الوطن:
2025-06-08@23:26:15 GMT

د. شيماء الشريف تكتب: دُرّة الزمان

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

د. شيماء الشريف تكتب: دُرّة الزمان

كانت مكتبة الإسكندرية القديمة مؤسسة علمية فذة ومتكاملة، بلا مثيل فى العالم القديم، أسّسها البطالمة عام 288ق.م، وعاشت زهاء سبعمائة عام، إلى أن أفل نجمها عام 391م.

تأسست بناءً على اقتراح عرضه ديمتريوس الفاليرى على الملك بطليموس الأول سوتير (ومعناه المنقذ)، واستكمله ابنه الملك بطليموس الثانى فيلادلفوس (ومعناه المحب لأخته)، فوضع لها الأنظمة الإدارية والمالية.

وتوالت أسماء العلماء والأدباء فى هذا الصرح العلمى، فقد وضع كاليماخوس القورينى أول نظام فهرسة فى التاريخ، من خلال السجل، فتأسّس علم المكتبات. كما كان أريستارخوس الساموسى أول من قال بمركزية الشمس.

ووضع إقليدس السكندرى قواعد علم الهندسة. ووضع هيبارخوس النيقى أسس علم حساب المثلثات. وأثبت إيراتوسثينيس القورينى كروية الأرض، وأسس علم الجغرافيا (جيوجرافيكوس). وأكد هيروفيلوس الخلقيدونى أن جسم الإنسان يديره المخ وليس القلب، وأسس علم التشريح. وأسس إيراسستراتوس القوصى علم وظائف الأعضاء.

وقسَّم مانيتون السمنودى تاريخ مصر القديمة إلى أسرات فى كتابه الشهير، كما تمّت الترجمة السبعينية للتوراة من العبرية إلى اليونانية كأول ترجمة من نوعها فى التاريخ. وأسّس أرشميدس علم الميكانيكا والاستاتيكا واخترع الطنبور. واخترع هيرون السكندرى الآلات الهيدروليكية. واخترع كتيسيبيوس ساعة الماء. وأصدر كلاوديوس بطليموس كتابه المرجعى فى الفلك «المِجَسْطىّ».

وبعد مئات الأعوام من الازدهار والإنتاج العلمى، بدأ الأفول تدريجيّاً: ففى عام 48ق.م امتدت نيران القيصر التى أشعل بها الأسطول البطلمى لتلتهم المكتبة الكبرى، لكن ظل الموسيون، مقر العلماء، بخير.

وفى عام 215م اجتاح الإمبراطور كاراكلا مدينة الإسكندرية لوأد تمرد حدث فيها؛ فاجتاح الموسيون، وألغى امتيازات علمائه وطرد الأجانب منهم. وفى عام 262م أطلق الإمبراطور جاليان حملة قمعية ضد حاكم مصر الذى أراد الاستقلال بها عن الحكم الرومانى. وفى عام 272م اجتاحت قوات الملكة زنوبيا؛ ملكة تدمر، مدينة الإسكندرية، ودارت الحروب بين قواتها والقوات الرومانية بقيادة الإمبراطور أورليان فى الحى الملكى؛ مقر الموسيون، فتم تدميره تماماً وفرار البقية الباقية من علمائه.

وفى عام 298م قامت ثورة مجدّداً ضد الحكم الرومانى، أعقبها تزايد المذابح ضد الأقباط بقيادة الإمبراطور دقلديانوس، فأصبح كل الحى الملكى أطلالاً. وأخيراً فى عام 391م أصدر الإمبراطور ثيودوسيوس مرسوماً بتدمير المعابد الوثنية فى جميع أرجاء الإمبراطورية، متضمّناً السيرابيون الذى كان يحوى المكتبة الابنة (الصغرى) التى كان لها دور كبير فى العصر الرومانى. وهكذا، عندما بدأ القرن الخامس الميلادى، لم يكن هناك أى أثر فى مدينة الإسكندرية لمكتبتها العامرة.

ولم يكن أحد يعلم أنه بعد نحو 1600 عام، سيأتى من يدعو إلى إعادة إحيائها، ويعمل على ذلك بكل جد وإخلاص حتى يحقّق الحُلم.

تم الافتتاح الرسمى لمكتبة الإسكندرية يوم 16 أكتوبر 2002، بحضور السيد رئيس الجمهورية، والسيدة قرينته، ونخبة من الملوك والرؤساء والشخصيات العامة والمرموقة فى مصر والعالم.

وتقع مكتبة الإسكندرية الجديدة تحت ثلاث سُلطات: مجلس الرعاة ومجلس الأمناء، كل منهما، برئاسة السيد رئيس الجمهورية أو من يختاره، ومدير المكتبة، الذى له كل المسئوليات التنفيذية فى تصريف شئونها الإدارية والمالية.

يعمل بالمكتبة ما يزيد على ألفى موظف، فى المقر الرئيسى فى الإسكندرية، حيث المبنى الرئيسى على هيئة قرص الشمس المشرق، والقبة السماوية، ومركز المؤتمرات، وفى مقر الشلالات، وكذلك فى المقار التابعة لها فى كل من: محافظة الجيزة، فى القرية الذكية؛ حيث مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، وفى محافظة القاهرة، حيث بيت السنارى فى حى السيدة زينب، وقصر الأميرة خديجة فى حلوان.

تضم المكتبة أربعة متاحف، وسبعة عشر معرضاً دائماً، والقبة السماوية، والبانوراما الحضارية. ولمكتبة الإسكندرية اتفاقات وشراكات مع كبرى المؤسسات الثقافية والأكاديمية على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

تستضيف المكتبة ما يزيد على الخمسمائة حدث سنوياً. وتتنوع هذه الأحداث بين المؤتمرات العلمية والثقافية واللقاءات الفكرية والمنتديات الحوارية والحفلات الموسيقية والغنائية والمعارض الفنية وورش العمل والدورات التدريبية وغير ذلك. كما تصدر عشرات المطبوعات سنوياً، فى مختلف أفرع المعرفة. وهكذا، ومع مرور الأعوام، تُسطر مكتبة الإسكندرية حروفاً من نور العلم وبهاء المعرفة، وهى تتماهى مع الحاضر، وتستشرف وتبنى المستقبل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مكتبة الإسكندرية مجمع الخالدين مجمع اللغة العربية وفى عام فى عام

إقرأ أيضاً:

أمير المدينة المنورة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد النبوي الشريف

أدّى جموع المصلين بالمسجد النبوي اليوم، صلاة عيد الأضحى، يتقدمُهم صاحب السموّ الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وسط منظومة متكاملة من الخِدمات، وفّرتها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد النبوي؛ لينعم المصلون بالطمأنينة والخشوع.
وعقب الصلاة، استهلّ فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير خطبة عيد الأضحى، موصيًا المسلمين بتقوى -الله تعالى-، وأداء الواجبات والعبادات، واجتناب ما نهى عنه من المحرمات، والثبات على التوحيد الخالص، واتّباع أصوله الراسخة، وقواعده الراسية، محذرًا من طُرُق الضَّلال، والبِدعِ المُحدثة التي تقودُ المرء إلى الخسران والتهلُكة.
وحثّ الشيخ الدكتور صلاح البدير على المداومة على ذِكرِ الله تعالى، وحمده، والثناء عليه جلّ وعلا، تكبيرًا، وتسبيحًا، وتهليلًا، وحمدًا كثيرًا على ما أنعم وتفضلّ به على عباده من نعم، أعظمها نعمة توحيد وإفراده بالعبادة، مبينًا أن -الله تعالى- مهّد قواعد الدين بالتوحيد وأسّسه، وجعل البيت الحرام قيامًا للناس، وطهّره من الأرجاس وقدّسه، وصانه من الأوثان والأصنام وحرسه، فما أراده أحدٌ بسوء إلا أذلّه الله، وأرداه وأهلكه.
وهنأ إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بيوم النحر، مذكرًا أن الله جل شأنه بوّأ الله نبيّه وخليله إبراهيم -صلّى الله عليه وسلّم- مكان البيت الحرام، وأمره ببنائه على الملة الحنيفيةِ البيضاء، وتطهيرِهِ من الملة الغاويةِ العوجاء، قال جل في علاه: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”.
وأضاف: أوصى ربنا تبارك وتعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بالتوحيد الخالص الذي هو أصل الأصول ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، داعيًا إلى الثبات على التوحيد حتى الممات، وملازمة أصوله الراسخات، وقواعده الراسيات، واتباع السُّنن، محذرًا من البدع المُهلكات، والعبادة بالمحدثات والمخترعات، أو أن يلوذ المرءُ عند الحاجة إلى الأموات، ويقصدهم عند الرغبات والرهبات، أو رجاء شفاء من رفات، أو التبرّك بالقبور، والاستغاثة أصحابها، وسؤالهم سدَّ الفاقات، وإغاثة اللهفات، وشفاء الأمراض والعاهات، وأن يرفعوا إلى الله وحده الحاجات والرغبات والدعوات، ويحذروا من التشبّه بأهل الدجل والخزعبلات والخرافات، فقال جلّ وعلا “إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”.
وتابع فضيلته الخطبة، داعيًا المسلمين إلى الحذر من إتيان السحرة والكهنة والعرافين، والمُنَجِّمين والمشعوذين الدجالين، أو الذين يدّعون علم المغيبات، ومعرفة ما يستقبل من الأمور الخفيّات، فيضربون بالحَصى، ويَزجُرُون بالطَّيرِ، وينظرون في الفنجال، ويقرأون الكفّ، ويخطون في الأرض تمويهًا وكذبًا ودجلًا، وعدم سؤالهم أو تصديقهم أو الإصغاء إلى أباطيلهم، مستشهدًا بالحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من أتىٰ كاهنًا أو عرّافًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد” أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال الشيخ الدكتور صلاح البدير: أيها المسلمون أن من جلائل نِعمِ الله تعالى أن جعل بلادكم المملكة العربية السعودية حِصنُ الإسلام، ودوحة السلام، بلدًا آمنًا، ووطنًا ساكنًا، وأن من أجلّ مفاخره ومآثره، أن استرعاهُ الله على الحرمين الشريفين، وخصّه بخِدمة ضيوف الرحمن والمشاعر المقدسة حتى أضحى تاجًا لرأس المكارم التي يقصُرُ عن المتباهين نوالها، ويعجزُ المتطاولون مرامها.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي ما كان يلقاهُ الحجاج من عناء ومشقة في أزمنة مضت عند مجيئهم لأداء الفريضة، إذ كان طريق الحج قبل الدولة السعودية طريقًا غير آمنة، أولها مخاوف، وآخرها متآلف، فقيْض الله الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- فأيّد الله به الإسلام، ونشر عدله في الأنام، وضرب بسيفه رقاب الظلمة، وبسط بحكمته الأمن في ربوع المملكة، وأمّن الطرق والمسالك، وصان الحجيج من المخاوف والمهالك، ثم سار أبناؤه البررة من بعده على أثره وإرثه الطيب الصالح، وهاهم حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد سيد الأنام -صلّى الله عليه وسلّم- يتفيؤون في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ظِلال التوحيد والوحدة، والأمن والسلام والإسلام، وينعُمون بمشاريع التنمية والتعمير والتطوير التي ليس لها في سابق الأزمان مثيل ولا نظير في ظلِّ حكم رشيدٍ ظاهر، وأمنٍ وافر، واستقرارٍ باهر، وعدلٍ سائر، وخير زاخر.
وحضّ فضيلته على شُكر الله تعالى على جزيل المِنحِ والمواهب، لتزيد بشكره النعم وتدوم، داعيًا العباد إلى مُلازمة طاعة الله ورسوله، وولاة أمور المسلمين، وأن يحافظوا على الصلوات الخمس المفروضات، ويؤدون الواجبات ويبتعدون عن المناهي المحرمات، ويحذروا من الجماعات المنحرفة، والحزبيات الضيقة، والتنظيمات الإرهابية، وملازمة الوسطية والاعتدال.
وذكر أن الرحمة صفة المحسنين الأبرار، وسمة المتواضعين الأطهار، مبينًا أن ديننا دين الرحمة يدعو العبد ليكون رحيمًا لنفسه ولغيره، ولا يسْتأثر بخيره، وأن يرحم الجاهل بعلمه، والمحتاج بجاهه، والفقير بماله، والكبير باحترامه، والصغير برأفته، والعُصاة بدعوته وأهل البيت بعطفه، والقرابة بلطفه، والزوجة بدنوّه، والوالدين بحنانه، والناس بأدبه وسموّه، فأقربُ الناس من رحمة الله أرحمُهم بخَلْقه.
وأوضح الشيخ صلاح البدير أن الأضاحي من سُنن الإسلام وشعائره العظام، فمن قوِيَ على ثمنها ووجد سعة فالأولى به عدم تركها، ولا يُجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وأفضلها البَدَنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شركٌ في بدنة، ثم شركٌ في بقرة، والشرك في البدنة والشركُ في البقرة والشاة الواحدة يُجزئ كل واحدٍ منها عن الرجل وأهل بيته، ولا تضحوا إلا بالثنايا فأكبر والثنيّ من الإبل: ما أتم خمس سنين، والثنيّ من البقر: ما أتم سنتين، والثنيّ من الماعز: ما أتم سنة ويجزئ الجذَعُ من الضأن وهو ما أتم ستة أشهر وأفضلها أحسنها وأسمنُها وأعظمها وأكملها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا، وجِّهوا مذبحها إلى القبلة، وسمُّوا وكبِّروا، وكُلوا وأهدوا وتصدَّقوا، والأولى أَنْ يذبحها المضحي بِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ لَا يُحْسِنَ، فَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ، وَالأفضل أَنْ يَشْهَدَهَا إِنْ لَمْ يَذْبَحْهَا بِنَفْسِهِ، مضيفًا أن من ضَحَّى قَبْلَ صلاة العيد، فَإِنَّمَا ذَبَحَ بِنَفْسِهِ، ولا أضحية له، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّت أضحيته، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ.
وختم فضيلته خطبة عيد الأضحى، مذكرًا العباد أن هذا يومُ التسامح، ويوم التصافح، والتصالح، فتصافَحوا، وتسامحوا، وتصالحوا وتراحموا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، سائلًا الله تعالى أن يعيد هذه الأيامَ المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافية، وحياةٍ سعيدة.
وقد أديت الصلاة في محافظات ومراكز وقرى المنطقة كافة.

مقالات مشابهة

  • شيخة الجابري تكتب: في متغيرات الإنسان والزمان
  • كريمة أبو العينين تكتب: بكاء الجدران
  • أنشطةٌ متنوّعة ضمن احتفالية متحف عُمان عبر الزمان بمناسبة العيد
  • خيط الجريمة.. سجل المكالمات يكشف 3 عاطلين قتلوا صديقهم لسرقته بالقاهرة
  • إلهام أبو الفتح تكتب: كل عام ومصر بخير
  • الشريف: استجابة رئيس الحكومة الليبية لخدمة الحجاج تستوجب الثناء
  • شاهد| هيونداي فينيو VENUE موديل 2025
  • مكتبة الحجر: كيف تروي محمية الدبابية المصرية قصة مناخ الأرض ومستقبله؟
  • أجمل تهاني المولد النبوي الشريف 2025.. رسائل تهنئة مكتوبة
  • أمير المدينة المنورة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد النبوي الشريف