اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
في أمسية اجتماعية، استمعتُ إلى رجل أعمال يُحذّر من مغبة بدء أي مشروع تجاري في ظلّ التراجع الاقتصادي العالمي الحالي، مُجادلًا بأنّ الوقت غير مناسب، بل ذهب إلى حدّ القول بأنّها طريقة مُؤكّدة لخسارة المال. وحثّ أصحاب الأعمال الحاليين على خفض التكاليف بكلّ الوسائل المُتاحة.
لكنّني لم أستطع منع نفسي من مُخالفتي له.
لنأخذ شركة مايكروسوفت كمثال. ففي خضمّ ركود عام 1975، لم ينتظر بيل غيتس وبول آلن اقتصادًا مثاليًا لتحقيق رؤيتهما. لقد كانت لديهما فكرة جريئة، وعزيمة لا تلين على تنفيذها، بغضّ النظر عن التحديات الاقتصادية. ولم تنجُ هذه الشركات فحسب، بل ازدهرت ونمت لتصبح شركات عالمية عملاقة. لماذا؟ لأنّ مؤسّسيها أدركوا أنّ فترات الانكماش الاقتصادي لا تقضي على الفرص، بل تُبرزها لأولئك الذين هم على استعداد للتكيّف.
وهناك قصّة نجاح أخرى رائعة، هي قصّة والت ديزني. ففي عام 1929، مع بداية الكساد الكبير، واجه ديزني صعوبات مالية كبيرة. ومع ذلك، ورغم هذه النكسات، مضى قدمًا وأصدر فيلم “سنو وايت والأقزام السبعة” في عام 1937. وكان أوّل فيلم رسوم مُتحرّكة طويل، وحقّق نجاحًا هائلًا، وأحدث ثورة في صناعة السينما، وأثبت أنّ الإبداع والمرونة يُمكن أن يتغلّبا على أحلك الفترات الاقتصادية.
إنّ بدء مشروع تجاري خلال فترة الانكماش الاقتصادي لا يتعلق بانتظار الظروف المثالية، بل يتعلق باكتشاف الإمكانات حيث يرى الآخرون المشاكل. فرائد الأعمال الشابّ ذو الرؤية الثاقبة، يستطيع تحديد الفجوات التي تُخلّفها الشركات الأخرى في السوق عندما تُقلّل من تكاليفها، أو تُسرّح موظّفيها، أو تُخفّض خدماتها. وبدلًا من أن تُثبّطه حالة الاقتصاد المُتقلّص، يرى رائد الأعمال المُغامر فُرصة سانحة – سواءً كانت في تلبية احتياجات جديدة للمستهلكين، أو في انخفاض تكاليف التشغيل، أو حتى في الوصول إلى المواهب مع ازدياد التنافسية في سوق العمل.
لننظر إلى شركتي Airbnb و Uber، اللتين ظهرا بعد الأزمة المالية عام 2008. فقد احتاج الناس إلى خيارات أكثر توفيرًا للإقامة والنقل. فاستفادت Airbnb من المساحات غير المُستغلة، بينما استغلّت Uber الرغبة المُتزايدة في التنقل المُرن والمُتاح. وبذلك، بنت الشركتان إمبراطوريتين تُقدّران بمليارات الدولارات من خلال الاستجابة لاحتياجات المُستهلكين المُتغيّرة في وقت كان يعتقد فيه الكثيرون أنّ إطلاق مشروع تجاري أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
ولا يقتصر الأمر على عمالقة التكنولوجيا فحسب، فشركة Trader Joe’s، سلسلة متاجر البقالة الشهيرة، تأسّست عام 1958 خلال فترة ركود اقتصادي. وما بدا كمتجر صغير، نما في النهاية ليُصبح سلسلة على مُستوى البلاد من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مُعقولة، وهو ما لاقى استحسان المُستهلك الذي يُدرك أهمّية التكلفة في ذلك الوقت. ولم يكن نجاح Trader Joe’s مجرّد نتيجة للتوقيت الجيّد فحسب، بل كان أيضًا بسبب فهم احتياجات العملاء خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة وتقديم تجربة تسوّق فريدة من نوعها.
صحيحٌ أنّ الشركات تواجه تحدّيات أكبر خلال فترات الركود؛ فقد يصعب الحصول على التمويل، وقد ينخفض إنفاق المستهلكين. لكن هذا لا يعني استحالة النجاح، بل يعني أنّ على روّاد الأعمال أن يكونوا أكثر مرونة، وأكثر قدرة على ابتكار الحلول، وأكثر استعدادًا لتحمّل المخاطر المحسوبة. فالإبداع يزدهر تحت الضغط. وبامتلاك العقلية والمهارات المناسبة، يمكن لأيّ شخص أن يجد طريقةً لتحويل الأزمة إلى فرصة.
عند بدء مشروع تجاري في أوقات عدم اليقين، يكمن المفتاح في الصمود. ستكون فترات الانكماش الاقتصادي دائمًا جزءًا من الدورة، لكنّ روّاد الأعمال الذين يُبقون أعينهم على الأفق، ويتكيّفون مع المشهد المُتغيّر، ويُحافظون على دافعهم الذي لا يلين، سيجدون أنّه لا يوجد شيء اسمه الوقت “المناسب” – فقط المنظور الصحيح.
وللنجاح في مناخ اليوم، يجب أن يكون روّاد الأعمال قادرين على حلّ المشكلات، والتكيّف مع الظروف، ومُستعدّين لتقبّل التحدّيات الجديدة.
سيظلّ الاقتصاد العالمي دائمًا في حالة تقلّب، لكنّ أولئك الذين لديهم الشجاعة للعمل في أوقات عدم اليقين، هم من سيكتبون قصص نجاحهم بأنفسهم.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: مشروع تجاری اد الأعمال
إقرأ أيضاً:
سلوت يكشف عن مشاكل ليفربول!
لندن (د ب أ)
طالب أرني سلوت، المدير الفني لفريق ليفربول الإنجليزي لكرة القدم، لاعبيه بتحسين الأداء الدفاعي، قبل افتتاح الدوري الإنجليزي الممتاز يوم الجمعة المقبل، وذلك بعد أن سمح لكريستال بالاس بالعودة والفوز بالدرع الخيرية، عبر ركلات الترجيح على ملعب ويمبلي.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) أن هوجو إيكيتيتي، أحد أربع صفقات جديدة أبرمها ليفربول في فترة الانتقالات الصيفية وُجد في التشكيل الأساسي، سجل هدفاً في الدقيقة الرابعة من مشاركته الأولى مع ليفربول، بعد تمريرة حاسمة من فلوريان فيرتز، المنضم حديثاً لصفوف الفريق، قبل أن يسجل جان-فيليب ماتيتا النتيجة، هدف التعادل لكريستال بالاس من ركلة جزاء في الدقيقة 17.
وافتتح جيريمي فريمبونج أهدافه مع ليفربول ليعيد التقدم لفريقه، ولكن إسماعيلا سار سجل هدف التعادل في الدقيقة 77، لتتجه المباراة لركلات الترجيح، والتي حسمها كريستال بالاس 3 -2.
وقال سلوت: «أعتقد أننا رأينا طوال فترة إعداد ما قبل الموسم أننا كنا قادرون على الإبداع أكثر، وكنا أكثر راحة بالكرة، نصنع المزيد من الفرص ونهيمن ربما بشكل أكبر».
وأضاف: «في الموسم الماضي كنا نستحوذ على الكرة كثيراً، لكن ذلك لم يكن يؤدي دائماً إلى مواقف واعدة، الآن، نحن أفضل في الصناعة والحصول على مواقف واعدة، مقارنة بما كنا عليه طوال الموسم الماضي بأكمله، وهذا في رأيي».
وأردف: «ولكن الجانب الآخر صحيح أيضاً، حيث تلقينا أربعة أهداف ضد ميلان، وهدفاً واحداً ضد الفريق الياباني (يوكوهاما إف مارينوس)، وهدفين ضد أتلتيك بلباو، ومرة أخرى هدفين».
وقال: «ما جعلنا أقوياء للغاية في الموسم الماضي هو أننا غالباً ما فزنا بفارق هدف واحد فقط، وكان ذلك في الغالب بسبب حفاظنا على نظافة الشباك أو على الأكثر استقبالنا لهدف واحد فقط».
ويستهل ليفربول حملة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي الممتاز يوم الجمعة المقبل، حيث يستضيف بورنموث على ملعب آنفيلد، حيث يأمل سلوت في أن يكون هناك تطور سريع، وقال: «في المجمل، لم يكن هناك الكثير من الفرص لأنهم اعتمدوا على اللعب بشكل دفاعي، واستحوذنا على الكرة كثيراً، ولكن بعد أن أصبحت النتيجة هي التعادل 2-2 صنعوا الفرص، لذلك ربما نحتاج إلى بعض التعديلات الدفاعية في الوقت الحالي، لأننا لا نستقبل الكثير من الفرص، لكننا نستقبل أهدافاً في الوقت الراهن».