الشارقة: «الخليج»

افتتح صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح أمس الخميس، مؤتمر الشارقة الدولي للذكاء الاصطناعي واللغويات (SICAL 2024)، الذي يقام بتنظيم من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وتستضيفه في مقرها.

وكان في استقبال سموّه، فور وصوله الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة، وأحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة في جمهورية مصر العربية، والدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، وعبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة، ومحمد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد من المسؤولين وممثلي السلك الدبلوماسي.

الصورة

حدث عظيم

ألقى صاحب السموّ حاكم الشارقة كلمة وصف فيها المؤتمر بأنه حدث عظيم ينتظره الجميع منذ زمن بعيد، متناولاً التقاء جهود البحث العلمي اللغوي بجهود البحث الحاسوبي والتكنولوجي، بحضور المهتمين بالشأن اللغوي من أصحاب القرار لتدارس الموضوعات التي رآها سموّه، أحد أهم موضوعات العصر الراهن.

وتناول التحديات والتطورات التي تطرأ على مجال الذكاء الاصطناعي، قائلاً «إن عالم الذكاء الاصطناعي اليوم عالم كبير مفتوح على كل الاحتمالات، وتواجهنا فيه كثير من التحديات في كل يوم، بل في كل ساعة نشهد تطوراً علمياً جديداً في العالم، بفضل الأبحاث الإبداعية الكبيرة في ميدان الذكاء الاصطناعي، فتوحات علمية واكتشافات كبيرة قربت البعيد، وسهلت العسير، وجعلتنا اليوم نستفيد من كل المخترعات الحديثة في جميع أنحاء المعمورة. والانفجار المعلوماتي الحاسوبي ليس في الجانب المادي فقط، وإنما علاقة هذا الذكاء الاصطناعي باللغات العالمية شيءٌ عظيم، وكلما ازداد العلم تطوراً ازدادت فرص التواصل والانتفاع والنهضة والازدهار عند المجتمعات والشعوب».

الصورة

قلوب مفتوحة

أشار سموّه إلى الخطوات التي أجرتها الشارقة في دعم الذكاء الاصطناعي وتفعيله في خدمة اللغة، قائلاً «فتحنا صدورنا وقلوبنا ومؤسساتنا لكم جميعاً في شارقة العلم والثقافة، لتنظروا في شأن العلاقات التي تربط بين الذكاء الاصطناعي واللغات جميعاً، ولأن قطار المعرفة والحاسوبيات قد انطلق، فإننا قررنا أن نكون أول الراكبين في هذا القطار، ونمدّ أيدينا إليكم ونساعدكم بقدر ما نستطيع لتسهيل البحث الحاسوبي باللغة العربية».

وتحدث عن المعجم التاريخي للغة العربية وأبرز الجهود والتحديات التي تمت خلال السنوات الماضية حتى اكتماله، قائلاً «الحمد لله، لقد وفقنا في الشارقة، ووفق فريق الباحثين من جميع المجامع اللغوية في شتى البلاد العربية، وانتهينا قبل أيام معدودات من المعجم التاريخيّ للغة العربية الذي بلغت أجزاؤه 127 مجلداً، وهذا فتح عظيم في ميدان الصناعة المعجمية، كلفنا كثيراً من الجهد والوقت والمال، ولكن قلنا ونقول: كل شيءٍ في سبيل العربية يسهل ويهون. وها نحن ندخل ميدان تطوير العمل المعجمي عبر الذكاء الاصطناعي، ونضع جميع المعجم التاريخي الذي أنجزناه في خدمة الدراسات الحاسوبية ليعمّ النفع وتنتشر المعرفة ويسود الأمن والأمان في جميع أقطار الكرة الأرضية».

الصورة

المستقبل الحاسوبي

واختتم سموّه كلمته قائلاً «أوصي أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات الباحثين في كل الجامعات وفي مجمع اللغة العربية بالشارقة وغيرها، بأن يجتهدوا في التوفيق بين الدراسات اللغوية والدراسات الحاسوبية، لأنني مؤمن بأن المستقبل للعلم الحاسوبي، وأُريدهم أيضاً أن يجتهدوا لعرض كل ما هو نافع ومفيد على مواقع الشبكة العالمية، لأن العلم يجب أن يكون موجهاً بمعايير الأخلاق ومبادئ السلام والقيم الوطنية وثوابت أمتنا ومقومات ثقافتنا وعاداتنا الأصيلة».

الصورة

إثراء التنوع الثقافي

وكان حفل افتتاح المؤتمر قد استهل بالسلام الوطني لدولة الإمارات، ألقت عقبه الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي كلمة رحبت في مستهلها بالحضور، مشيرة إلى أن التجمع اليوم في إمارة الشارقة يأتي بفضل رؤية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وجهوده الكبيرة كي تكون الشارقة مركزاً عالمياً رائداً في الحفاظ على اللغة العربية وتطويرها، وتعزيز مكانتها في إثراء التنوع الثقافي العالمي.

تأثير عميق

وتطرقت إلى أبرز موضوعات المؤتمر وتأثيره والتحديات الناتجة عنه قائلةً «نحن هنا اليوم لمناقشة موضوع بالغ الأهمية، ليس لحاضرنا فقط، بل لمستقبل أجيالنا القادمة، أيضاً. الذكاء الاصطناعي واستخداماته وتأثيره عميق في اللغة والهُوية الثقافية، إن هذه التقنية التي تتطور بوتيرة متسارعة تفتح أمامنا آفاقاً وفرصاً لا محدودة، لكنها في المقابل تحمل معها تحديات تتطلب منا مواجهتها بعقلانية واستباقية. ومع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تزداد مسؤوليتنا في ضمان أن تسهم هذه الابتكارات في تعزيز هُويتنا اللغوية والثقافية، وتتحول إلى أداة فعالة لحمايتها من تيارات العولمة الرقمية. علينا أن نحرص على أن تكون هذه التكنولوجيا في خدمة لغتنا وتراثنا، لا أن تصبح سبباً في اندثار هُويتنا أو فقدان خصوصيتنا الثقافية».

وقالت الشيخة بدور«إن مسؤولية الحفاظ على الهُوية اللغوية للمجتمعات، في سياق التطور السريع لبرامج الذكاء الاصطناعي، لا تقع على عاتق الأكاديميين وحدهم، ولا على المؤسسات الحكومية أو المتخصصين في التكنولوجيا فقط، بل هي مسؤولية جماعية يتحملها كل فرد من أفراد المجتمع».

علامة فارقة

ووجهت رئيسة الجامعة الأمريكية التهنئة والشكر لصاحب السموّ حاكم الشارقة، على الإنجاز المحقق في إصدار المعجم التاريخي للغة العربية، مشيرةً إلى أنه علامة فارقة في مسيرة الحفاظ على لغتنا العريقة. وهذا العمل الضخم لا يسهم في توثيق اللغة العربية فقط، بل يؤكد أهميتها جسراً يصل بين حضارتِنا وتراثنا ومستقبلنا.

وأضافت «أودّ الإشارة إلى جهودنا في الجامعة الأمريكية لتعزيز دور اللغة العربية ودمجها في العالم الرقمي، فقد أطلقنا مركز الدراسات العربية والحضارات الإسلامية الذي نسعى عبره إِلى تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي في الدراسات العربية ومفرداتها، وتعزيز الأبحاث في الذكاء اللغوي؛ هذه المبادرات وغيرها تؤكد التزامنا الجماعي في إمارة الشارقة بالحفاظ على لغتنا وهُويتنا، وتعزيز قدرتها على التكيف مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات المتقدمة في المستقبل».

حلول وأفكار

واختتمت الشيخة بدور قائلةً «نأمل بأن يسهم هذا المؤتمر في إيجاد حلول وأفكار عملية لتحقيق اندماجٍ عادلٍ ومتوازنٍ لجميع اللغات والثقافات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتجنّب أي انحياز أو تهميش لأي لغة أو ثقافة، نسعى إلى مستقبل يخدم الجميع، ونتطلع إلى أن تكون نقاشات هذا المؤتمر خطوة مهمة نحو توجيه الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسانية وضمان مستقبل أكثر عدالة وتوازنا للجميع».

وشاهد بعدها صاحب السموّ حاكم الشارقة والحضور، مادة فلمية تناولت أبرز موضوعات المؤتمر والجلسات الحوارية، وما ستناقشه لتسخير الذكاء الاصطناعي وممارسته في تعزيز عمليات البحث وتوثيق لغات العالم.

شركة «غوغل»

وقدم عماد زيتوني، مدير قسم الهندسة في شركة «غوغل»، عرضاً مرئياً تحدّث فيه عن تأثير العلوم العربية في أنظمة غوغل «جيميناي Gemini» المساعد المستند إلى الذكاء الاصطناعي من غوغل، مضيئاً على ضرورة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تدمج المساهمات الثقافية المتنوعة.

وأوضح أهم ميزات الأداة باللغة العربية، مشيرًا إلى أن «جيميناي» تعتمد على النماذج اللغوية الكبيرة، التي صممت خصيصاً لتلبية احتياجات المتحدثين بالعربية بمختلف لهجاتهم، مؤكداً أن هذه النماذج قادرة على التفاعل مع المستخدمين بطريقة أكثر طبيعية وفهم السياقات المختلفة، ما يسهم في تحسين تجربة التواصل الرقمي باللغة العربية.

وكشفت شركة غوغل عن أداة «جيميناي Gemini» لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي عام 2023، وتمثل طفرة في معالجة اللغة الطبيعية، خصوصاً ما يتعلق بدعم مختلف اللهجات العربية وتوفير تجربة استخدام مرنة لمتحدثي اللغة العربية، تتيح «جيميناي» للمستخدمين التفاعل بالعربية الفصحى، وقدرتها على فهم الطلبات المكتوبة بلغات أخرى ولهجات عربية أخرى وتحتوي على التناوب اللغوي، ما يضمن استجابة دقيقة للمستخدمين، بغضّ النظر عن مستوى إتقانهم اللغوي. وتعد خطوة مهمة نحو تعزيز حضور الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، إذ تسهم في تسهيل استخدام التقنيات الحديثة وفهم أعمق لاحتياجات المستخدمين من الناحية اللغوية.

«بارجيل للفنون»

وتحت عنوان «استراتيجية الحكومة للذكاء اللغوي والثقافة» تضمن المؤتمر جلسة استضيف خلالها أحمد فؤاد هنّو، وزير الثقافة المصري، والدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق في مصر، وأدارها الشيخ سلطان سعود القاسمي، عضو مجلس أُمناء الجامعة الأمريكية في الشارقة، مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، وتناولت دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز تعليم اللغات وتطوير التعددية اللغوية، مع التركيز على دعم اللغات المحلية وحماية الهوية الثقافية.

وأضاءت الجلسة على التحديات ودور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعددية اللغوية والحفاظ على التراث الثقافي الخاص بالعالم العربي، إذ يمثل قفزة تكنولوجية كبرى مهيأة لإعادة تشكيل جوانب مختلفة من حياتنا اليومية، من كيفية إنتاج المعرفة إلى الحياة العملية اليومية.

وتطرقت الجلسة إلى فعالية أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد بشكل كبير على جودة وتنوع المعلومات التي تستمد منها، والتي يتم الحصول على الكثير منها من الشبكة العنكبوتية، ووفقاً لإحصاءات مواقع الشبكة العنكبوتية العالمية، يمثل المحتوى العربي 5% فقط من إجمالي المواد الموجودة على الشبكة، وبعضها معلومات غير موثقة بالكامل، ويثير هذا التفاوت مخاوف كبيرة بشأن دقة المعلومات التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي، ما قد يؤثر في فعاليته، وقد تكون له نتائج غير متوقعة على اللغة وإنتاج المعرفة.

كما استعرض الضيفان، خلال الجلسة، السياسات المبتكرة التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتجاوز الحواجز اللغوية، وتعزيز التفاهم بين الثقافات، ودعم التواصل المجتمعي في العالم الرقمي. وتطرقا إلى كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على التراث اللغوي والثقافي.

وتلت الجلسة كلمة ألقاها لورينزو فانارا، سفير جمهورية إيطاليا لدى الإمارات، حيث شارك رؤى قيّمة عن تأثير اللغة العربية في اللغات والثقافات في جزيرة صقلية الإيطالية، مؤكداً وجود عدد كبير من الكلمات ذات الجذور العربية في اللغة الإيطالية، ويعود كثير منها إلى مرحلة الحكم الإسلامي في صقلية، وقال «إن الكلمات الإيطالية ذات الأصل العربي تشهد في مجملها تقريباً على تطور الصناعة والثقافة العلمية للعرب».

وعلى هامش المؤتمر تجول صاحب السموّ حاكم الشارقة في المعرض المصاحب الذي يضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة التي تدعم الذكاء الاصطناعي والتطور الحاسوبي، مطلعاً على أبرز خطوات الجهات في دعم اللغات وترسيخها وتطويرها. وتوقف عند جناح مركز اللغة العربية والحضارات الإسلامية التابع للجامعة الأمريكية في الشارقة، متعرفاً إلى أبرز الأنشطة والفعاليات والكتب المنشورة في المركز، ملتقياً سموّه العاملين في المركز والمختصين. كما عرج سموّه على جناح مجمع الشارقة للغة العربية مستمعاً لأبرز ما يقدمه المجمع لزوار المؤتمر.

تحسين الترجمة الآلية

وشهد اليوم الأول للمؤتمر جلسات تناولت أحدث الابتكارات في الذكاء الاصطناعي وكيفية تأثيرها في المجتمعات المتعددة اللغات، والتحديات التي تواجه تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي القادرة على التعامل مع تنوع اللغات، والفرص التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الترجمة الآلية وتيسير التواصل بين الأفراد وأهمية التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والتكنولوجية لتعزيز تطورات الذكاء الاصطناعي والتطورات في الذكاء الاصطناعي وأدوات التواصل.

وتنظم الجامعة الأمريكية في الشارقة المؤتمر على مدار يومين، بالتعاون مع مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة تقنیات الذکاء الاصطناعی الأمریکیة فی الشارقة الذکاء الاصطناعی فی الجامعة الأمریکیة المعجم التاریخی اللغة العربیة حاکم الشارقة للغة العربیة الشیخة بدور صاحب السمو فی العالم فی تعزیز إلى أن

إقرأ أيضاً:

فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة

تذهب السينما بعيدا فـي إدماجها ما بين القصص الواقعية وما بين التطور الرقمي الهائل والانتقال إلى زمن الذكاء الاصطناعي وحيث تتحول الحياة من شكلها المألوف إلى نسقية مبتكرة ومختلفة تغلب عليها الأدوات الفاعلة الخارجية التي هي من صنع البشر لكنها تمتلك فـي كثير من الأحيان ما هو فوق طاقة البشر، وصولا إلى التمرد على سلطة البشر.

هذه المقاربة تتعلق بزمن الذكاء الاصطناعي فـي أجواء مدن وفضاءات مستقبلية خاضعة للمراقبة وتقنية التعرف على الوجوه على مدار الساعة وتمعن فـيها طاقة الخيال إلى أقصى مداها فما كان متخيلا قبل عقود يصبح حقيقة يوما بعد يوم، ولهذا يجد الجمهور فـي هذا العالم البديل الافتراضي القائم على تسيد الذكاء الاصطناعي ما يبعث على الدهشة والإعجاب وخاصة عندما يتم إدماج ما هو واقعي ويومي وما هو خيالي والأهم من ذلك أن يكون هنالك أشخاص ذوي قدرات خارقة يعيشون فـي زمن الذكاء الاصطناعي وبحسب مقدمة الفـيلم فإنهم يشكلون نسبة 4 بالمائة من السكان ولكن جلّهم يعيشون فـي فقر مدقع رغم قدراتهم الخارقة.

وكنا قد شاهدنا الجزء الأول من هذا الفـيلم للمخرج جيف تشان وحيث إن القصة الواقعية تدور حول شخصية الشاب كونور - يقوم بالدور الممثل روبي أميل، وهو يتمتع بقدرات استثنائية وطاقة كهرومغناطيسية كامنة فـي جسده، وهو يكسب عيشه من العمل اليدوي ويحاول إعالة والدته المريضة بمرض السرطان. يجنده رجل العصابات جاريت – يقوم بالدور الممثل ستيفن أميل وهو أيضا ذا قدرة استثنائية، ليقوم بسلسلة من السرقات وعمليات السطو، مما يوفر له المال اللازم لدفع تكاليف علاج والدته، وخلال ذلك يحاول جاريت مساعدة كونور على توظيف قدراته الخاصة، ويشجعه على أن يصبح أكثر عدوانية فـي عالم مصمم على القوة والبطش، لكن شراكة الثنائي ما تلبث أن تنفرط ويضطر كونور إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن مستقبله مع تدهور حالة والدته ثم تضحية جاريت به وإلقائه فـي السجن.

أما إذا انتقلنا إلى الجزء الثاني فإن الدراما الفـيلمية وبناء السرد الفـيلمي يقوم على بنية تعبيرية اكثر عمقا وخاصة مع صعود العالم الرقمي والذكاء الاصطناعي ممثلا فـي قوة إنفاذ القانون، فبعد خمس سنوات من أحداث الجزء الأول، وبعد قيام إدارة شرطة مدينة لنكولن الأمريكية بإصلاح برنامجها التقني العسكري، واستبدلت غالبية روبوتاتها البشرية المسلحة بروبوتات مرافقة غير قاتلة من فصيلة الكلاب الروبوتية المدربة بقيادة الرقيب كينغستون – يقوم بالدور الممثل اليكس مالاري ها نحن مع صورة التحالف المشوّه والشرير بين عصابة المخدرات التي يقودها جاريت وبين رئيس الشرطة مع توظيف إمكانات الشرطة لتعقب من يريدون تصفـيته وتتحول الكلاب الروبوتية غير المسلحة والمسالمة فـي الظاهر إلى أداة شديدة الفتك بالبشر، حيث تكون محمّلة بجرعات عالية من المخدرات تحقنه فـي أجساد ضحاياها مما يؤدي إلى موتهم فـيما تعلن الشرطة أن القتيل كانت قد تعاطى جرعة زائدة من المخدرات.

فـي المقابل هنالك الفتاة باف – تقوم بالدور الممثلة سرينا غولامغوس وهي ذات قدرات خارقة متوارية وهي تشهد مقتل شقيقها على يد الكلاب الروبوتية بنفس تلك الطريقة وحيث يكون ذاهبا لتدبر بعض المال لمساعدة شقيقته فـي تغطية نفقاتها المدرسية عندما يعثر على حقيبة مال تعود لرجال المخدرات المخصصة لرشوة رئيس الشرطة.

من هنا تبدأ الشرطة والعصابات على السواء فـي تعقب باف التي تتمكن بقدراتها الخارقة على فعل الكثير عبر العديد من المشاهد الفـيلمية وهو ما اعتدنا على مشاهدته فـي أفلام سابقة إذ إن الشخصية ما أن تحرك يديها فإنها تطلق شعاعا ليزريا تفتك بواسطته بالخصم أو أن بؤبؤ العينين يكون هو مصدر ذلك الشعاع الفتاك وهو ما تستخدمه باف بكثيرة خلال إحداث الفـيلم.

وفـي هذا الصدد يقول الناقد باول ماونت فـي موقع ستار بيرست «قد يكون من السهل اعتبار هذا الفـيلم مجرد نسخة مشابهة لسلسلة «إكس مين»، لكن قوة الفـيلم تكمن فـي بنائه وتجسيده المدروس للشخصيات، وكذلك موضوعه ومعالجته التي تم تقديمها بشكل متقن، وحتى طابع الديستوبيا الذي سيطر على الفـيلم بدا مقنعا، بما منح الشخصيات مساحة للتطور، وهي تستكشف ما حولها فـي مجتمع لا ينقسم فـيه الناس ما بين الخير أو الشر، بل انهم ينغمسون فـي أعمال أكثر غموضا من الناحية الأخلاقية كما هي الحال فـي شخصية ضابط الشرطة المرتشي وعصابته».

أما الناقدة تاريا مكنمارا فـي موقع كومن سينس فتقول: «إن هذا الفـيلم ليس مثاليًا بالطبع – نعم إن هنالك ما هو مُبالغ فـيه بعض الشيء، وكونه خال من روح الدعابة - لكنه يُبدع فـي تقديم عالم بديل مُقنع على الشاشة، مستخدما موارد وميزانية محدودة بالكاد تغطي تكلفة مشهد النهاية فـي فـيلم اكس مين، ومع ذلك، فهو يتناول موضوعات وأفكارا مشابهة، ولكن بذكاء وتقديم أعمق، وفـي الواقع، هناك مهارة فـي تقديم موضوع ممتد على جزأين ونجاح فـي تقديم شخصيات قادرة على خوض المغامرة إلى النهاية وهو ما يكرس جاذبية هذا الفـيلم».

على الجهة الأخرى ولغرض الموازنة فـي البناء الدرامي ودفع الصراعات إلى نهاياتها، سوف يكون كونور فـي مواجهة غاريت صديقه السابق ومعهما باف وها هم الثلاثة يصبحون هدفا لرجل الشرطة الذي يريد الخلاص منهم.

واقعيا وجدنا فـي تنقّل شخصية غاريت ما بين عدو وصديق وما بين أناني وشرير وبين منقذ ويتمتع بالوفاء عنصرا إضافـيا فـي تصعيد هذه الدراما الفـيلمية وخاصة بعد انكشاف المواجهة مع رئيس الشرطة.

هؤلاء الذين يتمتعون بالقدرات الخارقة والاستثنائية هم الذين سوف يشعلون الصراع يعزز وجودهم استخدام كل منهم أدواته وأما بالنسبة لرجل الشرطة فإن مساعديه من الفاسدين والمرتشين هم أدواته لتحقيق أهدافه فـي سحق خصومه.

وأما أحوال تلك المدينة التي تدار بالذكاء الاصطناعي وحيث تدور فـي سمائها الحوامات ذات القدرة على تعقب الأشخاص والتعرف على الوجوه فإنها فـي تراجيديتها هي مدينة متناقضات، مدينة هي فـي غاية التطور لكن فـي الجهة الأخرى يضرب شرائح منها الفقر وتفتك بهم نوعيات متطورة من المخدرات ومن يحاول أن يعيش مستقيما لن يتركونه وشأنه وهو ما يكرسه كينغستون – رئيس الشرطة فـي شدة بطشه وانتقامه من شركاء الأمس وخصوم اليوم.

سيناريو وإنتاج واخراج: جيف تشان

مشاركون فـي كتابة السيناريو: كريس باري، شيرين لي، جيسي لافركومب

تمثيل: روبي آميل، ستيفـين آميل، اليكس مالاري، سرينا جولامغوس

مدير التصوير: ماري دافـينون

موسيقى: ريان توبيرت

التقييمات: أي ام دي بي 6 من 10، روتين توماتو 75 %، يوجر ايبيرت 4 من 5

مقالات مشابهة

  • «الشارقة الرقمية» تستقبل وفداً كورياً للتعاون في الذكاء الاصطناعي
  • ولي عهد الشارقة يترأس الاجتماع الثاني لمجلس الطاقة
  • سلطان يعتمد 55 مليون درهم لتدريب 1520 مواطناً ومواطنة
  • ولي عهد الشارقة يبحث مستجدات قطاع الطاقة ومقترحات المشاريع المستقبلية (فيديو)
  • فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
  • سلطان بن أحمد: قانون السلطة القضائية يجسد رؤية حاكم الشارقة لترسيخ العدالة وسيادة القانون
  • سلطان بن أحمد القاسمي: قانون السلطة القضائية في الشارقة يبدأ تطبيقه اليوم
  • سلطان بن أحمد القاسمي يثمن حصول جامعة الشارقة على «بلاتيني التعليم والأبحاث»
  • سلطان بن أحمد القاسمي يثمن حصول جامعة الشارقة على “بلاتيني التعليم والأبحاث”
  • سلطان بن أحمد: جامعة الشارقة حريصة على تقديم أفضل التجارب لطلبتها