في مشهد إقليمي مشتعل.. ما رسائل روسيا من التصعيد ضد شمال غربي سوريا؟
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
شهدت مناطق شمالي غربي سوريا خلال هذا الأسبوع تصعيدا روسيا هو الأول من نوعه منذ أكثر من 3 شهور، حيث شنت الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات العنيفة على منشآت وأحياء سكنية ما أسفر عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
ويفتح هذا التصعيد الذي يأتي على وقع توترات إقليمية غير مسبوقة في المنطقة على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان والغارات الإسرائيلية المتصاعدة على الأراضي السورية، فضلا عن الهجمات المتبادلة بين كل من "إسرائيل" وإيران.
وتنخرط الأراضي السورية بشكل متسارع في هذا الصراع المحتدم سواء من خلال التوغلات الإسرائيلية في الجنوب أو في الحديث عن معركة عسكرية مرتقبة للمعارضة في شمال غربي سوريا ضد النظام السوري.
على وقع ذلك، شنت روسيا التي تتمركز قواتها في قاعدة حميميم بالقرب من محافظة اللاذقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، ما يزيد على الخمسين غارة في الفترة بين يومي الاثنين والأربعاء الماضي على مناطق مختلفة من أرياف حلب وإدلب.
وأسفرت هذه الغارات عن مجزرة مروعة بحق المدنيين، حيث استشهد 10 أشخاص على الأقل وأصيب ما يقرب من 32 شخصا بجروح مختلفة، بينهم نساء وأطفال.
وكانت إدلب التي تعد معقل المعارضة المسلحة في شمال غربي سوريا، تعرضت على مدى الأشهر الأخيرة إلى هجمات متفرقة بين الحين والآخر من الطيران المسير التابع لنظام بشار الأسد، لكن لم تشهد المنطقة هذه الكثافة من الغارات الروسية منذ مدة بعيدة، وهو ما يفتح الباب أمام التساؤلات بشأن الرسائل التي تريد روسيا، التي تعد حليفا رئيسيا للنظام السوري، من هذه الضربات العنيفة التي تأتي في ظل غليان غير مسبوق في المنطقة.
رسالة بالقبضة العسكرية
وفي هذا الشأن، يلفت الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، نوار شعبان، إلى أن هذا التصعيد الروسي يأتي ضمن تصعيد إقليمي"، مشيرا إلى ضرورة فهم المشهد الإقليمي، بما في ذلك ملاحظة الفواعل التي يشملها هذا التصعيد، وهم "إسرائيل" وإيران وحزب الله.
ويوضح شعبان في حديثه لـ"عربي21"، أن روسيا موجودة في الجغرافيا السورية وقد تم ضرب مواقع عسكرية بالقرب من قاعدة حميميم على الساحل السوري حيث تتواجد القوات الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك تصريحات من الجانب التركي تتحدث عن خطورة التقدم الإسرائيلي، وأنباء متداولة حول عملية عسكرية مرتقبة ضد النظام السوري من قبل المعارضة، وفقا للباحث السوري.
ويلفت شعبان إلى أن روسيا أرادت في ظل هذه المشهد الإقليمي، أن توجه رسالة واضحة مفادها أنها "لا تزال قوة عسكرية أساسية في المنطقة والاتفاقيات التي أبرمتها مع أي جهة لا تزال سارية، بهدف التأكيد على أن عدم وجوده على الساحة لا يعني اختفائه".
و"ارتأت موسكو أن تكون هذه الرسالة عبر إظهار قوة عسكرية ضد فئة مدنية"، وفقا للباحث في مركز حرمون.
ويُرجع شعبان اختيار روسيا للخيار العسكري إلى سببين اثنين، أولهما التأكيد على قوتها العسكرية، الثاني التأكيد على قدرتها على استهداف المدنيين "دون أن يكون هناك أي رادع في وجهها يحول دون ذلك أو أي نوع من أنواع المساءلة".
وتعد محافظة إدلب منضوية ضمن اتفاقية خفض التصعيد، التي وقعتها ما يعرف بالدول الضامنة، وهي روسيا وإيران وتركيا، في الدورة السادسة من مسار أستانا في أيلول /سبتمبر عام 2017، والتي هدفت إلى وقف المواجهات العسكرية بين المعارضة والنظام السوري وجعل محافظة إدلب ملاذا للنازحين من بطش النظام، وهو ما يحد كذلك من موجات اللجوء إلى تركيا.
ولم توقف هذه الاتفاقية التي صنفت بإدلب بمنطقة خفض التصعيد الرابعة، هجمات وتوغلات النظام في المنطقة، وهو ما دفع إلى توقيع اتفاقيات أخرى خلال السنوات اللاحقة بين كل من تركيا وروسيا، اللتين تعتبران حجر الأساس في الوضع القائم في مناطق شمال غربي سوريا منذ سنوات طويلة.
مساع لتغيير الوضع السائد
ويرى الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أن "هذا التصعيد مصمم في جانب للضغط على تركيا وفي جانب آخر لمحاولة تغيير الوضع القائم على الأرض"، مشيرا إلى أنه "عادة ما يلجأ الروسي إلى مثل هذا التصعيد للضغط على أنقرة إن في الملف السوري أو في قضايا أخرى".
ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن "روسيا هي لاعب رئيسي في المشهد السوري وهي حريصة على إظهار أنها تتحكم بدينيامكيات المشهد لا سيما في الشمال".
بالطبع، هذا التصعيد يتقاطع مع التحشيد العسكري للنظام في المنطقة، حيث يحاول الروس الاستفادة من هذا الوضع القائم في المنطقة لمحاولة تغيير الستاتيكو في الشمال السوري، بحسب علوش.
وتداولت الأوساط المحلية خلال الآونة الأخيرة أنباء حول عملية عسكرية مرتقبة لفصائل المعارضة السورية في شمال غرب البلاد ضد نظام بشار الأسد، بالتزامن مع حالة الانشغال التي تعيشها المنطقة وحلفاء بشار الأسد بالحرب الإسرائيلية على لبنان، في حين كشفت وسائل إعلام مقربة من النظام أن هذا الأخير حشد قواته على جبهات القتال مع المعارضة.
وبين النفي والتأكيد المتداول في المنصات المحلية، يبدو أن الحذر والترقب للتطورات المتسارعة في المنطقة هو العنصر السائد على المشهد في شمال سوريا المكتظ بملايين النازحين، الذين طردوا من منازلهم واضطروا إلى النزوح إلى المناطق الخاضعة تحت نفوذ المعارضة.
وفي هذا الإطار، يوضح علوش أن "روسيا تستخدم هذا التصعيد بشكل أساسي من أجل الضغط على تركيا ولمحاولة تغيير الوضع القائم لأن هذا الوضع لم يكن لمصلحة النظام السوري وروسيا، بل كان لمصلحة تركيا في جانب وهيئة تحرير الشام في جانب آخر".
وبالتالي، فإن هناك مصلحة روسية في محاولة تغيير هذا الوضع، كما يقول الباحث.
ويستدرك علوش بالإشارة إلى أن محاولة فرض واقع جديد في شمال غربي سوريا سيزيد من الضغط على العلاقات التركية الروسية في فترة حرجة للغاية تمر بها هذه العلاقة.
ويشير إلى أن وجود حاجة لدى كل من أنقرة وموسكو للحفاظ على إدارة الوضع في سوريا بشكل تفاهمي وتجنب أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد التوترات بين الجانبين.
ووفقا لتقدير علوش، فإن "الحفاظ على الاستقرار في منطقة خفض التصعيد الرابعة يشكل مصلحة لجميع الأطراف بما في ذلك روسيا، لكن الأمر يتوقف الآن على كيفية مقاربة موسكو للاستفادة من التصعيد في إطار الضغط على تركيا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية روسيا النظام السوري إدلب تركيا تركيا روسيا إدلب النظام السوري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شمال غربی سوریا النظام السوری الوضع القائم هذا التصعید فی المنطقة فی جانب فی شمال إلى أن
إقرأ أيضاً:
المشاط يدعو السعودية للانتقال من خفض التصعيد إلى إنهاء "العدوان والحصار والاحتلال"
دعت جماعة الحوثي، الإثنين، السعودية، إلى الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء "العدوان والحصار والاحتلال" وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام، في ظل جمود عملية السلام في البلاد الغارقة بالحرب منذ أكثر من 10 سنوات.
جاء ذلك في كلمة ألقاها مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى" أعلى سلطة تابعة للحوثيين في مناطق سيطرتها المسلحة، عشية الذكرى الـ 62 لثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة، وفق وكالة سبأ الحوثية.
وتعهد المشاط، بمواصلة "الدفاع" عن اليمن حتى تحرير كل شبر من أراضي الجمهورية اليمنية وطرد كل "محتل غاصب استباح ثروات الشعب وسفك دماء أبنائه، وقيد حرياتهم في سجونه السرية المظلمة وحاربهم في لقمة العيش بافتعال الأزمات الاقتصادية والتسبب في الغلاء وانعدام الوقود والغذاء".
وطالب المشاط، "النظام السعودي للانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام، كون ذلك الحل الأقرب لقطع المجال أمام من يستثمر في الحروب بين أبناء أمتنا خدمة لإسرائيل".
وقال: "سنعمل على تطوير قدراتنا العسكرية في كل المجالات المختلفة، والارتقاء بها لنتمكن من مواجهة كل ما لدى العدو من تقنيات عسكرية حديثة في إطار الاستعداد والجهوزية لأي جديد، وتحقيق الردع في ظل الهجمة العدوانية الشرسة على بلدنا وأمتنا".
وأشار إلى أن جماعة الحوثي، ستظل "في حالة يقظة واستعداد كامل، مع مواصلة المتابعة الدقيقة والحثيثة لمجريات مرحلة تنفيذ الاتفاق الخاص بإنهاء العدوان على قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية".
وأكد مواصلة الجماعة التزامها وموقفها الثابت في نصرة الشعب الفلسطيني ومساندته في مواجهته مع العدو الإسرائيلي، مشيرا إلى جاهزية الجماعة للاستجابة لأي تطور مقبل.
ولفت إلى أن "يوم الـ 14 من أكتوبر يمثل ذكرى تقض مضاجع الغزاة والمحتلين الجدد، وتذكرهم بمصير كل غاز محتل على هذه الأرض الطاهرة، التي لا تعرف غير لغة الكرامة والعزة، ولا تنحني إلا لله رب العالمين".
وقال إن يوم "الرابع عشر من أكتوبر ليس يوماً عادياً في التاريخ، بل هو فجر مجيد أضاء دروب الحرية، وعلامة خالدة للسيادة والكرامة اليمنية". مضيفا: "إنه اليوم الذي يتشرف به كل يمني ويمنية، وكل إنسان يدرك معنى أن يكون حراً، ويدرك قدسية انتزاع الاستقلال وإن كان مخضباً بالدماء الزكية، وإنه لَمبعث فخرٍ واعتزاز أن تكونوا أنتم اليوم الامتداد الطبيعي لذلك اليوم العظيم، والوَرَثة الشرعيين لأبطال ثورة 14 من أكتوبر الذين قدّموا التضحيات ليبقى اليمن حراً عزيزاً، وليندحر كل غازٍ ومحتلٍ عن ترابه الطاهر".