2 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: تهيمن الهويات الطائفية والقومية مجدداً على مشهد الاستعدادات للانتخابات التشريعية العراقية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في ظل استمرار تمترس القوى التقليدية خلف شعاراتها المذهبية، وتكريس تقاسم السلطة على أسس لا تزال تُختزل بالانتماء لا بالكفاءة.

وتتسابق التحالفات السياسية لإعادة إنتاج تحالفاتها السابقة، ولازلت كتل شيعية تتناسق ضمن مسار طائفي الطابع، بينما لم يُخفِ “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” توجههما نحو التفاوض الحصري على حصص الإقليم دون بلورة مشروع عابر للحدود القومية، وينطبق نفس الامر على القوى السنية.

واستعاد الشارع العراقي مشاهد ما قبل انتخابات 2018 حين تمخضت الحملات الانتخابية عن استدعاءٍ واسع للخطابات الطائفية، إذ شهدت تلك الانتخابات تراجع نسبة التصويت إلى نحو 44%، ما شكل آنذاك إنذاراً مبكراً لابتعاد الناخبين عن المسارات المتكررة والمخيبة.

واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع مع وسم “#تحالفات_الطوائف” بعدما انتشرت صور للاجتماعات الفئوية، وسط انتقادات شعبية متصاعدة تطالب بخطاب سياسي جامع، بينما غرد الناشط المدني علاء عبد الحسين قائلاً: “كل دورة نرجع لنفس العناوين.. الطائفة، السلاح، المحاصصة.. متى نبدأ بالحديث عن دولة؟”.

وأثار إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن تأسيس “تيار الإعمار والتنمية” تساؤلات حول مستقبل تمثيله في المشهد السياسي، لا سيما أنه جاء متزامناً مع تحركات مضادة من شخصيات نافذة داخل “الإطار التنسيقي”، مثل هادي العامري ونوري المالكي، ما يشير إلى تصدع محتمل داخل الجبهة الشيعية نفسها.

وواجه البرلمان العراقي في دورته الحالية عجزاً تشريعياً واسعاً، حيث فشل في إقرار قانون النفط والغاز، وقانون المحكمة الاتحادية، ما ألقى بظلال ثقيلة على شرعيته وأفقده ثقة الجمهور. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة “مينا بول” في مارس الماضي أن 68% من العراقيين لا يثقون بقدرة البرلمان على تمثيل مصالحهم.

وانكشفت هشاشة المشهد السياسي أكثر مع إعلان نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي عن تحالفه الجديد، في خطوة رأى فيها مراقبون مؤشراً على تصدع الولاءات التقليدية وانبعاث رغبة فردية في التموقع الانتخابي.

وتتشابه هذه اللحظة السياسية إلى حد كبير مع ما شهده العراق في انتخابات 2005، حين سيطرت التحالفات الطائفية على المشهد، وانتهت بانفجار سياسي ومجتمعي ساهم في تغذية الاحتراب الأهلي الذي بلغ ذروته عام 2006، وهو ما يخشاه كثيرون من تكراره.

وتبدو فرصة ولادة مشاريع وطنية حقيقية ضعيفة، في ظل غياب زعامات تملك خطاباً قادراً على كسر الاستقطاب، ووسط جمهور متعب من وعودٍ متكررة لم تثمر منذ عقدين سوى المزيد من الانقسامات.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

المالكي يحذر من المال السياسي ويهاجم توظيف الدولة في التنافس الانتخابي

المالكي يحذر من المال السياسي ويهاجم توظيف الدولة في التنافس الانتخابي

مقالات مشابهة

  • وكيل تعليم الفيوم يشهد طابور الصباح وتحية العلم بمدرسة المسلة الإعدادية للبنات
  • مدير تعليم الفيوم يتفقد مدرسة المسلة الإعدادية ويشيد بانضباط الطالبات والإذاعة المدرسية
  • حراك انتخابي نشط في البحر الأحمر مع تقدم 9 مرشحين بأوراقهم خلال اليوم الرابع للتقديم
  • طريقة عمل الفريك باللحمة المفرومة.. أكلة مصرية أصيلة بطعم لا يقاوم
  • برلماني: مصر قادت المشهد السياسي في أزمة غزة بثباتٍ وحكمة تتفق ومكانتها الإقليمية
  • المالكي يحذر من المال السياسي ويهاجم توظيف الدولة في التنافس الانتخابي
  • غيابه ترك فراغًا كبيرًا في المشهد السياسي الجنوبي.. .. تفاعل واسع مع الحديث عن أحمد الميسري (تقرير)
  • رئيس البرلمان اللبناني: بعد اتفاق غزة يجب إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في لبنان
  • انسحاب حماس من المشهد.. علاء مبارك يشعل تفاعلا بتدوينة عن انتهاء الحرب في غزة
  • معركة الولاية الثانية والوساطة تحت الضغط : هل تُنقذ القوى المعتدلة الإطار من الانهيار؟