المسرح الملكي بالرباط.. أكبر مسرح في أفريقيا والعالم العربي
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
يطل المسرح الملكي بالرباط على نهر أبي رقراق، ويقابله على الضفة الأخرى صومعة حسان الموحدية التي تجاوز عمرها 8 قرون، في تناغم بين الجانب التاريخي والحديث للعاصمة المغربية.
وينضاف هذا المسرح -الذي يعد أكبر مسرح في العالم العربي وأفريقيا- إلى العديد من البنيات الثقافية التي أُنشئت في الـ20 سنة الماضية ضمن برنامج الرباط مدينة الأنوار وعاصمة المغرب الثقافية.
ودشنت شقيقة العاهل المغربي الأميرة للا حسناء وزوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الثلاثاء المسرح، الذي بدأت أشغال بنائه رسميا عام 2014 واكتمل بناؤه في عام 2021 إلا أن التداعيات التي تلت جائحة كورونا حالت دون افتتاحه.
وكانت هذه المعلمة الثقافية آخر أعمال المهندسة المعمارية العراقية البريطانية زها حديد التي توفيت عام 2016، وعرفت بتصميماتها العالمية المبهرة مثل دار الأوبرا في غوانغجو بالصين وفي كارديف عاصمة ويلز، والمتحف الوطني لفنون القرن الحادي والعشرين في روما ومركز حيدر علييف في باكو، وأيضا ملعب الوكرة في قطر الذي احتضن مباريات كأس العالم عام 2022.
بُني المسرح الملكي أو المسرح الكبير على قطعة أرضية تمتد على مساحة تقدر بنحو 7 هكتارات، منها 25 ألفا و400 متر مربع مبنية، وكلف بناؤه حوالي 1677 مليون درهم.
وأضفى التصميم الفريد والمبتكر للمبنى ومختلف مرافقه مظهرا عصريا للعاصمة، إذ يشكل تحفة معمارية انضافت إلى تحف أخرى تزخر بها الرباط مثل برج محمد السادس و متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر والمحطة الطرقية ومحطة القطارات أكدال.
ويتكون المبنى من قاعة عروض كبيرة تتسع لأزيد من 1800 مقعد، مجهزة بأحدث التقنيات السينوغرافية والتقنيات العازلة للصوت، وبسقف متحرك يأخذ شكلَ عاكس صوتيّ.
واستمد تصميم هذه القاعة روحه من العمارة الإسلامية للقرون الوسطى، وهي مخصصة لاحتضان تظاهرات فنية وثقافية متنوعة مثل المسرح والباليه والأوبرا والمسرحيات الموسيقية والحفلات السيمفونية بالإضافة إلى أنواع أخرى من العروض الحية.
ويضم المسرح الملكي قاعة عروض أخرى تتسع لـ250 مقعدا، مفتوحة لعرض مختلف التعبيرات الثقافية، وقاعة للفنانين وأخرى مخصصة للنجوم، كما يتوفر على مطعم بانورامي يطل من جهة على برج محمد السادس ومن جهة ثانية على صومعة حسان التاريخية وضريح محمد الخامس.
أما الفضاء الخارجي للمسرح، فيضم مدرجا يتسع لحوالي 7 آلاف شخص، مخصصا لاحتضان المهرجانات والفعاليات الكبرى.
نقلة في المشهد الثقافيينظر فاعلون مسرحيون إلى هذا الحدث الفني والثقافي بفخر، إذ سيعزز البنيات الثقافية في البلاد ويشكل نقلة كبرى في المشهد الثقافي والفني.
ويرى المخرج المسرحي أمين ناسور أن المسرح الملكي بالرباط سيسهم في الرفع من قيمة المنتوج الإبداعي المغربي، خصوصا وأن المملكة تراهن على الثقافة والفنون باعتبارها واجهة حضارية للمجتمع ورافعة للتنمية.
وقال ناسور للجزيرة نت إن هذه المعلمة سيكون لها تأثير قوي على الساحة الفنية الوطنية لأنها ستتيح للمهنيين والفنانين المغاربة مشاهدة عروض عالمية حية واللقاء بفنانين عالميين، كما ستتيح لهم إنتاج عروض من مستوى عالمي كبير.
وأضاف "تدشين هذا المسرح سيرفع سقف طموحنا، ونتوقع أن تضع الآلة الإنتاجية في حسبانها أن هذه الفضاءات الضخمة تحتاج إلى إمكانيات كبيرة وإبداع عال يتناسب مع قيمة مثل هذه المعلمة الفنية".
بالنسبة للمخرج المسرحي ورئيس النقابة المغربية لمهنيّي الفنون الدرامية مسعود بوحسين، فإن هذا المسرح سيجعل الرباط عاصمة الفن المسرحي، وإحدى المرجعيات الثقافية في العالم العربي وأفريقيا والعالم.
ولفت في حديثه مع الجزيرة نت إلى الاهتمام الكبير الذي أعطاه الملك محمد السادس لمؤسسات العروض الفنية وهو ما يظهر في بناء مسارح كبيرة في عدد من المدن مثل المسرح الكبير في الدار البيضاء وطنجة والمسرح الكبير في أكادير وغيرها من المدن.
ودعا لأن تواكب الحكومة هذا التوجه بتشجيع المسرح والاهتمام بالجانب البشري ليستفيد المواطنون من هذه الفضاءات ويتابعوا عروضا فرجوية في مستوى عال حتى لا تظل مجرد بنايات دون أن أدنى استغلال فني حقيقي لها.
ومقابل هذا المجهود المبذول على مستوى توفير الفضاءات الفنية من مستوى احترافي، أكد بوحسين على ضرورة بذل مجهود من أجل تطوير السياسات الثقافية في مجال المسرح والفنون الحية.
بدروه، أكد أمين ناسور على ضرورة الرفع من الاستثمار في الثقافة والفن، وأوضح أن مشروع الصناعة الثقافية والإبداعية الذي جاءت به وزارة الثقافة والعقلية الاستثمارية في المسرح التي نهجتها في الآونة الأخيرة من شأنها أن تدفع الفاعل الفني والثقافي لأن يقدم أعمالا بجودة عالية سيكون لها وقع وتأثير كبير على الجمهور خصوصا إذا تم عرضها في مسارح بإمكانات عالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محمد السادس
إقرأ أيضاً:
قصور الثقافة تقدم رفرفة ضمن عروض التجارب النوعية على مسرح الأنفوشي
قدم العرض المسرحي "رفرفة"، على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي، ضمن عروض الموسم الحالي للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، والمقدمة بالمجان بفرع ثقافة الإسكندرية، في إطار برامج وزارة الثقافة.
العرض تجربة نوعية لقصر ثقافة الأنفوشي، تأليف إيهاب جابر، فكرة وإخراج أكرم نجيب، ويناقش قضية الصراع من أجل السيطرة على الموارد باعتبارها المفتاح الحقيقي للسيادة والسلطة.
بطولة وليد صلاح، ومحمود جمال، إعداد موسيقى محمد ابراهيم، إضاءة أحمد طارق، ديكور محمد المأموني، تنفيذ ديكور سيد صابر، ملابس رامي عادل، ماسكات وماكياج د. أحمد بركات، فيديو مابينج حسن جمال، كيروجراف محمد صلاح، مخرج مساعد محمود جريو، ومخرج منفذ عبد الرحمن جريو.
أوضح المخرج أكرم نجيب أن العرض يوضح كيف يمكن أن تتحكم الموارد في مصير الأفراد بالمجتمع، وكيف يسعى البعض دائما للسيطرة حتى لو كان ذلك بالقوة، وذلك من خلال "قانون الغاب"، الذي يسيطر فيه القوي على الضعيف.
وأضاف أن ذلك يتضح من خلال أحداث العرض التي تدور في زمن زادت فيه أعداد البشر وقلت الموارد، ليقرر مجلس الشرفاء الذي يدير شئون العالم، اختراع مادة لتحول المهمشين من البشر إلى موارد على شكل خراف ليتغذى عليها الصفوة، كي تتكافئ الموارد مع أعداد البشر، ولكنهم يكتشفون عند إجراء التجربة، تحول الأشخاص إلى طيور تحمل صفات الشخص، فيقرروا استكمال التجارب من أجل الوصول إلى النتيجة المرجوة.
وأشار د. أحمد بركات، مصمم الماكياج والماسكات، إلى أن تصميم الماسكات الخاصة بشخصية كل من الغراب والببغاء، جاء وفق مواصفات دقيقة تتماشى مع طبيعة الشخصيات، لضمان ظهورها بشكل طبيعي ومتناسق على خشبة المسرح.
وأوضح أنه استخدم خامات متنوعة في التصنيع، من بينها الإسفنج، القماش، الريش الملون، الشعر، والبورو، بهدف تحقيق تنوع بصري يتناسب مع كل شخصية.
وأضاف أن تصميم الماسك جاء خفيف الوزن، حتى لا يعيق حركة الممثل أو يؤثر على رؤيته أثناء الأداء، كما تم تنفيذه ليغطي من أعلى الرأس وحتى أسفل العين، بما يسمح بظهور تعبيرات وجه الممثل بوضوح، مما يعزز التفاعل مع الجمهور.
أما عن عملية التنفيذ، قال: تمت على مراحل متعددة، لضمان الدقة والجودة في كل قطعة، وإبراز تفاصيل تحوّل الإنسان إلى طائر بعد حقنه بالاختراع من أجل السيطرة عليه ووضعه داخل القفص.
وفي ختام حديثه، أعرب عن سعادته بالمشاركة في تلك التجربة المسرحية التي وصفها بالممتعة، مشيرا إلى أنها تعد من أبرز التحديات الإبداعية التي واجهها على خشبة المسرح.
قدم العرض بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، من خلال الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، وشهد حضور لجنة التحكيم المكونة من: المخرج المسرحي أحمد طه، المخرج محمد حجاج، مهندسة الديكور رانيا حداد، الناقد يسري حسان، والملحن إيهاب حمدي.
العرض إنتاج الإدارة العامة للمسرح برئاسة سمر الوزير، وقدم بالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، بإدارة محمد حمدي، ومن خلال فرع ثقافة الإسكندرية، بإدارة د. منال يمني.
ويعد مشروع "التجارب النوعية" أحد أشكال الإنتاج المسرحي التي تتيحها هيئة قصور الثقافة سنويا لشباب المبدعين، وتشمل تقديم أعمال مسرحية تعتمد على الابتكار والتجديد من خلال تجارب في الفضاءات المفتوحة أو الأثرية وغيرها من الأماكن، لإثراء المشهد المسرحي ودفعه نحو آفاق جديدة.