الوطن:
2025-12-15@03:18:37 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: في التصوف

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

الشيخ ياسر مدين يكتب: في التصوف

تحديد المراد بالمصطلحات تحديداً دقيقاً يمنع كثيراً من سوء الفهم والخلاف والجدل، ومصطلح «التصوف» مصطلح كثر استخدامُه فى غيرِ ما وُضِعَ له، فحصل كثير من سوء الفهم والجدل، فالتصوف والمتصوف والصوفى كلُّها مصطلحات إسلاميّة نشأت فى البيئة الإسلامية إِبّانَ عصر التدوين حين نشأت مصطلحات الفقه والكلام وغيرها، وهذه المصطلحات أطلقت على علوم دُوّنت لتصون مقامات الدين الثلاثة الإسلام وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.

والإيمان وهو أن يؤمن المرء باللهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ، وتؤمنَ بالقدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ، والإحسان وهو أن يعبدَ المرءُ اللهَ تعالى كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فليعلم أنه سبحانه يراه.والمتأمل فى هذه المقامات سيجد أن الإسلامَ هو مقامُ معرفة أمر الله فى ما يتصل بالجوارح والظواهر، والإيمانَ وهو مقامُ معرفة أمر الله فى ما يتصل بالقلوب والبواطن، والإحسانَ وهو مقامُ المعرفة بالله سبحانه وتعالى، وهو ثمرةُ المعرفتين السابقتين.

وقد نهض علماء الأمة بحفظ هذه المقامات، فقام الأئمة الأربعة وغيرهم من المجتهدين والفقهاء بحفظ مقام الإسلام وأعمال الجوارح عن طريق علم الفقه والاجتهاد فى بيان، وكشف قواعده ومسائله، ونهض الإمامان الأشعرى والماتُريدى وغيرُهما بحفظ مقام الإيمان مما شابه من ضلال عن طريق علم أصول الدين فوضّحوا أصوله وفروعه، وكذلك نهض بعض علماء الأمة بحفظ مقام الإحسان مما ظهر فى الأمة من مظاهرَ تُناقضُ ما كان عليه النبى، صلى الله عليه وسلم، وصحابته، رضوان لله عليهم أجمعين، فبيّنوا حقائقه، وكشفوا دقائقه، ورسموا السبيل إليه، يقول صاحب الرسالة القشيرية: «اعلموا -رحمكم الله تعالى- أنّ المسلمين بعدَ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يتسمّ أفاضلُهم فى عصرهم بتسمية عَلَمٍ سوى صحبةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم: الصحابة.

ولمَّا أدركهم أهلُ العصرِ الثانى سُمّى من صحب الصحابة: التابعين، ورأوا فى ذلك أشرفَ سِمةٍ. ثم قيل لمن بعدهم: أتباعُ التابعين. ثم اختلف الناس، وتباينت المراتب، فقيل لخواصّ الناس ممَّن لهم شدةُ عناية بأمرِ الدينِ: الزّهادُ والعُبّادُ. ثم ظهرت البدعُ، وحصل التداعى بين الفرق، فكل فريق ادَّعَوا أنّ فيهم زهاداً، فانفرد خواص أهل السُّنة المراعون أنفسَهُم مع الله تعالى الحافظون قلوبَهُم عن طوارق الغفلة باسم التصوف. واشتُهر هذا الاسمُ لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة».

فإذا كان التصوف من الإسلام فى حقيقتِه ومصطلحه كان من الخطأ إطلاق هذا المصطلح -الإسلامى معنى ولفظاً- على التجارب والمذاهب الروحية وما شابهها عند غير المسلمين، فهذا خطأ محض لا يُقرُّه العلم، فَضْلاً عن الخُلُق والدِّين، فترجمة تلك المذاهب والمفاهيم بالتصوف فيها إساءة لمصطلح إسلامى أصيل، وإساءة للإسلام، وإساءة للمنهج العلمى السديد.ومثل هذه الإساءات حاصلة وواقعة أيضاً عند إطلاقِ هذا المصطلح على أهل الجهل والبدع والأهواء، وطريقة الاصطلاح العلمى تقضى بإطلاق اصطلاحات أخرى كالتمصوف والمتمصوف والاستصواف والمستصوف وغير ذلك، للتمييز بين الأصفياء والأدعياء، والأصلاء والدخلاء.

ووجود أولئك وتنسبهم إلى أهل التصوف لا يقدح فى أصل تلك الحقيقة العلية الشريفة، وهم يماثلون من ادّعى الفقه من غير أهله، أو من ابتغى به غير وجه الله، ومن أدخل -بقصد أو بغير قصد- فى العقيدة ما ليس منها، فكما أن وجود أولئك لا يقدح بصورة من الصور فى علم الفقه من حيث هو ولا فى الفقهاء الأصلاء، ولا يقدح فى علم أصول الدين من حيث هو ولا فى أهله الأصلاء، كذلك الشأن هنا، فوجود الدخلاء والأدعياء لا ينفى ولا يؤثر فى وجود الأصلاء والأصفياء.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التصوف الورع السنة النبوية الاستقامة

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!



هذا البلد الأمين ،الجميل، المتفرد فى مزاياه، وأيضًا المتفرد فى عيوبه، هذا البلد العظيم لا يمكن أن يختلف عليه أحد من المحللين بأنه رسخت فيه الأصول الطيبة وإلتصقت بأهله صفات الشعوب اللصيقة بأرضها، والمحبة والعاشقة لتراثها وترابها !!
هذا البلد (مصر) الإيمان فيه بالعقائد راسخ، ولم يتغير هذا البلد ولم يستطع غازى أن يغزوه بثقافته أو بتقاليده، أو ينزع عن أهله خواصهم وتميزهم !!.
هذا البلد حينما جائه "الإسكندر الأكبر" غازيًا، تدين بدين أهله!!، وذهب إلى معبد أمون فى واحة سيوة لكى يعلن نفسه خادمًا "للإله أمون" !
و حينما جائه "داريوس" ومساعده "قمبيز" غُزَاهْ" من "بلاد الفرس" قبل ألف عام قبل الميلاد، ذهبا إلى "الخارجة" عاصمة الوادى الجديد لكى ينشئا معبد (هيبس) ويتعبدوا فيه لألهة المصريين!!.
و حينما جائه "نابليون" غازيًا، ناداه المصريون بعد كفاحهم ضد الإحتلال الفرنسى بأنه مسلم، وحتى قائده (كليبر) والذى قتله سليمان الحلبى فى القاهرة كان يَدّعَى الإسلام.
و عندما إقترب "روميل" قائد قوات "هتلر" من صحراء العلمين من "القاهرة" إستعد المصريون بتسمية (هتلر) الشيخ (محمد هتلر)، نكاية فى الإستعمار الإنجليزى المحتل للبلاد !!
و لعل المصريون الذين رزقوا بأطفال فى هذه الفترة قد أطلقوا عليهم إسم "هتلر"، وأشهر من سمى فى هذه الحقبة الزمنية هو المرحوم اللواء / هتلر طنطاوى رئيس الرقابة الإدارية الأسبق!!.
هكذا هذا البلد يذيب كل من يغزوه ويُلْبِسه ثقافته وتقاليده.

و لعل مجئ "عمرو بن العاص" على رأس الحملة التى فتحت "مصر"، وإنقاذ المصريون من إضطهاد الرومان، وأعطى "أقباط مصر" حقوقهم وأعاد لهم حق الحياه فوق الأرض، بعد أن كانوا هاربين فى صحراوات "مصر" كلها حتى وصلوا إلى واحة (الخارجة) وأنشأوا مدينة (القبوات) وهى ما تعرف اليوم بأثار (البجوات) القبطية الشهيرة على يد "الأنبا أثناسيوس الأول "
جاء "عمرو بن العاص" إلى مصر بتكليف واضح وشديد الصراحة من أمير المؤمـنين "عمر بن الخطاب"، أهل "مصر" هم خير أجناد أهل الأرض،كما قال عنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، "ومصر" هى البلد الوحيد المذكور فى القراّن الكريم أكثر من ثلاثة عشر مرة، وأهل "مصر"، أهدى رسول الله "زوجته" أم ولده الوحيد "إبراهيم" السيدة "ماريا القبطية"، "ومصر" هى بلد السيدة " هاجر" زوجة رسول الله "إبراهيم "هكذا جاء "عمرو بن العاص" بتوصية "بسأهل مصر" من خليفة رسول الله ووصايا الرسول قبل رحيله إلى الرفيق الأعلى هذا البلد العظيم محروس بإرادة الله عز وجل !! ولن يضار أبدًا !!
  
[email protected]

مقالات مشابهة

  • تعلن محكمة التعزية أن على المدعى عليه نجم الدين أحمد قائد الحضور إلى المحكمة
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!
  • الشيخ حسن عبد النبي لمتسابق: مفيش أي أخطاء عليه ولا ملاحظات
  • تعرف على شرح حديث "قل آمنت بالله ثم استقم"
  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • وفاة الشيخ ياسر قليبو قارئ ومؤذن المسجد الأقصى المبارك
  • وفاة قارئ ومؤذّن المسجد الأقصى الشيخ ياسر قليبو
  • رحيل صوت الأقصى .. وفاة الشيخ ياسر قليبو إمام المسجد المبارك
  • إنفاذًا لتوجيه «آل الشيخ».. خطباء الجوامع ينوّهون بمكانة المرأة في الإسلام ويحذرون من انتهاك حقوقها