غزة - خــاص صفا

رُغم القصف العنيف والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدار عام كامل، واستخدامه كل وسائل التكنولوجيا في العالم والطائرات المُسيرة الحديثة للبحث عنهم ومعرفة أماكن تواجدهم في القطاع، إلا أن المقاومة نجحت عسكريًا واستخباراتيًا في الاحتفاظ بالأسرى المحتجزين لديها، وتفوقت على الاحتلال.

 

ففي السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلن القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف بدء عملية "طوفان الأقصى"، تزامنًا مع إطلاق آلاف الصواريخ واقتحام مستوطنات في غلاف غزة، وقتل وأسر مئات الإسرائيليين. 

وعقب العملية، شن جيش الاحتلال عدوانًا على قطاع غزة، وارتكب جرائم إبادة جماعية أسفرت، عن استشهاد نحو 42 ألف مواطن وإصابة نحو 97 ألفًا آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال. 

وفي هدنة مؤقتة جرت بوساطة مصرية قطرية وبرعاية أمريكية، استمرت سبعة أيام في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أفرجت كتائب القسام عن نحو 113 أسيرًا إسرائيليًا، مقابل إطلاق سراح 240 أسيرًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال، منهم 71 امرأة و169 طفلًا. 

وخلال الحرب المستمرة على غزة، أعلنت كتائب القسام عن مقتل عشرات الأسرى المحتجزين لديها، جراء القصف الإسرائيلي العنيف في أنحاء متفرقة من القطاع. 

ومرارًا وتكرارًا، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التزامها باقتراح وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 2 يوليو/تموز الماضي، ووافق عليه مجلس الأمن الدولي.

عملية معقدة

المحلل السياسي إبراهيم المدهون يرى أن أسر المقاومة جنودًا إسرائيليين في معركة "طوفان الأقصى" كان عملية إبداعية قوية فاجأت الاحتلال، "وهي أهم عملية في تاريخ النضال الفلسطيني".

ويقول المدهون، في حديث خاص لوكالة "صفا": إن "الأعظم من هذه المعركة استمرار المقاومة بالاحتفاظ بهؤلاء الأسرى، رغم استعانة جيش الاحتلال بكل تكنولوجيا العالم، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بأجهزتها وبخبراتها للبحث عنهم، ومع ذلك فشلوا فشلًا ذريعًا في استعادتهم". 

ويعتقد أن المقاومة أعدت لهذا اليوم، واستعدت لأسوأ الاحتمالات، وأجرت العديد من المناورات ورتبت أمورها، حفاظًا على الأسرى المحتجزين لديها.

لكن- وفقًا للمدهون- "لم يكن أحدٌ يتخيل أن رد الاحتلال سيكون بهذه الوحشية، وأن يرتكب جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني في القطاع، ويستهدف كل مقومات الحياة، بمشاركة ودعم أمريكي". 

ويعتبر أن "نجاح المقاومة وكتائب القسام بأسر الجنود والاحتفاظ بهم يشكل علامة فارقة وقوة يجب التوقف عندها طويلًا".

وحدة الظل

ويعتقد أن "كتائب القسام أعدت معتقلات خاصة بهذه العملية، وأجرت عملية معقدة جدًا للاحتفاظ بهؤلاء الأسرى، خاصة وأن وحدة الظل التي يُشرف عليها القائد العام للكتائب شخصيًا محمد الضيف شديدة السرية والتكتم، وهي تعتمد أساليب تمويه وتضليل ومراوغة عالية الدقة والتعقيد"

وحسب المدهون، فإن "هذه الوحدة لديها تجربة سابقة بشأن الاحتفاظ بالأسرى، كما حدث مع الجندي جلعاد شاليط، الذي جرى أسره لنحو 5 سنوات حتى تم تحريره في صفقة (وفاء الأحرار) عام 2011، كما أنها ما زالت تحتفظ منذ عام 2014 حتى اليوم بالأسيرين هدار جولدن وشاؤول آرون، وغيرهم". 

وفي "طوفان الأقصى" كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيرًا إسرائيليًا والعناية بهم.

و"وحدة الظل" التي تأسست عام 2006 بأمر مباشر من القائد الضيف بعد أسر شاليط، هي إحدى أشدّ وحدات كتائب القسّام سرية واحترافية، ومهمتها الوحيدة هي الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين لديها، والتغطية على أماكنهم، وتضليل مخابرات جيش الاحتلال ومنعهم من الوصول إليهم.

تفوق استخباراتي 

ووفق ما يرى المحلل السياسي، فإن الاحتفاظ بأسرى الاحتلال لمدة عام، "يشكل تفوقًا عسكريًا واستخباراتيًا للمقاومة على الاحتلال بشكل كبير، والذي فشل بتحقيق أهم أهدافه في الحرب، وهو استعادة أسراه".

ويضيف أن "المقاومة، وعلى رأسها كتائب القسام ثبتت معادلتها، عندما قال الناطق باسمها أبو عبيدة في البداية إن هؤلاء الأسرى لن يتم الإفراج عنهم إلا بصفقة تبادل أو بالموت، أو أن مصيرهم سيكون مفقودًا لا يعرف أحد عنهم شيئًا". 

ويتابع "لهذا أعتقد أن المقاومة عززت هذه المعادلة فعليًا، واستطاعت أن تفرض الأمر الآخر، وهو أن الاحتفاظ بهؤلاء الأسرى حتى اليوم يعني استمرار ورقة القوة بيدها". 

و"رغم الإبادة الجماعية، وارتكاب الاحتلال جرائم حرب وضد الإنسانية، وأيضًا الواقع الإنساني الكارثي في القطاع، إلا أن المقاومة ما زالت قوية تقف على أرض صلبة، قادرة على مواجهة هذا الاحتلال، الذي فشل في الحسم العسكري، وفي كسر إرادتها"، كما يؤكد المدهون.

 

قوة تكنولوجية

أما المحلل السياسي فايز أبو شمالة فيرى في نجاح المقاومة بالاحتفاظ بعشرات الجنود والضباط الإسرائيليين الأسرى داخل القطاع "عمل إبداعي، أوقف جيش الاحتلال عاجزًا وحائرًا".

ويقول، أبو شمالة، في حديث لوكالة "صفا": "الاحتلال يتساءل: أين يختفي هؤلاء الجنود والضباط الأسرى، رغم توغلنا في كل مكان داخل القطاع، وبعدما كثفنا الغارات، واستخدمنا كل أنواع التجسس والبحث التكنولوجي عنهم؟".

ويضيف "هذا هو الإعجاز والبلاغة العسكرية الفلسطينية، إذ إن غزة بقعة جغرافية ساحلية مكشوفة لكل أنواع التجسس الغربي والطائرات المُسيرة الحديثة، لكن تعجز جيوش حلف الناتو عن اكتشاف سر غزة، ومعرفة المكان الذي يختفي فيه هؤلاء الأسرى الإسرائيليين".

ويرى أن "الأنفاق التي صنعها شباب المقاومة أضحت قوة تكنولوجية تتفوق على كل أنواع التكنولوجيا الغربية، وهي تشكل قوة عسكرية وأمنية هزمت كل القوى العسكرية والأمن الإسرائيلي".

ويؤكد أن جيش الاحتلال الذي عجز عن اكتشاف أماكن جنوده وضباطه الأسرى، هو بلا شك فشل في القضاء على المقاومة بغزة، والتي فاجأته في السابع من أكتوبر بمعركة "طوفان الأقصى". 

وهذا النجاح -كما يقول المحلل السياسي- "يُشكل مؤشر نصر للمقاومة في غزة، وعلامات هزيمة للجيش الإسرائيلي الذي ظن أنه لا يُقهر، ولم يخطر في عقيدته القتالية أن يخرج عليه أبطال غزة، ويُزلزلوا قناعاته بقدراته، ويُفسدوا عليه الاستقرار الأمني، والشعور بالقدرة على تغيير معالم الشرق الأوسط". 

ويشير إلى أن "استعادة جيش الاحتلال بعض أسراه قتلى ارتدّ عليه بالمزيد من الفشل، وعرضه للانتقاد الداخلي، والتنصل من الاتفاق الموقع بين الجنود وقيادتهم بعدم تركهم في ساحة المعركة قتلى أو جرحى أو أسرى، وجاءت غزة لتفرض عليه أن يخون عهده معهم ويتخلى عنهم، ما شكل اهتزازًا لثقة الجيش بقدارته، وفقدان الدافعية لديهم لمواصلة القتال".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الأسرى الإسرائيليين كتائب القسام طوفان الأقصى الحرب على غزة المحلل السیاسی جیش الاحتلال طوفان الأقصى کتائب القسام أن المقاومة

إقرأ أيضاً:

عشرات الشهداء بغزة والاحتلال يكثف استهداف طالبي المساعدات

#سواليف

أفادت مصادر طبية اليوم الأربعاء باستشهاد 35 فلسطينيا بنيران #جيش #الاحتلال الإسرائيلي في مناطق عدة بقطاع #غزة، وأكدت أن معظمهم استشهدوا خلال انتظارهم الحصول على #مساعدات وسط القطاع.

وقالت مصادر في #مستشفيات غزة إن 25 فلسطينيا من منتظري المساعدات استشهدوا بنيران جيش الاحتلال قرب محور #نتساريم جنوبي مدينة غزة وسط القطاع، في جريمة جديدة بحق الساعين للحصول على ما يسد رمقهم داخل ما يُسمى مراكز توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية.

وفي تطور آخر، أفاد مدير مستشفى شهداء الأقصى باستشهاد 8 فلسطينيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على منزل بدير البلح.

مقالات ذات صلة نائب “أبو شباب”: سنلاحق عناصر “حماس” ونشكل حكومة شمال رفح 2025/06/11

وكانت مصادر فلسطينية أفادت، نقلا عن مستشفى العودة، باستشهاد 4 فلسطينيين وإصابة أكثر من 90 آخرين، فجر اليوم الأربعاء، جراء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي تجمعات للنازحين أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية على شارع صلاح الدين، وسط قطاع غزة.


قصف مكثف

وفي جنوب القطاع، أفاد مصدر في مجمع ناصر الطبي باستشهاد 4 فلسطينيين جراء قصف شنته مسيّرة إسرائيلية على خيمة للنازحين في مواصي بلدة القرارة شمالي خان يونس.

كما أفادت مصادر فلسطينية صباح اليوم الأربعاء بأن طائرات الاحتلال الإسرائيلي شنت غارات عنيفة استهدفت محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونس.

وقالت المصادر إن طائرات الاحتلال الإسرائيلي ومدفعيته استهدفت منطقتي قيزان أبو رشوان والبطن السمين في محافظة خان يونس فجر اليوم.

وكانت مصادر في مستشفيات غزة ذكرت صباح اليوم أن 82 فلسطينيا استشهدوا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر أمس الثلاثاء، وأوضحت أن من بينهم 20 سقطوا برصاص قوات الاحتلال خلال انتظارهم تلقي المساعدات من مركز المساعدات الأميركي قرب محور نتساريم وذلك في محيط دوار النابلسي غربي مدينة غزة.


استهداف طواقم الإسعاف

ومساء أمس، استُشهد 3 مسعفين من طواقم الخدمات الطبية الفلسطينية، إضافة إلى الصحفي مؤمن أبو العوف، إثر قصف إسرائيلي استهدفهم أثناء محاولتهم انتشال جثث عدد من الشهداء، والمصابين، من منزل تعرض للقصف الإسرائيلي في حي التفاح شرق مدينة غزة.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن استهداف إسرائيل طاقم الإسعاف الليلة الماضية، والذي استُشهد إثره 3 مسعفين بحي التفاح في غزة، جريمة حرب مركّبة.

ووصفت حماس الاستهداف بأنه يمثل مستوى غير مسبوق من الوحشية والإجرام، ويكشف سعي جيش الاحتلال لخنق كل أدوات النجاة والإنقاذ في القطاع.

وطالبت حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل المسؤولية لوقف جرائم إسرائيل ومحاسبة قادتها وإنقاذ مصداقية المنظومة الدولية التي تتعرض -حسب قولها- لامتحان تاريخي أمام جرائم الإبادة.

وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري -وفق الأمم المتحدة– دفعت إسرائيل 2.2 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة بإغلاقها المعابر في وجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

مقالات مشابهة

  • مسؤول إغاثي بغزة: يجب مساءلة الشركة الأميركية المسؤولة عن توزيع المساعدات
  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • غزة.. عزف على أوتار المقاومة وسط دمار الحرب والحصار
  • 78 شهيدا بغزة وإسرائيل تواصل مجازرها بحق طالبي المساعدات
  • معارك ضارية مع المقاومة وإصابة جندييْن إسرائيليين بخان يونس
  • عشرات الشهداء بغزة والاحتلال يكثف استهداف طالبي المساعدات
  • ترامب يطالب نتنياهو بإنهاء الحرب بغزة لأنها استنفدت أهدافها
  • 78 شهيدا بغزة والاحتلال يستهدف المسعفين بحي التفاح
  • اشتباكات عنيفة بين عناصر القسام وميليشيا أبو شباب.. والاحتلال يتدخل
  • مركز حقوقي يوثّق شهادات مروّعة لأسرى محررون من سجون الاحتلال