بين البلدين نحو ترسيخ الاستقرار"، فيما عبّر لافروف عن "تقديره لدور تركيا الفعّال في تهيئة أرضية الحوار المباشر مع أوكرانيا".
وتزامنًا مع ترتيبات الجولة الجديدة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا شنت هجمات بطائرات بدون طيار على قواعد جوية روسية في مناطق مورمانسك وإيفانوفو وأمور، أدّت لاشتعال النيران في عدد من الطائرات.
وأفادت حسابات أوكرانية أن الهجمات استهدفت أكثر من 40 طائرة عسكرية روسية، بينها طائرات A-50 للإنذار المبكر وقاذفات Tu-95 وTu-22M3.
ويزيد هذا التصعيد من صعوبة المهمة الدبلوماسية في إسطنبول، ويطرح تساؤلات حول إمكانية التقدم نحو وقف إطلاق نار فعلي، أو حتى الاتفاق على خطوات بناء ثقة جديدة.
واللافت أن واشنطن وعدة عواصم أوروبية أجرت اتصالات مع الجانب الروسي في أعقاب الجولة الأولى، دعمت فيها استمرارية الحوار، كما كلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسميًا وفدًا برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف لقيادة مفاوضات السلام، في مؤشر على جدية كييف في الانخراط بالمحادثات.
ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط / فبراير 2022، فشلت عدة محاولات لوقف الحرب، بسبب تباين جوهري في المواقف: روسيا تطالب بضمانات لحياد أوكرانيا ورفض انضمامها لحلف الناتو، بينما تعتبر كييف هذه المطالب انتهاكًا لسيادتها.
وتمثل مفاوضات إسطنبول إحدى المحاولات القليلة التي نجحت في جمع الطرفين على طاولة واحدة، خصوصًا بعد تعثر قنوات التفاوض الأخرى برعاية أطراف أوروبية أو أممية.