من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
مع إبرام اتفاق غزة، بدت ميليشيا الحوثي الإيرانية في مأزق استراتيجي؛ فقد تلاشت الشماعات التي استخدمتها طوال سنوات الحرب الأخيرة لتبرير تصعيدها الإقليمي، وتحولت الحاجة إلى إيجاد مبرر جديد لاستمرار الحرب إلى أولوية.
فبعد أن وظّفت الميليشيات الحوثية الملف الفلسطيني لمشروع الابتزاز الدولي وتهديد خطوط الملاحة، باتت اليوم مطالبة بأن تُبرّر بقاءها على الوضع الحالي، اختارت اليوم أن تعيد إشعال الحرب داخلياً.
والتحركات لا تكاد تُقرأ بمعزل عن حملة تعبئة حزبية واجتماعية داخل ما يُسمّى بـ "التعبئة الشعبية العامة" تحت شعارات ضخمة مثل "مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل"، حيث برز التصعيد العسكري الداخلي بوضوح من في خطاب زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي الأخير، الذي دعا إلى ما أسماه رفع الجاهزية القتالية. غير أن رفع الجاهزية لا يظهر فقط كجزء من المواجهة الخارجية، بل هو تحضير لمرحلة جديدة من القتال في الداخل، خاصة بعد أن تآكلت القدرة على استخدام تصعيد الإقليم كغلاف مقبول. الممتدّ إلى الداخل، الصراع الذي يعتمده الحوثي كأداة للبقاء، هو اليوم خيارهم الرئيس.
بحسب مصادر عسكرية ميدانية أوضحت أن الميليشيات الحوثية دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات إضافية إلى عدة جبهات، حيث سجلت مأرب تحشيدًا غير مسبوق، إذ دفعت الجماعة بآلاف المقاتلين مع آليات ثقيلة صوب جبهات مثل صرواح والجوبة ورغوان والمناطق الحدودية. في الجوف، تستمر عمليات التوتر مع تبادل القصف والتسلل، مع وصول دعم عسكري من محافظات تحت سيطرة الحوثي، وفقًا لمصادر ميدانية.
وفي تعز ومحافظات الجنوب، تشير المصادر إلى خروق متكررة للتهدئة من جانب الحوثيين، وتصاعد في القصف والتقدم البطيء في بعض المحاور، في محاولة لربط شبكات القتال بين عدة جبهات. حيث لا تكتفي الميليشيات الحوثية بإرسال عناصرها المسلحة فحسب، بل تعمل على استحداث مواقع استراتيجية وخنادق جديدة على طول خطوط التماس، كجزء من ترسيم خريطة قتال بديلة.
هذه التحركات تأتي بالتوازي مع حملات التعبئة والتجنيد الجبري التي تنفذها الميليشيا في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تحت شعارات زائفة بينها المعركة المقدسة والنفس الطويل وغيرها من الشعارات التي ترفعها لتبرير استمرار حربها العبثية ضد الشعب اليمني. ويُرَجَّح أن الحوثي يحاول من خلال هذه التحركات إرسال رسالة ابتزاز مفادها: "إذا لم تسمحوا لنا بالحرب الخارجية، فستضطرون لمواجهتنا داخليًا".
ويرى محللون إن ميليشيا الحوثي استخدمت موضوع فلسطين ونصرة غزة كستار أخضر لحشد الأموال والتسليح والسيطرة على الشارع اليمني، وكذا لتهديد وخطف خطوط الملاحة بين الحين والآخر من أجل ابتزاز المجتمع الدولي. ولكن مع الاتفاق في غزة، انخفضت قيمة هذا الستار، وأصبح الحوثي مكشوفًا أمام تحدّي تبرير استمرار الحرب داخلياً.
وأضافوا: "اليوم، وبعد أن فقد قوة جاذبية الحرب الإقليمية، لا خيار أمام الحوثي إلا أن يعتمد على الحرب الداخلية كمشروع "بديل" يستمر من خلاله في الاستفادة من الموارد المالية التي يجمعها بالقوة (جبايات وفرض "ضرائب الحرب")، وكذا إضعاف أي تحركات سلمية أو مطالب مدنية داخلية مناهضة لسلطتهم، إضافة إلى تمرير إخفاقاته في الإدارة الخدمية عبر ذريعة "القتال". إلى جانب الاستمرار في جذب المقاتلين الجدد تحت شعار الجهاد واستخدامهم داخليًا.
وتحاول الميليشيات الحوثية من خلال تحركاتها العسكرية الأخيرة ربط جبهات الجنوب والشمال، لفسح المجال لعمليات هدفها إحكام السيطرة وإشعال المواجهات في أكثر من محور. كما أن تصاعد خسائره البشرية – التي وفق تقارير محلية تجاوزت العشرين قتيلاً خلال أسبوعين في جبهات مثل تعز والضالع – لا يبدو كدليل على ضعف، بل جزءًا من استراتيجية التهديد والإبقاء على الرعب في الداخل.
هذه الأسلوبية ليست جديدة، لكن توقيتها مرتبط بتحوُّل البيئة الدولية والإقليمية التي لم تعد تعطي الحوثي الغطاء المُتوقع في مرحلة ما بعد غزة. فالاستمرار في الحرب يمنح الحوثي غطاءً دائمًا للهروب من استحقاقات المواطنين: من دفع الرواتب إلى توفير الخدمات إلى السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل دون قيود. كما أنه يُقدِم فرصة لتعطيل أي جهود سلمية، وجعل التفاوض مرتبطًا بمقايضات عسكرية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة
إقرأ أيضاً:
داخلية غزة: سنبدأ الانتشار بالمناطق التي انسحب منها الاحتلال
غزة - صفا أعلنت زارة الداخلية والأمن الوطني في غزة أن أجهزتها ستبدأ الانتشار في المناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمحافظات القطاع كافة، والعمل الحثيث على استعادة النظام ومعالجة مظاهر الفوضى التي سعى الاحتلال لنشرها على مدار عامين. وأهابت الوزارة في بيان وصل وكالة "صفا"، يوم الجمعة، بالمواطنين جميعًا إلى المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، والابتعاد عن أية تصرفات قد تشكل خطرًا على حياتهم، وإلى التعاون مع ضباط وعناصر الأجهزة الشرطية والأمنية والخدماتية، حرصًا على أمنهم وسلامتهم. ودعتهم إلى الالتزام بكافة التوجيهات والتعليمات التي ستصدر عن الجهات المختصة في أجهزتها خلال الأيام القادمة وباركت الوزارة لشعبنا الفلسطيني في القطاع خاصة ولعموم شعبنا في أماكن تواجده كافة، اتفاق وقف حرب الإبادة التي استمرت عامين وقالت إن الاحتلال الإسرائيلي مارس خلال الحرب، شتى الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية، لتكون هذه الحرب الشعواء الجريمة الأكبر التي ترتكب بحق شعب أعزل في العصر الحديث. وأضافت أن الصمود الأسطوري لشعبنا في قطاع غزة أمام آلة الحرب والإجرام الإسرائيلية، أكد مجددًا أنه الأجدر بالبقاء وبناء مستقبل أجياله من احتلال همجي زائل لا محالة. وأكدت أن دماء أطفالنا ونسائنا ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية، لن تمحى مهما طال الزمن، وستظل شاهدة على همجية الاحتلال وداعميه، وأحقية شعبنا الفلسطيني في أرضه المروية بدماء أبنائه. وأشارت إلى أنها قدمت في هذه الملحمة التاريخية التي سطرها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة خيرةَ قادتها ومنتسبيها في ميدان شرف الخدمة لشعبنا الصامد. وتابعت "رغم بشاعة العدوان وقساوته وتجاوزه لكل المحرمات والأعراف والقوانين الإنسانية والدولية، أوفى قادة أجهزة الوزارة وضباطها ومنتسبوها بالقسم الذي قطعوه على أنفسهم في خدمة شعبهم ووطنهم، وكانت دماؤهم وأرواحهم برهانًا جديدًا على صدق انتمائهم وولائهم لهذا الشعب". وأوضحت أن الاحتلال ركز الاحتلال على استهداف الوزارة محاولًا بذلك ضرب أحد عوامل صمود شعبنا في وجه العدوان. وأردفت "بالرغم من الثمن الفادح الذي دفعته الوزارة من خيرة قادتها وضباطها إلا أنها بقيت تعمل بكل الإمكانات المتاحة في ظل ظروف بالغة التعقيد، وتصدت بكل ما تملك لمخططات الاحتلال في إشاعة الفوضى والفلتان داخل المجتمع الفلسطيني في القطاع.