العشاء الأخير ورحلة الرحيل بسلام.. قصة المدرس الذي مات في سجوده خلال صلاة الجمعة
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
في حي هادئ بحدائق القبة، حيث الأصوات تتراجع أمام قدسية يوم الجمعة، شهد مسجد الشيخ غراب حادثة ستبقى محفورة في ذاكرة كل من حضر، محمود عبدالمعطي، المدرس الخمسيني، دخل المسجد كعادته، لأداء صلاة الجمعة، تلك اللحظة الروحانية التي اعتادها كل أسبوع، لكن هذه المرة كانت مختلفة، كانت آخر مرة يرفع فيها يديه بالدعاء، وآخر ركوع له، وآخر سجود.
العشاء الأخير: بين الأصدقاء والهموم
قبل ساعات قليلة من الوفاة، كان محمود يجلس مع صديقه المقرب أحمد حلمي، على طاولة عشاء يبدو عليها الدفء، ولكن الكلمات التي انطلقت من قلب محمود كانت تحمل ثقلًا كبيرًا. "كان يبدو بصحة جيدة، لم يشكُ يومًا من مرض"، يقول أحمد وهو يتذكر كيف كان محمود يضحك ويتحدث عن مشاكله المعتادة. لكنه، في تلك الليلة، كان أكثر حزنًا من المعتاد، وكأن قلبه كان يستعد لفراق قريب.
ومحمود تحدث عن همومه، تلك التي لم يكن يقدر أحد على رؤيتها بوضوح، تحدث عن طليقته التي لم تتركه في سلام حتى بعد انفصالهما، وعن الضغوط المالية الهائلة التي فرضتها عليه بإدخال بناته مدارس خاصة، وكان ابنهم الأكبر قد تسبب في حبسه بعد خلافات قانونية متعددة. كان محمود يشعر وكأن الحياة لم تترك له مخرجًا، لكنه ظل صامتًا، مقاتلًا في معركته الخاصة، يحمل همومًا لم يشعر بها أحد غيره.
اللحظة الفاصلة: السقوط بين المصلين
وفي صباح الجمعة، استعد محمود للصلاة كعادته، لبس ملابسه البسيطة وتوجه إلى المسجد. جلس بين المصلين، ينتظر خطبة الجمعة، صوت الإمام يتردد في الأرجاء، ولكن فجأة، وسط هذا الهدوء والسكينة، سقط محمود مغشيًا عليه، لم يكن أحد يتوقع أن هذا السقوط سيكون الأخير.
وحاول المصلون من حوله إنعاشه، كانوا يظنون أن ما أصابه مجرد إغماء بسيط، لكن سرعان ما أدركوا أن الحياة قد غادرت جسده، كانت هذه آخر لحظاته، وآخر أنفاسه في بيت الله، حيث وجد الراحة التي ما دام بحث عنها.
حسن الخاتمة: رحيل في أحضان السكينة
وموت محمود في تلك اللحظة، وسط المصلين وأثناء خطبة الجمعة، لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان شهادة لحسن خاتمته. فقد فارق الحياة في مكان مقدس، أثناء شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، وكأن الله أراد أن يخفف عنه أعباء الدنيا ويأخذه إلى رحاب رحمته وهو في حالة طمأنينة.
إمام المسجد، بعد تأكد وفاة محمود، وقف ليقول دعاءً امتد لعشرين دقيقة، دعاء يحمل في طياته الرجاء بأن يغفر الله للراحل ويجعله من أهل الجنة. المصلون، كلهم، رفعوا أيديهم يدعون بالرحمة لرجل عرفوه بصمته وكفاحه، لكنه غادرهم بسلام لم يشعر به من قبل.
صدمة العائلة والأصدقاء.. النهاية غير المتوقعة
وعندما وصل خبر وفاة محمود إلى عائلته، كانت الصدمة كبيرة، لم يكن أحد يتوقع أن الرجل الذي عاش بينهم يحمل هذا الحزن الثقيل، ورغم ذلك، كانت وفاته شهادة لحسن سيرته وأخلاقه. أهله وأصدقاؤه لم يستوعبوا رحيله المفاجئ، لكنهم، في تلك اللحظة، شعروا أن الله اختار له الرحمة والسلام في أفضل الأوقات وأقدس الأماكن.
قصة الكفاح والصبر.. رسالة الوداع
محمود عبدالمعطي لم يكن مجرد مدرس عاش حياة عادية، بل كان رجلًا حمل همومًا لا يعرفها سوى القليلون، رجلًا عاش في معركة مع الحياة، ومع ذلك، اختار أن يواجه كل شيء بصمت، لم يكن يتحدث عن معاناته إلا عندما شعر بثقلها لا يُحتمل، ومع ذلك، رحل برضا وطمأنينة، وكأنما وجد في المسجد وفي صلاة الجمعة تلك اللحظة التي كان ينتظرها، لحظة الرحيل بسلام.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حدائق القبة وفاة مفاجئة مشاكل الأبناء دعاء الإمام وفاة أثناء الصلاة الكفاح والصبر حسن الخاتمة تلک اللحظة لم یکن
إقرأ أيضاً:
أيهما أفضل ليلة الجمعة.. قيام الليل أم الصلاة على النبي؟
قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية السابق، إن قيام الليل والصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الجمعة من أفضل الأعمال.
وأضاف عاشور، خلال لقائه ببرنامج "دقيقة فقهية"، في إجابته عن سؤال «أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟»، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين لنا وظائف الأوقات، أي أنه قال فى وقت الصلاة علينا أن نركع ونسجد ونقوم ولا نقرأ القرآن إلا في حال القيام فقط وهو الذى بين لنا هذا، كذلك بين لنا أن الاستغفار أولى في الثلث الأخير من الليل بدلا من قراءة القرآن.
وأشار إلى أن الأوقات التي بين لنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمالا محددة لها فضائلها وعلينا أن نلتزم بها لنأخذ هذا الثواب، ثم بعد ذلك نقرأ القرآن في أي وقت، لافتا إلى أن الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأفضل في يوم الجمعة من قراءة القرآن.
قال أحد السلف (أتعجب ممن له عند الله حاجة كيف ينام وقت السحر).
كيفية صلاة قيام الليلالأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكمُ الصُّبح، صلَّى ركعةً واحدةً تُوترُ له ما قد صلَّى وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثمّ يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عددًا قليلًا من الركعات بخشوعٍ وطمأنينةٍ؛ خيرٌ له مما هو أكثر بلا خشوع.
ماذا يقرأ في صلاة قيام الليل
يقوم المسلم بأداء ركعتين ركعتين، والمقصود أن يسلّم بعد كلّ ركعتين يؤدّيهما، ثمّ يؤدّي الوتر، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قيامه، وإن خاف المسلم أن يدرك صلاة الصّبح وهو لم يوتر بعد فيجوز له أن يوتر بركعةٍ واحدةٍ، يتلو فيها بعد سورة الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ يدعو دعاء القنوت.
وصلاة قيام اللّيل تكون في أوّل اللّيل، أو أوسطه، أو آخره، لكن في الآخر أفضل، وهو الثّلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، ومن السّنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التي فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التي فيها رحمة، وأن يسبّح حينما تمرّ به آية تسبيح، وأن يطمئنّ في صلاته، ويخشع في ركوعه وسجوده.
والوتر إما أن يكون ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، فعدد ركعات الوتر فرديّة، وقد رُوي عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: « الوترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ»، وفيما يأتي تفصيل لما ورد في صلاة الوتر:
1- أن يصلّى الوتر ركعةً واحدةً، كما كان يؤدّيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-.
2- أن يصلّى الوتر ثلاث ركعات، فيقوم المسلم بصلاة الثّلاث ركعات متصلات، بحيث يسلّم في نهاية الصلاة، كما كان يفعل السّلف، ويقرأ فيهم: سورة الأعلى، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، أو يصلّي ركعتي شفع ويسلّم، ثمّ يتبعها
بركعة وترٍ منفصلة عن أوّل ركعتين، فيشاء له ذلك مع ضرورة النّية من بداية الصّلاة.
3- أن يصلّى الوتر خمس أو سبع ركعات، ويكون ذلك بتشهّدٍ واحدٍ كما كان يفعل رسول الله، فقد رُوي عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: « كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوترُ بسبعٍ أو بخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بتسليمٍ ولا كلام».
4- أن يصلّى الوتر تسع ركعات، ويجلس المسلم للتّشهد في الرّكعة الثّامنة، ثمّ يتمّ الرّكعة التّاسعة، بعدها ينهي صلاته بالتّشهد والسّلام.
وبصلاة الوتر تُختم صلاة اللّيل، لكن يجوز للمسلم أن يصلّي بعد ذلك ما يشاء من عدد ركعات القيام، على أن تكون الصّلاة ركعتين ركعتين، ولا يعيد الوتر، فقد رُوي عن قيس بن عليّ أنّه قال: «لاَ وترانِ في ليلةٍ».