على مدار ما يقرب من 79 عاماً عملت الأمم المتحدة على حفظ السلم والأمن الدوليين، وأظهرت قدراتها بامتياز فى احتواء كثير من الأزمات الدولية، واستطاعت أن تحقن دماء الملايين فى أنحاء العالم، انطلاقاً من دورها فى حفظ السلم والأمن الدوليين، إلا أن هذا الدور تراجع كثيراً فى التصدى للأزمات الأخيرة التى يشهدها العالم حالياً.

فى هذا الحوار تحدث الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى، لـ«الوطن»، عن طبيعة دور الأمم المتحدة فى حفظ الأمن والسلم الدوليين، والأزمة التى اشتعلت مؤخراً بين المنظمة الأممية وحكومة الاحتلال الإسرائيلى، فى أعقاب الانتقادات المتكررة التى وجهتها وكالات المنظمة لسلطات وجيش الاحتلال، الذى يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويشن حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، وإلى نص الحوار..

كيف ترى دور الأمم المتحدة فى أزمة حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة؟

- بدايةً، يجب التأكيد أن منظمة الأمم المتحدة وأمينها العام، أنطونيو جوتيريش، ووكالاتها وهيئاتها المتخصصة، وكذلك محكمة العدل الدولية، جهاز العدالة الرئيسى للمنظمة، لم يقصروا فى حماية الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، بل عمل الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك الوكالات والهيئات المتخصصة، بما فيها محكمة العدل الدولية، على فضح الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولى، والقانون الإنسانى، والقانون الدولى لحقوق الإنسان، فى أكثر من مرة.

كيف تساعد الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة فى توثيق العدوان على قطاع غزة؟

- عن طريق الأرقام والبيانات والإحصائيات عن عدد الشهداء والجرحى، وعن تداعيات الحصار الإسرائيلى، واستهداف المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، فضلاً عن استهداف واقتحام المستشفيات ومقار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، واقتحام وقصف المدارس والمساجد، وغيرها من أعيان مدنية محظور استهدافها، وكل هذه البيانات والأرقام تفضح الجرائم الإسرائيلية، وتم الاستناد إلى هذه الأرقام والإحصائيات الرسمية كسند قانونى وشرعى لدى محكمة العدل الدولية، التى أصدرت قرارها فى يناير من العام الجارى، بأن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة.

ماذا عن دور المحكمة الجنائية الدولية فى محاسبة المجرمين عالمياً؟

- المحكمة الجنائية الدولية هى محكمة مستقلة، وليست تابعة للأمم المتحدة، وأعلنت نيتها إصدار مذكرات اعتقال لقيادات جيش الاحتلال، وهذه المذكرات هدفها منع مضى المتهمين فى جرائمهم، بالإضافة إلى إلزامية وإجبارية التعاون بين 124 دولة، أعضاء المحكمة، من بينها معظم الدول الأوروبية، ونحو 32 دولة أفريقية، رغم أن إسرائيل ليست عضواً فى المحكمة الجنائية الدولية، فإن المحكمة لها سلطاتها، ولكن ليس لها سلطة تنفيذية لكى تنفذ قراراتها.

كيف ردت إسرائيل على موقف الأمم المتحدة المنحاز للشرعية الدولية والقانون الدولى؟

- مارست إسرائيل انتهاكات كثيرة تجاه أجهزة الأمم المتحدة ومؤسساتها، مثل استهداف والاعتداء على مقرات «الأونروا»، ومقرات قوات حفظ السلام «اليونيفيل» فى لبنان، التى صدر قرار بإنشائها عام 1978 من مجلس الأمن، والتى تتمتع بحصانات وامتيازات أُقرت من جانب مجلس الأمن، كما أُقرت هذه الحصانات والامتيازات بالاتفاق مع الدولة المضيفة، وهى الجمهورية اللبنانية، وتوجد قيادة هذه القوات فى جنوب لبنان.

هل قامت جيوش أى دولة باعتداء على قوات حفظ السلام كما فعلت إسرائيل؟

- الاعتداء الصارخ الفاضح من جيش الاحتلال على قوات حفظ السلام «اليونيفيل» أكثر من مرة، واقتحام مراكزهم ونقاط تمركزهم فى جنوب لبنان، لم يحدث فى تاريخ عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولى منذ عام 1948 إلا من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلى، حين سبق وقصفت قوات الاحتلال مقر الكتيبة التابعة لدولة فيجى، حينما لجأ لمواقع هذه الكتيبة المئات من اللبنانيين المدنيين الفارين من القصف المدفعى والجوى الإسرائيلى، ورغم علم الجيش الإسرائيلى بإحداثيات ومراكز قوة «اليونيفيل» فى جنوب لبنان، فإنه قصف مقر الكتيبة الفيجية وأفضى إلى مقتل العشرات، وإصابة المئات من قوة حفظ السلام الدولية، أو من المدنيين الفارين، ويجب التأكيد هنا أن اتفاقيات جنيف الأربع تحظر على أطراف الصراع المسلح الاعتداء على أو استهداف هذه القوات، وطلبت إسرائيل غير مرة من هذه القوات الانسحاب إلى شمال نهر «الليطانى»، والانسحاب إلى مراكز القوة، حتى يحلو لها الأمر، وتستطيع أن تنفذ ما تطمح إليه من إنشاء منطقة عازلة من جنوب النهر حتى الحدود الشمالية لدولة الاحتلال الإسرائيلى.

هل هناك مشكلة فى نظام الأمم المتحدة تمنع التصدى لهذه الانتهاكات المتكررة؟

- العوار ليس فى منظومة عمل الأمم المتحدة، أو فى القانون الدولى، ولكن المشكلة تكمن فى دول ذات سيادة ترفض اتخاذ التدابير المضادة السيادية، التى يكفلها القانون الدولى، ضد إسرائيل، وتشمل هذه التدابير المضادة قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وتعليق المعاهدات والاتفاقيات والبروتوكولات مع إسرائيل، وحظر الاستثمار معها، سواء داخل الأرض المحتلة أو غيرها، وكل هذه التدابير المضادة لا تُجبر الدول على الذهاب إلى مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية، لكن الدول ذات السيادة تستطيع بإرادتها المنفردة اتخاذ مثل هذه التدابير المضادة ضد إسرائيل.

وماذا عن دور القانون الدولى فى حفظ السلام العالمى؟

- القانون الدولى عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التى تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية، باعتبار أن الدول كاملة السيادة، والمنظمات الدولية تمثل القانون الدولى، وهناك عبارة صغيرة جداً تعبر عن القانون الدولى الإنسانى، وهى «إن استطعت أن تأسر فلا تجرح، وإن استطعت أن تجرح فلا تقتل، وإن قتلت لا تمثل».

هل هناك بارقة أمل فى تعديل لائحة مجلس الأمن وطريقة عمله؟

- لا توجد بارقة أمل لإصلاح مجلس الأمن على وجه الإطلاق، إلا بإرادة ورضا الدول الخمس الأعضاء الدائمين، وأنهم لن يقبلوا هذه الفكرة، حيث يُشترط لتعديل أى مادة فى ميثاق الأمم المتحدة صدور قرار بأغلبية كبيرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن يكون من الأغلبية المصوتة لصالح القرار الدول الخمس الأعضاء دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة مجلس الأمن فلسطين غزة الاحتلال لبنان أمريكا إسرائيل محکمة العدل الدولیة القانون الدولى الأمم المتحدة مجلس الأمن حفظ السلام قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تثمن دور مصر في مُساندة أهل غزة

عبّرت الأمم المتحدة عن تقديرها لجهود مصر في إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى غزة

وثمنت الأمم المتحدة الدور المصري للتوصل على اتفاق لإنهاء الحرب في غزة.

وأشادت بالجهود المصرية في تحقيق الاستقرار بالمنطقة.

اقرأ أيضاً.. صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

اقرأ أيضاً.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

رئيس الوزراء الفلسطيني يبحث مع ممثل الاتحاد الأوروبي ترتيبات "اليوم التالي" لوقف إطلاق النار حصيلة ضحايا عدوان غزة مُرشحة للزيادة

وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الأحد، ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 67,806 شهيدا و170,066 مصابا، منذ السابع من أكتوبر عام 2023.

وأوضحت الوزارة أن 124 شهيدا (منهم 117 انتشال) و33 مصابا، وصلوا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية.

ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إنهم مستعدون لاستقبال جميع المحتجزين فورا.

ودخلت شاحنات المساعدات إلى خان يونس بقطاع غزة، وذلك بعد أن سهّلت مصر دخولها عبر معبر رفح.و

واستقبل سكان خان يونس  المساعدات الإنسانية بعد وقف إطلاق النار وفقا لاتفاق شرم الشيخ.

أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الأحد، دعمه الكامل لاتفاق شرم الشيخ للسلام، واصفاً إياه بأنه طفرة حاسمة نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتنفيذ وقف دائم لإطلاق النار، وتأمين الإفراج عن جميع المحتجزين.

وأكد الاتحاد، في بيان رسمي، التزامه بالمساهمة في عمليات الحكم الانتقالي بغزة، ودعم جهود التعافي وإعادة الإعمار لضمان نجاح مرحلة "اليوم التالي" للحرب، مشدداً على أن الوصول إلى سلام عادل ومستدام يتطلب حلاً سياسياً قائماً على حل الدولتين.

كما أعرب عن أمله في إطلاق سراح جميع المحتجزين دون تأخير، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بلا قيود إلى القطاع، مشيراً إلى أن قمة شرم الشيخ تمثل بداية "طريق طويل نحو السلام" يبدأ من مصر.

وأعلنت وكالة الأنباء رويترز المستشار الألماني فريدريش ميرز سيحضر قمة شرم الشيخ للسلام غداً.

وأشارت الوكالة إلى أن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا سيحضر قمة شرم الشيخ للسلام غداً.

ويترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي القمة الدولية في شرم الشيخ للإعلان عن اتفاق اسس السلام في غزة والشرق الأوسط بحضور ترامب ولفيف من الرؤساء الدوليين.

أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، على اعتقال ثمانية شبان خلال اقتحامها بلدة سلواد شرق رام الله.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اعتقلت كلا من: عبدالله خضر عباس، وعمر فادي حامد، وابراهيم عوني فارس، وزهدي ابراهيم عياد، وهارون حماد، وبراء حامد، و خليل مرعي، وحمدي فريد حامد، وذلك عقب دهم منازلهم في البلدة وتفتيشها.

وتعرض مواطن فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم الأحد، في بلدة الرام شمال القدس المحتلة.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر، بأن طواقمها تعاملت مع إصابة خطيرة في الفخد لمواطن يبلغ من العمر ( 67 عاما) بالرصاص الحي، قرب جدار الفصل العنصري في بلدة الرام، وجرى نقله إلى المستشفى.

مقالات مشابهة

  • غوتيريش يدعو لوضع خارطة طريق تشمل انتخابات وطنية في ليبيا
  • الأمم المتحدة تثمن دور مصر في مُساندة أهل غزة
  • لجنة التحقق من الأموال المجمدة تبحث في نيويورك دعم البحرين والصين لملف الأرصدة الليبية
  • جامعة الحكمة تُطلق حصة جديدة حول المفقودين والمخفيين قسرا برعاية وزير العدل
  • مسؤول أممي: إسرائيل دمرت كل مباني غزة ويجب أن تدفع مقابل ذلك
  • لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة تواصل اجتماعاتها في نيويورك
  • أستاذ قانون دولي يكشف حصيلة الإبادة الإسرائيلية لأهالي غزة بالأرقام
  • بعد مقتـ ل21 شخصا.. الأمم المتحدة تحث أمريكا على ضبط النفس مع تصاعد التوتر مع فنزويلا
  • الأمم المتحدة تحذر: نحو 4 ملايين نازح بمنطقة الساحل
  • لماذا تدعم دول جزر المحيط الهادي إسرائيل؟