هل يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان للأمة؟
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
سنة مرت على انطلاق معركة طوفان الأقصى بعملية هجومية جريئة استبقت ما كان يخطط له الكيان الصهيوني من اعتداء شامل ضد قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية لإنهاء القضية الفلسطينية وإخضاع الأمة وشعوبها ضمن مشروع السلام الإبراهيمي .
لقد مثلت عملية 7 أكتوبر 2023 فيما يعرف بغلاف غزة إيذانا ببداية مرحلة جديدة من الصراع من أجل تحرير فلسطين قلب الأمة النابض وتحرر الشعوب من قبضة الصهيونية العالمية وهيمنتها، حيث قلبت الموازين وغيرت قواعد الاشتباك من الدفاع إلى الهجوم ووحدت ساحات المقاومة ونفخت الروح من جديد في الأمة وفي كل البشرية.
ورغم اختلال ميزان القوة المادي بين الكيان وداعميه من الدول الكبرى من جهة والمقاومة وحلفائها من الجهة المقابلة فقد برزت عناصر جديدة في المعادلة لم يتعود عليها الكيان في علاقة بالإرادة وبالجانب المعنوي المعتمد على قوة الإيمان بالله وبالقضية والاستعداد للتضحية من أجلها حيث ضربت المقاومة وحاضنتها الشعبية الفلسطينية أروع مثال للشجاعة وحسن الاستعداد والقدرة على التخطيط ونجاعة التنفيذ وعاضدتها الساحات الأخرى في لبنان واليمن والعراق بدعم إيراني.
إن الحرب الإقليمية القادمة حتما ستكون حرب وجود لا حرب حدود.. ذات بعد حضاري وديني مما سيجعلها مدمرة وطويلة الأمد قد يمتدة لهيبها إلى كل المنطقة ولن ينجو من تداعياتها أحد لا دوليا ولا إقليميا..إن صمود المقاومة الفلسطينية ما يربو عن سنة هو خير تجسيد لقول الله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن والله مع الصابرين" (سورة البقرة 249) وغلبة المقاومة الفلسطينية اليوم هي في قدرتها مع شعبها على الصمود وإعاقة الكيان الغاصب عن تحقيق أهدافه وإعادة القضية إلى صدارة المشهد الإقليمي والدولي وفرض عناصر جديدة في المعادلة وضعت المنظومة الدولية الغربية بمبادئها وقيمها في اختبار عسير رغم الخسائر المادية والبشرية.
لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية أن شروط النصر لا تقتصر فقط على كثرة العدد والعتاد، فيحصل أن تنتصر فئات قليلة على فئات كثيرة إذا أعدت واستعدت ماديا في حدود إمكانياتها ثم توكلت على الله واستعانت به ثم صبرت وصابرت ورابطت عندها تكون حصيلة عناصر ميزان القوة لصالحها ويتحقق لها النصر .
وقد قارب القرآن الكريم معادلة الكثرة الواهنة والقلة الصابرة إلى الواحد مقابل عشرة ثم عدلها بعد غزوة بدر إلى واحد مقابل اثنين وقال: "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفا يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين" (الأنفال الآية 66).. وبهذا يعدل صبر القلة المؤمنة المتوكلة على الله 50%من قوة الكثرة وهو سر انتصار قوى المقاومة في كل ساحات الصراع من أجل القضايا العادلة مهما تعاظم جبروت القوى الغاصبة والمعتدية .
هذا التصور القرآني لميزان القوة لا يدركه الكثير ولا يفقهون دلالته وأبعاده فينخرطون بوعي أو بدون وعي في بث الأراجيف حول حصيلة ما حققته المقاومة من معركة طوفان الأقصى لقضية فلسطين وشعبها بعد ما حصل من دمار ومجازر في غزة وما يحصل في الضفة الغربية ثم حول اختلال ميزان القوة لصالح الكيان الصهيوني وحلفاءه تجاه المقاومة الفلسطينية وحلفاءها وتجاه الأمة بكل مكوناتها.
إن عربدة الكيان وعدوانه المتواصل على الأمة ومقدساتها وشعوبها وإحكام سيطرته عل أغلب أنظمتها لن يزيد الأوضاع إلا احتقانا وتوترا وسيؤدي آجلا أو عاجلا إلى تحول طوفان الأقصى إلى طوفان للأمة يطهرها مما تردت فيه ويعيد لها الاعتبار بين الأمموهو تبرير للخنوع والاستسلام والوهن والهوان والتواطؤ الذي تعيشه الأنظمة وتكاد تطبع معه الشعوب.
في ضوء هذا المشهد العاصف إقليميا ودوليا هل يمكن أن يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان للأمة؟
إن تواصل صمود المقاومة الفلسطينية رغم الكلفة المادية العالية من قتل وحصار وتدمير وتصفية لقياداتها وآخرهم شهيد الأقصى المجاهد يحيى السنوار ومن سبقه ومن سيلحق به في ظل تواطؤ عربي ودولى مخزي مع إمكانية توسع الصراع وتطوره نحو حرب إقليمية يستهدف الكيان الصهيوني وحلفاؤه الغربيون بها محور المقاومة وأساسا إيران وذلك بهدف ضمان استمرار وجوده ولما لا توسعه إلى ما يسمى بإسرائيل الكبرى، وذلك بمواصلة الضغط على غزة وشعبها لتركيعها وتهجير سكان شمالها والقضاء على المقاومة وضم الضفة الغربية وإنهاك حزب الله ولما لا نزع سلاحه وتعطيل المشروع النووي الإيراني وإن أمكن إنهاؤه ثم التفرغ للحوثيين والمقاومة العراقية.
إن الحرب الإقليمية القادمة حتما ستكون حرب وجود لا حرب حدود.. ذات بعد حضاري وديني مما سيجعلها مدمرة وطويلة الأمد قد يمتدة لهيبها إلى كل المنطقة ولن ينجو من تداعياتها أحد لا دوليا ولا إقليميا وخاصة أطرافها الفعلية. وستكون بداية النهاية لضعف الأمة وهوانها وتخلفها بأخذ طريقها نحو التحرر من الهيمنة والتبعية التي بلغت حد التآمر على فلسطين وشعبها ومقدساتها والمشاركة الفعلية في العدوان عليها بدعوى مقاومة الإرهاب، لأنها ستزيل الكثير من الحواجز المعطلة لطاقات الأمة وقواها الحية على غرار العراق واليمن ولبنان.
إن عربدة الكيان وعدوانه المتواصل على الأمة ومقدساتها وشعوبها وإحكام سيطرته عل أغلب أنظمتها لن يزيد الأوضاع إلا احتقانا وتوترا وسيؤدي آجلا أو عاجلا إلى تحول طوفان الأقصى إلى طوفان للأمة يطهرها مما تردت فيه ويعيد لها الاعتبار بين الأمم وفق ما كرمها الله تعالى به بجعلها أمة وسطا شاهدة على الناس في قوله: "وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" (سورة البقرة الآية 143).
*كاتب وناشط سياسي تونسي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية حرب احتلال فلسطين غزة حرب مآلات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى إلى طوفان للأمة المقاومة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
فرصة عالمية مواتية هل تستغلها الأمة؟ .. هذا ما كشفه السيد القائد اليوم
كشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، المنطلقات العقائدية الدموية التي تحكم سلوك الكيان الإسرائيلي، وخطورة نزع سلاح الأمة في لحظة تاريخية مفصلية يشهد فيها العالم انكشافًا غير مسبوق للعدو الصهيوني وشركائه.
يمانيون / تحليل / خاص
عقيدة استباحة وحقد متجذر
أكد السيد القائد أن الإجرام الصهيوني ليس مجرد سلوك سياسي أو ميداني، بل هو فكر ديني محرف، عنصري، ينطلق من رؤية استعلائية تجاه البشرية، وخاصة العرب والمسلمين ، حيث قال : الصهاينة لا يعترفون للعرب بأنهم من أصل بشري، بل يعتبرونهم كائنات خُلقت لخدمتهم! ، هذا التوصيف ينقل الصراع من كونه خلافًا حدوديًا أو دينيًا إلى صراع وجودي مع كيان يحمل مشروع إبادة للآخر، ما يعني أن كل دعوات السلام هي وهم قاتل، لأن الطرف الآخر لا يعترف حتى بوجودك كإنسان، وأشار السيد القائد إلى أن الطفل اليهودي الصهيوني يُربّى على ثقافة الإلغاء والاستباحة، ويغذّى على حقد ديني ضد الآخرين، مما يُنتج جيلاً مؤدلجًا على القتل والتوسع، هذه الرؤية تسقط أي رهانات على تغيّر العدو الإسرائيلي من الداخل، وتُفنّد مزاعم دولة ديمقراطية، حيث أن البنية النفسية والتربوية داخل الكيان مزروعة على أسس التطرف والإرهاب.
نزع سلاح الأمة .. تسليمها للموت
في أخطر تحذير ضمن الخطاب، وصف القائد محاولات نزع سلاح حركات المقاومة، وعلى رأسها حماس وحزب الله، بأنه منطق غبي وخدمة مباشرة للعدو، حيث قال : أمتنا الإسلامية هي أحوج الأمم لامتلاك السلاح، لأنهم يريدون تجريدها من قوتها لتكون فريسة سهلة، وهنا يربط السيد القائد بين السلاح والبقاء، ويذكّر بمآسي سابقة حين تم تسليم السلاح، مثل صبرا وشاتيلا، مؤكدًا أن السلاح ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية في وجه الإبادة.
سلاح المقاومة خيار استراتيجي أثبت فعاليته
ثمّن السيد القائد يحفظه الله الدور البطولي لكتائب القسام، وسرايا القدس، والمجاهدين في غزة، مؤكدًا أن بطولاتهم وصمودهم المذهل أربكت العدو وأدخلته في أزمة ، وأكد أن الصمود في غزة يؤكد صحة الخيار العسكري، وأن العدو يعاني من نقص بشري ونفسي وتهرّب من الاحتياط، وهذه الرسالة تؤكد أن خيار المواجهة هو الخيار الوحيد القادر على وقف العدوان. وهو رد مباشر على كل من يدعو إلى “المفاوضات” و”الحلول السلمية” مع كيان لا يعرف إلا لغة الدم.
لحظة عالمية مواتية .. هل تستغلها الأمة؟
اعتبر السيد القائد أن العالم اليوم يشهد أعلى موجة إدانة عالمية للعدو الإسرائيلي، وانكشافًا غير مسبوق لوحشيتها، ما يمثل فرصة سياسية إعلامية شعبية للأمة الإسلامية، مؤكداً أن الجو العالمي لصالح المسلمين لو أنهم يفهمون هذه الفرصة ويتحركون! وهنا لا يكتفي السيد القائد بالتشخيص، بل يطرح فرصة تاريخية، ويحمّل الأمة مسؤولية اغتنام هذه اللحظة الفارقة، بدلاً من التواطؤ أو التثبيط.
علماء السلطان .. وسقوط النخب
أشار السيد القائد بأسف إلى تراجع بعض المؤسسات الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، عن بيان كان يدين الجرائم الصهيونية، مؤكداً أن هذا سلوك معيب وتخاذل مخز، وهنا يضع السيد القائد الإصبع على داء النخب الدينية المتواطئة، التي تصمت أو تبرر التطبيع، في حين كانت تملأ الساحات بالفتاوى في أوقات الفتنة والدم العربي.
تحية لأحرار الأمة .. وعتب على الخاذلين
ثمّن السيد القائد يحفظه الله مواقف مفتي سلطنة عمان ومفتي ليبيا باعتبارها مواقف شريفة تليق بعلماء الأمة، مقارنة بمن اختاروا الصمت أو خانوا رسالتهم، حيث قال : من يثبطون اليوم هم من كانوا أبواق فتنة للجهاد في سوريا والعراق، واليوم يخذلون غزة! ، ويدعو القائد هنا إلى غربلة الوعي الإسلامي، والتمييز بين الأصوات الصادقة وتلك التي تعمل ضمن أجندات أعداء الأمة.
خاتمة .. خطاب بحجم المرحلة
كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، قدمت كشفًا جذريًا لطبيعة العدو الصهيوني العقائدية ، وتحذيرًا من كارثة نزع السلاح الذي يمتلكه أحرار هذه الأمة ، وتثبيتًا لخيار المقاومة كخيار وجودي لا تفاوض عليه ، ومقاومة وعقيدة، وتعبئة لا مساومة .