جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-12@20:36:43 GMT

مشاهد من خلف أسوار "بيت المتوني"

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

مشاهد من خلف أسوار 'بيت المتوني'

 

حمود بن علي الطوقي

 

لم أتوانَ عن تلبية الدعوة عندما طرح أحد الإخوة فكرة زيارة زنجبار، والتعرف على معالم وآثار الوجود العُماني في جمهورية تنزانيا، وزنجبار على وجه الخصوص، وزيارتي لزنجبار وتنزانيا تعتبر الثانية؛ فالزيارة الأولى كانت في عام 2019 ضمن وفد غرفة تجارة وصناعة عُمان.

زرتُ وقتها دار السلام العاصمة السياسية وزنجبار؛ حيث الوجود العُماني الأبرز في هذه الجزيرة التي ما زالت محافظة على الآثار والإرث العُماني.

الزيارة الأولى كانت رسمية حيث كنت شاهدًا على احتفالية بالتوقيع على عددٍ من الاتفاقيات لتفعيل التبادل التجاري بين البلدين الصديقين، فالبلدان يقعان على موقع استراتيجي يربطهما علاقات ملاحية بسبب مرور المحيط الهندي مما جعل لهذه الاتفاقيات مجالا رحبا. لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين. خلال تواجدي الآن في تنزانيا. قرأت في الصحف المحلية خبرا لتسيير وفد تجاري تنزاني. لزيارة رسمية إلى سلطنة عُمان يضم نحو 100 رجل من كبار التجار في تنزانيا، ومن المؤمل أن يكون لمثل هذه الزيارات مردودا إيجابيا على مستوى العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين الصديقين.

أعود إلى زيارتي الحالية برفقة الإخوة الأعزاء، فمنذ الوهلة الأولى وما أن تطأ قدماك أرض زنجبار يمكنك أن تحكم على صلابة ومكانة الوجود العُماني في أرخبيل هذه الجزيرة. وقد زرتُ برفقة إخواني كل من المدن التنزانية مثل إقليم تانجا ومحافظة أروشا وولاية لوشوتو ومحمية جوروونجور؛ حيث يمتد الوجود العُماني في كل شبر من تنزانيا.

لا يحتاج الزائر لتنزانيا إلى جهد كبير لاكتشاف الوجود العُماني في أرخبيل زنجبار، فإذا اخترت مقر إقامتك ليكون في "ستون تاون" سترى الحضور العُماني بارزًا وأنت تتجول في الأسواق وبين الأزقة في منطقة شانجاني والفرضة ويطلق على الفرضة باللغة المحلية (فرضاني). ويمتد تاريخ الوجود العُماني في زنجبار إلى قرون مضت، وتحديدًا في القرن السابع عشر عندما بدأت سلطنة عُمان بمد نفوذها إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وبرز دور زنجبار كجزء من الإمبراطورية العُمانية. وتطورت العلاقة العُمانية بزنجبار مع انتقال السلطان سعيد بن سلطان، حاكم عُمان، إلى زنجبار عام 1832؛ حيث جعل منها عاصمة لإمبراطوريته على الساحل الشرقي لأفريقيا. تحت قيادته، تحولت زنجبار إلى مركز تجاري مهم يربط بين الشرق والغرب، وساهم في تعزيز الوجود العُماني في المنطقة من خلال تمكين وتشجيع التجارة والثقافة.

تشير المصادر العُمانية لمساهمة العُمانيين في تطوير زنجبار على الصعيدين الاقتصادي والثقافي؛ حيث كان لهم الفضل في جلب التقنيات الزراعية الجديدة وعرفت زنجبار زراعة القرنفل التي أصبحت فيما بعد من أعمدة اقتصاد زنجبار. كما شارك العُمانيون في التجارة البحرية؛ إذ كانت زنجبار محطة مهمة لتجارة العاج والتوابل، مما أدى إلى زيادة ثروات الجزيرة وازدهارها.

كون الوجود والحكم العُماني في زنجبار يهتم بالجوانب التجارية والثقافة فقد أثرت هذه السياسة والاستراتيجية بعمق في الحكم العُماني في زنجبار، كما أخبرني أحد الإخوة العُمانيين الذين التقيت بهم في زنجبار؛ حيث حدثني عن كثيرٍ عن العادات والتقاليد العُمانية التي شكلت جزءًا كبيرًا من الحياة اليومية في الجزيرة. وما زالت هذه العادات متوارثة بين الأجيال، على الرغم من أن عددًا كبيرًا لم يَزُر عُمان بسبب عدم حصوله على الجنسية، إلّا أن هؤلاء العُمانيين مُلتزمين بالمحافظة على هذا الإرث العُماني، وأيضا يحرصون على تعلم اللغة العربية من خلال جمعية الاستقامة العُمانية التي أنشأت مدارس ومعاهد ومدارس لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية وعندما تتجول في الأزقة في منطقة شنجاني ستشاهد انتشار العمارة العُمانية في المباني والأسواق. هذا التداخل الثقافي انعكس في المجتمع الزنجباري الذي يحتفظ حتى اليوم بعناصر من الثقافة العُمانية في اللغة والعادات وحتى في الطعام.

وعلى الرغم من الغزو التنجانيكي الغاشم الذي أدى الى إنهاء الحكم العُماني عام 1964 ورغم التحولات السياسية، ولكن ما زال الوجود العُماني حيًا في زنجبار من خلال التأثيرات الثقافية العميقة والعلاقات التاريخية التي تربط الشعبين العُماني والزنجباري.

المطلوب الآن أن نكثف جهود تعزيز مستوى هذه العلاقات بين البلدين، ونعمل على دعم التجارة البينية وتسهيل انتقال الإخوة في زنجبار من الوصول إلى عُمان بعدما تقطَّعت بهم السبل وظلوا في ذلك البلد، فقد رأيناهم مُلتزمين بالتمسُّك بعاداتهم العُمانية؛ فهؤلاء يقودهم الشوق والحنين لزيارة أهاليهم والتعرف على بلدهم الأم سلطنة عُمان، وفهذه الأمنية هي مطلب الجميع ممن ظلوا في زنجبار ولم تُتح لهم فرصة العودة إلى عُمان الحبيبة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

محللون: نتنياهو سيواصل التهام الضفة وواشنطن ليست جادة بشأن الاستيطان

في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري، تواصل حكومته توسيع عمليات الاستيطان والضم في الضفة الغربية المحتلة لإلغاء الوجود الفلسطيني بها ووأد أي أمل في تنفيذ حل الدولتين الذي يقول محللون إن تطبيقه بات مستحيلا.

ففي آخر تصعيد للعمليات بالضفة، نفذت قوات الاحتلال مداهمات واعتقلت عشرات الفلسطينيين وهدمت منازل في أريحا وطوباس ونابلس الخليل ورام الله.

وتبدو حكومة نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية– عازمة على فرض سياسة الأمر الواقع في الضفة حيث قررت مؤخرا منح 8 بؤر استيطانية عشوائية رموزا بلدية تمهيدا لتقنينها، في حين أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعتمادات ضخمة لتعزيز الاستيطان.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قطعت حكومة نتنياهو أشواطا كبيرة لتعزيز السيطرة على الضفة تحت مظلة الاحتياجات الأمنية، وهو ما يجعل حديث واشنطن عن رفض هذا الأمر غير واقعي، كما يقول الباحث السياسي الفلسطيني الدكتور عادل شديد.

فالحكومة المسماة بحكومة المستوطنين -كما قال شديد في برنامج "ما وراء الخبر"- تسعى لاستغلال ما حدث في غزة لتمكين مشروعها القومي بالضفة، وترجمة شعار إلغاء الوجود الفلسطيني مقابل تعزيز الوجود الإسرائيلي.

إنهاء الوجود الفلسطيني

ويجري العمل على هذا الواقع الجديد -حسب الأكاديمي الفلسطيني- عبر تحويل كافة المدن والبلدات والمخيمات إلى جزر معزولة ومحاصَرة في محيط واسع من الوجود الإسرائيلي السكاني والأمني.

وتسيطر إسرائيل حاليا على ثلثي مساحة الضفة، وتعمل على ربط كافة التجمعات الإسرائيلية تزامنا مع تفكيك نظيرتها الفلسطينية، وهو ما يجعل إقامة دولة فلسطينية في هذا المكان أمرا مستحيلا من الناحية العملية، كما يقول شديد.

في المقابل، يقول الخبير في الشؤون الدولية بول ديفيز، إن حل الدولتين لا يزال قائما وإن الولايات المتحدة متمسكة، وإن إسرائيل تحاول فقط الحصول على ضمانات أمنية لأنها "قدمت الأرض مقابل السلام في غزة لكنها لم تحصل على ما تريد".

إعلان

لذلك، تعمل الخارجية الأميركية حاليا على وقف عمليات الاستيطان وضمان احتياجات إسرائيل الأمنية من خلال تعزيز صلاحيات السلطة الفلسطينية لأنها قادرة على القيام بهذه المهمة، برأي ديفيز.

ويمكن تطبيق حل الدولتين من خلال منح الضفة الغربية حكما ذاتيا كما كان الوضع في غزة، بحيث تصبح السلطة الفلسطينية قادرة على ممارسة صلاحياتها فيها، حسب ديفيز، الذي يعتقد أن يرفع الرئيس دونالد ترامب  شعار "كفى، تعالوا نجلس ونبحث عن حل" في وجه نتنياهو خلال زيارته المرتقبة لواشنطن.

لكن ترامب لم يعلن أبدا نيته إقامة دولة فلسطينية، بل ولم يذكر هذا المصطلح في أيّ من خطاباته لا هو ولا أي مسؤول في إدارته، كما يقول الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.

ولو كانت واشنطن راغبة في وقف ضم الضفة، لما سمحت لإسرائيل ببناء 22 مستوطنة وإقامة 122 بؤرة استطانية جديدة خلال فترة الحرب، وفق البرغوثي، الذي أشار إلى إعلان جيش الاحتلال، الاثنين، عن إنشاء 100 بؤرة زراعية جديدة.

حديث غير جاد

كما صادرت إسرائيل 32% من أرض الضفة المحتلة وهجرت 62 تجمعا سكانيا عبر الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون، وألقت اتفاق أوسلو في سلة المهلات، وفرّغت الحكم الذاتي للسلطة من مضمونه دون أي موقف أميركي جاد، وفق البرغوثي، الذي لا يصدق أي حديث عن حل الدولتين ما لم يكن مقرونا بعقوبات رادعة لإجبار إسرائيل عليه.

وحتى القرار الذي أصدرته إدارة باراك أوباما من مجلس الأمن الدولي، والذي يجرّم عمليات الاستيطان في الضفة "لا تقوم إدارة ترامب بتفعيله"، مما يعني -برأي البرغوثي- أنها غير صادقة في حديثها بشأن الضفة.

ومع ذلك، يعتقد الخبير في الشؤون الدولية بول ديفيز أن ترامب سيوقف نتنياهو عند هذه النقطة لأنه يريد القيام بكثير من الأمور في الشرق، وأنه لن يكون قادرا على القيام بها ما لم تتوقف إسرائيل عن ضم غزة والضفة وتتخذ خطوات من أجل السلام.

ورد شديد على هذا الحديث بقوله إن السلام الذي يريده نتنياهو يقوم على محو الوجود الفلسطيني، وهو ما يتجلى عمليا في شوارع الضفة التي اختفت منها الأسماء العربية مقابل انتشار الأسماء والإشارات العبرية.

فقد تم تخصيص 7 مليارات شكل (2.2 مليار دولار) لإقامة شبكة طرق جديدة تخدم 70 ألف مستوطن بالضفة، أي 1% من تعداد الاسرائيليين، وهذا يعني خلق واقع جديد يجعل حياة الفلسطيني مستحيلة، كما يقول.

وحتى لو سمع نتنياهو كلاما مختلفا خلال وجوده في واشنطن، فإنه سيراوغ وسيواصل تعزيز الأمر الواقع، لأنه يريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب في كل الجبهات خلال وجود ترامب في البيت الأبيض، كما يقول شديد.

مقالات مشابهة

  • مسيحيو لبنان.. هويات مشرقيّة صغيرة بين محدودية التمثيل وتحديات الوجود
  • مشاهد تعكس حجم العمل.. تعرف على منظومة الخدمات في المسجد الحرام
  • خلافًا لرغبة ترامب.. النواب يقر بنودًا للحفاظ على الوجود الأمريكي في أوروبا
  • متنا من البرد.. مشاهد غرق الخيام في غزة تشعل منصات التواصل
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا
  • ماني يدعم صلاح: لا تحزن ولا تنكسر ستظل أسطورة رغم أنف الحاقدين
  • الدفاع المدني في غزة ينتشل أكثر من 30 جثمانا من مقبرة جماعية داخل مستشفى الشفاء
  • الرئيس اللبناني يغادر مسقط.. وبيان عُماني–لبناني مشترك يؤكد تعزيز التعاون الثنائي
  • الحجار عقد اجتماعا ثنائيا مع نظيره العُماني في مسقط.. وتنويه بدور سلطنة عُمان في المنطقة
  • محللون: نتنياهو سيواصل التهام الضفة وواشنطن ليست جادة بشأن الاستيطان