عربي21:
2025-05-16@16:39:03 GMT

في مواجهة الإبادة

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

الإبادة البشرية المستمرة بحق المدنيين لعام كامل، وما زالت تتصاعد في قطاع غزة، قد وصلت اليوم في المنطقة الشمالية منه إلى أن يقرن القصف والتقتيل الجماعي والتدمير المتفاقم، باستخدام سلاح الجوع والتعطيش، والحرمان من الغطاء والدواء والنوم، حدا يجعل الموت هو المصير الوحيد للمئات، الأمر الذي يعني أن ما مورس من إبادة راح يزيد، كمّا ونوعا، ويوما بعد يوم، وفي ظل تواطؤ أمريكي- غربي، وفي ظل ألوان من العجز والهوان، من قِبَل أغلب الوضع الرسمي العربي والإسلامي، وهو ما لم يحدث له شبيه من قبل، لا شكلا ولا موضوعا.



اما عشرات الملايين من الشعوب والناس العاديين، من فلسطينيين وعرب ومسلمين وعالم ثالثيين، ورأي عام عالمي، فتتمزق قلوبهم وهم يرون الإبادة تستفحل في قطاع غزة، وأكثر ضحاياها من الأطفال والمسنين، والجرحى والمرضى، وتدمير المشافي، وأجهزة الإنقاذ والتمريض، وقتل الأطباء ومساعديهم من المسعفين.

من الناحية الموضوعية، تجد الإبادة نفسها عاجزة عن تحقيق نصر في الحرب، فالشعب يظل أقوى، ومن يؤمن بالشهادة لا يُهزم
ومع ذلك، ومن الناحية الموضوعية، تجد الإبادة نفسها عاجزة عن تحقيق نصر في الحرب، فالشعب يظل أقوى، ومن يؤمن بالشهادة لا يُهزم.

أما المجرمون من مرتكبيها، ومن يغطيهم، فيأكلهم الفشل في تحقيق الانتصار، ومن ثم لا يملكون إلّا جعل القتل والتدمير والإبادة غاية بحد ذاتها. بل عليهم انتظار الهزيمة، لا محالة، ومن ثم دفع الثمن الغالي في دمار سمعتهم، وما يدّعون من حضارة غربية، أو حداثة "عقلانية"، فما يقترفونه اليوم لا يُمحى، ولن يُنسى أبدا.

والسؤال، إذا كانت الإبادة مفروضة بالقوّة من جانب الكيان الصهيوني والحكومات الغربية، وإذا لم يستطع الضمير العالمي والوعي والعقل، والقِيَم الإنسانية، والقوانين الدولية وقفها، وإذا لم يسمحوا للعالم أن يعيش في نظام عادل وأخلاقي، وراحوا يفرضون عليه أن يعيش في غابة وحوش، لم تعرف الكرة الأرضية غابة وحوش مثلها.. فما العمل؟ أو ما الموقف؟

الجواب يكمن فيما جرى ويجري حتى الآن، خلال عام كامل من الوحشية المطلقة. وهو الصمود اللامتناهي، والهجوم السياسي على المجرمين الذين يرتكبون جرائم الإبادة، وعلى الذين يسلحونهم، ويغطونهم سياسيا
الجواب يكمن فيما جرى ويجري حتى الآن، خلال عام كامل من الوحشية المطلقة. وهو الصمود اللامتناهي، والهجوم السياسي على المجرمين الذين يرتكبون جرائم الإبادة، وعلى الذين يسلحونهم، ويغطونهم سياسيا. وهذا يعني ألّا نسمح للتخاذل، أو الضعف في مواجهة هذا الواقع المفروض، أن يسيطرا علينا ويقوداننا.

 وقد قال الشاعر (المتنبي):

إذا لَمْ يَكُن مِنَ المَوتِ بُدِّ   فَمِنَ العَـارِ أَنْ تَمُـوتَ جَبَانَـا

ما دامت الإبادة مفروضة، ومن يفرضها الكيان الصهيوني، وتغطيها أمريكا، فالجواب هو الصمود، والانتقال إلى الهجوم السياسي والأخلاقي، والتمسك بالحق والعدالة، والمقاومة الميدانية الشجاعة والمؤهلة للانتصار، كما أثبتت المقاومتان في غزة ولبنان، ومحورهما، ومن يقف إلى جانب الحق والعدل والقِيَم الإنسانية العليا، والضمائر الحيّة في العالم.

إن القتل الجماعي (الإبادة) زهوق، مهما تمادى وعربد، وإن الصامدين في وجهه لمنتصر عليه، لا محالة، سياسة ومقاومة، وبإذن الله، إيمانا واحتسابا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطينيين الصمود لبنان فلسطين غزة المقاومة صمود مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة تفاعلي سياسة أفكار سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أم غزية تجد ابنها بين الجثث المجهولة وتحمد الله أنه كامل

في ممرات الموت بمستشفى الشفاء غربي مدينة غزة، لا تنتهي المآسي عند فقد الأحبة، بل تبدأ رحلة جديدة أشد قسوة في البحث عنهم بين أكياس الجثامين المتراكمة في ثلاجات الموتى حيث تتكدس الأجساد في أرقام لا أسماء لها.

مشرحة الشفاء باتت المكان الأخير الذي تقصده العائلات المكلومة علّها تجد بين الأكياس المرقّمة ما يؤكد نهاية الغياب (الفرنسية)

وداخل مشرحة المستشفى توجد ثلاث "مقابر مؤقتة" للجثث المجهولة، تضم كل واحدة منها نحو 140 جثة مجهولة الهوية، انتشلت من تحت الركام أو استُقبلت بعد مجازر القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع.

مشرحة مستشفى الشفاء تحوّلت إلى مقبرة مؤقتة تضم مئات الجثامين المجهولة (الفرنسية)

ويعمل الطاقم الطبي وسط إمكانات شبه معدومة، في ظل انهيار النظام الصحي ونقص كبير في الكوادر والمعدات، لا سيما أدوات الفحص الوراثي (DNA)، مما يجعل التعرف على الضحايا مهمة شاقة.

الطاقم الطبي يعمل بأدوات بدائية وتحت ضغط هائل عاجزا عن إجراء فحوص الحمض النووي (الفرنسية)

وتمكنت منى الحرازين من التعرف على ابنها يزن داخل المشرحة من خلال تفاصيل محددة في ملابسه وبعض العلامات الجسدية، في مشهد اختلطت فيه مشاعر الحزن بالراحة، إذ بات لديها يقين بنهايته بعد طول شك وترقب.

منى الحرازين أم فلسطينية فقدت ابنها يزن بعد قصف إسرائيلي على غزة (الفرنسية)

ومع محدودية المساحات المتوفرة للدفن، لم تتمكن الأسرة من تشييعه في قبر مستقل، وفرض الواقع بأن يُوارى الثرى فوق رفات أحد أجداده، كما بات شائعا في قطاع غزة، فالعثور على قبر فردي ترف لا يتحقق لكثيرين.

منى أمضت وقتا طويلا في البحث بين المستشفيات وثلاجات الموتى على أمل العثور على جثة يزن (الفرنسية)

وتعمل طواقم الطب الشرعي في ظروف قاسية، ويضطر الأطباء إلى توثيق مئات الجثامين بالصورة والرقم والملامح، في محاولة لتنظيم عملية المطابقة لاحقا، رغم أن أمل التعرف على أصحابها يتضاءل مع مرور الوقت وتحلل الأجساد.

منى تعرفت على جثة ابنها من ملابسه وسنه التركيبي بعد طول انتظار وقلق (الفرنسية)

وتنتظر آلاف العائلات في غزة خبرا، أو صورة، أو حتى قطعة قماش تؤكد أن الغائب لن يعود، ولم يعد السؤال الأبرز: من الذي مات؟ بل: أين هو الآن؟ وتحت أي رقم يُحفظ اسمه المؤجل إلى حين.

ومع استمرار القصف وتفاقم الأزمة الإنسانية، يتزايد عدد المفقودين، بينما تتحول المستشفيات من أماكن للعلاج إلى ساحات ممتدة للوداع، ومخازن اضطرارية للموتى.

وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 173 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

إعلان

مقالات مشابهة

  • 36 مسيرة جماهيرية حاشدة في صعدة تأكيداً على الصمود والثبات في إسناد غزة
  • 177 مسيرة حاشدة في إب تأكيداً على الصمود والثبات لإسناد غزة
  • مدير مستشفى الأبيض التعليمي مزمل أحمد محمد: استقبلنا عدد من الجرحى الذين سقطوا جراء قصف الميليشيا العشوائي على المدينة
  • أم غزية تجد ابنها بين الجثث المجهولة وتحمد الله أنه كامل
  • في مؤتمر اسلامي كبير.. ممثل وفد اليمن يرد على ممثل إيران: الشعب كله ضد الحوثيين الذين تدعمهم طهران
  • تسهيلات جديدة للأزواج الذين لديهم أطفال فيما يخص قروض الزواج
  • الاتحاد الأوروبي يسجل تراجعًا في أعداد الذين يعبرون الحدود بصورة غير قانونية مطلع 2025
  • على عساكر مجلس السيادة فصل المسار العسكري عن المسار السياسي بشكل كامل
  • أصالة كامل ترزق بطفلتها الأولى دفى
  • تعرف على أبرز الشخصيات التكنولوجية الذين رافقوا ترمب في زيارته إلى السعودية