79 عاماً على إنشائها.. منظمة الأمم المتحدة «مقيدة بفعل فاعل»
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
أكثر من 80 مليون شخص فقدوا حياتهم خلال حربين عالميتين فى النصف الأول من القرن العشرين، بينهم 28 مليون جندى وفرد مقاتل، بينما كان غالبية الضحايا من المدنيين، الذين بلغ عددهم حوالى 53 مليون شخص، الأمر الذى فتح باب النقاش أمام فكرة إنشاء آلية دولية مهمتها وقف واحتواء النزاعات المسلحة بين الدول، وصولاً إلى تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وعندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء فى عام 1945، كانت غالبية دول العالم فى حالة «خراب»، وكان العالم يريد السلام، فاجتمع ممثلو 50 دولة فى مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولى فى سان فرانسيسكو، بولاية كاليفورنيا الأمريكية، فى الفترة من 25 أبريل إلى 26 يونيو من نفس العام.
وعلى مدار الشهرين التاليين، شرع ممثلو هذه الدول فى صياغة ميثاق الأمم المتحدة، ثم التوقيع عليه، الأمر الذى أدى إلى إنشاء منظمة دولية جديدة، أطلق عليها «الأمم المتحدة»، التى كان من المأمول أن تمنع نشوب حرب عالمية أخرى، مثل تلك الحرب التى عايشوها للتو، وبعد نحو أربعة أشهر من انتهاء مؤتمر سان فرانسيسكو، بدأت الأمم المتحدة عملها رسمياً فى 24 أكتوبر 1945، بعد أن صادقت الصين وفرنسا والاتحاد السوفيتى والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على ميثاقها، إضافة إلى الموقعين الآخرين. إلا أنه بعد 79 عاماً من إنشائها، لا تزال الأمم المتحدة تسعى للحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، وحماية حقوق الإنسان، والتمسك بالقانون الدولى، ولكن هل نجحت المنظمة، التى تجمع فى عضويتها نحو 192 دولة، فى تحقيق الهدف الذى أنشئت من أجله، أم أن الأزمة الراهنة الناتجة عن العدوان الإسرائيلى الغاشم على الفلسطينيين فى قطاع غزة، وفى جنوب لبنان، جاءت لتكشف عن أزمات وإخفاقات لدى مؤسسات الأمم المتحدة المعنية بحفظ السلام والأمن الدوليين؟
الدكتورة سماء سليمان، وكيل لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ، أكدت لـ«الوطن»، أن الأمم المتحدة تحاول جاهدة أداء دورها المنوطة بتنفيذه فى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مشيدةً بدور الأمين العام، أنطونيو جوتيريش، ومحاولاته الدائمة للحد من التوترات والصراعات فى أنحاء العالم، خاصةً فى منطقة الشرق الأوسط، وأكدت أن الهيكل الأساسى لمنظمة الأمم المتحدة وأجهزتها، حال استخدام سلطاتها طبقاً للقانون الدولى، فإنها كفيلة بتحقيق السلم والأمن الدوليين، معتبرةً أن حق النقض «الفيتو» أضر بمنظومة عمل المنظمة الدولية، واستخدم فى حسابات سياسية بعيدة عن أهداف القانون الدولى وحفظ الأمن والسلام فى الأرض.
وأوضحت وكيل لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، التى تمثل 193 دولة، رفضت العدوان الإسرائيلى على غزة، وصوتت أكثر من مرة انحيازاً للحق الفلسطينى، إلا أنها أشارت إلى أن قرارات الجمعية العامة «غير ملزمة للأسف»، وأضافت «سليمان» أن الجمعية العامة بحاجة لتعديل ميثاقها، لتكون القرارات التى تصدر بأغلبية الأعضاء ملزمة وواجبة النفاذ، مع إيجاد آليات أقوى لمحاسبة من يخالف هذه القرارات ويضرب بها عرض الحائط، وطالبت بإعادة تشكيل المشهد العالمى، حتى تتمكن المنظمة من تحقيق أهدافها التى أنشئت من أجلها، وتحقيق السلم والأمن الدوليين، والحفاظ على السلام العالمى، بعيداً عن سيطرة أو هيمنة قوى تساند دولاً أخرى تخالف القانون الدولى، وترتكب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على مرأى ومسمع من العالم أجمع، بدون أى رادع، وتواصل انتهاك القانون الدولى، الذى توافقت عليه دول العالم، ويعتبر الدستور الذى يحكم العلاقة بين الدول والشعوب. من جانبه، قال الدكتور حسام الدين محمود، الباحث فى العلاقات الدولية، ورئيس مركز أفريقيا للتخطيط الاستراتيجى، إن المجتمع الدولى كافة يقف عاجزاً أمام ما يحدث فى الشرق الأوسط، معتبراً أن من أغرب المواقف الدولية هو تراجع دور الأمم المتحدة، ووقوفها صامتة وعاجزة أمام ما يحدث فى الشرق الأوسط، والأحداث الجارية شرقاً وغرباً منذ عام ونصف حتى الآن، بدايةً من الإشكالية التى وقعت فى السودان وشرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقى، وصولاً للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إضافة إلى الحرب الضارية، التى قد يكون جزء منها خفياً وآخر واضحاً، وهى الأزمة الإسرائيلية الإيرانية، ودخول محور المقاومة بالكامل فى مواجهة مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلى.
وأشار «محمود» إلى وجود أسباب واضحة لاندلاع حرب شاملة فى المنطقة، لافتاً إلى أن الجهة الأولى المعنية بمحاولات وقف هذه الحالة هى الأمم المتحدة، وشدد على ضرورة العمل على إصدار قرار عاجل بوقف إطلاق النار بضمانات والتزامات كاملة بين الأطراف، وأضاف أن الأمم المتحدة كانت تستطيع فى الفترة ما بعد 7 أكتوبر 2023 أن يكون لها دور كبير فى أزمة الحرب على غزة، ولكنها تراجعت عن دورها المنوطة به، ووصف ذلك التراجع فى دور الأمم المتحدة خلال الأزمة الحالية، بأنه «مشين ومؤسف»، وتابع أن المنطقة العربية والأفريقية ودول أمريكا اللاتينية وشرق آسيا ترى أن منطقة الشرق الأوسط تتحول إلى ساحة حرب، بينما ترى الأمم المتحدة ذلك وتتراجع بخطاها إلى الخلف.
ولفت الباحث فى العلاقات الدولية إلى أن الأمم المتحدة تعانى من الضعف حالياً، وتعانى أيضاً من التفاف بعض القيادات داخل المنظمة، والتى تقف ضد أن تكون منطقة الشرق الأوسط آمنة، بالإضافة إلى الصراع الدولى والإقليمى، وضرب المثل بالدور البارز للأمم المتحدة فى أزمات سابقة، مثل حربى الخليج الأولى والثانية، حيث كان دورها قوياً ومؤثراً، وطالب «محمود» بتغيير نظام الأمم المتحدة بقوله إن «العالم يحتاج إلى نظام دولى جديد، ويحتاج إلى منظمة جديدة، يكون فيها قادة العالم متساوين، ويستطيعون إيقاف نزيف الحروب فى المناطق المشتعلة عبر العالم».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة مجلس الأمن فلسطين غزة الاحتلال لبنان أمريكا إسرائيل والأمن الدولیین الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
مسؤولة في الأمم المتحدة: سياسات ترامب مدمّرة للصحة الإنجابية في العالم
حذّرت ناتاليا كانم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، من أن التخفيضات التي طالت تمويل الصندوق بسبب سياسات إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان لها تأثير "مدمر وغير مسبوق" على برامج الصحة الإنجابية في مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى أن الضرر هذه المرة فاق ما حدث في فترات سابقة.
سياسات ترامب “الأكثر تدميرًا” لصحة النساء الإنجابية حول العالموأوضحت كانم في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" بمناسبة صدور التقرير السنوي للصندوق، أن نحو 330 مليون دولار من المشاريع تم تعليقها "بين ليلة وضحاها"، مما تسبب في تجميد خدمات حيوية في مناطق شديدة الضعف مثل أفغانستان.
وقالت كانم: "نعم، نحن نعاني"، مستشهدة بتجربة مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، حيث نجحت قابلات بدعم من الصندوق في مساعدة نحو 18 ألف سيدة حامل دون تسجيل أي وفيات بين الأمهات أثناء الولادة، وهو إنجاز نادر في ظروف الأزمات.
ولكن هذا النجاح لم يدم، بعد أن اضطرت العديد من هذه القابلات إلى التوقف عن العمل بسبب نقص التمويل.
ورغم أن تأثير التخفيضات الأمريكية لم يُقدّر بعد بشكل كلي، إلا أن الصندوق يتوقع ارتفاعًا في معدلات وفيات الأمهات وحالات الحمل غير المرغوب فيه نتيجة هذه السياسة.
وأضافت كانم أن ما يجعل الوضع "أسوأ من أي وقت مضى" هو أن المنظمات الأخرى العاملة في مجال الصحة الإنجابية، والتي كان يُمكن أن تعوّض غياب دعم الصندوق، باتت هي الأخرى تعاني من نقص التمويل نتيجة نفس السياسات.
ويعود أصل الخلاف إلى تعديل "كيمب-كاستن" الذي أقره الكونغرس الأمريكي عام 1985، والذي يمنع تقديم الدعم للمنظمات المتهمة بتسهيل الإجهاض أو التعقيم القسري، وهي الاتهامات التي نفاها الصندوق مرارًا، مؤكدًا التزامه بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وإلى جانب التخفيضات المالية، ترى كانم أن هذه السياسات تُقوّض أيضًا جهود المساواة بين الجنسين. وشدّدت على أن حقوق النساء والفتيات، لا سيما المراهقات، يجب أن تكون خطًا أحمرًا لا يمكن التراجع عنه أو التفاوض بشأنه.
وتقول: "يجب أن نُتيح للفتيات المراهقات إكمال تعليمهن دون أن ينتهين إلى الزواج المبكر أو الحمل القسري. حقوق المرأة ليست محل جدل، بل أساس للكرامة والعدالة الاجتماعية".
وقد رصد التقرير السنوي للصندوق، الذي استند إلى استطلاع رأي أجرته شركة