من تاريخ الترام في بلدية الخرطوم
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
من تاريخ الترام في بلدية الخرطوم
Khartoum Municipal Tramways
Richard Hill ريتشارد هيل
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة لبعض صفحات قليلة وردت في كتاب "المواصلات في السودان Sudan Transport" للمؤرخ البريطاني ريتشارد هيل (1901 – 1996م)، الذي صدر عن دار نشر جامعة أكسفورد عام 1965م (في صفحات 164 - 167).
المترجم
*********** *********** ***********
تم تشغيل أول ترام (ترماج) في مدن العاصمة الثلاث بشكل احتفالي مع رحلات مجانية للجميع في 14 مارس 1904م. وكان تراماً بخارياً بمقياس (gauge) 2 قدم ويتكون من قضبان مسطحة القاع تزن 12 كجم لكل متر موضوعة على عوارض فولاذية. وتولت بلدية الخرطوم مهمة تشغيل تلك الخدمة التي كان يبلغ طولها 3.6 كيلومتر فقط. وكانت قاطراتها (locomotives) ومعداتها المتحركة (rolling stock) بمعيار / مِقْياس 60 سنتيمتر، وقد تسبب التباين في مقياس المسار في تمايل عربات الترام الأولى بشكل كبير أثناء محاولة السير على المنحنيات. وفي وقت لاحق تم تغيير مقياس المسار إلى مقياس العجلات التي تعمل عليه. وكانت القاطرات عبارة عن محركين بقوة 30 حصاناً، وتتكون معداتها المتحركة من عشر عربات لركاب الدرجة الثالثة.
وكان الناس في البدء قد تخوفوا من تلك "البدْعَة الثورية"، ولم تزد مبيعات التذاكر في شهر أبريل 1904م عن 57 جنيها مصريا. غير أن شعبية الترام بدأت في الازدياد تدريجياً، وبحلول عام 1906م كان عدد مستخدمي الترام قد فاق المليون شخص، وبلغ صافي ربح ذلك الترام في عام 1907م 7,000 من الجنيهات المصرية. وفي تلك الفترة أُقِيمَ – عن طريق مقاولين - خط ترام في أمدرمان من الموردة (حيث ترسو العبارة البخارية "البنطون" القادمة من الخرطوم) إلى وسط المدينة، وأفتتح الحاكم العام تلك الخدمة في نوفمبر من عام 1906م. وفي العام التالي تم مد ذلك الخط إلى حي أبوروف، التي كان بها حوض لبناء المراكب، ومرسى قديم للعبارة البخارية بين ذلك الحي وحي شمبات. وكانت تُسير يوميا بين الموردة وأبوروف 12 رحلة بذلك الترام. وكانت قضبان الخط الحديدي المستخدمة في أم درمان أثقل من تلك التي تستخدم في شوارع الخرطوم، حيث بُنِيَتْ في عام 1906م ورشة لإصلاح ذلك الخط بمنطقة جنوب شرق المقرن، كانت مخصصة في وقت سابق (أكثر طموحاً) لإقامة قاعة بلدية الخرطوم.
ومع نهاية عام 1910م مُدَّ خط الترام إلى مدينة الخرطوم بحري عبر كبري النيل الأزرق (الذي كان يُسْتَخْدَمُ للسيارات وقطارات السكة حديد)، والذي كان قد أفتتح في ذات العام. وكان ذلك الترام يصل ما بين الخرطوم والخرطوم بحري، وينتهي عند معدية شمبات التي تقابل مرسى أبو روف بأم درمان. وكان ذلك طول ذلك الامتداد الجديد يبلغ نحو 8 كيلومتر (كم). وقد حل ذلك الامتداد محل الخط الجانبي الذي يبلغ مقاسه 3 أقدام و6 بوصات من محطة الحلفايا القديمة إلى ضفة النيل في شمبات، الذي كان يحمل الركاب بواسطة قطار مناورة Shunting engine يقوم سحب عربة ركاب الدرجة الرابعة. ثم مُدَّ خط الترام إلى محطة القطار الرئيسية بالخرطوم التي كانت قد اُفْتُتِحَتْ حديثاً. وبهذا اكتملت دائرة خدمات الترام والمعديات / العبّارات (ferries) في مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري)، بينما كان هناك ترام تجره البغال يربط الخرطوم بضاحية بري اللاماب (الواقعة شرق الخرطوم). وبحلول عام 1912م كان طول خط الترام بالعاصمة المثلثة قد بلغ أكثر من 21 كم، وبه ست قطارات (قوة الواحد منها 40 حصان) وست قطارات أخرى (قوة الواحد منها 30 حصان)، تجر سيارات الركاب ذات الأربع عجلات من الدرجة الأولى والثالثة، إضافة لشاحنات البضائع. ودر ذلك المشروع ربحاً وفيراً إذ أنه أدخل لخزينة البلدية في عام 1012م 24,000 من الجنيهات المصرية. وكان يشرف عليه حينها رجل ويلزى اسمه هـ. ايفانزH. Evans ، والذي كان سعيدا بالمسمى الوظيفي الجديد الذي حصل عليه في أغسطس من ذلك العام، وهو "مشرف الترام والعبّارات Superintendent of Trams and Ferries".
وفي عام 1925م سلمت البلدية خطوط الترام إلى شركة النور (وكان اسمها الرسمي هو شركة السودان للنور والطاقة Sudan Light & Power Company)، وهي الآن (أي في منتصف ستينيات القرن الماضي. المترجم) جزء من "الإدارة المركزية للكهرباء والماء" التي تمتلك الحكومة 49% من أسهمها. واُفْتُتِحَ في عام 1927م كبري لعبور السيارات على النيل الأبيض يربط بين الخرطوم وأم درمان، كان به أيضاً مسار للترام. ومع نهاية 1927م كانت "شركة النور" قد أكملت تحويل مسار الترام إلى مقياس 3 أقدام و6 بوصات وكهربة النظام بأكمله، فيما عدا الخط الرابط بين الخرطوم بحري وشمبات، الذي ظل مساره ضيق المقاس، ويستخدم محركات البخار، التي غِيرَتْ في عام 1934م إلى محركات ديزل. وفي عام 1949م توقف ذلك الخط بصورة نهائية وأستعيض عنه بخدمات الحافلات.
لعل أولئك الذين يتذكرون ما أوردناه سوف ينظرون بمودة وشوق لتلك الأيام الخالية الهادئة ولعربات الترام عندما كان العالم يقف ساكناً تقريباً. ولكن بالنسبة للأشخاص الأكثر حداثة في النظرة، فإن عربات الترام تبدو غير مريحة وبطيئة، وعند عبورها للتقاطعات تعيق تدفق حركة المرور الأسرع التي تسيطر تماماً الآن على شوارعنا. لقد طالب السكان المتزايدون في المدن الثلاث بوسائل نقل عام أكثر سعةً وسرعةً من النوع الذي لا تستطيع عربات الترام توفيره. لذا أوقف تشغيل نظام الترام الكهربائي بالعاصمة المثلثة في نوفمبر من عام 1961م، وأزيلت قضبانه من على الشوارع في عام 1962م. وحلت محل الترام حافلات البلدية وعدد هائل ومتزايد من السيارات الخاصة.
alibadreldin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخرطوم بحری الترام إلى الترام فی الذی کان ترام فی فی عام
إقرأ أيضاً:
انقلاب شاحنة بضائع في دائري دمت بسبب الغبار وتدني الرؤية ومليشيا الحوثي ترفض إصلاحات الطريق
انقلبت شاحنة نقل كبيرة، يوم الأربعاء، في مدينة دمت، عاصمة المديرية الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، شمال محافظة الضالع.
وأوضحت مصادر محلية لوكالة "خبر" أن الشاحنة، التي كانت تحمل بضائع، انقلبت في الخط الدائري بالمدينة، نتيجة تطاير الغبار وتدنّي مستوى الرؤية لدى السائقين، علاوة على عدم استقرار تربة الطريق.
وقد تم شق الخط الدائري خلال الأسابيع القليلة الماضية، عقب اتفاق أفضى إلى فتح خط (دمت – الضالع) بشكل رسمي نهاية مايو/ أيار الماضي، بهدف تسهيل حركة عبور الشاحنات ومركبات المسافرين.
وذكر منتحل صفة رئيس قسم الإعلام والمتابعة في أمن دمت، الخاضعة للحوثيين، النقيب محمد السعيدي، عبر حسابه في موقع فيسبوك، أن انقلاب الشاحنة جاء نتيجة الغبار الكثيف الذي حجب الرؤية أمام السائق.
واتهم السعيدي مكتب الأشغال العامة والوحدة التنفيذية بالاهمال، من خلال المطالبة بتنفيذ عمليات دكّ للتربة ورشّها بالمياه، للحدّ من مخاطر الحوادث على هذا الخط، الذي امتدت أضراره إلى المواطنين القاطنين على جانبيه.
وأشارت المصادر المحلية إلى أن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، تجني ملايين الريالات يومياً من إيرادات الجمارك المفروضة على شاحنات البضائع القادمة من المناطق المحررة إلى المدينة والمديريات المجاورة، بينما تتنصل من مسؤولياتها الخدمية لتسهيل حركة المرور.