تحالف المصالح.. تفاصيل دعم العتاد والذخيرة من كوريا الشمالية لروسيا
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
تشهد العلاقات العسكرية بين روسيا وكوريا الشمالية تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث أكدت مصادر أميركية وكورية جنوبية وأوكرانية، إرسال بيونغ يانغ قوات لدعم قوات الكرملين في الحرب المستمرة على أوكرانيا.
وتأتي تلك الخطوة وسط تحذيرات متزايدة من احتمالات تصعيد النزاع، وإمكانية انخراط كوريا الشمالية بشكل أكبر في الصراع، مما يثير القلق لدى العديد من الأطراف الدولية.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن كوريا الجنوبية دعت موسكو لاتخاذ "إجراءات فورية" لسحب الجنود الكوريين الشماليين الذين تم إرسالهم إليها.
وأفادت تقارير بأن حوالي 1,500 جندي من القوات الخاصة الكورية الشمالية يخضعون لتدريبات في روسيا تمهيداً لنشرهم في الخطوط الأمامية بأوكرانيا.
وأكد مسؤول عسكري أوكراني أن آلاف الجنود الكوريين الشماليين يتدربون حالياً في روسيا، ومن المتوقع نشرهم في أوكرانيا بنهاية العام.
وفي تصريحاته، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، صحة التقارير التي تشير إلى وجود الجنود الكوريين الشماليين على الأراضي الروسية، محذراً من أن هذا التحالف بين موسكو وبيونغ يانغ "يتجاوز مجرد تبادل الأسلحة، ليشمل أيضاً إرسال قوات قتالية من كوريا الشمالية لدعم القوات الروسية"، حسب وكالة "رويترز".
وبدوره، أكد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، وجود أدلة على انتشار القوات الكورية الشمالية في روسيا، لكنه أوضح أن الهدف من هذا الانتشار لم يتضح بعد، محذراً من أن هذا قد يشكل تصعيداً خطيراً في النزاع، وذلك وفق تقرير سابق نشره موقع "الحرة".
وتعد كوريا الشمالية من أبرز الدول الداعمة لروسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حيث أعلن زعيمها كيم جونغ أون عن "دعم كامل" لحرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أوكرانيا.
وفي مارس 2022، كانت كوريا الشمالية واحدة من 4 دول فقط صوتت ضد قرار الأمم المتحدة الذي يدين العدوان الروسي.
ومنذ ذلك الحين، قدمت بيونغ يانغ دعماً مادياً لموسكو، شمل إرسال ذخائر لتلبية احتياجات روسيا الملحة في ساحة المعركة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وأوكرانيين وكوريين جنوبيين. ويعتقد أن كوريا الشمالية تحصل في المقابل على مساعدات روسية لدعم برنامجها العسكري، وفق الصحيفة الأميركية.
دعم بالذخائرأوضح مسؤولون أميركيون في وقت سابق، أنه منذ اجتماع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتن، عام 2023، أرسلت كوريا الشمالية إلى روسيا حوالي 260 ألف طن متري من الذخائر أو المواد ذات الصلة بالذخائر، حسب موقع "أكسيوس" الأميركي.
وسمحت قذائف المدافع والصواريخ القادمة من كوريا الشمالية لروسيا بالحفاظ على معدل إطلاقها العالي طوال الغزو، الذي قُدِّر بما لا يقل عن 10 آلاف قذيفة يوميًا.
وبعد أشهر من زيارة كيم، قال مسؤولون أميركيون إن روسيا بدأت في استخدام الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية ضد أوكرانيا، وإنه بحلول ديسمبر 2023، أطلقت موسكو أكثر من 40 صاروخًا.
أسباب التدخلأشارت "واشنطن بوست" إلى هناك عدة أسباب وراء إرسال كوريا الشمالية لقوات عسكرية إلى روسيا، من بينها دعم موسكو في مواجهة نقص الجنود، إذ يسعى بوتين إلى تجنب تعبئة جديدة لقوات الاحتياط الروسية، وبالتالي استخدام القوات الكورية الشمالية لتعويض نقص الجنود في بعض المناطق الحيوية على الجبهة.
كما يُعتقد أن بيونغ يانغ أرسلت مستشارين عسكريين وفنيين للإشراف على استخدام الأسلحة الكورية الشمالية في المعركة.
ووفقاً لخبير عسكري كوري جنوبي، لي هو ريونغ، فإن مشاكل فنية في الذخائر الكورية الشمالية "قد تستدعي إرسال فرق فنية لمعالجة هذه المشاكل، وإدارة الأسلحة ميدانياً".
ما هي مكاسب كوريا الشمالية؟تسعى كوريا الشمالية إلى تحقيق عدة مكاسب من تعاونها العسكري المتزايد مع روسيا، خاصة في سياق الحرب الأوكرانية.
وإلى جانب الدعم المالي والمادي الذي تحصل عليه بيونغ يانغ، فمن المحتمل أن تكون كوريا الشمالية تستفيد من هذا التدخل لتحسين قدراتها العسكرية والتقنية.
وأحد أبرز الأهداف لكوريا الشمالية هو استخدام الصراع كفرصة لاختبار أنظمة أسلحتها في ساحة المعركة الأوكرانية، حيث تتيح هذه التجارب الحية لها تحسين أنظمتها الصاروخية والعسكرية، مما يعزز قدراتها الدفاعية والهجومية على حد سواء.
كما أن روسيا قد تقدم لكوريا الشمالية تقنيات عسكرية متقدمة، بما في ذلك التكنولوجيا الخاصة بالفضاء والصواريخ، التي يمكن أن تساعد في تطوير برامجها النووية، حسب موقع "المعهد الأميركي للسلام".
وعلاوة على ذلك، يشير التعاون إلى تحالف استراتيجي طويل الأمد بين البلدين. وخلال زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية في يونيو 2023، وقّع البلدان اتفاقية دفاع مشترك.
هذه الاتفاقية تشير إلى دعم عسكري متبادل في حال تعرض أي منهما لهجوم، مما يعزز تحالفهما في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، كما يرى موقع "نورث 38" المتخصص في الشؤون الكوية الشمالية.
وهذا التحالف يمنح كوريا الشمالية مزيدًا من النفوذ، خاصة في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها. كما أن روسيا قد تستخدم نفوذها في الأمم المتحدة للتخفيف من العقوبات ضد كوريا الشمالية، مما يسمح لها بمواصلة تطوير برامجها العسكرية والتقنية دون قيود كبيرة، كما يرى تقرير نشره موقع "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (IISS)، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن.
وحسب وكالة فرانس برس، فقد صوّت النواب الروس، الخميس، بالإجماع لصالح المصادقة على "معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة" مع كوريا الشمالية.
ورفض الكرملين التقارير التي تتحدث عن وجود قوات كورية شمالية في أوكرانيا، واصفاً إياها بأنها "خدعة إعلامية".
لكن مع تصاعد التقارير التي تؤكد وجود هؤلاء الجنود، استدعت كوريا الجنوبية السفير الروسي في سيول، مطالبة بسحب القوات الكورية الشمالية فوراً.
كما حذرت الحكومة الكورية الجنوبية من أن هذا التدخل، يعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر توريد الأسلحة والجنود من كوريا الشمالية.
وفي هذا السياق، عقدت حكومة كوريا الجنوبية اجتماعاً طارئاً لبحث الردود المحتملة على التعاون العسكري المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية.
وقال نائب مدير الأمن القومي الكوري الجنوبي إن الحكومة تدرس فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية إذا استمر هذا التعاون.
ويعتبر التدخل العسكري المباشر لكوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية خطوة غير مسبوقة، إذ لم تشارك بيونغ يانغ في أي نزاعات دولية على هذا المستوى منذ عقود.
ويرى محللون أن كوريا الشمالية قد تستفيد بشكل كبير من هذه التجربة في تحسين قدراتها العسكرية، مما قد يشكل تهديداً أكبر في شبه الجزيرة الكورية، وفق شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وقال كارل شوستر، المدير السابق لمركز الاستخبارات المشتركة في القيادة الأميركية في المحيط الهادئ، إن القوات الكورية الشمالية قد تكتسب خبرة قتالية حية تجعلها أكثر خطورة في المستقبل.
كما أشار في تصريحاته للشبكة الأميركية إلى أن ذلك التعاون قد يعزز قدرة النظام الكوري الشمالي على الصمود في وجه العقوبات الدولية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الکوریة الشمالیة من کوریا الشمالیة الشمالیة فی بیونغ یانغ فی الحرب
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض: ترامب مستعد لاستئناف التواصل مع زعيم كوريا الشمالية
أكد البيت الأبيض، الأربعاء، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال منفتحًا على التواصل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، في خطوة تعكس إمكانية عودة المحادثات بين الجانبين بعد سنوات من الجمود.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت خلال حديثها للصحفيين أن "الرئيس مستعد لتبادل الرسائل مع كيم جونج أون"، مشيرة إلى العلاقات الودية التي نشأت بين الزعيمين خلال الولاية الأولى لترامب، والتي شملت ثلاث قمم رئاسية وتبادل العديد مما وصفها ترامب بـ"الرسائل الجميلة".
ورغم هذه اللقاءات التاريخية، لم تسفر المحادثات السابقة عن تقدم فعلي في وقف برنامج بيونج يانج النووي. ففي يونيو من عام 2019، أصبح ترامب أول رئيس أمريكي تطأ قدماه كوريا الشمالية عندما عبر لفترة وجيزة المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، إلا أن الجهود الدبلوماسية ظلت متعثرة منذ ذلك الحين.
وفي مارس الماضي، أقر ترامب في تصريحات علنية بأن كوريا الشمالية أصبحت بحكم الأمر الواقع "قوة نووية"، في اعتراف يعكس الواقع الجديد الذي تواجهه واشنطن في التعامل مع بيونج يانج.
وتأتي بوادر استئناف التواصل في وقت تولى فيه رئيس كوريا الجنوبية الجديد لي جاي ميونج مهامه، وقد تعهد بدفع عجلة الحوار مع الجارة الشمالية. غير أن محللين يرون أن إدارة ملف كوريا الشمالية في هذه المرحلة قد يكون أكثر صعوبة على كل من ترامب ولي مقارنة بالولاية الأولى للرئيس الأمريكي، في ظل تعقيدات الوضع الأمني والسياسي الراهن.
فمنذ توقف المحادثات، واصلت بيونج يانج توسيع برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية بشكل ملحوظ، كما عززت علاقاتها العسكرية مع روسيا من خلال تقديم دعم مباشر لحرب موسكو في أوكرانيا عبر تزويدها بالأسلحة والقوات.
وفي هذا السياق، ذكرت تقارير أمريكية أن الإدارة الأمريكية أجرت خلال الأشهر الماضية سلسلة من المشاورات الداخلية والخارجية لبحث إمكانية إعادة إطلاق المفاوضات مع كوريا الشمالية. ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤولين قولهم إن مسؤولين من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي شاركوا في اجتماعات مغلقة مع خبراء لبحث تطورات الأوضاع في بيونج يانج بعد غياب دام أربع سنوات عن الحوار المباشر.
وبحسب المسؤول الأمريكي، فإن هذه الاجتماعات تهدف إلى تقييم الوضع الحالي وتحديد المسارات المحتملة لاستئناف الحوار، بما في ذلك البحث في هوية المفاوضين الكوريين الشماليين الذين قد يقودون المحادثات في حال عودتها.
وفي يناير الماضي، أكد ترامب خلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" عزمه إعادة فتح قنوات التواصل مع كيم جونج أون، قائلاً: "سأتواصل معه مرة أخرى". وكان ترامب قد وصف لقاءاته السابقة مع الزعيم الكوري بأنها كانت "ودية" وعكست علاقة شخصية نادرة بين رئيس أمريكي وزعيم كوريا الشمالية.
يأتي هذا التحرك في ظل استمرار المخاوف من تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، مع احتفاظ بيونج يانج بترسانتها النووية وتنامي تحالفاتها العسكرية في ظل المشهد الجيوسياسي المتوتر عالميًا.