محمد مندور يكتب: ثقافة الإصغاء وتحقيق العدالة الثقافية
تاريخ النشر: 31st, July 2025 GMT
في خطوة مهمة تعكس روح الشفافية والمسؤولية المجتمعية، أطلقت وزارة الثقافة مبادرة "أنت تسأل ووزير الثقافة يُجيب" وهي منصة رقمية تتيح للمواطنين توجيه أسئلتهم ومقترحاتهم مباشرة إلى الوزير والحصول على إجابات واضحة في نهاية كل شهر.
قد تبدو الخطوة بسيطة في ظاهرها لكنها في جوهرها تحمل معاني عميقة تتجاوز قطاع الثقافة لتصل إلى جوهر علاقة المواطن بالحكومة .
هذه المبادرة ليست مجرد وسيلة تواصل بل هي ممارسة إدارية حقيقية تعيد تعريف مفهوم الخدمة العامة من كونها علاقة عمودية إلى علاقة أفقية تقوم على الحوار والمساءلة والشفافية.
والمثير للتساؤل هنا: لماذا لا تطبق هذه المبادرة في سائر الوزارات؟
فقد اعتدنا في الإدارات الحكومية سواء وزارات او محليات على نهج أحادي الاتجاه، الوزارة تقرر وتخاطب الجمهور، بينما تبقى أصوات المواطنين وملاحظاتهم وتطلعاتهم في الزاوية. لكن فكرة هذه المنصة تقلب المعادلة. فحين يسأل المواطن ويجاب عليه يشعر أنه شريك لا متلق فقط، وأن صوته ضرورة لاكتمال الخدمة الحكومية .
والأهم أن هذا النوع من التفاعل يخلق سجلا عاما من القضايا المطروحة، ويساعد على رسم خريطة اهتمام الناس وتحديد أولويات السياسات من منظور القاعدة لا القمة.
لكن السؤال .. لماذا وزارة الثقافة تحديدا؟
ربما لأن وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو يدرك أن الثقافة لا تبنى بقرارات فوقية أو فعاليات نخبوية فحسب بل تنمو حين يشعر الناس أنهم جزء من المشهد الثقافي.
والحقيقة أن هذه الرؤية تواكب متطلبات "العدالة الثقافية" التي تقتضي توزيعا عادلا للفرص والموارد والخدمات واستماعا حقيقيا لتجارب المواطنين في المدن والمراكز والنجوع والقرى لا فقط في العواصم.
وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال آخر .. ماذا لو طبقت هذه المبادرة في وزارات أخرى؟
تخيل لو طبقت وزارات مثل التعليم والصحة والنقل والزراعة مبادرة مشابهة. ما النتيجة لو استمعت وزارة التربية والتعليم إلى أسئلة أولياء الأمور؟ أو فتحت وزارة النقل باب الحوار بشأن الطرق ووسائل المواصلات العامة؟
سنكون أمام تحول جذري في علاقة المواطن بالدولة، من مواطن يتلقى الخدمة إلى مواطن يشارك في صياغتها ، ومن بيروقراطية منفصلة عن الناس إلى منظومة تصغي وتستجيب وتتطور .
قد يقال إن بعض الوزارات تواجه ملفات أكثر تعقيدا و أن الأمور لا تسمح بمثل هذا الانفتاح. لكن الواقع أن التحدي الحقيقي ليس في التقنيات بل في الإرادة الإدارية. وزارة الثقافة أثبتت أن الإرادة وحدها كفيلة بفتح الأبواب وأن بناء الجسور مع الناس لا يتطلب ميزانيات ضخمة بل نوايا صادقة.
مبادرة "أنت تسأل ووزير الثقافة يُجيب" ليست حدثا عابرا بل دعوة لنموذج جديد للإدارة يقوم على المشاركة والشفافية. نتمنى لها النجاح وان تحقق أهدافها نحو التواصل الفعال مع الجمهور .
فمن يريد النجاح يدرك جيدا أن التواصل مع الناس ليس عبئا بل فرصة لتنمية حقيقية وتحسين الخدمة، فالادارة الرشيدة تقاس بقدرتها على الاستماع لا على إصدار البيانات فقط .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإصغاء وزارة الثقافة وزارة الثقافة
إقرأ أيضاً:
وزارة الثقافة تجذب آلاف المصطفين فى رأس البر بمهرجان صيف بلدنا
اصطف آلاف المصطافين في منطقة اللسان برأس البر مساء أمس، وسط أجواء عامرة بالفرح والبهجة، للاستمتاع بفعاليات اليوم الأول من مهرجان "صيف بلدنا"الذى ياتى تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ومحافظ دمياط الدكتور أيمن الشهابي
و ينظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان.
المهرجان، الذي يُعد جزءًا من الأنشطة الصيفية لوزارة الثقافة، يقدم باقة متنوعة من العروض المجانية للجمهور في مدن دمياط الجديدة، رأس البر، وجمصة.
وتفاعل الحضور بحماس مع العروض الفنية المبهرة التي قدمتها فرقتا الأنفوشي وكفر الشيخ للفنون الشعبية، فيما أضفت ورش الرسم على الزجاج والخزف، والطباعة بالاستنسل، والرسم على الوجه لمسة إبداعية خطفت أنظار الأطفال والكبار على حد سواء.
جاء الافتتاح بحضور محمد عبد الحافظ ناصف مستشار وزير الثقافة لشئون قصور الثقافة ومحمد يوسف اسماعيل رئيس الإدارة المركزية لشئون رئيس هيئة قصور الثقافة والفنان أحمد الشافعى رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة
كما شهد المسرح الروماني بدمياط الجديدة حفل الافتتاح الرسمي للمهرجان، حيث أبهرت فرقة "أوبرا عربي" الحضور بعروضها الفنية المتميزة التي تضمنت اسكتشات مستوحاة من زمن الفن الجميل، إلى جانب فقرات استعراضية أضفت أجواء احتفالية مميزة. وشهد الحفل أيضًا فقرة خاصة للأطفال للرسم على الوجه، ما أضاف أجواءً من المرح والبهجة.
تميز المهرجان بمعارض للحرف البيئية والتراثية، بالإضافة إلى معرض للكتب الذي وفر أحدث إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة بأسعار رمزية. كما شملت الفعاليات ورشًا فنية لتعليم تقنيات الرسم والطباعة، إلى جانب جلسات الحكي الشعبي التي أحيت التراث المصري وجذبت اهتمام الجمهور.
يشارك في المهرجان 23 فرقة فنية من مختلف المحافظات، تقدم عروضًا متميزة تعكس ثراء وتنوع التراث الثقافي المصري. من بين المشاركين فرق الأقصر، الوادي الجديد، الغردقة، بورسعيد، وطنطا للفنون الشعبية، إلى جانب فرق موسيقية مثل أطفال أوبرا عربي، مصطفى كامل، وكورال الجيزة الثقافي.
وتتواصل فعاليات مهرجان "صيف بلدنا" حتى 3 سبتمبر المقبل، مقدمًا تجربة ثقافية وفنية متكاملة تستهدف نشر الفنون والمعرفة، وإتاحة الفرصة للجمهور للاستمتاع بأجواء صيفية تجمع بين الترفيه والإبداع.