سودانايل:
2025-10-14@07:22:30 GMT

الكتابة في زمن الحرب (47) : نتائج الحروب على الثقافة

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

الثقافة السودانية، مثلها مثل العديد من الثقافات التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي تواجه كمية من الضغوطات الشديدة وذلك نتيجةً لعدة عوال اهمها الحروب والمجاعات اضافة للكوارث الطبيعية. هذه الأزمات بلا ادنى شك تؤثر وبشكل مباشر على الفعل الثقافي وعلى البيئة التي يمكن أن تنتج فيها الإبداع.

ورغم ذلك، نجد أن المثقفين السودانيين الذين يعيشون في المهجر يبدعون بشكل ملحوظ. هذا قد يكون مرتبطاً بعدة عوامل:
(1) الحرية الفكرية: يعيش المثقفون السودانيون في المهجر بعيداً عن الضغوط السياسية والقمع، مما يتيح لهم مجالاً أوسع للتفكير والإبداع. في السودان، تقييد الحريات كان عاملاً رئيسياً في إعاقة النشاط الثقافي.
(2).التفاعل مع ثقافات أخرى: المهجر يمنحهم فرصة الاحتكاك بثقافات جديدة ومتنوعة، مما يغني تجربتهم الثقافية ويضيف أبعاداً جديدة لإبداعهم. كما أن البيئات المستقرة في الخارج توفر الفرص للتعبير الفني والأدبي بعيداً عن الصراعات.
(3 )الاغتراب والهجرة: يولد الشعور بالحنين إلى الوطن والانتماء إلى جذور ثقافية قوية دافعاً للإبداع. الهجرة تجبر المثقف على إعادة النظر في هويته، جذوره، ومستقبله، مما يثري نتاجه الأدبي والفكري.

الثقافة السودانية وثقافة الأزمات:
الحروب والمجاعات: هذه الأزمات أدت إلى تعطيل الكثير من المؤسسات الثقافية داخل السودان. لا يوجد استثمار حقيقي في الثقافة وسط الأولويات الاقتصادية والسياسية، وتظل الثقافة غالباً ضحية لهذه الأزمات.
الكوارث الطبيعية: مثل الفيضانات والتصحر، تسهم في تدهور البنية التحتية، مما يعيق تنظيم الفعاليات الثقافية وتبادل الأفكار.

مستقبل الثقافة السودانية:
في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية، هناك فرص وتحديات:
(1). الفرص: يمكن للمثقفين السودانيين في الداخل والخارج تشكيل مشهد ثقافي جديد إذا تم توفير بيئة ديمقراطية وحرة. التعاون مع مؤسسات عالمية ومنظمات ثقافية دولية قد يعزز من استمرارية الإنتاج الثقافي.
(2) التحديات: وعلى رأسها التوترات السياسية، تدهور الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الحروب يمكن أن يظل عائقاً أمام استعادة الزخم الثقافي. الحل يكمن في تحسين التعليم وتطوير البنية التحتية الثقافية ودعم الفنانين والمثقفين.

الخروج من عنق الزجاجة: كيف ومتى؟..
حري بنا أن نقول ان الخروج من الأزمات الثقافية يتطلب عدة خطوات واهمها:
اولاً: إصلاح سياسي واقتصادي: لا يمكن الحديث عن نهوض ثقافي في ظل غياب الاستقرار السياسي. الحاجة ماسة إلى بناء دولة مدنية تؤمن بحرية الفكر والتعبير.
ثانياً/: دعم الثقافة كجزء من الهوية الوطنية: يجب أن تدرك الحكومات المتعاقبة أهمية الثقافة في بناء الأمة، وبالتالي تحتاج إلى تخصيص موارد ودعم البنية التحتية الثقافية.
ثالثاً/: تمكين الشباب: الشباب يمثلون طاقة هائلة للنهضة الثقافية، ولا بد من فتح المساحات لهم لتقديم إسهاماتهم.
رابعاً/:!تطوير المؤسسات التعليمية: التعليم هو أساس أي نهضة ثقافية، وبالتالي يجب أن تكون هناك إصلاحات تعليمية جذرية تعزز الفنون والآداب كجزء من الهوية الوطنية.

 

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب

مع إبرام اتفاق غزة، بدت ميليشيا الحوثي الإيرانية في مأزق استراتيجي؛ فقد تلاشت الشماعات التي استخدمتها طوال سنوات الحرب الأخيرة لتبرير تصعيدها الإقليمي، وتحولت الحاجة إلى إيجاد مبرر جديد لاستمرار الحرب إلى أولوية. 

فبعد أن وظّفت الميليشيات الحوثية الملف الفلسطيني لمشروع الابتزاز الدولي وتهديد خطوط الملاحة، باتت اليوم مطالبة بأن تُبرّر بقاءها على الوضع الحالي، اختارت اليوم أن تعيد إشعال الحرب داخلياً. إذ تشير المعلومات الميدانية والعسكرية إلى أن الحوثيين بدأوا فعليًّا في دفع تعزيزات ضخمة إلى جبهات مأرب والجوف وتعز والحديدة وحجة ولحج، مع استحداث مواقع جديدة وخنادق في خطوط التماس.

 والتحركات لا تكاد تُقرأ بمعزل عن حملة تعبئة حزبية واجتماعية داخل ما يُسمّى بـ "التعبئة الشعبية العامة" تحت شعارات ضخمة مثل "مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل"، حيث برز التصعيد العسكري الداخلي بوضوح من في خطاب زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي الأخير، الذي دعا إلى ما أسماه رفع الجاهزية القتالية. غير أن رفع الجاهزية لا يظهر فقط كجزء من المواجهة الخارجية، بل هو تحضير لمرحلة جديدة من القتال في الداخل، خاصة بعد أن تآكلت القدرة على استخدام تصعيد الإقليم كغلاف مقبول. الممتدّ إلى الداخل، الصراع الذي يعتمده الحوثي كأداة للبقاء، هو اليوم خيارهم الرئيس.

بحسب مصادر عسكرية ميدانية أوضحت أن الميليشيات الحوثية دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات إضافية إلى عدة جبهات، حيث سجلت مأرب تحشيدًا غير مسبوق، إذ دفعت الجماعة بآلاف المقاتلين مع آليات ثقيلة صوب جبهات مثل صرواح والجوبة ورغوان والمناطق الحدودية. في الجوف، تستمر عمليات التوتر مع تبادل القصف والتسلل، مع وصول دعم عسكري من محافظات تحت سيطرة الحوثي، وفقًا لمصادر ميدانية. 

وفي تعز ومحافظات الجنوب، تشير المصادر إلى خروق متكررة للتهدئة من جانب الحوثيين، وتصاعد في القصف والتقدم البطيء في بعض المحاور، في محاولة لربط شبكات القتال بين عدة جبهات. حيث لا تكتفي الميليشيات الحوثية بإرسال عناصرها المسلحة فحسب، بل تعمل على استحداث مواقع استراتيجية وخنادق جديدة على طول خطوط التماس، كجزء من ترسيم خريطة قتال بديلة. 

هذه التحركات تأتي بالتوازي مع حملات التعبئة والتجنيد الجبري التي تنفذها الميليشيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت شعارات زائفة بينها المعركة المقدسة والنفس الطويل وغيرها من الشعارات التي ترفعها لتبرير استمرار حربها العبثية ضد الشعب اليمني. ويُرَجَّح أن الحوثي يحاول من خلال هذه التحركات إرسال رسالة ابتزاز مفادها: "إذا لم تسمحوا لنا بالحرب الخارجية، فستضطرون لمواجهتنا داخليًا".

ويرى محللون إن ميليشيا الحوثي استخدمت موضوع فلسطين ونصرة غزة كستار أخضر لحشد الأموال والتسليح والسيطرة على الشارع اليمني، وكذا لتهديد وخطف خطوط الملاحة بين الحين والآخر من أجل ابتزاز المجتمع الدولي. ولكن مع الاتفاق في غزة، انخفضت قيمة هذا الستار، وأصبح الحوثي مكشوفًا أمام تحدّي تبرير استمرار الحرب داخلياً.

وأضافوا: "اليوم، وبعد أن فقد قوة جاذبية الحرب الإقليمية، لا خيار أمام الحوثي إلا أن يعتمد على الحرب الداخلية كمشروع "بديل" يستمر من خلاله في الاستفادة من الموارد المالية التي يجمعها بالقوة (جبايات وفرض "ضرائب الحرب")، وكذا إضعاف أي تحركات سلمية أو مطالب مدنية داخلية مناهضة لسلطتهم، إضافة إلى تمرير إخفاقاته في الإدارة الخدمية عبر ذريعة "القتال". إلى جانب الاستمرار في جذب المقاتلين الجدد تحت شعار الجهاد واستخدامهم داخليًا.

وتحاول الميليشيات الحوثية من خلال تحركاتها العسكرية الأخيرة ربط جبهات الجنوب والشمال، لفسح المجال لعمليات هدفها إحكام السيطرة وإشعال المواجهات في أكثر من محور. كما أن تصاعد خسائره البشرية – التي وفق تقارير محلية تجاوزت العشرين قتيلاً خلال أسبوعين في جبهات مثل تعز والضالع – لا يبدو كدليل على ضعف، بل جزءًا من استراتيجية التهديد والإبقاء على الرعب في الداخل.

هذه الأسلوبية ليست جديدة، لكن توقيتها مرتبط بتحوُّل البيئة الدولية والإقليمية التي لم تعد تعطي الحوثي الغطاء المُتوقع في مرحلة ما بعد غزة. فالاستمرار في الحرب يمنح الحوثي غطاءً دائمًا للهروب من استحقاقات المواطنين: من دفع الرواتب إلى توفير الخدمات إلى السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل دون قيود. كما أنه يُقدِم فرصة لتعطيل أي جهود سلمية، وجعل التفاوض مرتبطًا بمقايضات عسكرية.


مقالات مشابهة

  • تكالة يبحث تعزيز الأنشطة الثقافية وتذليل العقبات أمام الوزارة
  • السيسي لـ ترامب: أثبتم أن القيادة ليست في شن الحروب وإنما في إنهائها
  • ترامب من داخل الكنيست: الحرب انتهت بعد أن حققت إسرائيل كل ما يمكن تحقيقه
  • أحمد موسى: كان يمكن إنقاذ 20 ألفا من الموت في غزة
  • من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
  • غرف الطوارئ السودانية شبكة شبابية رُشحت مرتين لجائزة نوبل للسلام
  • المكتب الثقافي التعليمي المصري بالرياض يناقش تاريخ العلاقات الثقافية بين مصر والسعودية
  • عبد الله الثقافي يكتب: الحرب جرح لا يندمل
  • رئيس الأوبرا : 37 عاما تجملت بتاريخ مشرف من الفنون الجادة والريادة الثقافية
  • رئيس الأوبرا: 37 عاما تجملت بتاريخ مشرف من الفنون الجادة والريادة الثقافية