يعتزم دونالد ترامب إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، إعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة وخفض كلفة الإنتاج، معولاً على الرسوم الجمركية لتعزيز خزائن الدولة، غير أن خططه قد تصطدم بواقع أكثر تعقيداً.

ومع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يقول خبراء اقتصاديون إن سياسات الرئيس السابق قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين، وتنعكس سلباً على التجارة الدولية، دون أن تجني الولايات المتحدة منها فوائد مؤكدة.

والهدف المعلن لسياسات ترامب هو الاعتماد على الرسوم الجمركية، لزيادة عائدات الدولة واستخدام ذلك ورقة للضغط على بلدان مثل الصين "ينهبوننا" على حد قوله، مع تشجيع الشركات على إعادة مراكز إنتاجها إلى الولايات المتحدة.

???? 1/12: Trump’s 2024 economic plan is a ticking time bomb wrapped in false promises. Marketed as a path to prosperity, his policies are designed to supercharge inequality and push supply-side economics—a theory that’s never worked in the real world.https://t.co/Ds5ZQpgD1r

— The Intellectualist (@highbrow_nobrow) October 12, 2024

وقال ترامب خلال مناظرته التلفزيونية مع منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، في سبتمبر (أيلول) الماضي: "سيتحتم أخيراً على الدول الأخرى بعد مضي 75 عاماً، أن تسدد لنا ثمن كل ما فعلناه من أجل العالم".

وقال الأسبوع الماضي خلال تجمع انتخابي في ميشيغن: "الرسوم الضريبية هي برأيي أجمل عبارة". ويعتزم ترامب زيادة الرسوم الجمركية على مجمل الواردات بيم 10 و 20% حسب المنتجات، وصولاً إلى 60% للواردات الصينية و200% للسيارات المصنوعة في المكسيك.

ويعتزم ترامب تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرت خلال ولايته والتي تنتهي مدتها قريباً، وخفض الضرائب على عائدات الشركات بشكل إضافي. غير أن مكتب "تاكس فاونديشن" للدراسات، قال إن هذه الرسوم الجمركية المزمعة قد "تبدد فوائد تخفيضاته الضريبية دون أن تعوض الخسائر  في العائدات الضريبية".

Trump's economic plan would raise national debt trillions more than Harris', non-partisan report says https://t.co/cra8ZrIz5G

— USA TODAY (@USATODAY) October 8, 2024 ارتفاع التكاليف

واعتبر برنارد ياروس الخبير الاقتصادي لدى "أوكسفورد إيكونوميكس"، أن مثل هذه السياسة قد تتسبب في زيادة التضخم بـ0.6 نقطة مئوية أو حتى أكثر، إن طبقت الرسوم في مهلة قصيرة. وسبق أن عانت الشركات من زيادة الرسوم الجمركية التي أقرها ترامب خلال ولايته، غير أن الزيادة المزمعة قد تكون أكبر.

وأوضح كايل هاندلي أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنا في سان دييغو أن "الشركات رأت أسعار وارداتها تزداد، وتكيفت لكن إذا أقرت زيادة معممة بين 10 و 20%، فمن غير الوارد ألّا ينعكس ذلك على الأسعار في المتاجر".

ومن المستبعد أن ينجح ترامب في إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة في المستقبل القريب. وقال هاندلي: "لم نصنع تلفزيونات في الولايات المتحدة منذ عقود"، مشدداً من جهة أخرى على أن المصانع الأمريكية لا تنتج بما يلبي الاستهلاك المحلي.

ويشير ترامب إلى أن زياداته الضريبية السابقة لم يكن لها تأثير على التضخم، لكن هاندلي اعتبر أن الضغوط التي سببتها على سلاسل الإمداد توازي في نهاية المطاف زيادة بين 2 و 4% في الرسوم الجمركية على الواردات، وأقرت عدة شركات بأنها اضطرت نتيجة لذلك إلى زيادة أسعارها.

وقدرت دراسة نشرت في 2019 في صحيفة "جورنال أوف إيكونوميل بيرسبكتيفز"، أن الرسوم الجمركية كلفت المستهلكين الأمريكيين في السنة السابقة 3.2 مليارات دولار في الشهر.

رفع التنظيمات على الطاقة 

وقد تتسبب خطة ترامب عند تطبيقها، في تقليص حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين بـ70%، مع إعادة توجيه مئات مليارات الدولارات من المبادلات أو إلغائها تماماً.

وأدت التخفيضات الضريبية السابقة في 2018، إلى إعادة توجيه الصادرات الصينية إلى أسواق أخرى، ما أثار "ضغوطاً حمائية إضافية في الدول التي حصلت على المزيد من المنتجات الصينية منخفضة الأسعار"، حسب آدام سليتر من مكتب أوكسفورد إيكونوميكس.

وأوضح المكتب، أن المبادلات التجارية الأمريكية قد تنخفض 10%، وتتركز أكثر على دول أمريكا الشمالية وغيرها من الشركاء التجاريين.

وأورد معهد بيترسون أن تدابير أخرى في خطة ترامب، مثل إلغاء قانون "العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة" الذي حظيت به بكين في 2000، قد تؤدي إلى زيادة التضخم بـ0.4 نقطة مئوية. إلا أن ترامب تعهد بالقضاء على التضخم، وهو موضوع يتصدر اهتمامات الناخبين، واعداً بخفض فواتير الطاقة إلى النصف منذ عامه الأول في البيت الأبيض.

ويرى المحللون أن ذلك سيقتضي إزالة المزيد من التنظيمات التي تضبط قطاعي النفط والغاز الأمريكيين.

وفي هذا السياق، اعتبر ياروس أن من غير المؤكد أن يؤدي رفع الضوابط إلى زيادة كبيرة في الإنتاج، إذ أن ذلك سيتوقف بشكل أساسي على مجموعات الطاقة الكبرى، التي يتحتم عليها بدورها الأخذ بإرادة مساهميها.

وعن المواد الغذائية، يعتزم ترامب خفض تكاليف هذا القطاع بفرض قيود صارمة على واردات المنتجات الزراعية، فيما يحذر خبراء الاقتصاد من  الإجراء الذي سيؤدي إلى رد مماثل، ما سيضر بشكل كبير بالقطاع  الزراعي الأمريكي الذي يعول على التصدير.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الاستحقاق الرئاسي ترامب الانتخابات الأمريكية ترامب الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

بروكسل: الاتفاق الحالي مع الولايات المتحدة أفضل من الحرب التجارية

دافع الاتحاد الأوروبي عن الاتفاق التجاري الجديد الذي أبرمه مع الولايات المتحدة، رغم الانتقادات من بعض العواصم الأوروبية والقطاعات الصناعية. وينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على المنتجات الأوروبية المصدّرة إلى السوق الأمريكية، وهي أقل من تلك التي هدد بها ترامب لكنها أعلى من الرسوم السابقة.

لكن الاتفاق أثار ردود فعل غاضبة، إذ وصفه رئيس الوزراء الفرنسي بأنه خضوع لأمريكا، واعتبر رئيس وزراء المجر أنه انتصار ساحق لترامب. كما انتقدته موسكو بوصفه مدمرا للصناعة الأوروبية، ووصفه محللون بأنه غير متوازن.

من جانبه، قال كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي  ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة دونالد ترامب "أنا متأكد بنسبة 100% أن هذا الاتفاق أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة".



ويقضي الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ودونالد ترامب الأحد بفرض تعرفة جمركية بنسبة 15% على المنتجات الأوروبية المصدّرة إلى الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن المعدل يفوق نسبة الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة قبل عودة ترامب إلى الحكم لكنها أقلّ من تلك التي هدد ترامب بفرضها على أوروبا في حال عدم التوصل لاتفاق.

وقال شيفتشوفيتش "لا شك أنه أفضل اتفاق ممكن في ظل ظروف صعبة للغاية"، مشيرا إلى أنه سافر مع فريقه إلى واشنطن عشر مرات في إطار سعيه لإيجاد حل لهذا النزاع التجاري، مضيفا أن فرض رسوم جمركية أعلى كان سيهدد نحو خمسة ملايين وظيفة في أوروبا.

وعلاوة على الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية، التزم الاتحاد الأوروبي شراء منتجات أميركية في مجال الطاقة بقيمة 750 مليار دولار واستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة.

ولم تُكشف تفاصيل أخرى عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسكتلندا، والذي يُتوقع أن يصدر بيان مشترك بشأنه عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.
وأثار الاتفاق غضب عواصم أوروبية عديدة، فقد اتهم رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو أوروبا بأنها "تخضع" للولايات المتحدة واصفا الاتفاق بـ "يوم قاتم".



أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المعروف بانتقاداته الشديدة لبروكسل، فقال إن دونالد ترامب "سحق" المفوضية الأوروبية، التي قادت المفاوضات التجارية باسم التكتل المكوّن من  27 بلدا.

وقال المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ألبرتو ريزي "الأمر أشبه بالاستسلام"، معتبرا أن الاتفاق الذي قبل به الاتحاد الأوروبي "غير متوازن إلى حد كبير"، ويمثل "انتصارا سياسيا لترامب".

ولم تتأخر موسكو في التعليق، مستهجنة الاتفاق واصفة إياه بأنه يؤدي الى "عواقب وخيمة للغاية على الصناعة الأوروبية".

"أفضل ما يمكن تحقيقه"

من جانبها، دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاتفاق واصفة إياه بـ" الاتفاق  الجيد" الذي من شأنه أن يحقق "الاستقرار" للمستهلكين والمستثمرين والصناعيين على جانبي الأطلسي.

كذلك، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبرا أنه "يجنب تصعيدا غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي"، بينما رأت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أنه يجنب أوروبا سيناريو "مدمرا".

وتتبادل القوتان التجاريتان الأكبر في العالم ما يقارب 4,4 مليارات يورو من السلع والخدمات يوميا.

وسجّلت البورصات الأوروبية ارتفاعا ملحوظا عند افتتاح تعاملات الاثنين، في انعكاس لتفاؤل الأسواق بالاتفاق.



أما لوبي صناعة السيارات الأوروبي، أحد أكثر القطاعات تضررا من الرسوم الجمركية، فاعتبر أن الاتفاق يمثّل "تهدئة مرحّبا بها" في سياق يتّسم بـ"غموض خطير".

في المقابل، أعرب اتحاد الصناعات الكيميائية الألماني الذي يضم شركات كبرى مثل "باير" و"باسف" عن احتجاجه، معتبرا أن الرسوم الجمركية المتفق عليها لا تزال "مرتفعة للغاية".

من جهتها، رأت جمعية أصحاب العمل الفرنسية ميديف أن الاتفاق "يعكس ما تواجهه أوروبا من صعوبة في فرض قوة اقتصادها وأهمية سوقها الداخلية".

مقالات مشابهة

  • بسبب رسوم ترامب الجمركية.. أبل تبتعد عن الصين وتعتمد على هذه الدولة
  • ترامب يستعد لفرض رسوم جمركية جديدة وسط تحذيرات من تداعيات اقتصادية خطيرة
  • ترامب يُقلص مهلة روسيا ويهدد بفرض رسوم جمركية ثانوية.. هل تتأثر تركيا؟
  • كندا وأمريكا تكثفان محادثاتهما بشأن الرسوم الجمركية
  • رحلة استسلام الاتحاد الأوروبي لسياسة ترامب الجمركية
  • بروكسل: الاتفاق الحالي مع الولايات المتحدة أفضل من الحرب التجارية
  • ترامب يُعلن التوصل لاتفاق تجاري على الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبي
  • الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري بشأن الرسوم الجمركية
  • برنامج تدريبي للشركات المصدّرة حول "النظام المنسق والتعرفة الجمركية"
  • مسؤول أميركي يدلي بتصريح بشأن تطبيق الرسوم الجمركية