كرة القدم والدور الوطني في إنهاء الحروب وإحلال السلام.. الدروس والعبر..
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
مولانا/ نصر الدين مفرح
كرة القدم والدور الوطني في إنهاء الحروب وإحلال السلام، الدروس والعبر.
الرياضة ليست لعباً، وإنما هي رسالة دبلوماسية وتربية ومنهج وقيم وأخلاق، بل تهذيب للنفوس قبل حصد الكؤوس لذلك جاء المثل [خلي أخلاقك رياضية] الحكمة منه ضبط النفس وعدم التعصب حتى في حالة الهزيمة.
ما بين العام 2002_ 2007 قامت حرب أهلية طاحنة في ساحل العاج بين الحكومة والمعارضة المسلحة، إذ كانت بين جنوب البلاد الذي يسيطر عليه جيش الحكومة، والشمال الذي يسيطر عليه الجيش المعارضة، والذين يشعرون بالتهميش والتمييز والعنصرية وهضم الحقوق، فكانت واحدة من أشرس الحروب الأهلية في القارة الأفريقية، فقدت فيها أرواح مدنية وعسكرية بالمئات.
وفي العام 2006 كانت تصفيات الأمم الأفريقية المؤهلة لكأس العالم بألمانيا، وكانت ساحل العاج تلعب إلى جانب الكامرون ومصر والسودان والمنتخب العاجي بقيادة الأسطورة الأفريقية والقاطرة البشرية ديدي دروغبا، الذي حمل أحلام العاجيين في الصعود إلى كأس العالم، وكان يحتاج إلى الفوز علي السودان بالخرطوم، مع تعطيل مصر للكامرون إما بالفوز عليها أو التعادل، وقد كان، فتعادلت مصر والكاميرون 1/1، وفازت ساحل العاج علي السودان 1/3، وصعدت ساحل العاج إلى كأس العالم، وعمت الفرحة العاجيين الحكومة ومن والاها من المواطنين والمعارضة ومن والاهم من المواطنين، فوحد رفاق دروغبا مشاعر الشعب العاجي والحكومة والمعارضة، فأرسل دروغبا رسالة إلى الحكومة والمعارضة من أمدرمان بكلمات وطنية خارجة من قلبه بأن نحن بكرة قدم وحدنا شعبنا، فأرجو من السياسيين حكومة ومعارضة أن تعلنوا وقف إطلاق النار، وتبدأون بمفاوضات لأجل إيقاف الحرب وإحلال السلام في البلاد والتحول الديمقراطي وإقامة الانتخابات، فتداول كل الناس لا سيما الإعلاميون الوطنيون والناشطون علي مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بالبلاد هذه الكلمات الوطنية، وأصبحت وسوم وتريند لوقف الحرب، وكان حينها توج دروغبا بجائزة أفضل لاعب بأفريقيا، وذهب إلى مدينة بواكي عاصمة المعارضة، وأهدى الفوز والجائزة للشعب والحكومة والمعارضة من تلك المدينة، واحتفل من هناك، مستخدماً ذلك في توصيل رسالة المحبة والسلام لكل الشعب، ومن ثم أعلنت المعارضة والحكومة وقف إطلاق النار، ودخلوا في تفاوض، ووقع الاتفاق الأمني والسياسي الذي أنهى الصراع الذي استمر خمس سنوات، والذي كان خطاب الكراهية هو الرافع الأساسي له، ولعب دوراً كبيرا في تأجيج الصراع، وكان ذلك أساسا للتحول الديمقراطي الذي تنعم به ساحل العاج حتى اليوم، وهي تخطو بثبات في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحلول السلمية للحروب، في واحدة من أعظم الدروس والعبر التي يجب أن يتعلم منها نخبنا السياسية في قارتنا الأفريقية ودولنا العربية وخاصة [السودان] النخب التي أدمنت الفشل والتشبث بالمناصب علي حساب أجيال هضمت حقوقها، فتعطلت التنمية والتقدم، رغم الثروات والموارد التي تميزنا عن غيرنا.
فهل يفعلها رفاق الحبيب كابتن محمد عبد الرحمن في استعادة الحس الوطني واستشعار المسؤولية في أن المنتخب للجميع للقوات المسلحة، ومن يقف معهم في هذه الحرب والدعم السريع ومن يقف معهم، والأغلبية الصامتة التي تريد إنهاء الحرب وإحلال السلام والتحول الديمقراطي، كل مشاعرهم هذه الفترة والمنتخب والهلال يقدمان دروساً في القتال، وحمل اسم السودان عالياً، رغم الجراحات والآلام التي نعانيها كشعب قادة القارة الأفريقية لعقود تحرراً وعلم واقتصاد ووعي.
أرجو أن تتوحد مشاعر المتحاربين وانفعالاتهم وأحاسيسهم ومسؤولياتهم، وإعلامهم كما توحدت مشاعرنا في فوز الأمس لأجل إيقاف الحرب وإحلال السلام.
رحم الله الموتى جميعهم
وشفى الله الجرحى
والعودة الآملة للمفقودين
أوقفوها هداكم الله..
السودانيون يستحقون السلام
لا للكراهية نعم للمحبة والتسامح.
الوسومنصر الدين مفرحالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: نصر الدين مفرح الحکومة والمعارضة وإحلال السلام ساحل العاج
إقرأ أيضاً:
هدنة مؤقتة خدعة دائمة: لا بديل عن إنهاء الحرب
انقلبت الأمور رأسا على عقب لتعكس توازنا جديدا في غزة طالما أصرت حكومة نتنياهو المتطرفة على إنكاره. وبين يومي الجمعة 25 والأحد 27 من الشهر الجاري انتقلت السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة من النقيض إلى النقيض، من إعلان خطة لشن هجوم شامل على دير البلح، إلى وقف الهجوم وتحويل دير البلح إلى واحدة من مناطق ثلاث يتوقف فيها إطلاق النار يوميا لمدة عشر ساعات.
ومن سحب الوفد الإسرائيلي من المفاوضات في الدوحة، إلى إعلان أن المشاورات بين أطراف المفاوضات مستمرة ولم تتوقف، بما في ذلك الاتصالات بين المفاوض الأمريكي والمسؤولين القطريين، والاتصالات مع القاهرة بشأن فتح معبر كرم أبو سالم لمرور المساعدات الإنسانية.
هذا الانقلاب التكتيكي في الموقف الإسرائيلي من طرف واحد خارج نطاق المفاوضات، مع أنه يسمح بمرور مساعدات إنسانية تحت إشراف الجيش الإسرائيلي إلى مناطق محددة في قطاع غزة، تتمتع دون غيرها بهدنة إنسانية لمدة 10 ساعات يوميا، فإنه يسهم في خلق وضع قد يتعايش فيه العالم مع بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة، ويسمح لإسرائيل بامتصاص غضب أهالي المحتجزين، والغضب الدولي، بادعاء أنها تقدم لحماس تنازلات مجانية من دون مقابل، وأن حماس هي التي ترفض تسليم المحتجزين.
كنت قد تناولت في الأسبوع الماضي معضلة مفاوضات الدوحة، وقلت إنها دخلت في طريق مسدود، لأنها تحاول النجاح بواسطة صفقة جزئية بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما يتم فيها تبادل الأسرى والمحتجزين على الجانبين. وتوقفت المفاوضات في الأسبوع الماضي.
ودعا الرئيس الأمريكي صراحة إلى «قتل حماس». وأعلنت حكومة تل أبيب النازية أنها تتشاور مع البيت الأبيض بشأن بدائل أخرى لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين.
وكنت قد أشرت في مقالات سابقة، بما فيها مقال الأسبوع الماضي إلى أن نتنياهو يحلم باستعادة الأسرى بعملية عسكرية خاطفة، وأنه أصدر أوامره إلى جيش الاحتلال بشن عملية عسكرية شاملة في دير البلح، التي يُعتقد أن حماس وفصائل المقاومة أقامت فيها مواقع احتجاز الرهائن الإسرائيليين. الآن، وبعد الانقلاب التكتيكي، صرفت إسرائيل النظر عن عملية دير البلح (من دون تصريح)، وأعلنت هدنة إنسانية جزئية مؤقتة، قد تستمر أسابيع أو أشهر، وفتحت معبر كرم أبو سالم لعبور المساعدات الإنسانية من مصر تحت سيطرة جيش الاحتلال، وسمحت لمنظمات الأمم المتحدة باستقبال وإدارة قوافل الإغاثة الإنسانية.
وفي الوقت نفسه تراجع ترامب عن تصريحاته السابقة، داعيا الى وقف الحرب في صفقة شاملة تضمن استعادة المحتجزين. في هذا السياق يصبح من الضروري إعادة زيارة مسرح العمليات لتحديد ملامح الموقف العملياتي التكتيكي وعلاقته باستراتيجية الحرب لدى كل من الطرفين.
وكنت قد استشهدت في الأسبوع الماضي بوجهتي نظر تتعلقان بتقييم الوضع على مسرح العمليات، واحدة يتبناها السفير دينيس روس مسؤول ملف الشرق الأوسط في البيت الأبيض لفترة طويلة، تقول بعدم جدوى المفاوضات ذات الأهداف الجزئية التي تقل عن هدف إنهاء الحرب.
والثانية يتبناها أحد أهم أساتذة العلوم السياسية في إسرائيل هو البروفيسور عازار غات، تتعلق باستراتيجية الحرب الإسرائيلية يقرر فيها أن ما لم تحققه الحرب في أكثر من عام ونصف العام، ربما لا يمكن تحقيقه على الإطلاق. وجهة نظر دينيس روس تفيد بفساد المفاوضات ما لم يكن الهدف منها هو إنهاء الحرب. بينما وجهة نظر عازار غات تفيد بفساد أهداف الحرب التي يشنها نتنياهو على غزة، وتدعو إلى إعادة تحديدها.
وقف إطلاق نار من طرف واحد
نص إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي على أن وقف إطلاق النار لمدة 10 ساعات يوميا يشمل ثلاث مناطق هي، المواصي الساحلية في وسط جنوب غزة، ودير البلح في الوسط، ومدينة غزة في الشمال. وتشكل هذه المناطق مجتمعة ما يعادل 25 في المئة تقريبا من مساحة قطاع غزة، ويقيم فيها حاليا معظم السكان المدنيين.
وعندما سألت صحيفة «جيروسالم بوست» المتحدث باسم الجيش عن مدة وقف إطلاق النار، رد بالقول: «حتى إشعار آخر»، ما يعني أن هذه الترتيبات قد تستمر لأسابيع أو حتى أشهر. وقد يكون هذا الإجراء بداية لتطبيق خطة تقسيم قطاع غزة إلى أربع مناطق، الأولى تحت الاحتلال تماما تتخلل قطاع غزة بأكمله، طولا وعرضا، بمساحة تعادل 75 في المئة من أرض القطاع (حوالي 270 كم مربع)، وثلاث مناطق فلسطينية منفصلة عن بعضها بمساحة كلية في حدود 70 كم مربع على النحو التالي: (1) مدينة غزة، وتكون محاطة بمحورين عسكريين، محور في الشمال يفصلها عن شمال قطاع غزة وإسرائيل، ومحور آخر إلى الجنوب يفصلها عن وسط القطاع. (2) منطقة دير البلح في الوسط، يفصلها محور عسكري عن جنوب القطاع. (3) منطقة المواصي الساحلية في غرب جنوب القطاع، يفصلها محور فيلادلفيا عن الحدود المصرية.
كما تتضمن الخطة عزل مناطق غرب قطاع غزة عن الشرق باتجاه مستوطنات «غلاف غزة» بمحور رأسي يمتد من الشمال إلى الجنوب، بعمق يتراوح بين كيلومترين في الشمال (شرق مدينة غزة) إلى ثلاثة كيلومترات في الجنوب. وبمقتضى الترتيبات المعلنة للخطة الإسرائيلية الجديدة، فإن الهدف الأكبر «تكتيكيا» أصبح إبقاء سيطرة الجيش على ثلاثة أرباع قطاع غزة، مع امتصاص الضغوط الدولية لتحرير تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بفتح معبر كرم أبوسالم، تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي تماما، لمرور المساعدات التي يقرر الجيش إدخالها بعد الفحص، ومنع ما لم يتم التصريح به من الدخول، وهو ما يتيح لإسرائيل التحكم في عدد قوافل الإغاثة ونوعية المواد التي تحملها.
وتتضمن التعديلات كذلك التراجع عن مصادرة دور الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، والسماح لها بتوزيع شحنات المساعدات على الفلسطينيين داخل المعازل الثلاثة المنفصلة. هذه الترتيبات الجديدة لا تمنع المتطرفين الإسرائيليين وعصابات البلطجية التي أنشأها جهاز الشاباك من العمل على استهداف قوافل الإغاثة ونهبها في الطريق وتعريض حياة القائمين عليها من سائقين وإداريين للخطر، بل إن وحدات من الجيش الإسرائيلي نفسه قد تسهم في ضرب القوافل وتسهيل نهبها.
إن ما ينطوي عليه الانقلاب التكتيكي في موقف إسرائيل من الحرب في غزة، هو القفز على المفاوضات، ومحاولة إقامة حقائق جديدة على الأرض، كان المفاوض الفلسطيني قد رفضها مثل خطوط المناطق العازلة، وخطوط انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الحقائق الجديدة على الأرض، التي تقيمها إسرائيل من طرف واحد يمكن أن تتراجع عنها من طرف واحد أيضا، لأنها تتم من دون التزام. ومن ثم فإن الترحيب بالترتيبات ذات الطابع الإنساني في قطاع غزة، التي تتم في إطار هذا الانقلاب التكتيكي، يجب أن يترافق مع التأكيد على ضرورة تأمين قوافل الإغاثة، وخطورة استمرار الاحتلال، وضرورة استمرار مفاوضات إنهاء الحرب، ووضع جدول زمني وخريطة جغرافية لإنهاء الاحتلال تماما.
وهنا فإننا نعيد التأكيد على أن الترتيبات كافة المتفق عليها، يجب النص عليها بدقة، ضمن اتفاق تفاوضي شامل، من خلال خطوتين متلازمتين، الأولى هي إصدار إعلان سياسي بإنهاء الحرب تماما وإقامة علاقات للتعايش على أسس المساواة وعدم التهديد بالحرب. والثانية هي وضع آليات وخرائط جغرافية وزمنية لانسحاب قوات الاحتلال وإنهاء الحرب، وتبادل جميع الأسرى والمحتجزين دفعة واحدة.
ومن الضروري أن ينص الإعلان السياسي على وجود ضمانات دولية بعدم الاعتداء، وحماية الفلسطينيين. ومن المهم تحويل الإعلان السياسي إلى قانون يوافق عليه الكنيست الإسرائيلي، غير قابل للإلغاء أو التعديل من طرف واحد لفترة زمنية تصل إلى 25 عاما، ما يضمن استقرار الوضع في غزة بصرف النظر عن التغييرات الحكومية في إسرائيل، ويحقق تحييد النفوذ السياسي للقوى الصهيونية الدينية المتطرفة.
من يوقع الإعلان عن الجانب الفلسطيني؟
حتى الآن لا تمثل السلطة الفلسطينية شريكا في مفاوضات الدوحة بشأن إنهاء الحرب في غزة. وليس من المنطقي أن توقع حماس وفصائل المقاومة في غزة إعلانا بإنهاء الحرب من دون أن تكون شريكا في مرحلة صنع السلام وإعادة البناء.
وهنا تبدو المعضلة التي تواجهها السلطة الفلسطينية في رام الله، التي تدعو قيادتها إلى تجريد حماس من السلاح، وحرمانها من أي دور في غزة في اليوم التالي لإنهاء الحرب. ومن ثم فإن مسألة وحدة البيت الفلسطيني تعود إلى الواجهة مرة أخرى، بحثا عن صيغة عملية سياسيا قابلة للتنفيذ، وليس صيغة مبنية على أساس أيديولوجي، محملة بروح الانتقام وتصفية الحسابات.
القدس العربي