نشرت صحيفة هآرتس مقالا للكاتب تسفي برئيل حاول فيه تشخيص الأوضاع النفسية التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي في ضوء التوترات الناجمة عن تورط قادتها في مواجهات عسكرية تهدد وجود الدولة نفسها.

وعمد الكاتب إلى إسقاط نظرية الطبيبة النفسية الأميركية السويسرية إليزابيث كوبلر روس حول مراحل الصدمة النفسية الخمس -التي ضمنتها كتابها الأكثر مبيعا عن الموت- على الحالة الإسرائيلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع بريطاني: الجيش اللبناني على حبل مشدود فهل يكون حلا للحرب؟list 2 of 2نيويورك تايمز تحذر من صدمة بإمدادات النفط.. الرابحون والخاسرونend of list

ولفهم ما يرمي إليه الصحفي الإسرائيلي الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مقاله، يتعين علينا أن نشرح ما تسمى نظرية أو "نموذج كوبلر روس".

تقول الطبيبة النفسية إن المرء يمر بخمس مراحل من الصدمة النفسية في حال تعرضه لمصيبة ما، وهي على الترتيب: مرحلة الإنكار، والغضب، والمساومة، ثم الاكتئاب، وآخرها تقبل ما يحدث له.

وقال إن إسرائيل مرت على مدى العام الماضي بجميع تلك المراحل التي ذكرتها إليزابيث كوبلر روس؛ "فقد حلَّ الإنكار والذهول والصدمة مما حدث لنا محل الغضب الذي يميز المرحلة الثانية".

"وفي نهاية المطاف، خفّت تلك المرحلة أيضا وأفسحت المجال لمرحلة المساومة التي اعتقدنا أنه من الممكن إجراء مفاوضات مع الحكومة على الأقل حول إعادة الأسرى، ليس جميعهم ولكن ربما بعضهم -أي نوع من التنازل- حتى نتمكن من التعايش مع أنفسنا ونعرف أننا فعلنا حقا كل ما بوسعنا".

لكن برئيل يرى أن شيئا من ذلك لم يحدث، إذ تبع مرحلة المساومة المرحلتان الأخيريان، وهما الاكتئاب والتقبل، والتي يدرك العارفون بنظرية كوبلر روس جيدا أنها تضمن للحكومة البقاء على قيد الحياة. والعارفون أو الهاجرون مصطلح يراد به الأشخاص الذين يتخلون عن قضية أو واجب، وهو بذلك يشير -على ما يبدو- إلى حكام إسرائيل اليوم.

ويتناول الكاتب بشيء من التفصيل المرحلتين الأخيريين من مراحل الصدمة النفسية، فيقول إن المجتمع الإسرائيلي في حالة اكتئاب عميق مصحوب بمشاعر الخجل والذنب، وهي المرحلة التي يصعب فيها مواساة ضحايا الكارثة، الذين -وفقا لنموذج كوبلر روس- يستحوذ عليهم شعور بأنه لا جدوى من أي شيء. وأخيرا، إذا تمكنوا من تحرير أنفسهم من قيود الاكتئاب، سينتقلون إلى مرحلة التقبّل، حيث يبدأ الناس في تفهم أن الوضع الجديد جزء من الحياة.

وعلى الرغم من أن نظرية كوبلر روس ليست علما دقيقا، بل هي نظرية مثيرة للجدل، فإن الحالة الإسرائيلية تدعمها من وجهة نظر برئيل، الذي يعتقد أن الأمة "الحزينة" ليست مستثناة من مراحل الصدمة النفسية التي تحدد سلوكها، بل تحدد هويتها أيضا.

ويقول إن إسرائيل تعيش الآن بالفعل التقبل، وهي المرحلة الأخطر، حسب وصفه، "حيث علينا أن نعتاد على العيش" من دون الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضاف أن التقبل مرحلة يترسخ فيها الشعور بأنه لا جدوى حتى من الانزعاج من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، "فهم أيضا، مثل الرهائن، وكأنهم قضاء وقدر لا يمكن تغييره على ما يبدو".

إسرائيل ستظل تُحكم بأيدي "عصابة خبيثة" تمكّنت من تحويل أسوأ كارثة في تاريخ البلاد إلى دواء منقذ لها.

وزاد أن الإسرائيليين لطالما صُدموا مما سماها "سلبية" الفلسطينيين "الذين تأقلموا مع الحياة تحت حكم حماس دون أن يبدر منهم تمرد أو ثورة، وكنا نتساءل عن الأسباب التي تحول دون خروج اللبنانيين ضد حزب الله".

ومضى مسترسلا في حديثه قائلا "لقد وصلنا إلى اليوم التالي، والكارثة تكمن في أننا سنبدأ في الاعتياد على ذلك. والخوف الذي تقشعر له الأبدان يتسلل إلى عمودي الفقري وينذر بخنقي".

لكنه يستدرك بأن الخوف ليس مردُّه إلى الخوف من الحرب القادمة مع إيران، أو إدراك أن حرب لبنان الثالثة لم تعد عملية قصيرة، بل هو الإقرار بأن إسرائيل ستظل تُحكم بأيدي "عصابة خبيثة" تمكنت من تحويل أسوأ كارثة في تاريخ البلاد إلى دواء منقذ لها.

وختم بالقول إن جرائم العصبة الحاكمة في إسرائيل والتي أدت إلى "كارثة" طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، هي التي ستمنحها عمرا جديدا تستطيع به قيادة البلاد "بذكاء" إلى مزيد من الكوارث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات ترجمات الصدمة النفسیة

إقرأ أيضاً:

هجوم إسرائيلي على المعارضة بسبب فشلها في إسقاط حكومة نتنياهو ووقف الحرب

رغم سلسلة الإخفاقات التي تقع فيها الحكومة اليمينية الإسرائيلية، إلا أن زعماء المعارضة فيها لا يقومون في المقابل بأي جهود حقيقية لإسقاطها، رغم الرأي العام الذي يرى "الدولة تتدهور وسط دخان الدم والفساد".

وأكد مراسل موقع "زمان إسرائيل"، أفنير هوفشتاين، أن "المعارضة بزعامة يائير لابيد، وبيني غانتس، ونفتالي بينيت، وغادي آيزنكوت، وأفيغدور ليبرمان، تبدو كمن ترفع العلم الأبيض، وتقرر الانتحار الجماعي في مواجهة عصابة إجرامية تقود دولة بأكملها إلى الدمار، بقيادة بنيامين نتنياهو، وظهرت هذه المعارضة تهتزّ حتى النخاع، رغم إعلانهم أكثر من مرة أن الوقت قد حان لوقف الحرب الحالية، التي دخلت مرحلة تتمحور كلها حول البقاء السياسي الكبير الزائف، لأنها فقدت كل تبرير، وحتى في نظر أعظم مؤيدي إسرائيل في العالم، إن لم تكن توسيع الأراضي، وتجويع الفلسطينيين انتقاماً، والإضرار بالتماسك الاجتماعي الداخلي".


وأضاف هوفشتاين، في مقال ترجمته "عربي21" أن "المعارضة تدرك أن هذه الحرب التي تُخاض على مدى أشهر طويلة في غزة فقط لإرضاء غرور الفاشيين المتعطشين للدماء من الصهيونية الدينية، المستعدين لتدمير كل شيء، والتضحية بكل شيء من أجل قطعة أخرى من الأرض الفلسطينية، حتى لو من خلال قتل عشوائي لا معنى له، مع أن بعض قادتها، خاصة غانتس، تخلى سابقا عن هذه السفينة الصدئة بعد أشهر طويلة من تغذيتها بالأكاذيب، ومنع صفقة الرهائن، ومن يومها زاد الوضع سوءً في الدولة".

وقال إن "الصدمة المزيفة والمبالغ فيها" لقادة المعارضة من سلوك الحكومة، يتناقض مع مواقف وزرائها، وآخرهم رئيسها بذاته نتنياهو، الملك العاري، فيما لم يتردد وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، بالسماح بإعطاء "القليل" من الطعام للفلسطينيين في غزة، فقط إذا كان ضرورياً للحفاظ على الائتلاف الحاكم، أما شريكه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فكتب كلمات يخاطب بها الجيش ضد الفلسطينيين كلهم، وليس ضد أفراد حماس فقط، يمكن أن يكتبها بسهولة أحد المجرمين بقوله: "دمر، حطم، هدم، امسح، سحق، حطم، أحرق، وحش، عاقب، دمر، أباد"، أما رفيقه عميخاي إلياهو، فتحدث بمفردات شبيهة مستنكرة".

وأشار إلى أن "المعارضة مطالبة بأن تخوض معركتها، وأن تقرر ما تريد من نفسها، لأنها لن تتمكن من الاستمرار في خداع جمهورها، وهي بالتالي ملزمة اليوم إما بالاصطفاف إلى جانب الحرب الدائرة في غزة، بغض النظر عن مسمياتها: "السيوف الحديدية، الحمير الفولاذية، الأرانب الصخرية"، أو اعتبارها حربا كاذبة، مبنية على الفساد السياسي، وبقاء الحكومة، ومصممة للحفاظ عليها، بعد أن فقدت الشرعية، وقوّضت أمن الدولة".


 وتابع أن "المعارضة يجب أن تجيب على تساؤلات جمهورها الغاضب من أدائها: هل أن الحرب في غزة تعمل على تعزيز إطلاق سراح الرهائن، أو تعمل في واقع الأمر على تعزيز موتهم، وهل أن جنود الاحتياط، الذين يعودون للجولة الثالثة والرابعة، يخاطرون بحياتهم من أجل مستقبل أطفالهم، أو اعتادوا على ركوبهم مثل الجمال في طريقهم للسلطة، وهل أن هناك أهدافًا حقيقية للقتال في غزة، أو أنهم يقومون بتوسيع الأراضي حتى يتمكن المستوطنون من بناء جدار آخر، هل يقتل الجنود أرواحاً بريئة في غزة بزعم تطهير أوكار المسلحين، أو يقضون وقتهم في القصف العشوائي من أجل بث غرائزي آخر".

 ودعا الكاتب قادة المعارضة لأن "يجلسوا مع أنفسهم، ويقرروا مرة واحدة وإلى الأبد من يدعمون: الدولة أم الحكومة، فإما أن يقودون حلاً حقيقياً في غزة بالتعاون مع الرئيس دونالد ترامب، أو يتصرفون مثل طفل مختلّ عقلياً يضرب الجميع لأنه قادر على ذلك، حتى يقرر العالم طرده من المدرسة، لا يوجد كلا الحلّين، إما هذا أو ذاك، مما يستدعي خوض معركة حقيقية وحادة لا هوادة فيها ضد حكومة الشر والجريمة، لأنه لا يمكن لهم الجلوس على السياج، و"طحن الفشار" بينما يستمر فيلم الرعب هذا".

مقالات مشابهة

  • هجوم إسرائيلي على المعارضة بسبب فشلها في إسقاط حكومة نتنياهو ووقف الحرب
  • هآرتس: لماذا لا تستطيع أمريكا وإسرائيل هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • أولمرت: حكومة نتنياهو تقودنا إلى الهاوية بارتكاب جرائم حرب في غزة
  • حكومة غزة: جائعون يقتحمون مركز توزيع مساعدات وإسرائيل تستهدفهم
  • صحف عالمية: حكومة نتنياهو ترتكب جرائم حرب وتتخذ التجويع سلاحا
  • هآرتس: ترامب سئم من حرب غزة ويريد وقفها.. ضغوط على نتنياهو
  • الأونروا: 250 ألف فلسطيني في قطاع غزة في أخطر مراحل الجوع
  • هل على نتنياهو أن يخشى من جيل الأطفال الذي شهد الإبادة؟
  • من 5 مراحل.. خطة سورية لتطوير قطاع النفط حقل نفطي
  • هآرتس: إسرائيل رفضت مقترحا قدمته "حماس" يتضمن إنهاء الحرب