بعد عام من الحرب.. كيف نجحت المقاومة في الاحتفاظ بأسرى الاحتلال بغزة؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
غزة - خــاص صفا
رُغم القصف العنيف والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدار عام كامل، واستخدامه كل وسائل التكنولوجيا في العالم والطائرات المُسيرة الحديثة للبحث عنهم ومعرفة أماكن تواجدهم في القطاع، إلا أن المقاومة نجحت عسكريًا واستخباراتيًا في الاحتفاظ بالأسرى المحتجزين لديها، وتفوقت على الاحتلال.
ففي السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلن القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف بدء عملية "طوفان الأقصى"، تزامنًا مع إطلاق آلاف الصواريخ واقتحام مستوطنات في غلاف غزة، وقتل وأسر مئات الإسرائيليين.
وعقب العملية، شن جيش الاحتلال عدوانًا على قطاع غزة، وارتكب جرائم إبادة جماعية أسفرت، عن استشهاد نحو 42 ألف مواطن وإصابة نحو 97 ألفًا آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
وفي هدنة مؤقتة جرت بوساطة مصرية قطرية وبرعاية أمريكية، استمرت سبعة أيام في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أفرجت كتائب القسام عن نحو 113 أسيرًا إسرائيليًا، مقابل إطلاق سراح 240 أسيرًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال، منهم 71 امرأة و169 طفلًا.
وخلال الحرب المستمرة على غزة، أعلنت كتائب القسام عن مقتل عشرات الأسرى المحتجزين لديها، جراء القصف الإسرائيلي العنيف في أنحاء متفرقة من القطاع.
ومرارًا وتكرارًا، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التزامها باقتراح وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 2 يوليو/تموز الماضي، ووافق عليه مجلس الأمن الدولي.
عملية معقدة
المحلل السياسي إبراهيم المدهون يرى أن أسر المقاومة جنودًا إسرائيليين في معركة "طوفان الأقصى" كان عملية إبداعية قوية فاجأت الاحتلال، "وهي أهم عملية في تاريخ النضال الفلسطيني".
ويقول المدهون، في حديث خاص لوكالة "صفا": إن "الأعظم من هذه المعركة استمرار المقاومة بالاحتفاظ بهؤلاء الأسرى، رغم استعانة جيش الاحتلال بكل تكنولوجيا العالم، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بأجهزتها وبخبراتها للبحث عنهم، ومع ذلك فشلوا فشلًا ذريعًا في استعادتهم".
ويعتقد أن المقاومة أعدت لهذا اليوم، واستعدت لأسوأ الاحتمالات، وأجرت العديد من المناورات ورتبت أمورها، حفاظًا على الأسرى المحتجزين لديها.
لكن- وفقًا للمدهون- "لم يكن أحدٌ يتخيل أن رد الاحتلال سيكون بهذه الوحشية، وأن يرتكب جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني في القطاع، ويستهدف كل مقومات الحياة، بمشاركة ودعم أمريكي".
ويعتبر أن "نجاح المقاومة وكتائب القسام بأسر الجنود والاحتفاظ بهم يشكل علامة فارقة وقوة يجب التوقف عندها طويلًا".
وحدة الظل
ويعتقد أن "كتائب القسام أعدت معتقلات خاصة بهذه العملية، وأجرت عملية معقدة جدًا للاحتفاظ بهؤلاء الأسرى، خاصة وأن وحدة الظل التي يُشرف عليها القائد العام للكتائب شخصيًا محمد الضيف شديدة السرية والتكتم، وهي تعتمد أساليب تمويه وتضليل ومراوغة عالية الدقة والتعقيد"
وحسب المدهون، فإن "هذه الوحدة لديها تجربة سابقة بشأن الاحتفاظ بالأسرى، كما حدث مع الجندي جلعاد شاليط، الذي جرى أسره لنحو 5 سنوات حتى تم تحريره في صفقة (وفاء الأحرار) عام 2011، كما أنها ما زالت تحتفظ منذ عام 2014 حتى اليوم بالأسيرين هدار جولدن وشاؤول آرون، وغيرهم".
وفي "طوفان الأقصى" كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيرًا إسرائيليًا والعناية بهم.
و"وحدة الظل" التي تأسست عام 2006 بأمر مباشر من القائد الضيف بعد أسر شاليط، هي إحدى أشدّ وحدات كتائب القسّام سرية واحترافية، ومهمتها الوحيدة هي الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين لديها، والتغطية على أماكنهم، وتضليل مخابرات جيش الاحتلال ومنعهم من الوصول إليهم.
تفوق استخباراتي
ووفق ما يرى المحلل السياسي، فإن الاحتفاظ بأسرى الاحتلال لمدة عام، "يشكل تفوقًا عسكريًا واستخباراتيًا للمقاومة على الاحتلال بشكل كبير، والذي فشل بتحقيق أهم أهدافه في الحرب، وهو استعادة أسراه".
ويضيف أن "المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام ثبتت معادلتها، عندما قال الناطق باسمها أبو عبيدة في البداية إن هؤلاء الأسرى لن يتم الإفراج عنهم إلا بصفقة تبادل أو بالموت، أو أن مصيرهم سيكون مفقودًا لا يعرف أحد عنهم شيئًا".
ويتابع "لهذا أعتقد أن المقاومة عززت هذه المعادلة فعليًا، واستطاعت أن تفرض الأمر الآخر، وهو أن الاحتفاظ بهؤلاء الأسرى حتى اليوم يعني استمرار ورقة القوة بيدها".
و"رغم الإبادة الجماعية، وارتكاب الاحتلال جرائم حرب وضد الإنسانية، وأيضًا الواقع الإنساني الكارثي في القطاع، إلا أن المقاومة ما زالت قوية تقف على أرض صلبة، قادرة على مواجهة هذا الاحتلال، الذي فشل في الحسم العسكري، وفي كسر إرادتها"، كما يؤكد المدهون.
قوة تكنولوجية
أما المحلل السياسي فايز أبو شمالة فيرى في نجاح المقاومة بالاحتفاظ بعشرات الجنود والضباط الإسرائيليين الأسرى داخل القطاع "عمل إبداعي، أوقف جيش الاحتلال عاجزًا وحائرًا".
ويقول، أبو شمالة، في حديث لوكالة "صفا": "الاحتلال يتساءل: أين يختفي هؤلاء الجنود والضباط الأسرى، رغم توغلنا في كل مكان داخل القطاع، وبعدما كثفنا الغارات، واستخدمنا كل أنواع التجسس والبحث التكنولوجي عنهم؟".
ويضيف "هذا هو الإعجاز والبلاغة العسكرية الفلسطينية، إذ إن غزة بقعة جغرافية ساحلية مكشوفة لكل أنواع التجسس الغربي والطائرات المُسيرة الحديثة، لكن تعجز جيوش حلف الناتو عن اكتشاف سر غزة، ومعرفة المكان الذي يختفي فيه هؤلاء الأسرى الإسرائيليين".
ويرى أن "الأنفاق التي صنعها شباب المقاومة أضحت قوة تكنولوجية تتفوق على كل أنواع التكنولوجيا الغربية، وهي تشكل قوة عسكرية وأمنية هزمت كل القوى العسكرية والأمن الإسرائيلي".
ويؤكد أن جيش الاحتلال الذي عجز عن اكتشاف أماكن جنوده وضباطه الأسرى، هو بلا شك فشل في القضاء على المقاومة بغزة، والتي فاجأته في السابع من أكتوبر بمعركة "طوفان الأقصى".
وهذا النجاح -كما يقول المحلل السياسي- "يُشكل مؤشر نصر للمقاومة في غزة، وعلامات هزيمة للجيش الإسرائيلي الذي ظن أنه لا يُقهر، ولم يخطر في عقيدته القتالية أن يخرج عليه أبطال غزة، ويُزلزلوا قناعاته بقدراته، ويُفسدوا عليه الاستقرار الأمني، والشعور بالقدرة على تغيير معالم الشرق الأوسط".
ويشير إلى أن "استعادة جيش الاحتلال بعض أسراه قتلى ارتدّ عليه بالمزيد من الفشل، وعرضه للانتقاد الداخلي، والتنصل من الاتفاق الموقع بين الجنود وقيادتهم بعدم تركهم في ساحة المعركة قتلى أو جرحى أو أسرى، وجاءت غزة لتفرض عليه أن يخون عهده معهم ويتخلى عنهم، ما شكل اهتزازًا لثقة الجيش بقدارته، وفقدان الدافعية لديهم لمواصلة القتال".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الأسرى الإسرائيليين كتائب القسام طوفان الأقصى الحرب على غزة المحلل السیاسی جیش الاحتلال طوفان الأقصى کتائب القسام أن المقاومة
إقرأ أيضاً:
مشاهد مثيرة لكمين القسام بخانيونس.. المقاتل ألقى العبوة داخل الناقلة (شاهد)
بثت كتائب القسام، مشاهد مثيرة للكمين الذي أوقعت فيها قوات الاحتلال، في بلدة عبسان شرق خانيونس جنوب القطاع، السبت الماضي وقتل فيه 3 من جنود الاحتلال.
وتظهر اللقطات تخطيط المقاتلين للعملية، واكتشاف وجود تمركز مدرعات بالقرب من فتحة نفق بالمنطقة، وتنفيذ عملية في المكان ذاته قبل أكثر من سنه ومقتل قائد سرية فيها.
وخرج مقاتلان من فتحة النفق، وهما يحملان عبوتين ناسفتين من طراز شواظ، وتوجه أحدهما إلى ناقلة جنود النمر، وقام بالصعود عليها وتفعيل العبوة وإلقائها في قمرة القيادة.
وتمكن المقاتل من الانسحاب على الفور بأمان وبعد ثوان من إلقاء العبوة انفجرت داخل الناقلة، ما أدى إلى مقتل طاقمها واحتراقها بالكامل.
وظهرت مشاهد لقيام حفار تابع للاحتلال بإطفاء الناقلة بواسطة دفنها بالتراب، بعد احتراقها بالكامل.
اعترف جيش الاحتلال بمقتل ضابط وجندي، في صفوفه، في الكمين الذي نصبته كتائب الاحتلال، لقوات الاحتلال في بلدة عبسان شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة.
وقال الناطق باسم جيش الاحتلال إن القتيلين هما، النقيب أمير سعد، 22 عاما، وهو ضابط تكنولوجيا وصيانة في لواء غولاني للمشاة، وهو الطائفة الدرزية، والآخر هو الرقيب إينون نوريئيل فانا، عنصر في التكنولوجيا والصيانة كذلك بلواء غولاني.
ولفت الجيش إلى أن القتيلين سقطا في معارك بجنوب القطاع، دون أن يحدد المكان.
وأشارت حسابات عبرية، إلى أن الضابط في لواء "جولاني أمير سعد حصل قبل أسبوع فقط على رتبة جديدة، وهو قريب لعليم سعد، نائب قائد اللواء 300 في فرقة الجليل، بجيش الاحتلال، والذي قتل بنيران مقاومين من الجهاد الإسلامي حاولا اقتحام حدود فلسطين من جهة لبنان، في 10 تشرين أول/أكتوبر 2023.
وكانت حسابات عبرية تتخطى الرقابة العسكرية، أعلنت أن قوات الاحتلال تعرضت لكمين صعب مساء السبت في خانيونس، ولفتت إلى أن عدد القتلى أكثر من الذي أعلن عنه الناطق باسم الجيش.
لكن كتائب القسام، وعلى غير المعتاد، قامت خلال وقت وجيز من وقوع الكمين، بنشر بلاغ عسكري، كشفت فيه تفاصيله.
وقالت القسام في بلاغها، "خلال كمين مركب.. تمكن مجاهدو القسام من استهداف ناقلتي جند صهيونيتين بعبوتي العمل الفدائي تم وضعهما داخل قمرتي القيادة مما أدى إلى احتراق الناقلتين وطاقمهما، وبعدها استهدف مجاهدونا ناقلة جند صهيونية ثالثة بقذيفة الياسين 105 وذلك في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع".
وأضافت "ورصد مجاهدونا قيام حفار عسكري بدفن الناقلات لإخماد النيران وهبوط الطيران المروحي للإخلاء".
شجاعة استثنائية..
مجاهد يصعد فوق ناقلة الجند المدرعة ويلقي العبوة داخلها ويفجرها.
عــاجــل | كتائب القسام تعرض مشاهد من الكمين المركب الذي استهدف آليات الاحتلال في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة #خانيونس جنوب القطاع، وقد اعترف الصهاينة بمقتل 3 جنود وإصابة عدد آخر في الكمين. pic.twitter.com/wNWoD6fkFd — رضوان الأخرس (@rdooan) July 28, 2025