مع استمرار غياب الدعم الخارجي، عكست التحركات الأخيرة من قبل مؤسسات الشرعية بالعاصمة عدن محاولات للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المناطق المحررة، وتفاقمت مع تفاقم الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة.

وتجسدت الأزمة بمظاهر الانهيار المستمر للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، والانهيار كذلك في ملف الخدمات، وخاصة في الكهرباء، بسبب عجز الحكومة عن توفير الوقود مع تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها جراء توقف تصدير النفط منذ أواخر 2022م.

إلا أن تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية جاء مع غياب تام لأي دعم مالي للحكومة من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات، خلافاً لما كان عليه الحال خلال عامي 2023 - 2024م، وسط حديث عن مطالب مشددة بربط تقديم الدعم بعملية إصلاحات جذرية تقوم بها الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، للحد من الفساد والعبث، وتحسين أدائها في إدارة المناطق المحررة.

وهو ما يبدو أنه دفع الجانب الرسمي خلال الأيام الماضية إلى اتخاذ عدة خطوات وتحركات كمحاولة نحو معالجة الملف الاقتصادي، والبدء في إصلاح أهم الاختلالات التي تقف خلف مشهد الانهيار الذي تعاني منه المناطق المحررة حالياً.

أبرز هذه التحركات جاءت من قيادة البنك المركزي اليمني، ومحاولاته الواضحة مؤخراً في ضبط السوق المصرفية لوقف الانهيار المتسارع الذي شهدته العملة المحلية خلال الأشهر الماضية، حيث تجاوزت أسعار صرف العملات الأجنبية أرقاماً قياسية.

حيث أصدر محافظ البنك، أحمد غالب المعبقي، خلال أقل من أسبوع، عدداً من قرارات سحب الترخيص عن 30 شركة ومنشأة صرافة بالمناطق المحررة، بعد قراره اللافت وغير المسبوق مطلع الأسبوع الماضي بالتدخل وتحديد سقف محدد لأسعار صرف العملات.

وأثمرت هذه التحركات للبنك تحسناً ملحوظاً في قيمة العملة المحلية، بتراجع أسعار صرف العملات الأجنبية في المناطق المحررة، في حين يعوّل مراقبون على تحسن أكبر إذا بدأت لجنة الاستيراد عملها على الأرض بعد أن تم الكشف عنها قبل نحو أسبوعين، بعقد أول اجتماع لها برئاسة محافظ البنك.

وضمن هذه التحركات، كان لافتاً القرار الذي أصدره رئيس الوزراء، سالم بن بريك، الإثنين الماضي، بتشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة للدولة للسنة المالية 2026م، حيث يُعد استمرار عمل حكومات الشرعية منذ 10 سنوات بدون موازنات مالية واحدة من أهم النقاط السلبية في نظر المانحين والداعمين.

كما أن غياب موازنة حكومية يمثل واحداً من أهم أسباب الفشل المالي والاقتصادي لأداء حكومات الشرعية المتعاقبة، ويمثل اليوم واحداً من أهم أسباب الأزمة المتفاقمة، وهو ما أكد عليه محافظ البنك المركزي في آخر تصريح له، الخميس الماضي، حول الوضع الاقتصادي وأسباب انهيار العملة.

>> تشخيص من البرلمان والبنك للأزمة.. غياب موازنة حكومية وفقدان الإيرادات

وإلى جانب غياب الموازنة، تحدث المحافظ في حديثه عن واحد من أهم أسباب الأزمة، ويتمثل في عدم توريد إيرادات الدولة إلى البنك المركزي، وأن أغلبها تُورّد إلى محلات وشركات الصرافة، كاشفاً أن 147 مؤسسة حكومية إيرادية لا تورد إيراداتها إلى البنك.

وعقب أربعة أيام من هذا التصريح الصادم، ترأس عضو مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزُبيدي، اجتماعاً بالعاصمة عدن للجنة العليا للموارد السيادية والمحلية، وهو أول اجتماع للجنة منذ نحو عام ونصف، والرابع منذ تشكيلها برئاسة الزُبيدي عقب الإعلان عن مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022م.

هذه الاجتماعات المحدودة للجنة خلال أكثر من ثلاثة أعوام، تعكس حجم الصعوبة والتعقيدات أمام اللجنة في تحقيق هدفها المتمثل في ضبط الإيرادات الحكومية والمحلية، إلا أن اللجنة تحدثت في اجتماعها الأخير عن وجود خطة تنفيذية لعملها خلال النصف الثاني من العام 2025م، تضمنت "أولويات عاجلة لمعالجة الاختلالات في المؤسسات الإيرادية السيادية، وفي مقدمتها مصلحتا الجمارك والضرائب، وتفعيل الأجهزة الرقابية، وإعادة ترتيب آليات التحصيل، وتوسيع قاعدة الموارد المحلية والسيادية"، وفق ما نشرته وكالة "سبأ" الرسمية.

ورغم غياب الثقة في كل ما يصدر عن الحكومة والشرعية بشكل عام من تحركات وتصريحات تتحدث عن إصلاحات ومعالجات للأزمات، جراء التجارب والأحداث طيلة السنوات الماضية، إلا أن تفاؤلاً حذراً يسود هذه المرة من أن يُسهم غياب الدعم الخارجي، مدفوعاً بتفاقم الغضب الشعبي بالمناطق المحررة، نحو حدوث عملية إصلاح حقيقية في أداء مؤسسات الشرعية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المناطق المحررة من أهم

إقرأ أيضاً:

الأزمة الجوية في فنزويلا: مادورو يسعى للحصول على دعم جيرانه في عمليات مشتركة

يقترح الرئيس الفنزويلي اتفاقات أمنية إقليمية مع تزايد التوترات مع الولايات المتحدة وتفاقم الأزمة التي دفعت شركتي بلس ألترا وليزر للطيران إلى فتح خط بديل بين مدريد وكاراكاس.

عرض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوم الجمعة على الدول المجاورة إبرام اتفاقات تسمح بالقيام بعمليات أمنية مشتركة بين المواطنين، مؤكدا أن البلاد تمكنت من تفكيك "جميع" العصابات الإجرامية، بما في ذلك "قطار أراغوا"، وهي منظمة تستهدفها إدارة ترامب.

وقال مادورو خلال افتتاح مقر أكاديمية جهاز الشرطة الوطنية البوليفارية: "لقد بنت فنزويلا نظام شرطة احترافي وعلمي ومثالي، وتضعه في خدمة الدول المجاورة لعقد اتفاقات، عندما تريد، لتبادل المعلومات، والعمليات المشتركة"، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية.

كما أكد الرئيس الفنزويلي أن فنزويلا هي "ضمانة للأمن" في القارة، وانتقد مرة أخرى الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي، والذي وصفه بأنه "غير متناسب" و"غير قانوني". وتؤكد واشنطن أن وجودها لأغراض مكافحة المخدرات، بينما تندد كراكاس بحملة تهدف إلى تغيير الحكومة.

كما دعا مادورو قوات الشرطة إلى دراسة "جميع أشكال الكفاح المسلح الشعبي" والحفاظ على "خطة هجومية دائمة" لضمان السلام في الأشهر المقبلة، فيما حثّ مادورو قوات الشرطة على تقديم مقترحات خلال 24 ساعة لتعزيز الاستراتيجية الأمنية.

بلس ألترا والليزر البديل للاتصال الجوي البديل

في خضم التوترات المتصاعدة وبعد سلسلة إلغاءات الرحلات الجوية الدولية، نسقت شركتا الطيران بلوس ألترا ولايزر خطاً بديلاً بين مدريد وكاراكاس مع التوقف في قرطاجنة دي إندياس، نظراً لاستحالة الحفاظ على الرحلات الجوية المباشرة بسبب تنبيهات إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) ووكالة سلامة الطيران الإسبانية (AESA) حول سلامة المجال الجوي الفنزويلي.

أوضحت شركة ليزر، من خلال بيان صدر على إنستجرام، أن هذا الخيار سيعمل "كخط اتصال بديل" للمسافرين الذين لديهم حجوزات مؤكدة، بينما أوضحت شركة بلس ألترا أن العملية ستتم "في اتصال بين الخطوط الجوية" وأنه يجب استشارة مركز الخدمة الخاص بها.

ويتوقع خط سير الرحلة رحلة مدريد-قرطاجنة التي تشغلها شركة بلس ألترا ورحلتين بين قرطاجنة وكاراكاس تشغلهما شركة ليزر، وهو مخطط سيتكرر في الاتجاه المعاكس. يأتي هذا الإجراء بعد أن ألغى المعهد الوطني الفنزويلي للملاحة الجوية المدنية (INAC) امتياز العديد من شركات الطيران الأجنبية التي لم تستأنف رحلاتها خلال المهلة التي طلبتها حكومة مادورو.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • جلسات لجنة المال والموازنة الأسبوع المقبل
  • بسبب إصلاح خط مياه.. كثافات مرورية للقادم من المعادي والتجمع وأكتوبر والهرم باتجاه البحر الأعظم
  • هند عاكف تعود للسينما بفيلم جديد بعد فترة غياب.. تفاصيل
  • وكيل وزارة الحج: بطاقة «نسك العمرة» متاحة رقميا لمعتمري الداخل ومطبوعة للمعتمرين القادمين من الخارج
  • الأزمة الجوية في فنزويلا: مادورو يسعى للحصول على دعم جيرانه في عمليات مشتركة
  • الشيباني: هشاشة الإيرادات النفطية تفرض مخاطر على سوق الصرف
  • رئيس بلدية غزة: نقص الوقود يفاقم الأزمة الصحية والبيئية
  • نجاح لجنة الواردات بفرض استقرار الصرف يفضح سنوات من عبث المضاربين
  • البنك الدولي: اقتصاد الإمارات الأسرع نمواً في المنطقة خلال 2025
  • الإيجار القديم في مصر.. من الأزمة إلى التعديل الضروري