البحرية الإسبانية تواصل "استفزازاتها" في رسائل إلى المغرب حول مستقبل سبتة ومليلية
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
أقيمت مناسبتان بارزتان للبحرية الإسبانية على التوالي في مدينة مليلية، حضرهما مئات من المواطنين المحليين. كانت المناسبتان بمثابة « تأكيد على إسبانية » هذا الثغر المحتل، في رسالة وحدة تجاه المغرب الذي يُعرف بسعيه لضمها.
المناسبة الأولى جرت يوم الأحد 6 أكتوبر على متن السفينة الحربية الإسبانية « خوان كارلوس الأول »، وهي أكبر سفينة حربية بُنيت في إسبانيا.
أما المناسبة الثانية فكانت تسليم علم القتال لسفينة الدوريات « إيسلا بينتو » (P-84)، التي تتخذ من مليلية قاعدة دائمة لها منذ فبراير الماضي، وتتمثل مهمتها الرئيسية في المراقبة الدائمة للساحل المليلي، وكذلك للجزر والصخور الإسبانية ذات السيادة.
ترأس مراسم أداء قسم الولاء على متن « خوان كارلوس الأول » قائد الأسطول، الأميرال يوجينيو دياث ديل ريو خاودينيس. وكان أول من أدى القسم هو رئيس مدينة مليلية الذاتية الحكم، خوان خوسيه إمبرودا، يليه أعضاء آخرون من حكومته. حضرت الحدث مندوبة الحكومة، سابرينا موه، بالإضافة إلى سياسيين مثل النائبة الوطنية عن مليلية، صوفيا أسيدو. في المجمل، أدّى حوالي 270 مدنياً القسم، متعهدين بـ »حفظ الدستور باعتباره القاعدة الأساسية للدولة، بولاء للملك » وإذا لزم الأمر، « التضحية بحياتهم دفاعًا عن إسبانيا ». وصف إمبرودا الحدث بأنه « يوم لا يُنسى يؤكد على العلاقة القوية بين البحرية الإسبانية ومليلية، والتي تعود إلى عام 1497 ».
أما بالنسبة لمراسم تسليم علم القتال لسفينة الدورية « إيسلا بينتو »، فقد كانت عرابته النائبة البرلمانية عن الحزب الشعبي، صوفيا أسيدو.
وأشارت أسيدو إلى أن العلم يرمز إلى « ماضي ومستقبل إسبانيا »، وشددت على « احترام » سكان مليلية للقوات المسلحة. وقالت: « بالتزام وفاء لإسبانيا، أُسلمكم هذا العلم الوطني باسم جميع سكان مليلية، الذين، رغم البعد الجغرافي، يشعرون به بقوة وتفانٍ ». من جانبه، أكد قائد سفينة الدورية على دور البحرية في الدفاع عن مليلية وحمايتها منذ تأسيسها.
يبلغ طول سفينة الدورية « إيسلا بينتو » أكثر من 20 مترًا ويبلغ عدد طاقمها ثمانية أفراد، وتستطيع الوصول إلى سرعة 32 عقدة (أي حوالي 60 كيلومترًا في الساعة).
تعود علاقة مليلية بإسبانيا إلى عام 1497، عندما تم الاستيلاء عليها من قبل دوق ميدينا سيدونيا خلال حكم الملوك الكاثوليك. ومنذ ذلك الحين، أصبحت نقطة استراتيجية للدفاع عن المصالح الإسبانية في البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا. هذا الرابط التاريخي مع التاج الإسباني « قد أسس على مر السنين مكانة مليلية كجزء لا يتجزأ من الأراضي الإسبانية »، كما يقولون، رغم ما شهدته من توترات.
يطالب المغرب بالسيادة على مليلية وسبتة، معتبرًا إياهما جزءًا من أراضيه. لكن إسبانيا أكدت دائمًا أن كل من سبتة ومليلية هما جزءان لا يتجزآن من إسبانيا، « مدعومان بالقانون الدولي وإرادة سكانهما، الذين يعرّفون أنفسهم في الغالب بأنهم إسبان »، بحسب مسؤوليها.
تحذير إلى المغرب من قائد في البحرية في مليلية
لا يمكن فصل هذه الرسائل عن ما حدث في نهاية غشت الفائت. لنتذكر هذه التصريحات: « في كل من سبتة ومليلية، يجب أن نذكر المغرب بأن إسبانيا لا تزال صاحبة السيادة على المدينتين، وأن لهما مياه إقليمية تتمتع بحقوق يجب احترامها ». بهذه الكلمات وجه مانويل أنخيل لوبيز، قائد دورية « إيسلا بينتو » (P-84) في مليلية، تحذيرًا واضحًا إلى الدولة المجاورة. جاءت هذه التصريحات ضمن مقابلة مع Faro de Ceuta، حيث أكد القائد العسكري أيضًا: « البحرية الإسبانية موجودة لحماية منطقة حيوية مثل مضيق جبل طارق، وللتأكد من أن الدوريات البحرية المغربية تعرف أننا، إلى جانب الحرس المدني، نقوم بالمراقبة ».
وعلى الرغم من أن القوات المسلحة لا تصرح دائمًا بهذه العبارات الواضحة، فإن الحقيقة أن أحد أهم مهام البحرية الإسبانية هو القيام بعمليات مراقبة وردع دائمة في المنطقة. منذ يوليو الماضي، تمركزت دورية « إيسلا بينتو » في مليلية، حيث تقوم بعمليات مراقبة وأمن بحري في المياه الإقليمية للمدينة الإسبانية في شمال إفريقيا، وكذلك حماية الجزر والمناطق الصخرية الإسبانية في شمال إفريقيا مثل الحسيمة، جزيرة فيليز، وجزر تشافاريناس. هذه المناطق دائمًا ما يطالب بها المغرب بشكل دوري ومستمر.
تحت السيطرة التشغيلية لقائد البحرية في مليلية، لا يقتصر دور الدورية على مراقبة السواحل المليلية والجزر الخاضعة للسيادة الإسبانية فقط؛ بل تتعاون أيضًا مع قوات الأمن والدولة في مهام الشرطة البحرية، وفقًا للاتفاقيات القائمة، بالإضافة إلى دعم وزارات أخرى في مهام مراقبة الصيد، الأبحاث العلمية، الإنقاذ، حماية التراث الأثري تحت الماء، ومحاربة التلوث البحري.
تم بناء هذا السفينة وإطلاقها في أحواض بناء السفن Rodman Polyships في فيغو، وتم تسليمها إلى البحرية الإسبانية في 21 يونيو 2023، حيث تم منذ ذلك الحين تجهيزها بالعتاد والمعدات والأسلحة اللازمة لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام. تشمل مواصفاتها الرئيسية طولًا يبلغ 20.50 مترًا، وعرضًا 4.9 مترًا، وسرعة قصوى تصل إلى 32 عقدة، وإزاحة تصل إلى 44 طنًا، مع طاقم مكون من عشرة بحارة.
شهدت التوترات مع المغرب عدة أحداث خلال الأشهر الأخيرة، لدرجة أن رئيس مدينة مليلية ذات الحكم الذاتي، خوان خوسيه إيمبرودا (من حزب الشعب)، صرح بأنه لا يلاحظ « العلاقات الممتازة » مع المغرب التي تدعيها حكومة بيدرو سانشيز. بل إنه أكد أن الحكومة المغربية تنفذ سياسات « تضر بالإسبان ». وأضاف: « لا أعرف ما الذي تعنيه الحكومة الإسبانية عندما تتحدث عن أفضل العلاقات، لأنها تقول إنها ممتازة، بينما المغرب ينفذ السياسات التي تناسبه وتخدم مصالحه، حتى وإن كانت تؤثر سلبًا وتضر بنا نحن الإسبان ».
عن (إل دياريو)
كلمات دلالية إسبانيا المغرب ثغور جيوش حدودالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: إسبانيا المغرب جيوش حدود البحریة الإسبانیة الإسبانیة فی فی ملیلیة
إقرأ أيضاً:
استهدفتها بأسلحة جديدة في مواقع مختلفة.. ما رسائل موسكو لكييف؟
كييف- ليلة عصيبة قضاها سكان العاصمة الأوكرانية كييف مع نهاية شهر يوليو/تموز، لم تهدأ خلالها أصوات الانفجارات الناجمة عن سقوط أو إسقاط المسيّرات والصواريخ الروسية، حتى صباح يوم الخميس.
ورغم أن القصف الروسي يحمل وتيرة شبه أسبوعية منذ شهور، فإنه جاء مختلفا في وسائله هذه المرة، حيث احتوى -لأول مرة- مسيّرات صاروخية مزودة بمحركات تستخدم عادة في تكوين بعض أنواع الصواريخ والقنابل الجوية الموجهة، بدلا عن محركات عالية الضجيج، تشبه تلك المستخدمة في الدراجات النارية البسيطة.
ولعل في هذا تفسيرا لحجم الضرر الذي لحق بـ27 موقعا ضمن 4 أحياء رئيسية داخل المدينة، أبرزها مبنى سكني من 9 طوابق، دُمِّر جزء كبير منه، وهذا يحدث للمرة الثالثة في كييف خلال شهر.
كما سبّب القصف دمارا وأضرارا متفاوتة لحقت بمبنى جامعة، ومدرسة، وروضة أطفال، ومستوصف، والكثير من المركبات والمحالّ التجارية، إضافة إلى مبنى المركز الثقافي الإسلامي في كييف، حسب بلدية كييف.
وكانت حصيلة ذلك مقتل 13 شخصا وإصابة 135 آخرين، والأرقام مرشحة للارتفاع، كأكبر حصيلة ضحايا في دفعة واحدة تشهدها كييف منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.
استخدام الروس لوسائل جديدة في هجومهم دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى استعجال وصف الهجوم بـ"الحقير"، على اعتبار أن "كل المواقع المستهدَفة مدنية"، مؤكدا أن الغرض منه كان "إرهاق نظام الدفاع الجوي".
ويبدو أن الروس نجحوا إلى حد ما في تحقيق هذا الغرض، فالدفاعات الأوكرانية لم تنجح في إسقاط سوى 3 من أصل 8 صواريخ مجنحة وباليستية، و288 من أصل 309 مسيّرات؛ رغم أن كييف تعرضت للقصف سابقا بأعداد أكبر من هذا الهجوم بكثير، لكن كانت لها تداعيات أقل.
إعلانوتناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن استهداف الروس -مرة أخرى- منطقة مطار كييف الدولي داخل مدينة جولياني، وخطوطا لسكك الحديد في ضواحي العاصمة أيضا.
وقال الخبير العسكري والعقيد في قوات الاحتياط الأوكرانية أوليغ جدانوف للجزيرة نت "عمليا، زادت سرعة المسيّرات من 200 كيلومتر في الساعة إلى ما يتراوح بين 400 و600 كيلومتر، وهو ما عقّد عمل الدفاعات النارية المتنقلة المختصة في اعتراض المسيّرات، ووضعنا أمام تحدٍّ جديد".
رسائل روسيةيرى محللون أوكرانيون في هذا التطور رسائل توجهها روسيا إلى أوكرانيا والعالم؛ لا سيما على خلفية مهلة الأيام العشرة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، من أجل وقف الحرب.
فمن وجهة نظر الخبير جدانوف فإن الهجوم الروسي الأخير حمل رد موسكو على دعوات السلام الأوكرانية الأوروبية الأميركية، ورد فعلهم على المهلة الأخيرة التي منحها ترامب لبوتين كي يوقف الحرب.
وأضاف "يريد بوتين أن يقول للأوكرانيين وداعميهم وخاصة للولايات المتحدة أنه لا فائدة من الدعم مهما زاد كما وتطور نوعا، وروسيا مستعدة للتصعيد وتغيير تكتيكاتها، بصورة تقلل من فاعلية الدفاعات التي تحصل عليها أوكرانيا، وتزيد حجم القتل ومساحة الدمار".
وأمام هذا التحدي، بدت كييف مستنفرة، إذ امتلأت خيام المنظمات الإغاثية الرسمية والتطوعية في الأحياء والمواقع المتضررة، وتغيرت حركة النقل لصالح عبور فرق وطواقم الشرطة والإسعاف والإنقاذ والإطفاء.
وقالت الناشطة سفيتلانا المتعاونة مع فريق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "أعددنا قائمة تضم مئات العائلات التي فقدت منازلها اليوم، بحكم أنها دمرت، أو أصبحت غير مهيأة للسكن الآمن".
وتابعت في حديثها للجزيرة نت "نعمل على تأمين مراكز إيواء مؤقت لمن فقدوا بيوتهم، سواء في ملاجئ حكومية مجهزة أو في بعض المساكن الجامعية".
وشمل قصف الليلة محيط المركز الثقافي الإسلامي في كييف أيضا، الذي يضم واحدا من أكبر مساجد العاصمة، ومدرسة "مستقبلنا"، وهي المؤسسة التعليمية النظامية الوحيدة الخاصة بأبناء المسلمين في أوكرانيا.
وقال الشيخ مراد سليمانوف، مفتي الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا "أمّة" ومقرها المركز، إن "مسيّرة سقطت على بُعد عشرات قليلة من الأمتار، فدمرت كل نوافذ المركز، وألحقت أضرارا كبيرة في الجدران والأسقف والأثاث داخله".
كما ألحقت موجة الانفجار أضرارا بالغة بكل المطاعم والمحال التجارية العربية والإسلامية في محيط المركز، أو ما يسميه الأوكرانيون "سوق المسلمين" في كييف، وفق ما أكد سليمانوف للجزيرة نت.
وقال طارق، وهو أحد أصحاب المحال التجارية للجزيرة نت، "نحمد الله أن الخسائر مادية ولم يصب أحد، لا أعلم إن كان الهدف هو مركز تجمع المسلمين أم لا، ولكننا حقيقة نشعر أن نار الحرب تشمل الجميع ولا تستثني أحدا".