تمكين المحافظات.. نحو تحقيق "عُمان 2040"
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
لا شك أنَّ تمكين المحافظات ومنحها صلاحيات أوسع يُعد خطوة جوهرية نحو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ويعكس توجه السلطنة نحو اللامركزية وإشراك المجتمع المحلي في صنع القرار، هذه الاستراتيجية تنسجم مع رؤية "عُمان 2040"، التي تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة ترتكز على بناء القدرات المحلية وتوزيع الموارد بشكل عادل، ويعتمد هذا التمكين على تمويل مشاريع التنمية، وتطوير البنية الأساسية، وتعزيز الفرص الاستثمارية التي تتماشى مع احتياجات كل محافظة.
تمكين المحافظات يعني تمكين الجهات المحلية في كل محافظة من إدارة شؤونها الخاصة، بما يشمل تحديد المشاريع ذات الأولوية، وإدارة الموارد المالية والبشرية، والعمل على تطوير الخدمات العامة، كما يعتمد مفهوم اللامركزية على توزيع الصلاحيات بين الحكومة المركزية والجهات الموجودة في المحافظات، بحيث تتاح للمحافظات مرونة أكبر في اتخاذ القرارات التي تتعلق بها مباشرة، واللامركزية الإدارية تهدف إلى تخفيف الأعباء على الحكومة المركزية، وتقلل الاعتماد على محافظة مسقط كمركز وحيد لصنع القرار، مما يمنح المحافظات حرية وسرعة في اتخاذ القرارات التي تخدم مصالحها واحتياجات المواطنين.
تمكين المحافظات مرتبط بشكل مباشر في التنمية الاقتصادية المتوازنة، ويمكن من خلالها للمحافظات أن تطور برامج اقتصادية تناسب قدراتها الطبيعية والبشرية، مثل تطوير السياحة البيئية في المناطق الريفية أو الجبلية أو الصحراوية وأي ممكنات تنفرد بها المحافظة أو تحسين الصناعات الصغيرة والمشاريع الزراعية، مما يسهم في توزيع الثروة ويقلل الفجوة بين المناطق المختلفة، وهو ما يساهم في تحقيق فعالية أكبر في إدارة وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي، ويمكن تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين المحليين على البدء في مشاريع اقتصادية جديدة تخدم مجتمعاتهم.
الحكومة بدأت فعليًا في هذه الخطوات، ولنا في توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مثال من خلال زيارات جلالته للمحافظات ومخاطبة المواطنين، وتأكيده على أهمية المجالس البلدية ثم تخصيص مبالغ تنموية للمحافظات، وهو ما نراه خطوة في الاتجاه الصحيح سيؤدي إلى تحقيق عدة أهداف اجتماعية واقتصادية، أهمها التنمية الشاملة والمستدامة عبر تحقيق التوازن التنموي بين مختلف محافظات السلطنة وتقليل الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى، ويساهم هذا بلا شك في رفع مستوى الحياة في المناطق الريفية والنائية، ويخلق فرصًا جديدة للشباب، كما سيكون له دور كبير في تحفيز الابتكار وتحسين كفاءة الخدمات، خاصة عندما تتولى المحافظات مسؤولية إدارة شؤونها، وتتاح الفرصة للابتكار في تقديم الخدمات؛ حيث يمكن للمسؤولين استخدام أساليب جديدة في إدارة وتطوير الخدمات العامة.
هذا التناغم سيساهم بشكل فعال في رفع مستوى البنية التحتية في المحافظات، وهو يعد من أبرز أهداف التمكين، حيث يمكن لكل محافظة أن تخطط وتنفذ مشاريع في مختلف المجالات سواء في الصحة والتعليم والنقل وغيرها بما يتناسب مع احتياجاتها.
وبالرغم من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تحققها عملية تمكين المحافظات، إلا أن هناك تحديات يجب تجاوزها لضمان نجاح هذه السياسة، أبرزها التباين في الموارد والقدرات بين المحافظات، وقد تواجه بعض المحافظات- خصوصًا الأقل نموًا- صعوبة في تنفيذ المشاريع بنفس كفاءة المحافظات الأخرى، يمكن التغلب على هذا التحدي من خلال دعم القدرات المحلية وتعزيز الكفاءات البشرية، كما أن التمويل المستدام للمشاريع المحلية يعتبر تحدي آخر في تمويل كافٍ للمشاريع المحلية، مما يستدعي توفير آليات تمويل مستدامة لضمان استمرار المشاريع، وهو ما ركزت عليه الحكومة بتنفيذ الأوامر السامية بمنح كل محافظة مبلغ 20 مليون ريال عُماني خلال الخطة الخمسية العاشرة.
ومن أجل تجاوز جميع التحديات وضمان تحقيق نتائج إيجابية من تمكين المحافظات، يمكن اعتماد استراتيجيات عدة تساعد في إنجاح هذا التوجه، أولها ضرورة إنشاء برامج تدريبية لتطوير الكوادر المحلية وتمكينها من إدارة المشاريع، وتحقيق كفاءة عالية في استخدام الموارد وإدارة التحديات، ويمكن إطلاق برامج تمويلية خاصة للمحافظات، عبر تخصيص ميزانيات خاصة مستدامة للمشاريع التنموية في كل محافظة، وتقديم قروض ميسرة تدعم مشاريع التنمية المستدامة، بجانب تعزيز الشراكات بين المحافظات والقطاع الخاص المحلي، حيث يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا كبيرًا في تنفيذ المشاريع المحلية، سواءً من خلال الاستثمار المباشر أو الشراكات العامة والخاصة، مما يخفف العبء المالي على الدولة ويشجع التنمية المحلية.
خلاصة القول.. نؤمن بأن تمكين المحافظات هو خطوة جوهرية نحو تحقيق رؤية "عُمان 2040"؛ حيث يسهم في تحقيق تنمية شاملة وموزعة في مختلف ولايات السلطنة، ويدعم الاقتصاد الوطني بشكل مستدام، ورغم التحديات التي قد تعترض هذه الجهود، إلّا أن تعزيز القدرات المحلية، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع الاستثمار المحلي، وتطبيق استراتيجيات تنموية مناسبة ستضمن نجاح عملية التمكين وخلق مستقبل أكثر إشراقًا للبلاد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزيرة التنمية المحلية تعتمد الخطة التدريبية للعاملين بالمحليات بمركز سقارة لعام 2025-2026
اعتمدت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، الخطة التدريبية السنوية الجديدة للمحليات بمركز التنمية المحلية للتدريب بسقارة وذلك للعام المالي 2025/2026.
وذلك في إطار جهود وزارة التنمية المحلية لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية في تأهيل ورفع كفاءة العاملين بالمحليات وتنمية قدراتهم الوظيفية والشخصية وبناء صف قيادي ثان بالإدارة المحلية.
الخطة الجديدةوأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى أن الخطة الجديدة تلبي الاحتياجات التدريبية الواردة من قطاعات الوزارة المختلفة والمحافظات وتتضمن 161 برنامج وورشة عمل وعدد البرامج المستحدثة بالخطة بلغت حوالى 78 برنامج جديد بنسبة تحديث 48% ، وسيتم تنفيذ الخطة خلال 10 أشهر بإجمالى 37 أسبوع تدريبي و985 يوم تدريبي ويستفيد منها 5562 متدرب بمتوسط 140 متدرب أسبوعياً و 7388 ساعة تدريبية .
وأوضحت الدكتورة منال عوض أن خطة التدريب الجديدة اعتمدت على مهنجية تضمنت ورش عمل لتحديد وتحليل الاحتياجات التدريبية للمحافظات واستقبال ودراسة الاحتياجات التدريبية من رواد صفحة مركز سقارة و الوزارة على السوشيال ميديا واستقبال و دراسة الاحتياجات التدريبية من المحافظين و سكرتيري العموم ومديري الموارد البشرية ومراكز التدريب بالمحافظات ودراسة كل الممارسات الايجابية والسلبية بخطة العام السابق.
وأكدت وزيرة التنمية المحلية أنه تم وضع آليات مؤسسية لتحسين جودة مخرجات مركز سقارة الفنية حيث تم تشكيل لجنة علمية لمراجعة الخطة السنوية للتدريب ومراجعة وتقييم الحقائب التدريبية وتجهيزات الفعاليات التدريبية والبحثية بالمركز والاستعانة بخبراء تدريب وأساتذة الجامعات والمسؤولين الحكوميين بالمحليات ، لتسريع وتيرة الإنجاز و تحقيق مستهدفات خطة تطوير المركز.
وأضافت د.منال عوض أن الخطة الجديدة تهتم بالجانب العملي و المشروعات و المناقشات و نقل الخبرات أكثر من الجانب المفاهيمي والنظري للعاملين بالمحليات ، وكذا إدراج عدد (63) برنامج تدريبي لتنفيذ تكليفات رئيس الجمهورية للوزارة بتعميم الممارسات الجيدة لبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر في جميع محافظات الصعيد ، ويستفيد منها رؤساء المراكز والمدن ومديري ومسؤولي التخطيط علي مستوي الديوان والمراكز، إضافة إلى مديري الموارد البشرية و التدريب بالمحافظات .
وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى أنه تم زيادة عدد البرامج المتوافقة مع توجه الدولة للتحول الرقمي وتنفيذ برامج جديدة لأول مرة، مثل برنامج تطبيقات الذكاء الاصطناعى في نظم المعلومات الجغرافية، وبرنامج تخطيط وهندسة العمليات وكذا زيادة عدد البرامج التدريبية الموجهة لقيادات المحليات تلبية لتوصيات مجلس النواب، مشيرة إلى إدراج برامج جديدة لشركاء العمل من الوزارة ومشروعاتها ومن خارجها على القوانين المستحدثة وآلية التعامل معها.
وقالت د.منال عوض أنه من المخطط تنفيذ اختبارات تحديد المستوي بمركز سقارة لعدد (20) برنامج تدريبي يشمل إعداد استشاري وخبير تدريب، وإعداد سكرتير عام / سكرتير مساعد ، ورئيس مدينة /حي ، رئيس قرية ، رئيس إدارة مركزية ، مدير عام ، وكذا اللغة الإنجليزية، وتحليل البيانات باستخدام برنامج Power bi، وإدارة المشروعات PMP، ونظم المعلومات الجغرافية GIS، والأمن السيبراني، وذلك قبل بدء تنفيذ الخطة السنوية، وتستمر الاختبارات على مدار شهر من 15/6/2025 وحتي 17 / 7 / 2025 .
ومن جانبه أشار الدكتور عصام الجوهري مساعد وزيرة التنمية المحلية للتدريب والتطوير والتحول الرقمي والمشرف على مركز سقارة إلى توجيهات السيدة وزيرة التنمية المحلية بالإهتمام بتأهيل وإعداد قيادات من أبناء المحليات بمركز بسقارة ، ذراع الوزارة التدريبي و البحثى الذي يحقق رؤيتها وأهدافها في بناء قدرات العاملين وقيادات الإدارة المحلية على مختلف مستوياتها الإدارية ، وتدعيمهم بالمواد العلمية والمدربين و تطبيق الفاعليات من اختبارات و ورش عمل وإنتاج حقائب تدريبية وتسويق إلكترونى وبرامج تدريب أونلاين للمركز و توسيع دائرة الاستعانة بالخبراء والمتخصصين والكوادر الفنية والإدارية من خارج المركز .
وأوضح مساعد وزيرة التنمية المحلية أنه تم بناء الخطة الجديدة على أساس المسار الوظيفى بالمحليات حيث ترتبط كل البرامج و الفاعليات في الخطة بالمسميات الوظيفية المطلوبة بالإدارة المحلية بالمحافظات لتأهيل كوادر للمسار الوظيفى من أول رئيس قرية و حتى سكرتير عام و كذلك المهارات التخصصية للادارات الفنية عبر رفع كفاءة العاملين بالمحليات وتنمية قدراتهم الوظيفية والشخصية وبناء صف قيادي ثان وثالث بالإدارة المحلية ، لتحقيق خطة واستراتيجيات بناء الإنسان المصري بأسلوب علمي، وتطوير الإدارة المحلية والتحول الرقمي والإصلاح الإداري بالمحافظات.