المجالس المحلية..عقبات وتحديات (4)
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
كنت قد توقفت مؤقتا عن سلسلة مقالات المجالس الشعبية المحلية لتناول أزمة طلاب الثانوية الدولية، وما يعرف باسم الدبلومة الأمريكية والبريطانية، ومعاناتهم وأولياء امورهم مع قرار لوزير التعليم باضافة مادتى اللغة العربية والدين إلى المجموع؛ مطالبا بإنصافهم ومساواتهم بنظرائهم عند الالتحاق بالجامعات المصرية.
والآن أعود إلى نظام الإدارة المحلية، وكيف أنه خلق مجالس شعبية مخنوقة تعمل تحت هيمنة وسيطرة السلطة التنفيذية، الأمر الذى أفقدها قوتها، وسلبها حق مراقبة ومحاسبة هذه السلطة، المتمثلة فى المحافظ والمسئولين التنفيذيين، وهو ما دفع الخبراء والبرلمانيين إلى المطالبة بسرعة تغيير قانون نظام الادارة المحلية وتعديلاته التى لم تحقق الهدف المنشود فى اللامركزية الإدارية ومراقبة أداء التنفيذيين فى المحافظات ومراكز المدن والقرى والمعنيين بالخدمات المباشرة للمواطنين، معيشيا وصحيا وتعليميا واقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيا وغيرها من المجالات.
منذ شهور عدة ونحن نسمع عن اجتماعات ومناقشات فى الحوار الوطنى وفى البرلمان بغرفتيه (نواب وشيوخ) من أجل الخروج بقانون جديد للمحليات يواكب حجم التحديات الداخلية التى تواجه المواطن المصرى، وللأسف لم يخرج القانون بعد؟
فلماذا التأخير؟ رغم أن المشكلات وطرق حلها وعلاجها واضحة جدا، وهى تبدأ بتوفر القناعة والإرادة السياسية الحقيقية بأهمية ودور المجالس الشعبية المحلية فى الارتقاء بالمشروعات التنموية ومواجهة فساد بعض رجال السلطة التنفيذية والحفاظ على المال العام، وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فى مرحلة مهمة ودقيقة للغاية، تتطلب منا جميعا، حكومة وشعبا ان نكون على قدر التحدى والمواجهة، وإن لم نفعل؛ سنخسر كل ما بنيناه وما حققناه من مكاسب وانتصارات، ولن يبقى لدينا وطن.
اليوم نحتاج قانونا شاملا وليس قرارا بقانون، يعالج كل الثغرات العقبات، ويمنح القوى السياسية الأحزاب بمختلف تياراتها الفرصة لأن تؤدى دورها المنتظر فى تنشيط العملية السياسية ووضع الروشتة العاجلة للقضايا الجماهيرية المحلية، دون انتظار الحل القادم من السلطة أو الإدارة المركزية، والذى غالبا ما يتأخر ويكون بعيدا عن نبض الشارع المحلى ولا يلبى طموحات أبناء المنطقة أو المحافظة.
وقبل أن أدخل فى الحلول، سأتوقف قليلا عند أخطر العقبات وهى الاختصاصات والصلاحيات المنقوصة لهذه المجالس وكذلك طريقة تشكيلها، هل بالانتخاب أم الجمع بينه وبين التعيين؟ وما الشروط والضوابط والمعايير التى ينبغى توفرها فى الأعضاء، لكى نصل إلى ممارسة سياسية حقيقية تساعد الدولة على إنجاز مشاريع التنمية وليس تعطيلها؟
وإذا أخذنا بالانتخاب، هل سيكون بالاقتراع السرى الفردى والمباشر، أم سيكون بالقائمة المغلقة أم بالقائمة النسبية المفتوحة؟ أم بالجمع بينهما؟
كل نظام انتخابى له عيوبه ومميزاته، وقد تتضاءل هذه العيوب إذا جاء التطبيق سليما ومواكبا لبيئة وظروف المجتمع والعمل السياسى والخدمى والتطوعى، وكانت هناك رغبة من النظام لاستمراره وحمايته من معاول الهدم.
ومنذ أن عرفت مصر نظام الإدارة المحلية منذ عصر محمد على بجناحيه التنفيذى (السلطة الإدارية) والشعبى (السلطة الرقابية) لم تتمكن المجالس الشعبية من ممارسة اختصاصاتها وحقوقها الدستورية والقانونية إلا بالقدر الذى يسمح به النظام ورجاله، كما أفرزت طريقة تشكيل المجالس بالجمع بين التعيين والانتخاب، الكثير من السلبيات وأولها أن أغلبية القرارات كانت تصدر وفقا لإملاءات وتدخلات التنفيذيين على حساب أعضاء المجالس الشعبية (52 ألف عضو تقريبا )، وتبقى فى الكثير من الحالات مجرد توصيات غير ملزمة، وتلك آفة نظام الإدارة المحلية بطريقته المصرية. وهو ما سنتطرق اليه تفصيلا فى الحلقات المقبلة.
وللحديث بقية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المجالس المحلية سلسلة مقالات الشعبية المحلية وزير التعليم المجالس الشعبیة
إقرأ أيضاً:
مسيحيو لبنان.. هويات مشرقيّة صغيرة بين محدودية التمثيل وتحديات الوجود
يشبه لبنان متحفاً حيّاً للطوائف، وفسيفساء مذهبية فريدة من نوعها في محيطه العربي. وقد اتسم تاريخه بالتداخل بين الدين والسياسة، والصراعات على النفوذ وحفظ الهوية، ما جعل منه حالةً فريدةً في الشرق الأوسط، أو ربما استثناءً تاريخياً في تشكيله الطائفي المتنوّع الذي يتجاوز الصورة التقليدية لطوائفه الكبرى المعروفة، والتي لعبت أدواراً محورية منذ استقلاله، مروراً بالحرب الأهلية، وصولاً إلى مرحلة ما بعد الطائف. إذ تختزن ذاكرة هذا البلد الصغير تنوعاً مذهلاً لطوائف ومذاهب، بقي بعضها مجهولاً للكثيرين، تُشكّل جزءاً لا يتجزأ من نسيجه الاجتماعي والثقافي والتاريخي. وفي ظلّ تجاهل إعلاميّ معتاد، بقيت هذه الطوائف في الظلّ، رغم ما تحمله من إرث غنيّ وقصص غير مروية، ودورٍ لا يُستهان به في تشكيل الهُوية اللبنانية، والتأثير على المشهد السياسي والاجتماعي.
من هنا، يخصص موقع "عربي 21" سلسلة مقالات بعنوان "لبنان متحف طوائف الشرق الأوسط" وخصص هذه الحلقة للأقليات المسيحية في لبنان: اللاتين والآشوريين والكلدان، في محاولةٍ جادة وعميقة لإلقاء الضوء على هذه الجماعة، واستكشاف خصائصها وتاريخها وتراثها، والتعرف إلى الدور الذي لعبته وتلعبه اليوم في الواقع اللبناني، بعيداً من الصور النمطية والأحكام المسبقة.
هذه السلسلة ليست مجرد بحثٍ معرفي، بل هي جولةٌ بين مكوّنات مجتمعٍ زاخر بالتنوع، لا يزال رغم صراعاته قادراً على البقاء كأحد أغنى نماذج التعددية في الشرق الأوسط.
تُشكل طوائف اللاتين والآشوريين (السريان الشرقيون) والكلدان جزءًا هامًا وإن كان ضئيلاً من الفسيفساء المسيحية اللبنانية. تتشارك هذه الطوائف في الانتماء إلى المظلة المسيحية، لكنها تتباين في أصولها التاريخية، طقوسها الليتورجية، وواقعها الديموغرافي.
الخصائص الاجتماعية والدينية
تعود نشأة طائفة اللاتين التابعة للكنيسة الكاثوليكية في روما إلى البعثات التبشيرية الأوروبية والإرساليات وكذلك إلى وجود بعض الرعايا الأجانب في لبنان (تجّار، دبلوماسيون، موظفون) الذين يتبعون الطقس اللاتيني. وتُعد هذه الطائفة الأصغر ديموغرافيًا ويتركز أبناؤها في بيروت الكبرى وضواحيها، ويغلب على فئة منهم الاندماج الاجتماعي والمهني ضمن النخب المتعلمة ويُعرَفون بالتوجه نحو التعليم العالي والمهن الحرة. ومن أشهر عائلات اللاتين في لبنان: كفتاوي (أصلها keftago)، إسكندر، كتانة، منصور، غنطوس، ريشا، الداية، بوشي، سبيللا (Spella)، سيستو (Sisto).
تُشكل طوائف اللاتين والآشوريين (السريان الشرقيون) والكلدان جزءًا هامًا وإن كان ضئيلاً من الفسيفساء المسيحية اللبنانية. تتشارك هذه الطوائف في الانتماء إلى المظلة المسيحية، لكنها تتباين في أصولها التاريخية، طقوسها الليتورجية، وواقعها الديموغرافي.
فيما تعود أصول الآشوريين وهم السريان الشرقيون إلى سوريا والعراق وماردين في تركيا وهي طائفة أصيلة لها امتدادات تاريخية جاءت إلى لبنان في موجات لجوء تاريخية، أبرزها بعد مذابح سيفو عام 1915 وعملية سميل 1933. يتبع أبناء طائفة الآشوريين إلى الطقس السرياني الشرقي (الذي يُعرف خطأً بـ "النسطوري") وهي تُمثل أكبر الأقليات الثلاث التي يتناولها هذا البحث. يتركز أبناؤها في زحلة، وبلدة "الفاكهة" في البقاع الشمالي، وبيروت وبعض ضواحي المتن (مثل سدّ البوشرية والجدَيدة وسن الفيل والدورة) و يتميزون بالحفاظ على لغتهم السريانية الشرقية. ومن أشهر العائلات الآشورية في لبنان: يونان، خوري آغا، قاشا، عائلة كيوركيس/ كوركيس، بايتو، شمعون، مراد.
أما الكلدان فهم بالأصل طائفة سريانية شرقية مثل الآشوريين، لكن الطائفة انفصلت عن كنيسة المشرق واتّحدت مع الكرسي الرسولي (الفاتيكان، روما). وفدوا إلى لبنان بشكل أساسي من العراق في موجات هجرة ولجوء متتابعة، آخرها بعد الحرب الأميركية –البريطانية على العراق في العام 2003 وما تلاها. للكلدان في لبنان وجود ملحوظ خصوصاً في قضاء المتن (مناطق الدورة والجدَيدة وعين الرمانة) وكذلك في مدينة بيروت. ويتميزون بالحفاظ على طقوسهم الكلدانية الخاصة ولغتهم السريانية الآرامية الحديثة. ومن أبرز عائلات الكلدان في لبنان: حكيم، تفنكجي، قصارجي، سـاكي، حنّاوي، تيغو، ورده، موصلي، ترزيخان، كوبلي، زريفة.
إذاً، يمكن تلخيص نقاط الاختلاف الجوهرية بين الطوائف الأقلية الثلاث بأنها تباينٌ لا أكثر، تباين الأصول والطقوس الليتورجية إذ ما زالت طائفة اللاتين متأثرة بالطقس الغربي (الروماني) الذي يجعلها في نظر البعض "أجنبية" وغير أصيلة في المشرق، فيما يتأثر الآشوريون والكلدان بطقوس شرقية (سريانية) مستوحاة من أصولهم المشرقية القديمة ومن تاريخهم المرتبط باللجوء القسري من المشرق رغم أن الكلدان اختاروا الاندماج مع الكنيسة الكاثوليكية، بينما الآشوريون لم يختاروا ذلك.
الأدوار السياسية
من الاستقلال إلى الطائف مروراً بالحرب الأهلية اللبنانية، بقي الدور السياسي لهذه الطوائف الثلاث، محكومًا بـ تحالفاتها الإقليمية والتحاقها بالمظلة المارونية الأكبر، نظرًا لضآلة حجمها، أو محكوماً بتأثير شخصياتها الذين يشغلون مواقع مهنيّة حساسة أو يمتلكون ثروات.
ومن خلال تعداد المحطات المفصلية في تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي يتبين أن الطوائف الثلاث ركزت على حماية وجودها وتثبيت مؤسساتها أكثر مما ركزت على لعب أدوارٍ قيادية مؤثرة في مسار الأحداث.
ففي مرحلة السعي للاستقلال (1920 ـ 1943) كان دور اللاتين يتمحور حول الوجود الدبلوماسي والثقافي الغربي وتأثيره. كان بعض أفرادهم يعمل في مؤسسات الدولة الحديثة أو الإرساليات الأوروبية، ما ساهم في صقل النخب اللبنانية. فيما تركز دور الآشوريين على تثبيت وجودهم كلاجئين والسعي للحصول على الجنسية اللبنانية والحقوق الكاملة، بالاعتماد على دعم بعض القوى المسيحية الأكبر فيما اقتصر دور الكلدان على الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، من دون دور سياسي فاعل ومستقل نظراً لمحدودية توزعهم الديمغرافي وقلّة عددهم.
أما خلال سنوات الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) فلم تنتج أي من الطوائف المذكرو ةحزباً سياسياً خاصاً بها أو ميليشيا خاصة، لكن برزت بعض الشخصيات اللاتينية في مواقع تحالفات داخل الأحزاب المسيحية الأكبر من دون أن يُعرفوا بنحوٍ مباشر على أنهم لاتين، أما الطائفة ككل، فمالت إلى الابتعاد عن الانخراط المباشر، رغم أن بيروت الشرقية التي يتمركز فيها اللاتين تعرّضت للقصف والاشتباكات.
فيما انخرطت فئة من شباب الآشوريين في أحزاب القوات اللبنانية وغيرها من الميليشيات المسيحية للحماية الذاتية، خصوصاً في مناطق المتن (مثل الجدَيدة). كما شكلوا بعض التنظيمات الصغيرة للمطالبة بحقوقهم.
وبقي وضع الكلدان هشًا بسبب ضعف التنظيم الداخلي للطائفة وتفاقم الهجرة لذلك انخرط الكلدان بشكل محدود جدًا في حماية مناطقهم، لكن دورهم كان هامشيًا مقارنة بالطوائف الكبرى.
وأخيراً، خلال مرحلة الطائف (1990) وما تلاها تجلّى دور اللاتين بشكل أساسي من خلال النخب المتعلمة في القطاع المصرفي وسلك القضاء والمناصب الدولية، مستفيدين من الاندماج في النسيج المهني اللبناني من دون تشكيل قوة تصويتية مستقلة ومؤثرة.
بينما كثّف الآشوريون جهودهم للمطالبة بترسيم هويتهم السريانية ضمن القانون، والمطالبة بمقعد نيابي خاص بهم لتعزيز تمثيلهم كطائفة عابرة للحدود. وركز الكلدان على الدفاع عن حقوق المهاجرين الجدد من العراق وسوريا، والعمل على تأمين الإقامة وتسهيل الاندماج، مستفيدين من الدعم الكنسي.
رغم انتماء هذه الطوائف إلى المظلة المسيحية اللبنانية، فإن حضورها السياسي ظلّ هامشيًا عبر مختلف المراحل ولم تُنشئ أي منها تنظيماً خاصاً يحميها في بلد الطوائف والمحاصصة،تجدر الإشارة إلى أن التمثيل النيابي لهذه الطوائف الثلاث غير مباشر رغم أن القانون اللبناني يخصص مقاعد مباشرة للطوائف الـ 18 المعترف بها رسميًا في الدستور. لذلك يتم إدراج التمثيل النيابي للاتين ضمن خانة "الأقليات" المسيحية التي تتشارك في مقاعد محددة أو تتوزع على لوائح الأغلبية في دوائر بيروت فيما يصوّت اللاتين المسجلون في الدوائر الانتخابية الأخرى ولا سيما المتن من دون تخصيص طائفي. ويُذكر أن الطائفة اللاتينية تحظى بمقعد في مجلس بلدية بيروت (مخصّص لطائفة اللاتين في القيد البلدي).
أما الآشوريون والكلدان فليس لهم مقعد مباشر كأفراد لكن، تم إقرار مقعد مخصص لـ "السريان الكاثوليك والأرثوذكس" وكنا قد تحدثنا عنهم في مقال سابق، لذلك ينظر أبناء الطوائف السريانية الأخرى إلى مقعد "السريان" كاسم جامع يمثل هويتهم المشرقية الواسعة (الآشوريون، الكلدان، السريان).
لا بدّ من الإشارة إلى أن المقعد الذي يُشار إليه أحيانًا بـ "مقعد الأقليات المسيحية" في بيروت الأولى (دائرة الأشرفية، الصيفي، الرميل) هو مقعد يتنافس عليه عدد كبير من الأقليات، بما في ذلك اللاتين والكلدان والآشوريون والأرمن الكاثوليك وغيرهم.
الواقع والتحديات
تواجه هذه الأقليات المسيحية الثلاث تحديات عميقة تهدد استمراريتها وتأثيرها في المجتمع اللبناني، وهي تحديات مشتركة لكل الأقليات المسيحية المشرقية. وتتمثل بـ:
-ـ الهجرة والنزيف الديموغرافي: إذ يسجل الآشوريون والكلدان أعلى معدلات الهجرة، بسبب الظروف الاقتصادية في لبنان، وبعضهم ينظر إلى لبنان بوصفه محطة عبور (ترانزيت) للهجرة إلى أميركا وأوروبا وأستراليا، حيث توجد تجمعات كلدانية وآشورية أكبر وأكثر دعمًا واحتضاناً. فيما تستمر فئة من اللاتين في الهجرة لأسباب مهنية أو لعودة الأصول إلى أوروبا.
ـ الاندماج السياسي مقابل الحفاظ على الهوية: يواجه الآشوريون والكلدان تحدّيًا بين الاندماج الكامل في المجتمع اللبناني (لغةً وثقافةً) وبين الحفاظ على لغتهم السريانية/الآرامية وطقوسهم الشرقية الخاصة. كما أنهم يطالبون بـ اعتراف سياسي أوضح يمنحهم تمثيلاً نيابيًا صريحًا.
ـ صعوبة التعبير السياسي المستقل: نظرًا لضآلة العدد، تجد هذه الأقليات صعوبة في تشكيل قوة تصويتية مستقلة، مما يضطرها إلى التحالف مع الطوائف المسيحية الكبرى (كالموارنة والروم الأرثوذكس) أو الذوبان فيها، الأمر الذي يقلل من ظهور قضاياهم الخاصة على الأجندة الوطنية.
ـ التحديات الاقتصادية والاجتماعية: أزمة لبنان الاقتصادية أثرت بشكل خاص على الكلدان والآشوريين، الذين يعتمدون على شبكات دعم اجتماعي أقل رسوخًا مقارنة بالطوائف اللبنانية الكبرى.
في الخلاصة، رغم انتماء هذه الطوائف إلى المظلة المسيحية اللبنانية، فإن حضورها السياسي ظلّ هامشيًا عبر مختلف المراحل ولم تُنشئ أي منها تنظيماً خاصاً يحميها في بلد الطوائف والمحاصصة، ولعل هذا ما يجعل التحديات المستقبلة أكثر صعوبة ومصيرية من تلك التي تواجهها الطوائف الكبرى التي لا تخشى تآكل وزنها الديموغرافي. وفي ظل غياب تمثيل سياسي واضح يعكس خصوصيتها، تعيش الأقليات المسيحية ولا سيما اللاتين والآشوريون والكلدان أزمة وجودية قد تهدد استمرار حضورها التاريخي في لبنان كمكوّن أصيل من فسيفسائه الطائفية.