قطاع التصنيع الفرنسي يواصل التراجع وسط منافسة خارجية
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن قطاع التصنيع الفرنسي يواصل تراجعه مع نهاية هذا العام، حيث سجل انخفاضا بنسبة 0.8% في الإنتاج خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، وهو انخفاض تجاوز توقعات الاقتصاديين.
ويأتي هذا التراجع -وفق الصحيفة- بعد ارتفاع غير متوقع في أغسطس/آب بفضل الأداء الجيد لبعض الصناعات مثل السيارات والأدوية.
وصرح الخبير الاقتصادي كلوز فيستسين من معهد "بانثون ماكروإيكونوميك" بأن أداء الصناعة الفرنسية "سيئ، ومن المرجح أن يزداد سوءا في بداية الربع الرابع"، مشيرا إلى الصعوبات التي تواجه الصناعة، خاصة قطاع السيارات، في ظل المنافسة المتزايدة من الصين وتحول الصناعة نحو السيارات الكهربائية، التي تهيمن عليها الشركات الآسيوية.
عمليات تسريح وإغلاق مصانع في أوروباومع الضغوط الاقتصادية المتزايدة، أعلنت شركات أوروبية كبرى مثل "ميشلان" و"شيفلر" عن إغلاق مصانع وتسريح أكثر من 5 آلاف عامل، بينما تخطط فولكس فاغن لإغلاق 3 مصانع في ألمانيا، حيث قال مجلس عمال الشركة إنها تسعى لخفض التكاليف العمالية وضمان استدامة أعمالها على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة اتحاد صناعة السيارات الألماني هيلدغارد مولر إن "الموردين قادرون على المنافسة بمنتجاتهم على المستوى الدولي، لكن التكاليف في الموقع تجعل الوضع صعبا عليهم".
وأضافت أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات بشأن أسعار الطاقة وتحسين الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز اتفاقيات التجارة وتوريد المواد الخام.
أزمة الطاقة وتأثيرها المستمرورغم استقرار أسعار الطاقة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية في 2022، فإن الصناعات ذات الاستهلاك العالي للطاقة، مثل صناعة الصلب والزجاج والسيارات، لا تزال تواجه تكاليف عالية بسبب العقود التي تم توقيعها خلال ذروة الأزمة.
وأفادت وول ستريت جورنال بأن تلك التكاليف تشكل عبئا كبيرا على هذه الصناعات، وتؤثر بشكل مباشر على أرباح الشركات المصنعة.
وأشارت تقارير إلى أن الصادرات الفرنسية تراجعت بشكل كبير في أكتوبر/تشرين الأول، حيث سجلت أسرع انخفاض في الطلبات الدولية، وفقا لتقارير من "ستاندرد آند بورز غلوبال".
ويقول الاقتصادي طارق كامل شودري من "هامبورغ كوميرشال بانك" بأن القطاع الصناعي الفرنسي "محاصر في أزمة عميقة" بسبب التوترات الجيوسياسية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، مما أثر بشدة على المبيعات الدولية.
النمو الاقتصادي تحت التهديدواستفاد الاقتصاد الفرنسي في الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول من الإنفاق المتزايد خلال فعاليات الألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس، مما ساهم في نمو غير متوقع.
غير أن هذا التأثير الإيجابي آخذ في التلاشي في الربع الرابع، مما يضع ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في مواجهة نمو ضعيف، ويزيد من صعوبة تحقيق "هبوط سلس" بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية.
ويؤكد شودري أن "الشركات تخفض عدد العاملين وتزداد تشاؤما بشأن العام المقبل"، مما يعكس حالة من التشاؤم تجاه قدرة الاقتصاد الفرنسي على تحقيق الاستقرار والنمو وسط التحديات المتزايدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
كيف خان ترامب العمال بتقويض قانون خفض التضخم وأوقف نهضة التصنيع؟
نشرت صحيفة "كاونتر بانش" الأمريكية، تقريرًا، يسلّط الضوء على ما وصف بـ"خيانة ترامب للعمال الأمريكيين، عبر إلغاء تمويل قانون خفض التضخم، ما شلّ مشاريع صناعية كبرى، وبدّد ملايين فرص العمل، وأضاع فرصة تحديث قطاعات بأكملها نحو صناعة مستدامة وأكثر تنافسية".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "مسؤولين اتحاديين، إلى جانب حاكم ولاية إنديانا، آنذاك، إريك هولكومب، وزعماء نقابات، وممثلين عن الشركات، وعشرات الضيوف، اجتمعوا السنة الماضية في مصنع "هايدلبرغ للمواد" بمدينة ميتشل بولاية إنديانا للاحتفال بإنجاز بارز لأكبر ثاني مصنع إسمنت في أمريكا الشمالية".
وأوضحت الصحيفة أنّ: "وزارة الطاقة الأمريكية منحت الشركة تمويلًا يصل إلى 500 مليون دولار عبر قانون خفض التضخم، لدعم مشروع تحديث رائد يستهدف تعزيز القوة الصناعية، وتقوية سلاسل التوريد، وإحداث تحول جوهري في قطاع حيوي".
وتابعت: "بفضل هذا التمويل، حفرت الشركة بئر اختبار يزيد عمقه عن ألفي متر، واتخذت خطوات لإطلاق مبادرة احتجاز الكربون، التي تُعد محور المشروع. وكان عمال الإنتاج، الذين يمثلهم اتحاد عمال الصلب المحلي رقم 7-00030، يترقبون توسيع أثرهم في الاقتصاد المحلي وقيادة البلاد نحو عصر صناعي جديد، فيما توحد قادة المجتمع المحلي خلف هذه المبادرة".
"لكن جاء دونالد ترامب ليطعنهم جميعًا في الظهر بإلغائه في الثلاثين من أيار/ مايو بشكل مفاجئ مليارات الدولارات من تمويلات قانون خفض التضخم المخصصة لشركة "هايدلبرغ للمواد" وعشرات الشركات الأخرى، ما أوقف مشاريع صناعية واعدة في مهدها وترك أخرى تواجه مستقبلًا غامضًا" بحسب التقرير نفسه.
وأورد: "رغم ادعاءات ترامب بأنه يريد تعزيز القوة الصناعية وزيادة الإنتاج المحلي، تلك الوعود لم تكن سوى شعارات جوفاء، إذ أظهر ازدراءه للاقتصاد واحتقاره للعمال بتقويضه القانون الذي كان بلا شك يسير بأمريكا في الاتجاه الصحيح".
ونقلت الصحيفة عن دوغ دنكان، رئيس النقابة المحلية رقم 7-00030، التي تمثل نحو 115 عاملًا في "هايدلبرغ للمواد"، قوله إنّ: "المشروع كان إنجازًا مهمًا"، موضحًا أنه كان سيوفر ألف وظيفة بناء مؤقتة إضافة إلى عشرات الوظائف الدائمة.
وأضاف دنكان: "كان سيشكّل دفعة قوية للاقتصاد المحلي، إذ كان من المفترض بناء مرفق جديد بالكامل"، مشيرًا إلى أنّ: "الشركة أنجزت بالفعل الكثير من الأعمال الهندسية وتجهيز الموقع. لست متأكدًا مما سيحدث الآن".
وبيّنت الصحيفة أنّ: "اتحاد عمال الصلب، إلى جانب نقابات أخرى، ساهم في تمرير قانون خفض التضخم داخل الكونغرس في آب/ أغسطس 2022، دون أن يحظى بأي تأييد من الجمهوريين".
إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أنّ: "هذا التشريع أتاح مليارات الدولارات للتدريب، والتكنولوجيا، والمعدات، والبنى التحتية اللازمة للحفاظ على القدرة التنافسية لقطاعات واسعة من الاقتصاد الأمريكي عالميًا. كما وضع حدًا لتكاليف الأنسولين، ومنح برنامج الرعاية الصحية حق التفاوض لخفض أسعار الأدوية، وتناول أولويات أساسية تمس حياة الناس العاديين وهي جميعها أمور لم تلقَ أي اهتمام من الجمهوريين في الكونغرس".
وذكرت أنّ: "توقيت تمرير قانون خفض التضخم كان مثاليًا بالنسبة لشركة "هايدلبرغ للمواد"، التي افتتحت في حزيران/ يونيو 2023 مصنعًا جديدًا في مدينة ميتشل بهدف مضاعفة قدرتها الإنتاجية ثلاث مرات، وتلبية قيود سلسلة التوريد الخاصة بالإسمنت في البلاد، ومواكبة الطلب المتزايد على المواد اللازمة لبناء كل شيء من الجسور إلى محطات معالجة المياه".
وأضاف بأنّ: "اتحاد عمال الصلب والشركة عملا معًا للحصول على تمويل القانون لأنه وفّر مسارًا مشتركًا لتحقيق هدف موحد: تشغيل المصنع الجديد بأحدث التقنيات وبأعلى درجات الكفاءة، مع وضع معيار ذهبي للاستدامة في قطاع شديد الاعتماد على الطاقة".
وأكّد: "كنا سنتمكن من احتجاز أكثر من مليونَي طن من الكربون سنويًا"، موضحًا في الوقت نفسه أنّ: "البنية التحتية لإزالة الكربون كانت ستضاهي حجم مصنع الإسمنت نفسه".
واسترسل: "وسط موجة من عناوين الأخبار التي أثنت على المشروع، نظم المسؤولون والعمال فعالية في المصنع للاحتفال بهذه المناسبة التاريخية. واحتفلت مواقع عمل أخرى بالحصول على منح تمويلية عبر القانون نفسه، لكنها الآن، شأنها شأن "هايدلبرغ للمواد"، باتت عالقة، وبعضها توقف وسط أعمال البناء".
وأفادت الصحيفة بأنّ رئيس اتحاد عمال الصلب المحلي 2140، رون وودز، قال: "هذا ليس أمرًا ظريفًا بالنسبة لي"، مشبّهًا تخلّي ترامب عن قانون خفض التضخم بـ"المتعة" التي كان ترامب ورفيقه إيلون ماسك يستمدانها من استخدام منشار الجنزير ضد القوة العاملة الفيدرالية والوكالات التي تخدم الأمريكيين العاديين.
ويعمل وودز في مصنع الأنابيب الأمريكية بمدينة بيسمر بولاية ألاباما، الذي حصل السنة الماضية على تمويل يصل إلى 75.5 مليون دولار عبر القانون، لتركيب أفران صهر كهربائية حديثة.
كان من شأن هذا المشروع، وفقًا للخطة، أن يزيد القدرة التصنيعية والاستدامة، ويضمن مستقبل مصنعٍ له عقود طويلة من الخدمة ويُعد ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي. كما كان المشروع سيوفر عشرات الوظائف ذات الأجور المرتفعة ويتيح فرصًا للعمال الحاليين للتطور المهني.
وحسب دراسة أعدتها رابطة الطاقة النظيفة الأمريكية، كان القانون سيوفر ملايين فرص العمل في أنحاء البلاد ويترك "أثرًا دائمًا" على الاقتصاد، فضلًا عن قدرته على قيادة قطاعات بأكملها نحو عصر صناعي جديد.
ومن بين الأمثلة على ذلك، حصلت شركات "ليبي غلاس" في توليدو بولاية أوهايو، و"أو-آي غلاس" في زينسفيل بأوهايو، و"غالو غلاس" في مودستو بولاية كاليفورنيا، على عشرات الملايين لكل منها لإنشاء أفران جديدة.
وتُعد هذه الأفران، التي تُشكل القلب النابض لصناعة الزجاج، من المنشآت التي تحتاج إلى إعادة بناء بشكل دوري، وقد أتاح الاستثمار عبر القانون فرصة لتحديثها وتعزيز الاستدامة وتحسين قدرة هذا القطاع على منافسة المنتجين الأجانب.
وقال رئيس اتحاد عمال الصلب المحلي 17 إم، أنتوني فيرغارا، الذي يمثل حوالي 700 عامل في شركة "غالو": "أعتقد أن صناعة الزجاج ككل تمر بمرحلة صعبة".
ورغم توقع فيرغارا أن "غالو" ستعيد بناء فرنها من دون تمويل القانون، فإنه شدّد على أن الدعم الموعود كان سيساعد في تحقيق "التحول الكبير" الذي يحتاجه القطاع بأكمله للبقاء على المدى البعيد. مضيفا: "بلا شك كان سيكون أمرًا جيدًا جدًا".