عربي21:
2025-12-13@01:29:08 GMT

المعارضة التونسية والخيارات الانتخابيةالصعبة

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

لا يوحي المشهد السياسي والاجتماعي في تونس بإقبال البلاد يوم 6 أكتوبر 2024 على انتخابات رئاسية رغم انتهاء الحملة الانتخابية. ضمن مسار شابته ولا تزال عدة شوائب تكاد تفرغه من محتواه كعملية انتخابية حسب ما هو متعارف عليه في التجارب الديمقراطية العريقة ووفق المعايير الدولية .

فمن تأخر دعوة الناخبين إلى آخر لحظة وما سبقها من شك حول إجراء الانتخابات من عدمه إلى انطلاق المسار بنشر  الرزنامة وإعلان هيئة الانتخابات إجراءات شروط الترشح  تحت عنوان ملاءمة القانون الانتخابي لسنة 2014 مع القوانين الأعلى منه رغم أن ذلك من صلاحيات الهيئات التشريعية وقد جعلت تلك الإجراءات عملية الترشح أكثر تعقيدا وأخرجتها عن مقصد المشرع من اعتمادها مثل التزكية التي وردت بخلفية التاكد من وجود حد أدنى من المصداقية الشعبية للمترشح رغم تعارضها في الجوهر مع مبدأ حق الترشح كحق أساسي من حقوق المواطنة فتحولت إلى سيف مسلط على رقاب المترشحين.



وبعد كل ما  حصل من  لغط وجدل حول الإجراءات تم فتح باب الترشح والانطلاق في إعداد الملفات التي هيمنت عليها إشكالية الحصول على بطاقة السوابق العدلية المعروفة بالبطاقة عدد 3 والتي يتم الحصول عليها في الأصل بإجراءات إدارية بسيطة حضوريا أو عن بعد إلا أن ذلك لم يحصل وحصلت تعطيلات غير معقولة وغير مبررة لكل المترشحين الذين واجهوا أيضا إشكالية التزكيات التي لم يكن متاحا لهم منها سوى الشعبية وما صاحبها من تعقيد متعلق بتغير الوحدة الجغرافية للدائرة من الولاية إلى المعتمدية والإبقاء على العدد الأدنى المعتمد في الولاية 500 تزكية دون ملاءمته مع الوحدة الجديدة التي حصرتها الهيئة في المعتمدية، هذا إلى جانب ما تعلق بتوزيع التزكيات على الدوائر ثم ما صاحب تقديم مطالب الترشح من تشدد من الهيئة في علاقة خاصة بالتزكيات تحت عنوان التثبت والتدقيق الذي أسقط نصف ملفات المترشحين تقريبا الذين عجزوا عن جمع التزكيات أما من تمكن من ذلك فقد وجد صعوبات عند التدقيق أدى بملفه إلى الرفض.. ولم تعلن الهيئة سوى عن ثلاثة مطالب مقبولة قبولا أوليا أيدته المحكمة الادارية في الأحكام الابتدائية لدوائرها ثم حصلت المفاجأة في الطور الاستئنافي للنزاع الانتخابي بين الهيئة والمترشحين المرفوضة مطالبهم ابتدائيا بإصدار الجلسة العامة للمحكمة الإدارية التي تضم 27 قاضيا حكمها البات والنهائي بإبطال قرارات هيئة الانتخابات والأحكام الابتدئية لدوائرها  وتمكين ثلاثة مترشحين من حقهم في الترشح ودعوة الهيئة لإدراجهم في القائمة الرسمة النهائية إلا أن الهيئة رفضت ذلك بمبررات غير مقنعة مثل وصول مضمون الحكم متأخرا وغيرها وأصرت على ذلك ورغم تأكيد المحكمة لأحكامها بقرارت توضيحية اعتبرت أن عدم إدراج أسماء المترشحين وفق قرارها من شأنه أن يؤدي إلى بطلان كامل المسار.

فإن هيئة الانتخابات قد أصرت على موقفها بقبول ثلاثة مطالب فقط أحدهم  العياشي زمال ورغم إعلانه مرشحا نهائيا فقد أصبح محل تتبع في عشرات القضايا بلغ عددها 35 قضية حسب محاميه عبد الستار المسعودي بتهم تزوير التزكيات حيث صدرت إلى الآن في شأنه عدة أحكام ابتدائية بلغت أكثر من 12 سنة سجنا ومنع من التصويت.

إرادة التغيير هي الأخرى أمام خيارات انتخابية صعبة ناتجة بالأساس عن حالة التشرذم والتشتت التي انتهى إليها المنتظم السياسي بكل مكوناته من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني عجزت على أن تلتقي فيما بينها على برنامج حد أدنى ديمقراطي بل إن أغلبها لا يزال في غيه الاستئصالي الإقصائي يعمه ولم يستوعب الدرس بعد.ولم يقع الاكتفاء بعرقلة المترشحين بل تم التوجه لتغيير القانون الانتخابي أثناء المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخاية بتقديم مشروع تعديل للقانون الانتخابي يتم بموجبه سحب صلاحية النظر في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية وإحالتها للقضاء العدلي خوفا من إصدارها لحكم بإبطال المسار الانتخابي.

 ورغم الاعتراضات والنداءات والمطالبات من الشخصيات السياسية والقانونية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات بالتراجع فقد تمت المصادقة على التعديل وإمضائه وإصداره بالرائد الرسمي فور التصويت عليه.

واضح أن المسار الانتخابي الحالي تتجاذبه إرادتان الأولى مع استمرارية سلطة 25 تموز / يوليو ومنظومته وتستعمل كل الوسائل من أجل ذلك، والثانية مع إحداث تغيير سياسي بالصندوق يتجاوز 25 تموز / يوليو ولكن دون العودة إلى ما قبله خاصة في ظل ما آلت إليه الأوضاع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي ظل غياب الرؤية.

إلا أن إرادة التغيير هي الأخرى أمام خيارات انتخابية صعبة ناتجة بالأساس عن حالة التشرذم والتشتت التي انتهى إليها المنتظم السياسي بكل مكوناته من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني عجزت على أن تلتقي فيما بينها على برنامج حد أدنى ديمقراطي بل إن أغلبها لا يزال في غيه الاستئصالي الإقصائي يعمه ولم يستوعب الدرس بعد.

وهي ناتجة أيضا عما حصل في المسار من تجاوزات وإخلالات جعلت مصداقية العملية الانتخابية ونتائجها في الميزان الأمر الذي سيزيد أزمة البلاد تفاقما وتعقيدا بدل أن يكون فرصة لتجاوزها.

لقد أصبح المشهد المعارض اليوم منقسما بين خياري المشاركة أو المقاطعة أو البين بين أي حالة اللاموقف .

وكل له حججه واعتباراته حيث يرى دعاة المشاركة بالتصويت بكثافة رغم ما على المسار من تحفظات وذلك  لأحد خياري التغيير وبالأساس للمرشح رقم واحد العياشي زمال الذي قدم رؤية مستقبلية لتونس لاقت ترحيبا من الجميع، وذلك لأن المشاركة في رأيهم هي الأصل وهي ممارسة نضالية إن لم تحقق التغيير بالصندوق فإنها تمهد له بالضغط والإحراج وإقامة الحجة ودليل وجاهة ذلك بالنسبة لهم  ما حصل في كل مراحل المسار الانتخابي، فمن غير المناسب التخلي عنه في ختامه.. وهو سلوك اعتمدته كثير من المعارضات في مثل هذه الحالات في بلدان أخرى وأثبت نجاعته. والقول بأن المشاركة ستعطي شرعية للعملية لا معنى له لأن الشرعية تحصل بقبول المتنافسين بالنتائج واعتراف المنتظم السياسي الوطني والمجتمع الدولي بنزاهتها.

أما دعاة المقاطعة فإنهم يرون أن شروط نزاهة العملية الانتخابية غير متوفرة والمشاركة فيها تعتبر نوعا من التبييض لها والإقرار بنتائجها وشرعنة ما ستفضي إليه.

أما موقف المراوحة بينهما الذي يكتفي بنقد المسار الانتخابي وما حصل فيه من تجاوزات وإخلالات وينبه لمخاطر الاستمرار فيه بنفس السلوك فهو في الحقيقة اللاموقف وربما يتحسب أصحابه إلى ما بعد الانتخابات وهو نوع من العجز والهروب من المسؤولية السياسية.

لذلك فإن الترجيح بين هذه الخيارت يجب أن يضع في اعتباره أولوية المصلحة الوطنية وأن يستند إلى المعايير التالية :

1 ـ قدرة الخيار على تحقيق هدف التغيير أو في الحد الأدني الاقتراب منه .
2 ـ قدرة الخيار على فتح آفاق سياسية وميدانية لما بعد الانتخابات .
3 ـ قدرة الخيار على تحقيق نسبة معقولة من تعبئة الرأي العام وتحفيزه و امكانية بناء أرضية نضالية مشتركة مستقبلا  .

من هذا المنطلق فإن خيار المشاركة على علاته هو الأرجح والأقرب للنجاعة والفاعية في المرحلة القادمة.

* كاتب وناشط سياسي تونسي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس انتخابات الرأي تونس انتخابات رأي رئاسيات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسار الانتخابی

إقرأ أيضاً:

عاجل- الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن بدء التصويت في 30 دائرة ملغاة بانتخابات مجلس النواب 2025

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار حازم بدوي نائب رئيس محكمة النقض، انطلاق عملية التصويت رسميًا في الدوائر الانتخابية الثلاثين التي صدر بشأنها حكم قضائي بإلغاء نتائجها خلال المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025؛ وبدأت اللجان استقبال الناخبين اعتبارًا من الساعة التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، مع السماح للمتواجدين داخل الحرم الانتخابي بالتصويت حتى بعد انتهاء الموعد المحدد.

وأكد المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات ورئيس غرفة العمليات المركزية، أن الغرفة تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة، وتعمل على حل أي معوقات قد تظهر داخل أو خارج اللجان، بما يضمن انتظام العملية وتيسير مشاركة المواطنين.

غرفة العمليات: متابعة دقيقة وتيسيرات للناخبين

وأشار بنداري إلى أن غالبية اللجان في الدوائر الثلاثين فتحت أبوابها في الموعد المحدد، باستثناء عدد محدود تأخر بسبب ظروف طارئة مرتبطة بوصول المشرفين على الانتخابات؛ وأوضح أن الهيئة حرصت على توفير بيئة ملائمة تشجع المواطنين على ممارسة حقهم السياسي، من خلال تجهيز اللجان وتوفير كل سبل الراحة للناخبين.

وشدد مدير الجهاز التنفيذي للهيئة على أن التعليمات الصادرة لكافة اللجان تتضمن تطبيق القواعد المنظمة للعملية الانتخابية بكل دقة، بما في ذلك ضبط المخالفات والتعامل الفوري مع أي تجاوزات قانونية؛ وأكد أن الهيئة الوطنية للانتخابات لن تسمح بأي خلل قد يؤثر على نزاهة التصويت أو يعطل إرادة الناخبين.

أحكام قضائية أعادت الانتخابات في 30 دائرة بـ10 محافظات

وتُجرى الانتخابات في 30 دائرة سبق وأن أبطلت المحكمة الإدارية العليا نتائجها، موزعة على 10 محافظات، ويتنافس فيها المرشحون على 58 مقعدًا فرديًا داخل 2372 لجنة فرعية. ويبلغ عدد الناخبين في هذه الدوائر 16،043،297 ناخبًا، ما يعكس حجمًا كبيرًا من المشاركة المحتملة خلال يومي التصويت.

وتتوزع هذه الدوائر على عشر محافظات كبرى، أبرزها محافظة الجيزة التي تشهد وحدها إعادة الانتخابات في سبع دوائر انتخابية، بينما تشمل المحافظات الأخرى الفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج والوادي الجديد والأقصر وأسوان والإسكندرية والبحيرة.

الجيزة تتصدر بعدد 7 دوائر انتخابية

تأتي محافظة الجيزة في مقدمة المحافظات من حيث عدد الدوائر التي تُعاد فيها الانتخابات، إذ تضم سبع دوائر تشمل أقسام الجيزة، والبدرشين، وبولاق الدكرور، والعمرانية، والأهرام، وأول أكتوبر، ومنشأة القناطر، بإجمالي 571 لجنة فرعية ونحو 4.95 مليون ناخب.

وفي محافظة الفيوم تُعاد الانتخابات في دائرة واحدة فقط بمركز سنورس، بينما تشهد محافظة المنيا إعادة الانتخابات في خمس دوائر تضم نحو ثلاثة ملايين ناخب موزعين على مراكز المنيا ومغاغة وأبو قرقاص وملوي ودير مواس.

كما تُجرى الانتخابات في ثلاث دوائر بمحافظة أسيوط، إضافة إلى دائرة واحدة بسوهاج، ودائرتين في الوادي الجديد، وثلاث دوائر بالأقصر، وثلاث بأسوان، فضلًا عن دائرة واحدة بالإسكندرية، وأربع دوائر بمحافظة البحيرة.

إقبال متوقع وبيئة انتخابية مؤمنة بالكامل

تشهد المقار الانتخابية في مختلف المحافظات انتشارًا مكثفًا للخدمات الأمنية، مع وجود فرق ميدانية تتابع على مدار اليوم توفير الدعم للناخبين والتأكد من سير العملية بسلاسة؛ وتواصل الهيئة الوطنية للانتخابات مراقبة المشهد الانتخابي من خلال غرفة العمليات المركزية، التي تتلقى تقارير دورية من كافة اللجان.

وتأتي عملية إعادة التصويت في إطار حرص الدولة على صون إرادة الناخبين وضمان تطبيق صحيح القانون، بما يعزز من الثقة في العملية الانتخابية ويدعم نزاهتها وشفافيتها.

مقالات مشابهة

  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • رئيسة الحكومة التونسية تشيد بالإصلاحات العميقة التي تشهدها الجزائر
  • هل يُنقذ رئيس الجمهورية الاستحقاق الانتخابي في اللحظة الحاسمة؟
  • السجال الانتخابي مستمر... بري: الانتخابات على القانون النافذ وجنبلاط لا يستبعد تأجيلها
  • تزامنًا مع انتخابات الدوائر الملغاة.. تعرف على مبطلات الصوت الانتخابي بصندوق الاقتراع
  • فرق ملموس في إعادة الانتخابات.. و"الصمت الانتخابي" أبرز مكاسب تصريحات الرئيس
  • عطاف: الحركية التي تطبع العلاقات “الجزائرية-التونسية” تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية
  • قبل غلق اللجان السيدات تتصدرن المشهد الانتخابي… وإقبال كبير من الناخبين بطامية
  • عاجل- النساء يتصدرن المشهد الانتخابي في الوراق وطناش.. طوابير طويلة على اللجان الفرعية
  • عاجل- الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن بدء التصويت في 30 دائرة ملغاة بانتخابات مجلس النواب 2025