بغداد- تمكّن مجلس النواب العراقي، مساء أول أمس الخميس، من انتخاب رئيس جديد له بعد مضي عام كامل من التأجيل والإخفاقات المتكررة في حسم الملف. وتم انتخاب محمود المشهداني رئيسا لمجلس النواب، حيث حصل على 181 صوتا مقابل 43 صوتا لصالح سالم العيساوي.

ووفق العرف السياسي العراقي، يُخصص منصب رئيس الجمهورية للأكراد، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، أما رئاسة البرلمان فتُخصص للسنة.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قررت المحكمة الاتحادية العراقية إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بعد محاكمة بدأت في فبراير/شباط 2023 على خلفية شكوى تقدم بها النائب ليث الدليمي، اتهم فيها رئيس البرلمان بتزوير تاريخ طلب استقالة باسمه واستعماله لإنهاء عضويته في البرلمان.

نواب وصفوا جلسة التصويت على منصب رئيس البرلمان التي أدت لانتخاب المشهداني بالهادئة (وكالات) من هو المشهداني؟

يُعد المشهداني من الشخصيات السنية المؤثرة في السياسة العراقية، وشارك في العملية السياسية بعد عام 2003، وكان أحد أعضاء لجنة صياغة الدستور الدائم لعام 2005.

وشغل المشهداني منصب رئيس مجلس النواب العراقي من عام 2006 حتى استقالته عام 2008. والمشهداني من مواليد عام 1948 في بغداد، أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في مدينة الكاظمية، وتخرج من كلية الطب بجامعة بغداد عام 1972، والتحق بالجيش العراقي برتبة ملازم.

تم إبعاده لاحقا عن الجيش العراقي بسبب معارضته الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 أعوام (1980- 1988). وفي عام 2000، حكمت عليه السلطات العراقية في عهد الرئيس الراحل صدام حسين بالسجن 15 عاما.

وفي أول تصريح له بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب، أكد المشهداني عزمه العمل مع البرلمانات العربية والدولية والضغط لاستصدار قرار دولي بوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على لبنان وغزة "وحماية الشعوب الآمنة من المجازر الصهيونية".

#محمود_المشهداني واحد من القلائل داخل المكون السني الذين مارسوا السياسة فكرا وسلوكًا وقد يخفق في ممارسة الكثير من المهام خارج عالم السياسة. شخصية مقبولة لها تجربة في إدارة رئاسة البرلمان في ظل واقع مضطرب عاشته البلاد حينها ، تجربة ناجحة يمكن أن نصفها . اليوم هو يعاد إلى الموقع… pic.twitter.com/WyCDhI0MZ7

— علي البيدر (@AliAlbaidar) October 31, 2024

شخصية توافقية

بدوره، قال القيادي في تحالف العزم النائب رعد الدهلكي إن اختيار محمود المشهداني لرئاسة مجلس النواب يُمثل خطوة بالغة الأهمية في استقرار العملية السياسية العراقية.

ورأى الدهلكي، في حديث للجزيرة نت، أن الفراغ الطويل في منصب رئاسة البرلمان زاد من الضغوط على القوى السياسية لإكمال الاستحقاقات الدستورية، مشيرا إلى أن المشهداني، بحكم خبرته وحنكته، يُمثل شخصية توافقية قادرة على لمّ شمل المكون السني، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.

وبيّن أن اختيار المشهداني جاء انطلاقا من الرغبة في معالجة الإشكاليات التي عانى منها البيت السني خلال الفترة الماضية، لا سيما الخلافات بين الأجيال، مؤكدا أن المشهداني سيعمل على ترميم العلاقات وتوحيد الصف السني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع المكونات الأخرى، أكد الدهلكي أن المشهداني، بوصفه شخصية محايدة وقريبة من الجميع، سيكون قادرا على حسم العديد من القوانين الخلافية، وعلى رأسها قانون العفو العام، مشيرا إلى أن عودة منصب رئاسة البرلمان إلى المكون السني قد أسهمت في معالجة حالة عدم التوازن التي شهدتها المناصب السيادية، وأكد أن هذا الأمر سيسهم في استقرار الأوضاع السياسية في العراق.

وتوقع الدهلكي أن تشهد المرحلة المقبلة نشاطا ملحوظا في عمل البرلمان، مع التركيز على حسم القوانين المهمة ومراقبة أداء الحكومة، بما يضمن تحقيق برنامجها الحكومي وإعادة الحقوق إلى أصحابها.

أما عضو الإطار التنسيقي الشيعي النائب علاء الحيدري، فقال إن مجلس النواب العراقي لم يترك تركة ثقيلة للمشهداني. وأشار، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن محسن المندلاوي النائب الأول للرئيس أدار الجلسات البرلمانية بنجاح خلال فترة توليه رئاسة المجلس بالوكالة، حيث تمكن من إقرار العديد من القوانين المتأخرة.

وأوضح الحيدري أن الفوضى والخلافات سيطرت على الجلسات السابقة التي عُقدت لانتخاب رئيس للبرلمان، على عكس الجلسة الأخيرة التي شهدت توافقا وهدوءًا، لافتا إلى أن تدخل رؤساء الكتل السياسية في الجلسة الأخيرة أثر على قرار بعض النواب.

وشدد الحيدري على أهمية منح البرلمان الفرصة الكاملة لأداء دوره الرقابي والتشريعي، معربًا عن أمله في تسريع وتيرة العمل البرلماني مقارنة بالفترة السابقة.

كما تطرق إلى بعض القوانين المثيرة للجدل مثل قانون العفو العام وقانون الأحوال الشخصية، مؤكدًا أن هذه القوانين ستتم معالجتها وفقًا للدستور والقوانين النافذة مع احترام آراء جميع الأطراف، مشيرا إلى أهمية إقرار قوانين متأخرة مثل قانون النفط والغاز والخدمة المدنية قبل نهاية الدورة النيابية.

القوى السياسية العراقية تترقب مساهمة المشهداني في تسريع إقرار قوانين خلافية (وكالات) خطوة إيجابية

من ناحيته، اعتبر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب جياي تيمور انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب في هذه المرحلة الحرجة من العملية السياسية إنجازا كبيرًا، خاصةً في ظل التنافس الشديد بين المكونات السياسية المختلفة.

وقال تيمور، في حديثه للجزيرة نت، إن قرب الرئيس الجديد من القوى الشيعية الرئيسية والحزب الديمقراطي الكردستاني قد يسهم في تذليل العقبات التي تواجه مجلس النواب، مما يتيح له أداء دوره الرقابي والتشريعي بشكل أفضل، مشيرا إلى أن انتخاب رئيس سني للمجلس يعكس التوزيع المكوناتي للمناصب في العراق.

وأشاد تيمور بخبرة محمود المشهداني الواسعة في المجالات النيابية والإدارية والسياسية، مؤكدًا أن هذه الخبرة ستكون مفيدة في قيادة مجلس النواب خلال الفترة المتبقية من دورته، متمنيًا أن يتمكن من توظيف خبراته بشكل كامل لتعويض ما فات المجلس خلال الفترة الماضية.

وأكد أن انتخاب المشهداني رئيسًا للمجلس يمثل خطوة إيجابية نحو استقرار العملية السياسية في العراق، ويمهد الطريق أمام المجلس لأداء دوره المنوط به بشكل أكثر فعالية، مشددا على أهمية أن يقدم أعضاء مجلس النواب ككل الدعم الكامل للرئيس الجديد، وأن يعملوا معًا كفريق واحد من أجل تحقيق تطلعات الشعب العراقي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العملیة السیاسیة محمود المشهدانی رئاسة البرلمان مجلس النواب انتخاب رئیس مشیرا إلى منصب رئیس رئیس ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

مليار و296 مليون ديناراً راتب النائب في الدورة البرلمانية والدولة تعاني من العجز المالي

آخر تحديث: 27 يوليوز 2025 - 11:56 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- منذ بدء الدورة البرلمانية الخامسة في كانون الثاني يناير 2022، بدا البرلمان الحالي، مثقلًا بالتجاذبات والانقسامات، وعاجزًا عن القيام بوظيفته الدستورية. جلساته قلّت إلى حدّ لافت، وبعضها أُلغيت بسبب مشادات سياسية، وأخرى لم تُعقد أصلاً لغياب النصاب، فيما ظلت قضايا تشريعية مركزية – كقانون النفط والغاز والمحكمة الاتحادية – عالقة دون حل.ولهذا البرلمان الفاشل الفاسد امتيازات مالية يحصل عليها أعضاء مجلس النواب العراقي، وتُظهر أن الرواتب والمخصصات الممنوحة للنواب شهدت تفاوتًا كبيرًا بين دورة وأخرى، من دون وجود معايير شفافة أو ضوابط مالية موحدة. ففي الدورتين الأولى والثانية، كان النائب يتقاضى راتبًا شهريًا يبلغ 12 مليون دينار، إلى جانب مخصصات حماية تصل إلى 40 مليونًا، وبدل إيجار بقيمة 3 ملايين دينار للنواب المقيمين خارج العاصمة بغداد- على الرغم أن بعضهم يسكن في العاصمة-، ليبلغ إجمالي المبلغ الشهري نحو 55 مليون دينار. ومع انطلاق الدورة الثالثة، شهدت تلك المبالغ خفضًا نسبيًا، حيث تراجع الراتب الشهري إلى 7 ملايين دينار، وانخفضت مخصصات الحماية إلى 16 مليونًا، بينما بقي بدل الإيجار ثابتًا. واستمر هذا المستوى من المخصصات حتى نهاية الدورة الرابعة. أما في الدورة الخامسة الحالية، فيتقاضى النائب راتبًا شهريًا مقداره 8 ملايين دينار، بالإضافة إلى 16 مليونًا كمخصصات حماية، و3 ملايين بدل إيجار للنواب غير المقيمين في بغداد، ليصل إجمالي ما يتقاضاه النائب الواحد شهريًا إلى 27 مليون دينار. وقد أجرى فريق التحقيقات جردًا دقيقًا لتلك الأرقام، فتبين أن الراتب السنوي للنائب في الدورة الحالية يبلغ 324 مليون دينار، أي ما يعادل مليارًا و296 مليون دينار خلال دورة نيابية واحدة تمتد لأربع سنوات. وباحتساب عدد النواب البالغ 329، تصل الكلفة السنوية الإجمالية للرواتب والمخصصات إلى نحو 426 مليارًا و384 مليون دينار. وترتفع هذه الكلفة بشكل ملحوظ عند احتساب النفقات التشغيلية الأخرى، بما في ذلك مرتبات الموظفين والمخصصات الإدارية للمكاتب واللجان النيابية. اللافت أن هذه الامتيازات المالية بقيت قائمة رغم محاولات سابقة لتقليصها. ففي عام 2018، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارًا بتخفيض رواتب النواب بنسب متفاوتة، شملت بصورة رئيسية أصحاب الشهادات الأدنى، فيما استُثني حملة الشهادات العليا من التخفيض، وهو ما أضعف الأثر الفعلي للقرار على الموازنة العامة، وسط غياب تنفيذ صارم وآلية رقابية مستقلة. ورغم هذا الإنفاق السخي، فإن البرلمان لم يُعقد منذ بداية دورته حتى ربيع 2025 سوى 132 جلسة، بينما ينص نظامه الداخلي على 256 جلسة سنويًا، بمعدل 32 جلسة لكل فصل تشريعي.هذا العجز لا يعود فقط إلى التقويم الزمني، بل إلى اضطراب داخلي واسع شلّ المؤسسة من الداخل، وأبرز وجوهه كان شغور منصب رئيس البرلمان لأكثر من عام، بعد أن أقصت المحكمة الاتحادية محمد الحلبوسي في نوفمبر 2023، على خلفية اتهامات بتزوير استقالة، وهي سابقة لم يعرفها البرلمان العراقي منذ 2003. لم تكن الرئاسة وحدها في مهب الفراغ. فالنقاشات التشريعية نفسها، بحسب مراقبين، باتت أشبه بمناورات سياسية داخل قاعة بلا بوصلة. بعض القوانين أُقرّ بالفعل، منها الموازنة الثلاثية المثيرة للجدل عام 2023، وتعديلات على قانون العفو العام والأحوال الشخصية. لكن أغلب ما طُرح ظل حبراً على ورق، إما لغياب التوافق أو لغياب النواب أنفسهم.الإنفاق المبالغ به لم يكن مقتصرًا على الرواتب. ففي الشهادات التي جمعتها الوكالة من نواب حاليين وسابقين، يتبيّن أن مخصصات الحماية التي تُمنح لكل نائب – والمفترض أن تُغطي رواتب 16 عنصر أمن – لا تُصرف دومًا على هذا النحو. إذ إن بعض النواب يكتفون بسائق أو مرافق، ويحوّلون المبالغ المتبقية إلى مصاريف مكتبية أو يُعيدون توزيعها داخليًا. “الورق شيء، والواقع شيء آخر”، يقول أحد النواب السابقين، طالبًا عدم الكشف عن اسمه. “الحماية صارت بندًا مرنًا لتغطية أي إنفاق غير مبرر.” في بلد يرزح تحت أعباء ديون داخلية وخارجية، ويُعاني من تراجع الاستثمار في الصحة والتعليم والخدمات، فإن بقاء هذه الامتيازات على حالها يُثير أسئلة حول أولويات الدولة. فمنذ عام 2011، حين صوّت البرلمان على تقليص امتيازات أعضائه استجابة لمطالب الشارع، لم يُسجّل أي تعديل جوهري، بل بالعكس، “سُجّلت زيادات خفية ومخصصات جديدة أُدرجت عبر قرارات داخلية لا تمر عبر الإعلام”، بحسب شهادات خاصة لمسؤولين حكوميين. الخبير القانوني علاء شون يقول إن “هذا التضارب في المصالح يُفرغ المطالبات بالإصلاح من مضمونها”، ويضيف: “نحن أمام مؤسسة تنتج قواعدها لنفسها، ثم تُشرعن امتيازاتها باسم القانون.”تكمن الإشكالية الأعمق في أن تلك الامتيازات محمية بنصوص قانونية، أبرزها قانونا مجلس النواب رقم 13 لعام 2018، ورواتب ومخصصات النواب رقم 28 لعام 2011، اللذان يمنحان النواب مرتبة وزير من حيث الحقوق والامتيازات. تعديل تلك القوانين لا يتم إلا عبر البرلمان نفسه، ما يجعل النواب – فعليًا – أصحاب القرار في ما يتقاضونه، وهو ما يخلق حالة تضارب مصالح بنيوية في صلب النظام التشريعي العراقي.

مقالات مشابهة

  • الأمن النيابية ترفع قانون الحشد لرئاسة البرلمان للتصويت عليه
  • نواب ليبيون في البرلمان الإفريقي.. توصيات موحدة لمعالجة قضايا القارة
  • برلماني: توجيهات الرئيس بشأن المحاور والموانئ تحول مصر لمركز إقليمي للتجارة
  • خبير اقتصادي: لماذا يمنع الانتقالي اللجان البرلمانية من عملها بالمحافظات المحررة؟
  • محمد أبو العينين: الشعب لديه وعي بكل المخططات التي تدار ضد الدولة
  • رفض قانون الحشد أسبابه عقائدية.. نائب يحملّ رئاسة البرلمان مسؤولية تعطل انعقاد الجلسات
  • الصفدي يلتقي رئيس هيئة وأعضاء إدارة النادي الفيصلي
  • مليار و296 مليون ديناراً راتب النائب في الدورة البرلمانية والدولة تعاني من العجز المالي
  • رئيس مجلس النواب يعزي نظيره الروسي في ضحايا تحطم الطائرة المدنية
  • عمرو نبيل: حل الأحزاب غير الممثلة برلمانيًا خطر على الديمقراطية ويضر بالتعددية السياسية