الواقع والوقائع.. طوفان يُميّز الطيب من الخبيث
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
عدنان ناصر الشامي
الواقع ليس مُجَـرّد مشهد عابر؛ بل هو مرآة صافية تكشف المستور وتفضح المغطّى. فلا يمكن لأي قوة أن تحجب الحقيقة كما لا تستطيع الأرض أن تخفي نفسها عن الشمس. وهذا الواقع، كالنور الساطع، ينكشف أمام الجميع، ليعرض الحقائق بوضوح، يُسقط الأقنعة ويُميز الصادق من الزائف، يرفع من عانق العزة، ويُسقط من آثر الذل.
الواقع اليوم كشف كُـلّ مستورٍ، وفضح الحقائق أمام الجميع؛ فهو غربالٌ دقيق يُميز بين الصادقين والخائنين، بين من يحملون همّ الأُمَّــة ومن يتخلّون عنها. في صدى الأحداث، برزت فلسطين كميزان حقيقي لا يخدع، وكقضية فارقة تميز الأبطال من الجبناء، فموقف الفرد من فلسطين أصبح معيارًا لكل قلب ينبض بالكرامة.
لنبدأ من هنا، نرمي بصرنا ونضع الخارطة، ونضع الفاصلة والفارقة، ونحدّد كُـلّ شيء في موضعه الصحيح. ونتساءل: لماذا؟ ثم نجيب عما نتساءل عنه، ونضع علامة التعجب، وعلامة الواقع التي تُبرز فعله، فَــإنَّ أي فعل فيه يعكس الواقع، ويحوّل الأحداث إلى صفحات بيضاء أَو سوداء، يتحدث بها ويقدمها كدروس لمن يعتبر.
لننظر فيه، ونتأمل عبر كُـلّ الحواس، ونضع أعيننا على القضية الفارقة، لنقيم من خلالها الوقائع والأحداث ونكشف الحقيقة العارية في زمن الطوفان. إن (طُوفَان الأقصى) هو الفارق الجوهري، وهو الغربال الذي فضح حكام الخليج، حكام العار والرقص والعهر.
حيث إننا اليوم أمام واقعٍ جليّ، لا غموض فيه ولا لبس؛ واقعٌ يكشف من قمم الجبال إلى بطون الوهاد، يُظهر الخفايا ويرسم بوضوحٍ مواقف الشعوب والزعماء، بين مَن وقفوا بشرفٍ وعلوّ، ومَن ارتضوا الذل والهوان. هنا، لا يفصل بينهم لونٌ أَو شكلٌ أَو جاه، إنما التميز هنا في المواقف والولاءات، ولا سيما في القضية الفلسطينية التي باتت المعيار الفاصل بين من يعبرون عن حقيقة وجودهم ومن يرتضون العيش في الظل.
فلنبدأ من رأس الهرم، من الزعماء والملوك، الذين يعيشون في واقعٍ يتغير بين أيديهم، فهو المرآة التي تعكس مواقفهم وأفعالهم. هنا، نجد الواقع بمثابة غربالٍ دقيق، يفرز الناس بين نقيضين؛ فالحقيقة تتجلى أمامنا وتفضح كُـلّ مُداهنة وكل خيانة. دعونا ندخل عوالم هذا الواقع، لنُمعن النظر في كُـلّ تفصيلٍ صغير.
لنُسلط الضوء على القضية الفارقة، قضية فلسطين، التي تمثل الطوفان العظيم، والفاصل بين النصر والخذلان. إنَّ حكام الخليج، حكام العار، ظهروا كالأقزام أمام عظمة القضايا الكبرى، فطالما رقصوا في حفل الهزيمة، وتاجروا بمواقفهم كما يتاجر البائع بالمزادات؛ لذا، نقف هنا، لنبحث في المساحات الشاسعة التي تحتضن مليارين من المسلمين، بينما جرح فلسطين ينزف في قلب العالم الإسلامي.
فلسطين هي الفارقة، وهي التي فضحت الجميع. هنا، نجد أن الواقع يتحدث عن مواقف الأبطال، اليمن العريق، الذي أذلّ طغاة العالم بمواقفه مع قضيته الفلسطينية، رغم ما يتعرض له من حصار وعدوان.
إن القيادة الحكيمة للسيد عبدالملك الحوثي، والشجاعة والبسالة التي يتحلى بها الشعب اليمني، هي ما يضمن عزة الأُمَّــة وحياتها.
بينما يتحدث الواقع عن سقوط حكام الخليج المطبعين وحكام العار، يظل الناس في ذلهم وخزيهم، فلا يستطيعون تبرير خيانتهم. لقد كشفهم (طُوفَان الأقصى)، وأظهرهم كالفصل الخبيث الذي لا يمكن إنكاره.
الواقع اليوم لا يرحم؛ فقد أسقط كُـلّ قناع، وأبقى الكرامة لمن يستحقها. من وقف مع فلسطين والمقاومة، خلّده التاريخ، أما من خان وتخاذل، فلن يجد ملجأً سوى مزبلة النسيان، فهو طوفان يُبقي الشرفاء ويرمي الخائنين إلى ظلامٍ لا عودة منه.
وفي النهاية، دعونا نتأمل هذا الواقع، ونواجهه بشجاعة، فكل فعلٍ فيه يكتب مصيرنا، وكل موقفٍ هو حجرٌ في أَسَاس بناء أمتنا. فلنحرص على أن نكون من ذوي العلاء، لا من نزول الحقائر، ولنبقَ أُسودًا في وجه أعدائنا، وشجعانًا في محاربة الخيانة والعمالة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
في بيان حاسم.. الخارجية: لا نقبل التشويه ولا نشارك في حصار غزة.. وموقفنا من فلسطين ثابت لا يتغير
في ظل ما يشهده الفضاء الإعلامي من تداول مكثف لمزاعم مغلوطة بشأن الموقف المصري من تطورات القضية الفلسطينية، تؤكد وزارة الخارجية المصرية أن تلك الادعاءات لا تمتّ للحقيقة بصلة، بل تنطوي على تشويه متعمد للدور المصري، الذي لم يتغير يومًا في دعمه الثابت والمبدئي للقضية الفلسطينية.
فقد رُوّج مؤخرًا لفكرة أن التظاهر أمام السفارات المصرية يمثل دعمًا للقضية الفلسطينية، وهو تصور مقلوب للواقع.
مصر ترد رسميًا على المزاعم المغرضة: دعمنا للقضية الفلسطينية ثابت ومحاولات التشويه مرفوضة
مصر توضح الحقائق حول معبر رفح وتفنّد الادعاءات المغلوطة بشأن دخول المساعدات إلى غزة
فمثل هذه الأفعال، رغم ما قد تحمله من نوايا طيبة من بعض المشاركين، تُضعف الموقف المصري التاريخي، وتسيء لتضحيات مصر في سبيل فلسطين، بل وتُستخدم كأداة تصب مباشرة في صالح الاحتلال الإسرائيلي، من خلال خلق صورة مغلوطة للرأي العام الدولي والعربي، وكأن مصر تتخلى عن دورها، وهو ما يتنافى مع حقيقة الواقع والسياسة المصرية المعلنة والواضحة.
وفي سياق آخر، ادّعت بعض الجهات أن مصر تمنع أشكال التضامن الشعبي مع غزة. وهنا تؤكد وزارة الخارجية أن هذا الادعاء باطل جملة وتفصيلًا.
وقد حرصت الدولة المصرية على تنظيم وتسهيل عشرات الزيارات التضامنية إلى قطاع غزة، سواء عبر معبر رفح أو من خلال استقبال مسؤولي منظمات إنسانية وممثلين عن المجتمع المدني، فضلًا عن ترتيب زيارات لعدد من كبار المسؤولين الدوليين، والتي ساهمت في تعزيز الاعتراف الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني، كما كان الحال في زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأخيرة.
ومن المهم التنويه إلى أن تنظيم مثل هذه الزيارات يخضع لضوابط دقيقة، تُراعي الظروف الأمنية وحالة الحرب في المنطقة الحدودية، حرصًا على سلامة المشاركين وضمانًا لفاعلية أي مسعى تضامني.
مصر لا تشارك في حصار قطاع غزةأما الادعاء الأخطر، والمتعلق بمشاركة مصر في حصار قطاع غزة، فهو محض كذب متعمد. فالحصار المفروض على غزة تُمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، برًا وبحرًا وجوًا، وهي التي تتحكم في كافة المعابر المؤدية إلى القطاع. في المقابل، ظلت مصر، رغم التحديات، هي المنفذ الإنساني الوحيد الذي لم يُغلق يومًا أمام أبناء غزة، وهي من وفرت ولا تزال توفر المساعدات الطبية والإغاثية بشكل مستمر.
إن وزارة الخارجية المصرية، إذ توضح هذه الحقائق للرأي العام، تؤكد أن مصر كانت وستبقى، في كافة الظروف، سندًا حقيقيًا للشعب الفلسطيني، ومدافعًا صلبًا عن حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.