صحيفة البلاد:
2025-06-27@11:11:24 GMT

اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي

في أمسية اجتماعية، استمعتُ إلى رجل أعمال يُحذّر من مغبة بدء أي مشروع تجاري في ظلّ التراجع الاقتصادي العالمي الحالي، مُجادلًا بأنّ الوقت غير مناسب، بل ذهب إلى حدّ القول بأنّها طريقة مُؤكّدة لخسارة المال. وحثّ أصحاب الأعمال الحاليين على خفض التكاليف بكلّ الوسائل المُتاحة.
لكنّني لم أستطع منع نفسي من مُخالفتي له.

فأنا أؤمن بأنّ الظروف الصعبة هي التي تُختبر فيها قدرات الإنسان الحقيقية. فلا يُمكنك استخراج اللؤلؤ دون الغوص في أعماق المياه المُظلمة. وبالمثل، غالبًا ما تظهر الفرص الحقيقية في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية. ففي مثل هذه الأوقات، يرتقي المُفكّرون المُبدعون وروّاد الأعمال المُصمّمون، إلى مستوى التحدّي. ويُثبت التاريخ أنّ بعضًا من أنجح الشركات قد وُلدت في لحظات الأزمات.
لنأخذ شركة مايكروسوفت كمثال. ففي خضمّ ركود عام 1975، لم ينتظر بيل غيتس وبول آلن اقتصادًا مثاليًا لتحقيق رؤيتهما. لقد كانت لديهما فكرة جريئة، وعزيمة لا تلين على تنفيذها، بغضّ النظر عن التحديات الاقتصادية. ولم تنجُ هذه الشركات فحسب، بل ازدهرت ونمت لتصبح شركات عالمية عملاقة. لماذا؟ لأنّ مؤسّسيها أدركوا أنّ فترات الانكماش الاقتصادي لا تقضي على الفرص، بل تُبرزها لأولئك الذين هم على استعداد للتكيّف.
وهناك قصّة نجاح أخرى رائعة، هي قصّة والت ديزني. ففي عام 1929، مع بداية الكساد الكبير، واجه ديزني صعوبات مالية كبيرة. ومع ذلك، ورغم هذه النكسات، مضى قدمًا وأصدر فيلم “سنو وايت والأقزام السبعة” في عام 1937. وكان أوّل فيلم رسوم مُتحرّكة طويل، وحقّق نجاحًا هائلًا، وأحدث ثورة في صناعة السينما، وأثبت أنّ الإبداع والمرونة يُمكن أن يتغلّبا على أحلك الفترات الاقتصادية.
إنّ بدء مشروع تجاري خلال فترة الانكماش الاقتصادي لا يتعلق بانتظار الظروف المثالية، بل يتعلق باكتشاف الإمكانات حيث يرى الآخرون المشاكل. فرائد الأعمال الشابّ ذو الرؤية الثاقبة، يستطيع تحديد الفجوات التي تُخلّفها الشركات الأخرى في السوق عندما تُقلّل من تكاليفها، أو تُسرّح موظّفيها، أو تُخفّض خدماتها. وبدلًا من أن تُثبّطه حالة الاقتصاد المُتقلّص، يرى رائد الأعمال المُغامر فُرصة سانحة – سواءً كانت في تلبية احتياجات جديدة للمستهلكين، أو في انخفاض تكاليف التشغيل، أو حتى في الوصول إلى المواهب مع ازدياد التنافسية في سوق العمل.
لننظر إلى شركتي Airbnb و Uber، اللتين ظهرا بعد الأزمة المالية عام 2008. فقد احتاج الناس إلى خيارات أكثر توفيرًا للإقامة والنقل. فاستفادت Airbnb من المساحات غير المُستغلة، بينما استغلّت Uber الرغبة المُتزايدة في التنقل المُرن والمُتاح. وبذلك، بنت الشركتان إمبراطوريتين تُقدّران بمليارات الدولارات من خلال الاستجابة لاحتياجات المُستهلكين المُتغيّرة في وقت كان يعتقد فيه الكثيرون أنّ إطلاق مشروع تجاري أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
ولا يقتصر الأمر على عمالقة التكنولوجيا فحسب، فشركة Trader Joe’s، سلسلة متاجر البقالة الشهيرة، تأسّست عام 1958 خلال فترة ركود اقتصادي. وما بدا كمتجر صغير، نما في النهاية ليُصبح سلسلة على مُستوى البلاد من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مُعقولة، وهو ما لاقى استحسان المُستهلك الذي يُدرك أهمّية التكلفة في ذلك الوقت. ولم يكن نجاح Trader Joe’s مجرّد نتيجة للتوقيت الجيّد فحسب، بل كان أيضًا بسبب فهم احتياجات العملاء خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة وتقديم تجربة تسوّق فريدة من نوعها.

صحيحٌ أنّ الشركات تواجه تحدّيات أكبر خلال فترات الركود؛ فقد يصعب الحصول على التمويل، وقد ينخفض إنفاق المستهلكين. لكن هذا لا يعني استحالة النجاح، بل يعني أنّ على روّاد الأعمال أن يكونوا أكثر مرونة، وأكثر قدرة على ابتكار الحلول، وأكثر استعدادًا لتحمّل المخاطر المحسوبة. فالإبداع يزدهر تحت الضغط. وبامتلاك العقلية والمهارات المناسبة، يمكن لأيّ شخص أن يجد طريقةً لتحويل الأزمة إلى فرصة.

عند بدء مشروع تجاري في أوقات عدم اليقين، يكمن المفتاح في الصمود. ستكون فترات الانكماش الاقتصادي دائمًا جزءًا من الدورة، لكنّ روّاد الأعمال الذين يُبقون أعينهم على الأفق، ويتكيّفون مع المشهد المُتغيّر، ويُحافظون على دافعهم الذي لا يلين، سيجدون أنّه لا يوجد شيء اسمه الوقت “المناسب” – فقط المنظور الصحيح.
وللنجاح في مناخ اليوم، يجب أن يكون روّاد الأعمال قادرين على حلّ المشكلات، والتكيّف مع الظروف، ومُستعدّين لتقبّل التحدّيات الجديدة.

سيظلّ الاقتصاد العالمي دائمًا في حالة تقلّب، لكنّ أولئك الذين لديهم الشجاعة للعمل في أوقات عدم اليقين، هم من سيكتبون قصص نجاحهم بأنفسهم.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: مشروع تجاری اد الأعمال

إقرأ أيضاً:

ترامب يؤكد توقيع اتفاق تجاري مع الصين

 أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى أنه تم توقيع اتفاق مع الصين، دون التطرق لتفاصيل.

وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك إن البيت الأبيض لديه خطط للتوصل إلى اتفاقيات مع عشرة شركاء تجاريين رئيسيين. وينظم الاتفاق الصيني الذي قال لوتنيك إنه جرى التوقيع عليه قبل يومين، الشروط التي جرى استعراضها خلال المحادثات التجارية بين بكين وواشنطن، بما في ذلك التزام من الصين بتسليم معادن الأرض النادرة المستخدمة تقريباً في كل شيء، من توربينات الرياح إلى الطائرات النفاثة.


قال دونالد ترامب خلال مناسبة بالبيت الأبيض، أثناء حديثه عن إبرام صفقات مع دول أخرى:"لقد وقعنا اتفاقاً مع الصين أمس".

أخبار ذات صلة الإمارات والصين تبحثان التعاون في مجالات الصناعة والطاقة والبنية التحتية قتلى جراء فيضانات عنيفة في جنوب الصين

وفي أبريل، رفع ترامب الرسوم الجمركية على السلع القادمة من الصين إلى 145%.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • ترامب يؤكد توقيع اتفاق تجاري مع الصين
  • وزير قطاع الأعمال يبحث مع وزير الاستثمار المغربي تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي العربي والأفريقي
  • «غرفة دبي» تعزز فرص توسع الشركات المحلية بدول القوقاز وجنوب شرق آسيا
  • وزير قطاع الأعمال يبحث مع وزير الاستثمار المغربي تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي
  • وزير قطاع الأعمال يعقد مباحثات رفيعة المستوى مع وزراء أنجوليين لتعزيز التعاون الاقتصادي
  • المصري للدراسات الاقتصادية: مشروع قانون الإيجار القديم لا يصلح إلا بتعويض المتضررين
  • استثمار يضع سرت الليبية على خارطة النفوذ الاقتصادي الإقليمي
  • منتدى رجال الأعمال العُماني الجزائري يناقش جهود تعزيز الشراكات وآفاق التعاون الاقتصادي
  • النائب العام للاتحاد يضيء على التصدي للجرائم الاقتصادية
  • وزيرة الانتقال الطاقي: القطاع المعدني سيشهد إصلاحا عميقا سيهم أربعة محاور تمهيدا لتحقيق السيادة الاقتصادية