استطاع العلماء -للتوّ- سبر أغوار آخر 150 مليون سنة من التاريخ الجيولوجي للأرض، من خلال تحليل كيمياء الجيوب المجهرية من المياه المحفوظة في بلورات ملح البحر.

ومن خلال تتبع محتوى الليثيوم في الهاليت البحري -وهو ملح صخري ذو أصل بحري- تمكّن عالِما الكيمياء الجيولوجية: مبراتو ولدغبريل من جامعة برينستون وجامعة بينغهامتون، وتيم لوينشتاين من جامعة بينغهامتون، من إعادة بناء تاريخ الحركة التكتونية في قاع البحر.

وقد نُشرت نتائج دراستهما في العدد الأخير من دورية "ساينس أدفانسز".

جمع ولدغبريل وزمليه عينات الهاليت من مناطق عدة حول العالم وقاما بتحليلها (جوناثان كوهين – ساينس أدفانسز) الليثيوم وكيمياء المحيطات

يوضح ولدغبريل -في البيان الصحفي الصادر عن جامعة بينغهامبتون بتاريخ 2 أغسطس/آب الجاري- "هناك ارتباط وثيق بين كيمياء المحيطات وكيمياء الغلاف الجوي. مهما كانت التغيرات التي تحدث في المحيط، فإنها تعكس -أيضًا- ما يحدث في الغلاف الجوي".

لا تحتوي مياه المحيط على الملح فقط. إنها خليط كيميائي يحتوي على معادن مختلفة بكميات تعكس العمليات المختلفة التي تحدث في أي وقت. ويحتوي الهاليت البحري بشكل خاص على جيوب صغيرة جدًا من الماء منذ وقت تشكله، مما يحافظ بشكل فعال على السجل الكيميائي للمحيطات في ذلك الوقت.

كان ولدغبريل ولوينشتاين قد حصلا على عينات الهاليت من التكوينات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأفريقيا، باستخدام كيمياء أيونية رئيسة موثقة جيدًا. واستخدما في ذلك مثقاب ليزر لاستخراج الماء، بما مجموعه 639 من الشوائب السائلة من 65 بلورة هاليت، يعود تاريخها إلى 150 مليون سنة.

ثم حُلّلت هذه العينات لتحديد محتواها من الليثيوم. ويرجع ذلك، كما يقول الباحثان، إلى أن الليثيوم هو متتبع للنشاط الحراري المائي، وتحديدًا من فتحات في قاع البحر تطلق الحرارة والمواد الكيميائية في المحيط عند الحدود بين الصفائح التكتونية للأرض.

يقول الباحثان إن قطرات الماء الصغيرة التي حصلا عليها تظهر انخفاضًا بمقدار سبعة أضعاف في تركيز الليثيوم على مدار الـ 150 مليون سنة الماضية، وارتفاعًا مناظرًا في نسب المغنيسيوم إلى الكالسيوم. كان هذا بسبب انخفاض نشاط الصفائح التكتونية وإنتاج القشرة الكوكبية، مما أدى إلى تقليل النشاط الحراري المائي -كذلك-.

الغلاف المائي والغلاف الجوي للأرض مترابطان

نتيجة لهذا التدهور في النشاط الجيولوجي لم تكن مجرد انخفاض الليثيوم في الماء، بل كانت إطلاق كمية أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. في المقابل، يمكن أن يكون هذا قد أسهم في التبريد الذي أنتج العصر الجليدي الأخير، الذي امتد للإطار الزمني ما بين 115 ألف إلى 117 ألف سنة مضت.

يأتي هذا العمل الجديد ليكمل العمل السابق للفريق البحثي، الذي أظهر أن نسب السترونشيوم في كبسولات من مياه البحر القديمة، تشير -أيضًا- إلى انخفاض في النشاط الحراري المائي خلال الفترة الزمنية نفسها.

يقول الباحثان إن التحليل يعطينا نظرة ثاقبة على الترابط بين أنظمة الأرض، وأهمية النشاط التكتوني للصفائح في تنظيم الغلاف المائي للأرض والغلاف الجوي. ويقول لوينشتاين "المحيطات والغلاف الجوي متصلة ببعضها، ومن ثم فإن التغير في أحدها مرتبط بالتغير في الآخر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الغلاف الجوی ملیون سنة

إقرأ أيضاً:

سوريا وثروتها المخبأة.. مناجم عملاقة تشكل رافعة اقتصادية واعدة بمرحلة إعادة الإعمار

تضم سوريا بين ثراها الطبيعية مجموعة من أبرز 5 مناجم تمتلك احتياطيات ضخمة ومتنوعة تشمل الفوسفات، الملح، الرخام، الحجر الكلسي، والبازلت، ما يجعلها من الركائز الاقتصادية الحيوية في البلاد، خاصة في مرحلة إعادة الإعمار.

وبحسب تقرير منصة “الطاقة”، تتميز هذه المناجم بتنوع جيولوجي عميق يفتح آفاقاً استثمارية واعدة رغم التحديات الأمنية والاقتصادية، ويؤكد التقرير أن هذه المناجم تمثل رافعة استراتيجية أساسية للاقتصاد السوري.

وعلى رأس هذه المناجم يأتي منجم الشرقية أو “الصوانة الشرقية” الذي يبعد 45 كيلومتراً جنوب غربي تدمر، ويُعد الأكبر من حيث الاحتياطيات بإجمالي 858 مليون طن من الفوسفات القابل للاستثمار، بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.5 مليون طن سنوياً، ويتم استخراج الفوسفات فيه عبر تقنيات متطورة ونقله إلى مصانع الأسمدة في حمص وميناء طرطوس.

يليه منجم خنيفيس، الذي بدأ العمل فيه في السبعينيات، ويتميز بارتفاع جودة خامس أكسيد الفوسفور بين 28% و34%، مع احتياطات تصل إلى 24.6 مليون طن، وطاقة إنتاجية سنوية تبلغ نحو مليون طن، إضافة إلى معمل تجفيف بطاقة 650 ألف طن.

ومنجم الجبول في سبخة الجبول جنوب شرقي حلب، هو من أكبر مصادر الملح الصناعي في سوريا، ويحتوي على نحو 350 مليون طن من الاحتياطيات، ويستخدم الملح في الصناعات الكيميائية والغذائية، إضافة إلى دعمه للاقتصاد المحلي.

أما الرخام والحجر الكلسي فموزعة في محافظات عدة كحلب واللاذقية وإدلب وحمص، وتتنوع أنواعهما وألوانه، مستخدمين في الإكساءات، الأرضيات، والديكور، بينما يُستخرج الحجر الكلسي من مناطق مثل كفربهم وأوغاريت ويُستخدم في صناعة الأسمنت والبناء.

وفي الجنوب السوري، تنتشر صخور البازلت في محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة، وهي مادة أساسية في البناء وصناعة الأسمنت والزلط، حيث يتم استخراجها من خلال الحفر والتفجير قبل تشكيلها في المعامل.

وتؤكد منصة “الطاقة” أن هذه المناجم ليست مجرد موارد طبيعية فحسب، بل تشكل مستقبل الاقتصاد السوري الواعد في مرحلة التعافي، خاصة مع الاهتمام الدولي المتزايد بقطاع التعدين، ما يجعل الاستثمار الأمثل في هذه المناجم ضرورة لتعزيز النمو الاقتصادي والتصدير ضمن بيئة قانونية واقتصادية ملائمة.

مقالات مشابهة

  • الشعب الجمهوري: تدخلات الرئيس في القضايا الملحّة تؤكد انحيازه للمواطن ومكافحة الفساد
  • زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب جنوب جزر فيجي في المحيط الهادئ
  • سوريا وثروتها المخبأة.. مناجم عملاقة تشكل رافعة اقتصادية واعدة بمرحلة إعادة الإعمار
  • ظاهرة كونية نادرة تحل لغز فقدان هواء وماء المريخ
  • الإمارات تستضيف اجتماع «وسط المحيط الهندي»
  • بعد عام 2024 الأشد حرارة على الإطلاق .. موجات حر قياسية تهدد الغلاف الجوي خلال السنوات الخمس المقبلة
  • وصول سفينة إماراتية تحمل 14 محطة لتحلية مياه البحر إلى جمهورية قبرص
  • المملكة تحقق الريادة في مجال المياه بمنجزاتٍ رائدةٍ وابتكاراتٍ تحقق استدامة الأمن المائي إقليميًا وعالميًا
  • 5 عادات أساسية فى حياة مريض الضغط المنخفض
  • زلزال يهز عمق المحيط قبالة سواحل المكسيك