الخرطوم- تُقدر خسائر أصول منظمة الدعوة الإسلامية في السودان جراء الحرب بحوالي 50 مليون دولار مبدئيا، مما دعا مجلس أمنائها لعقد اجتماع طارئ لبحث الأوضاع في البلاد والتدخل لتخفيف المعاناة، حيث قرر المجلس الدعوة لمؤتمر مانحين وقيادة حملة لتمويل مشاريع متنوعة بقيمة 40 مليون دولار.

وتأسست منظمة الدعوة الإسلامية "مدى" عام 1980 بوصفها منظمة دولية، واتخذت من العاصمة السودانية الخرطوم مقرا رئيسيا، وعرفت بنشاطها الواسع في الأعمال الخيرية ودعم القطاعات الضعيفة في 40 دولة أفريقية، حيث تعمل من خلال 5 مكاتب إقليمية، ولديها 33 بعثة في أفريقيا، لعبت من خلالها أدورا ريادية في معالجة الأزمات الإنسانية، ودفع عجلة التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.

وبعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، تعرّضت المنظمة لمضايقات ومصادرة ممتلكاتها وأصولها، لكن القضاء السوداني أمر لاحقا بإعادتها للعمل، لكن اشتعال الحرب حال دون ذلك، حيث خسرت المنظمة أصولا ومباني بملايين الدولارات.

ورغم ذلك، كان قرار مجلس الأمناء بالعمل لمساعدة السودانيين المتضررين من الحرب، والدعوة لمؤتمر المانحين، مع تقديم دعم مقدر لخدمات الصحة والتعليم ومساعدة النازحين واللاجئين.

وللتعرف على مزيد من هذه المساعي وفهم حال المنظمة في ظل الحرب، التقت الجزيرة نت بالأمين العام للمنظمة الدكتور أحمد محمد آدم، وأجرت معه الحوار التالي:

بعد أكثر من عام ونصف من الحرب والوضع الإنساني بالغ التعقيد في السودان، بدت منظمة الدعوة الإسلامية بعيدة عن المساهمة في المعالجات المرجوة منها، ما الأسباب؟

إن منظمة الدعوة الإسلامية وبالرغم مما أصابها خلال الأعوام الماضية من قرارات جائرة أبطلتها المحكمة القومية العليا، فقد باشرت أنشطتها مجددا في السودان منذ نهاية عام 2022، وبدأت في إعادة ترتيب أوضاعها واسترداد أصولها.

وبعد اندلاع الحرب استمرت المنظمة في تقديم المساعدات الطارئة للنازحين داخل السودان وللاجئين في دول الجوار. فعلى سبيل المثال، قدمت المنظمة سلالا غذائية لعشرات الآلاف من المتضررين في ولايات البحر الأحمر وكسلا والنيل الأبيض والقضارف والنيل الأزرق وغيرها.

كما قدمت دعما كبيرا لوزارة الصحة، تمثل في توفير 90 طنا من الأدوية والمعدات الطبية، بقيمة تجاوزت مليوني دولار، إضافة إلى بعض مواد الإيواء، وتنفيذ برامج رمضان والأضاحي.

ونظرا لاستطالة أمد الحرب واتساع رقعتها وزيادة معاناة المدنيين، فقد عقد مجلس أمناء منظمة الدعوة اجتماعا طارئا في سبتمبر/أيلول الماضي لدعم الأوضاع الإنسانية في السودان، تقرر خلاله إرسال وفد رفيع لبورتسودان، وتشكلت لجان لقيادة حملة تستهدف تمويل مشاريع متنوعة بمبلغ يتجاوز 40 مليون دولار، في مجالات الغذاء والصحة والإيواء والمياه وغيرها، كما تمت الدعوة لقيام مؤتمر مانحين.

في ظل شكوى المنظمات العالمية من إحجام المانحين الدوليين عن الالتفات للأزمة السودانية، ما المتوقع أن يجنيه المؤتمر المرتقب؟

نتوقع أن يسهم المؤتمر واللجنة التي كونها مجلس الأمناء في استقطاب مزيد من الدعم، لتحسين الأوضاع الإنسانية التي تزداد تعقيدا كل يوم بسبب تداعيات الحرب، وتبذل المنظمة جهدها في هذا الأمر، بالرغم من الأزمات المتعددة التي يعيشها العالم خاصة في غزة ولبنان وغيرها من البؤر الساخنة.

كما تسعى المنظمة من خلال المؤتمر المرتقب لحث شركائها والمانحين على دعم الأوضاع الإنسانية في السودان، وسيناقش الاجتماع القادم لمجلس أمناء المنظمة في نهاية ديسمبر/كانون الأول ما يتعلق بترتيباته وموعد الانعقاد.

كان أحد قرارات الاجتماع الطارئ الأخير تبني مجلس الأمناء لمشروع إعمار التعليم في السودان، ما الخطط والأولويات التي وضعت لذلك؟

تؤمن منظمة الدعوة بأن التعليم هو أساس التغيير والنهضة في كل مجتمع، ولقد رأينا آثارا قاسية للحرب، تضرر منها أكثر من 10 ملايين طفل في مراحل التعليم، مما يهدد مستقبل السودان، ولذلك بدأت المنظمة في إعداد مشروع إعادة تأهيل التعليم في البلاد.

ويستهدف المشروع تأهيل المدارس بالصيانة، وتوفير المقاعد والكتب المدرسية، ودعم المختبرات العلمية والحاسوبية، وكذلك تدريب المعلمين، وغير ذلك من الأنشطة التي من شأنها أن تسهم في تحسين مسيرة التعليم وإنقاذ ملايين الطلاب.

وهل ثمة دور مماثل لمواجهة التحديات في قطاعات أخرى كالصحة والبنى التحتية التي دمرتها الحرب؟

قدمت المنظمة دعما مقدرا لدعم الصحة في السودان، وتتواصل جهودها في الخدمات الطبية، وتسعى حاليا لتنظيم حملة كبيرة في معالجة الأمور البيئية منعا لتفشي الأوبئة والأمراض التي ظهرت مؤخرا.

أفرزت الحرب في السودان واقعا صعبا نتج عنه لجوء ملايين السودانيين لدول الجوار، ما دور المنظمة حيال هؤلاء اللاجئين؟

قدمت المنظمة دعما مقدّرا للاجئين السودانيين، تمثل في توفير مواد غذائية وإيوائية وخدمات صحية، استفاد منها أكثر من 20 ألف شخص في معسكرات وتجمعات اللاجئين، في كل من جنوب السودان، وأوغندا، وتشاد، وهنالك خطة لزيادة الدعم ليشمل عددا أكبر.

استعادت منظمة الدعوة الإسلامية مكانها في السودان كدولة مقر قبل نشوب الحرب، وبعد فصل القضاء في الاستئناف المقدم ضد قرارات لجنة التمكين، لكن لاحقا انتقل المقر إلى كمبالا، هل من تفسيرات لهذا الخروج؟

بعد القرارات الجائرة للجنة التمكين في أبريل/نيسان 2020، والتي بموجبها تم إيقاف عمل المنظمة ومصادرة ممتلكاتها، أبدت عدة دول ترحيبها بنقل مقر المنظمة إليها، وبالفعل وقعت المنظمة اتفاقيتي مقر مع جمهورية النيجر وأوغندا، مما منحها امتيازات وحصانات دبلوماسية.

وعادت المنظمة إلى نشاطها بعد صدور قرار المحكمة الذي ألغى كل قرارات لجنة التمكين، وعادت الأمانة العامة للمقر الرئيس في الخرطوم، ولكنها انتقلت لمقرها في كمبالا عقب الحرب، لكن يجب أن نشير هنا إلى أن الاتفاقية مع حكومة السودان لا تزال سارية ونشاطنا مستمرا.

أما بخصوص العودة للمقر في السودان، فالأمر يتعلق بتطورات الأوضاع فيه، مع العلم بأن بعض موظفي الرئاسة يباشرون حاليا مهامهم من العاصمة الإدارية بورتسودان، ومكتب السودان أيضا يباشر أعماله، وقد أبدت الحكومة تعاونا كبيرا مع المنظمة، ورحبت بتدخلاتها وإسهاماتها خلال فترة الحرب.

ما وضع أصول المنظمة التي سبق وصادرتها وزارة المالية في السودان بموجب قرارات لجنة تفكيك التمكين؟ هل تم استردادها؟ وكيف أثرت الحرب عليها؟

عقب قرار المحكمة العليا، تم استرداد المقر الرئيسي ونسبة كبيرة من الأصول الأخرى التي صادرتها لجنة التمكين، ولكن كثيرا منها تعرض للتلف والنهب للأسف.

وكما هو معلوم، فقد تأثرت أصول منظمة الدعوة ومواردها على نحو كبير نتيجة لقرارات لجنة التمكين، ولكن بعد اندلاع الحرب تضررت الأصول الثابتة والمنقولة للمنظمة، وغيرها من المؤسسات والشركات والهيئات الحكومية، وتقدر الخسائر مبدئيا بحوالي 50 مليون دولار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لجنة التمکین ملیون دولار قرارات لجنة المنظمة فی فی السودان

إقرأ أيضاً:

جبران يلتقى مدير عام منظمة العمل ويستعرض جهود مصر لتعزيز الامتثال للمعايير الدولية

التقى وزير العمل محمد جبران، اليوم الإثنين، مع مدير عام منظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو ، وذلك على هامش مشاركته فعاليات الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولي، المنعقد خلال هذه الأيام بجنيف، بحضور ممثلين عن أطراف العمل الثلاثة حول العالم من حكومات وأصحاب اعمال وعمال من 187 دولة.

اتحاد عمال مصر يشارك في 4 لجان رئيسية بمؤتمر العمل الدوليوزير العمل يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العمل الدولي بجنيفمؤتمر العمل الدولي.. المجموعة العربية تنظم يوما للتضامن مع فلسطينوزير العمل يترأس وفد مصر المشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف غداً

وبحسب اللقاء الذي جمع بين جبران وجيلبرت، وحضره مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير علاء حجازي ، ووفد من الوزارة ،وبعثة مصر في جنيف ، تناول النقاش الاستمرار في تعزيز التعاون والتنسيق بين منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، ووزارة العمل، خاصة في المشروعات والبرامج ذات الإهتمام المشترك.

جبران يستعرض جهود مصر لتعزيز الامتثال للمعايير الدولية 

واستعرض الوزير جبران ، مع مدير عام " المنظمة" ، جهود مصر لتعزيز الامتثال للمعايير الدولية والتعاون المستمر ،خاصة في مجالات تعزيز الحوار الاجتماعي، والعمل اللائق، والأفضل، وتمكين الشباب، مشيدا بإطلاق المنظمة " التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية" ، وانضمام مصر إليه في ديسمبر الماضي،كما انضمت إلى اتفاقية العمل البحري ،ليصل عدد الاتفاقيات التي صادقت مصر عليها حتى الآن 65 اتفاقية ،وتدرس حاليا الانضمام إلى الاتفاقيتين الأساسيين للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل رقمي 155،و187 ..كما أشاد الوزير  بالتعاون المثمر بين الوزارة ، ومكتب المنظمة بالقاهرة..كما تحدث الوزير  عن مجموعة من الإجراءات التي قامت بها الدولة المصرية ، والتي من شأنها الإمتثال لمعايير العمل الدولية منها: تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية على قانون العمل، بعد موافقة البرلمان عليه، والذي صدر بعد مناقشات ،وحوار اجتماعي بين كافة الأطراف المعنية ،كذلك تشكيل المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي في مجال العمل، بشكل متوازن.

كما تطرق  إلى الاستراتيجيتين الوطنيتين للتشغيل والسلامة والصحة المهنية ،والتعاون بين الوزارة والمنظمة لسرعة إطلاقهما.. وأشار إلى الاستعدادات الجارية بشأن إجراء حوار اجتماعي لقانون يحمي حقوق العمالة المنزلية..وأعلن الوزير عن تطلعه إلى المزيد من التعاون من أجل تعزيز ما تم إنجازه ،والدعم الفني لكافة البرامج الجديدة والمستقبلية ...من جانبه أشاد مدير عام منظمة العمل الدولية بالتقدم الذي تحققه الدولة المصرية في مجالات العمل ،خاصة في نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية ، والإنضمام إلى التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية ، مؤكدا حرص" المنظمة "على تعزيز العلاقات ،ومواصلة التعاون.

طباعة شارك وزير العمل مؤتمر العمل الدولي محمد جبران

مقالات مشابهة

  • المشاط تبحث تعزيز التعاون بين مصر ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في باريس
  • الشريعة الإسلامية في السودان.. من الشعار إلى التطبيق
  • كانت متجهة إلى الفاشر.. 5 قتلى في هجوم على قافلة إنسانية بالسودان
  • منظمة التحرير تطالب “حماس” بتسليم قطاع غزة
  • «الصحة العالمية»: الطعام غير الآمن مسؤول عن ملايين الإصابات
  • منظمة العفو الدولية: إسرائيل استهدفت المتضورين جوعا في غزة
  • الأمين العام للشئون الإسلامية يُهدي كلية الشريعة والقانون مجموعة من الإصدارات المترجمة
  • الأمين العام الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة يزور المتحف المصري الكبير
  • خالد عيش: مستمرون في دعم الفلسطينيين حتى إقامة دولتهم
  • جبران يلتقى مدير عام منظمة العمل ويستعرض جهود مصر لتعزيز الامتثال للمعايير الدولية