لو لم تقحم إسرائيل لبنان بحرب لم يكن يريدها، وهو غير المستعدّ لها وغير المجهز أساسًا لها لا عسكريًا ولا مدنيًا، وإن تكن "المقاومة الإسلامية" أكثر قدرة على المواجهة والصمود، لكان الدعم الذي سيخصّصه المؤتمر الدولي بمبادرة من الرئيس الفرنسي وتنظمه فرنسا بالتشارك مع الأمم المتحدة لسدّ حاجات ما يقارب المليون ونصف المليون من اللبنانيين المهجّرين من منازلهم وأرزاقهم في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، سيذهب إلى ما كان يحتاج إليه لبنان، ولا يزال أكثر من أي وقت مضى، لكي يستطيع أن يقف على رجليه من جديد، مع ما يحتاج إليه أكثر وبعد وقف الحرب، إن توقفت، لإعادة اعمار ما هدمته الغارات الإسرائيلية على رغم قول نائب الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في احدى اطلالته الثلاث بعد اغتيال السيد حسن نصرالله من "أننا سنعيد ما تهدّم على أجمل مما كان".
فإذا كان لبنان يحتاج إلى بضع مليارات لكي ينطلق في ورشة التعافي الاقتصادي بعد سلسلة النكبات، التي مُني بها قطاعه المصرفي والمالي، فإنه سيحتاج حتمًا إلى رقم لا يخطر على البال من مليارات الدولارات لكي يعيد إعمار ما هدّمته إسرائيل، وقد شاهد اللبنانيون كيف أن غارة واحدة تحّول مبنى من طبقات عدّة بلحظة واحدة إلى ركام، مع ما تخّلفه من قتل وتشريد. 70 دولة و15 منظمة دولية ستكون حاضرةً اليوم في باريس للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي الذي توسعت باريس في إرسال الدعوات إليه، من دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين والدول العربية الشريكة والأخرى التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى مشاركة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها. وستحّل أزمات لبنان المتشابكة على طاولة البحث والنقاش، وإن يكن موضوع الحرب وما يتعرّض له كل لبنان حاليًا من قصف إسرائيلي غير مسبوق، إضافة إلى العناوين العريضة لما سيتناوله المشاركون في هذا المؤتمر، ويأتي في طليعتها توفير المساعدات الإنسانية للنازحين وللقطاعات الرئيسية المتضررة كالتعليم والصحة، وثانيها دعم القوى المسلحة اللبنانية، تحديداً الجيش الذي يحتاج تقريباً إلى تقوية قدراته القتالية والمعيشية، مع ما يمكن أن يُطلب منه من مهمات مستقبلية عندما يحين موعد ارساله إلى المنطقة الواقعة جنوب الليطاني ليكون القوة الوحيدة القادرة على أن توفر للبنانيين الأمن والأمان، إضافة إلى تضافر الجهود للدفع في اتجاه إيجاد حل ديبلوماسي للصراع القائم راهناً بين إسرائيل و"حزب الله". وبالطبع فإن مسألة دعم السيادة اللبنانية والدفع في اتجاه إعادة تفعيل عمل مؤسسات الدولة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية لن يغيب عن بساط البحث.
فعلى رغم أن أزمة قطاع غزة "ستأكل" من صحن الدعم المعد للبنان، أقله بالنسبة إلى بعض الدول العربية، فإن مؤتمر باريس سيكون مؤتمر استباقيا تحضيرياً للمرحلة التالية بعد وقف الحرب، لجهة دعم الجيش عديداً وعتاداً ليكون جاهزا في إطار تطبيق القرار 1701، ولجهة تقديم الدعم الانساني واللوجستي لمعالجة الازمات الناشئة عن الحرب كإعادة الاعمار ومساعدة النازحين. وسيستفيد لبنان من هذا الحشد الدولي والأمي لكي يدفع في اتجاه إطلاق دينامية جديدة لوقف الحرب واقتراح جديد لوقف إطلاق النار فوراً وترتيب الحلول السياسية لتطبيق القرار 1701، فضلًا عما يؤمل بما يمكن أن تقوم به فرنسا من دور فاعل في إحداث خرق سياسي على مستوى إيجاد حل لأزمته الدستورية عبر التوافق على انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة تطلق عمل مؤسسات الدولة، مع توقع أن يطرح الرئيس ماكرون افكاراً جديدة لمعالجة كل هذه الامور وإخراج مؤسسات الدولة من حالة الشلل، وتصويب وتنظيم وصول المساعدات بسرعة الى مكانها المناسب.
أزمات لبنان المتشعبة والمتشابكة ستكون حاضرة اليوم بقوة في باريس في مؤتمر سيحقق له جملة من المكاسب في زمن الخسائر، اولها ان فرنسا هي التي دعت الى هذا المؤتمر الذي سيشارك فيه عدد كبير من الدول وخصوصا في اوروبا والاتحاد الاوروبي والدول الخليجية وقد اخذت على عاتقها القيام بالاتصالات اللازمة لإنجاحه، وثانيًا تأمين مساعدات انسانية ومالية عاجلة هو في أمسّ الحاجة اليها، وثالثًا ممارسة المزيد من الضغط على اسرائيل لتنفيذ القرار ١٧٠١ ووقف اطلاق النار، ورابعًا توفير الدعم اللازم للجيش الذي تنتظره مهام كثيرة مستقبلية، وخامسًا وأخيرًا الدفع في اتجاه توفير المناخ الملائم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وفي انتظار ما سيسفر عن مؤتمر اليوم من نتائج عملية فإن ما يأمله اللبنانيون من فرنسا، التي وقفت دائمًا إلى جانبهم في أزماتهم المتعددة، سيكون أكثر من "باريس1"، لأن لبنان يحتاج إلى كل مساعدة ممكنة يمكن أن يقدمها أشقاؤه العرب وأصدقاؤه في كل أنحاء المعمورة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی اتجاه
إقرأ أيضاً:
ترامب يقلص المهلة التي منحها لبوتين لوقف الحرب
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاثنين إنه يعتزم تقصير الموعد النهائي الذي كان قد حدده لمدة 50 يوما للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في أوكرانيا، وذلك بعدما واصلت روسيا قصف المدن الأوكرانية.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية إن روسيا أطلقت خلال الليل أكثر من 300 طائرة مسيرة وأربعة صواريخ كروز وثلاثة صواريخ باليستية.
وكان ترامب قد قال قبل أسبوعين إنه سيفرض "رسوما جمركية قاسية" على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام بحلول أوائل سبتمبر/أيلول، حيث أعرب عن استيائه من بوتين بسبب قصف المدن الأوكرانية وسط محاولات الرئيس الجمهوري لوقف القتال.
وقال ترامب إنه سيمنح بوتين 10 إلى 12 يوما اعتبارا من اليوم الاثنين، مما يعني أنه يريد أن تحقق جهود السلام تقدما بحلول 7 وحتى 9 أغسطس، وتتضمن الخطة عقوبات محتملة ورسوما جمركية ثانوية تستهدف شركاء روسيا التجاريين. وأشار إلى أن الإعلان الرسمي سيأتي في وقت لاحق اليوم الاثنين أو غدا الثلاثاء.
وعن الجدول الزمني الأقصر، قال ترامب "لا يوجد سبب للانتظار. نحن لا نرى أي تقدم".
وقال ترامب خلال زيارة إلى اسكتلندا إنه يتعين على بوتين أن "يبرم اتفاقا. الكثير من الناس يموتون".
ولم يصدر رد فوري من روسيا.
وكرر ترامب انتقاده لبوتين بسبب تحدثه عن إنهاء الحرب مع الاستمرار في قصف المدنيين الأوكرانيين. وقال "وأنا أقول، ليست هذه الطريقة للقيام بذلك. أنا أشعر بخيبة أمل من الرئيس بوتين".
وردا على سؤال في مؤتمر صحفي حول اجتماع محتمل مع الزعيم الروسي، قال ترامب: "لم أعد مهتما بالحديث".