«ترويج الأكاذيب».. حرب قذرة لزعزعة الاستقرار وضرب الاقتصاد والتماسك المجتمعي
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
أصبحت الشائعات فى السنوات الأخيرة من أخطر أدوات الحرب النفسية التى تستهدف الدول، ولم تعد مجرد وسيلة لتبادل الأخبار المغلوطة، بل تحولت إلى أداة لزعزعة الاستقرار، وضرب الاقتصاد والتأثير على التماسك المجتمعى والأمن القومى.
وتعتمد الشائعات على وسائل التواصل وسرعة انتشار المعلومات، ما يجعل من الصعب على الحكومات والمجتمعات السيطرة عليها فى وقت قصير، وفى مصر تفاقمت ظاهرة الشائعات خلال العقد الأخير مع تطور وسائل الإعلام وتزايد التحديات الأمنية والاقتصادية، ويعد الجانب الاقتصادى من أكثر المجالات تأثراً بالشائعات، حيث يمكن أن تؤدى إلى زعزعة استقرار الأسواق وتراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
وتعمل الدولة بجد على مواجهة الشائعات الاقتصادية، من خلال سرعة الرد الرسمى وتقديم المعلومات الدقيقة فى التوقيت المناسب ونجحت هذه الإجراءات فى تهدئة الأسواق وإعادة الثقة إلى الجمهور والمستثمرين.
ولمواجهة هذا الخطر المتزايد، تعمل الدولة على تعزيز الوعى لدى المواطنين من خلال وسائل الإعلام المختلفة لنشر الحقائق بشكل واضح ومباشر وتفنيد الأكاذيب بسرعة، بهدف تقليل تأثير الشائعات على المجتمع، ومع ذلك يبقى التحدى مستمراً ويتطلب مزيداً من التعاون بين المواطنين والمؤسسات للتصدى لتأثير الشائعات على التماسك المجتمعى.
الحكومة نجحت في تطوير آليات سريعة للرد وتقديم المعلومات الصحيحة من خلال منصات إعلامية رسميةونجحت الحكومة فى تطوير آليات سريعة للرد على الشائعات وتقديم المعلومات الصحيحة من خلال منصات إعلامية رسمية، وهذا التفاعل السريع يقلل من تأثير الشائعات ويعيد الثقة إلى المواطنين.
وأوضح الخبير الاقتصادى د. كريم العمدة لـ«الوطن» أن الشائعات تؤدى إلى اضطراب الأسواق وتراجع الثقة فى المؤسسات المالية، مشيراً إلى أن هناك جهات خارجية وداخلية تستخدم الشائعات للإضرار بالاقتصاد المصرى.
«العمدة»: تؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحليةوأكد «العمدة» أن أمثلة الشائعات الاقتصادية تتنوع بين نشر أخبار زائفة عن توقف إنتاج بعض المنتجات الهامة مثل السكر، أو تداول أخبار كاذبة حول بيع مشاريع قومية مثل قناة السويس، وهذه الشائعات تؤدى إلى حالة من الذعر بين المستهلكين، وتؤثر سلباً إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتزيد من حالة عدم اليقين فى السوق.
وأضاف: «من الأمثلة البارزة على تأثير الشائعات فى مجال الاقتصاد، تزايد القلق بين المواطنين بخصوص توافر المنتجات الأساسية بسبب تداول أخبار غير صحيحة، وهذا القلق قد يؤدى إلى تهافت المواطنين على شراء كميات كبيرة من السلع، ما يؤدى إلى خلق أزمة صناعية وتجارية، حتى إن كانت هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة، بالإضافة إلى ذلك شهدت الأسواق المالية تذبذباً واضحاً بعد انتشار شائعات تتعلق بقرارات اقتصادية غير مؤكدة أو مشاريع استثمارية مفبركة.
«الشبراوى»: أداة لتفتيت وحدة الصفوقالت ريهام الشبراوى، مقرر مساعد لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى فى الحوار الوطنى، إن الشائعات لا تتوقف عند حدود الاقتصاد فقط، بل تمتد لتؤثر بشكل كبير على التماسك الاجتماعى وتُستخدم كأداة لتفتيت وحدة الصف وزرع الشكوك بين الأفراد والجماعات.
وأضافت أن الشائعات أصبحت وسيلة فعّالة لتشتيت الرأى العام وإضعاف الثقة بين المواطنين، سواء تجاه بعضهم البعض أو تجاه الدولة ومؤسساتها، وفى كثير من الأحيان تكون الشائعات موجهة لاستهداف فئات معينة داخل المجتمع، بهدف إثارة الفتن الطائفية أو العرقية، ما يؤدى إلى تراجع الشعور بالانتماء والتعاون بين أفراد المجتمع، فعلى سبيل المثال، تنتشر شائعات تهدف إلى تضخيم الفجوة بين فئات المجتمع، ما يخلق حالة من الاستقطاب الحاد قد تؤدى إلى اضطرابات اجتماعية وقد تؤدى الشائعات إلى تصعيد النزاعات بين الأفراد والجماعات، وإضعاف الروابط الاجتماعية التى تشكل ركيزة استقرار المجتمعات.
«القط»: المواطن أصبح أكثر وعياً ونضجاًوأكد محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن الشائعات تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومى. الشائعات التى تستهدف الأمن القومى غالباً لزرع الشكوك حول قدرة الدولة على حماية مواطنيها أو تأمين حدودها وهى أحد أسلحة الحروب النفسية التى تعزز حالة الإحباط العام وتشكك فى السلطات المختلفة وهذه الحالة من الشك المستمر تؤدى إلى توتر متزايد بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وتجعلهم فى حالة إنكار لكل ما هو إيجابى.
وأضاف «القط» أن ترويج الشائعات أصبح أكثر تعقيداً فى الوقت الحالى بفضل تقنيات التزييف المتقدمة، مثل تركيب الأصوات والصور والفيديوهات المفبركة، ما يجعل الشائعات تبدو كأنها حقائق لا يمكن إنكارها وهذا يجعل المواطنين عرضة للتصديق السريع، ما يؤدى إلى زعزعة استقرار المجتمع وتعميق الهوة بين المواطن والدولة.
وأشاد محمود القط بالمؤسسات المصرية التى أصبحت أكثر فاعلية فى التصدى للشائعات، مشيراً إلى أن المواطن المصرى أيضاً أصبح أكثر وعياً ونضجاً فى التعامل مع المعلومات، ولا ينساق وراء الأخبار الكاذبة بسهولة كما كانت الحال فى السابق.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حروب الشائعات ترويج الأكاذيب قوى الشر بین المواطنین یؤدى إلى تؤدى إلى من خلال
إقرأ أيضاً:
نقيب الصحفيين: مجلس الوزراء اختار الطريق العكسي لمواجهة الشائعات
تابع خالد البلشي نقيب الصحفيين، البيان الصحفي الصادر عن اجتماع مجلس الوزراء حول مناقشة المجلس للوسائل القانونية لتعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة، قائلًا: "رغم أن البيان ليس وسيلةً كافية للقراءة الدقيقة لكن لي بعض الملاحظات الأولية على ما ورد فيه من معلومات".
وأضاف البلشي، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": "بدا لي من البيان أن المجلس اختار الطريق العكسي لمواجهة الشائعات، وهو البداية بتغليظ العقوبات، رغم أن الدستور المصري رسم لنا مسارًا واضحًا لذلك، عبر إقرار قوانين مكملة للنصوص الدستورية الخاصة بحرية تداول المعلومات، ومنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر. وساعتها يمكننا مناقشة زيادة الغرامات، ومدى الاحتياج له، بشرط ألا تصبح هذه الزيادة طريقًا للحبس، من خلال المبالغة في تغليظها بدعوى الردع أو تؤدي إلى إغلاق الصحف، فتصبح أداةً لنشر الشائعات بدلًا من وقفها، بعد أن نفقد سلاحنا الأول لمواجهة الشائعات".
وتابع: "أن بداية الطريق لمواجهة الشائعات هي إتاحة المعلومات عبر قانون يمكن الصحفيين والمواطنين من الوصول الحر إلى المعلومات، وتوفير وسائل إتاحتها، وإلزام المصادر الرسمية بتقديمها عند طلبها، وهو ما سيغلق الباب أمام انتشار الشائعات عبر نشر المعلومات الصحيحة، وتوفير سبل تصحيح أي معلومات غير دقيقة".
واستطرد: "لقد قدم الدستور المصري روشتة متكاملة لمواجهة الشائعات عبر النص على ضرورة إتاحة المعلومات وتنظيم تداولها بحرية، بما يتيح لناقلي المعلومات بل ويلزمهم بتصحيح أي معلومة غير دقيقة، وإلا تعرضوا للعقوبة، وكذلك عبر رفع القيود على العمل الصحفي، وتحرير الصحفي من المخاوف بمنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر. وساعتها يمكننا، ونحن نستكمل هذا البناء، أن نعيد النظر في بعض الغرامات الحالية؛ بحيث تكون وسيلةً للردع، دون أن تتحول الغرامة إلى طريقٍ جديد للحبس، أو تكون -كما قلت- أداةً لقتل الحقيقة أو محاصرة ناقليها بإغلاق وسائل إتاحتها، نتيجة العجز عن تأدية الغرامة من خلال المبالغة في التغليظ بدعوى الردع".
وأوضح: "لقد علمنا أساتذة الصحافة الكبار أن عقوبة الخبر الكاذب هي تصحيحه، وأن المبالغة في العقوبة ليست السبيل لمواجهة الشائعات أو الأخبار الكاذبة بل إنها ربما تكون سببًا في انتشارها بإحجام ناقلي المعلومات عن نشرها خوفًا من العقوبة وهو ما يفتح الأبواب الخلفية على اتساعها دون ضابطٍ عبر الأطراف البعيدة عن نطاق تطبيق القانون".
وأكد نقيب الصحفيين، أن الشائعات تواجه بنشر الحقائق وإتاحتها لا بالعقوبات، وهذا هو درس الواقع والتاريخ والتجارب الإنسانية، والشائعات تنتشر بتقييد الوصول إلى المعلومات الدقيقة، ولن يمنع ذلك أي عقوبات مهما كانت شديدة في ظل تطور وسائل النشر العابرة للحدود، ولا سبيل إلى مواجهة ذلك إلا عبر إتاحة المعلومات وسبل تداولها بحرية، للرد على الأكاذيب وضحدها.
واختتم: "إن الدعوة والتوجيه اللذين كان يجب أن يصدرا اليوم، هو البدء الفوري في إعداد قوانين مكملة للمواد ٦٨ و٧١ من الدستور، وإزالة أي قيود على العمل الصحفي والإعلامي، واستكمال البنية التشريعية التي تتيح حرية النشر والتعبير. وساعتها ربما لن نحتاج إلى تغليظ أي عقوبات، أو سيتم ذلك دون أن يكون أداةً لمزيد من التضييق، وهذا ما يجب أن نتعاون فيه جميعًا: حكومةً، ووسائل إعلام، وهو بناء نظام إعلامي حر، وقوانين تتيح المعلومات كأقصر السبل لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة والمضللة".