لجريدة عمان:
2025-06-25@11:29:21 GMT

ترامب الملهم

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

قيل الكثير وسيقال الأكثر من التعليقات على فوز ترامب لكن أغرب شيء أن يتمنى العرب أن يكون لديهم ترامب عربي آخر. السؤال المنطقي هو، هل نحن فعلًا نحتاج إلى ترامب عربي؟ كيف وصل الحال بالعرب أن يتمنوا شخصا يأتيهم يشبه ترامب، زعيم عربي يقتدي بترامب، وليكن ما يكن: إسلامي أو عروبي، يميني أو يساري متطرف أو راديكالي إلى أبعد الحدود أو حتى ماركسي، لا يهم فقط فليأت زعيم عربي ترامبي الطباع والمزاج صريح وقوي، لا يهادن في مصلحة العرب، يجيش العالم ويقفه على قدم واحدة إن أراد وبإشارة واحدة منه يفض تجمعه.

فاز ترامب إذن بالرئاسة الأمريكية وحبس العالم أنفاسه وسيمكث في البيت الأبيض لأربع سنوات ربما تكون عجافًا ثقالًا ليرضى من يرضى ويزعل ويتكدر من أراد ذلك. يعود ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض والعالم كما تركه بل أسوأ وأكثر خرابًا ودمارًا تحيط به الكوارث من كل الجهات.

في أمريكا صوّت الناس لترامب لعدة أسباب لكن ما هو جوهري إجماع الأغلبية منهم بأنهم اختاروا ترامب لأنهم سئموا من الديمقراطيين وتشريعاتهم الشاذة التي أصابتهم القلق على أطفالهم في المدارس والسعي المحموم للديمقراطيين لنشر الشذوذ الجنسي والتحول ودعمهم اللامحدود للمثلية وزواج المثليين ومسألة الإجهاض وغير ذلك من القضايا.

أغلبية الأمريكيين تأذوا من تلك القوانين والتشريعات التي طالت شرائح اجتماعية عديدة في أمريكا ومن ضمنهم الملياردير أيلون ماسك الذي طال التحول الجنسي ابنه وسمحت له القوانين بالتحول من ذكر إلى أنثى اسمها فيفيان، لذلك تعهد ماسك بمحاربة هذه المثلية في أمريكا ما شجّعه للوقف مع ترامب ودعمه بما يقارب ١٣٠ مليون دولار.

وكان ترامب تحدث في خطاب له عن ذلك حين قال «سيتم حظر تغيير الجنس للأطفال، سنهزم طائفة إيديولوجية النوع الاجتماعي ونعيد تأكيد أن الله خلق نوعين اجتماعيين فقط الرجال والنساء» وتعهد بمحاربة قوانين المثلية الجنسية وسيحارب أي طبيب يعمل هذه العملية وأي معلّم يلّمح حول التحول الجنسي.

وقال: «التشويه الكيميائي والجسدي لشبابنا، في أول أيامي الرئاسة سألغي سياسات بايدن الوحشية التي تسمى الرعاية الصحية للمتحولين جنسيًا، وهذه سخافة لأنها عملية تشمل إعطاء الأطفال الصغار مثبتات البلوغ وتشويه أجسادهم وإجراء جراحات على القاصرين هل تصدقون هذا؟ وسأصدر مرسومًا جديدًا بوقف كل برامج الوكالات الحكومية التي تروّج لمفهوم التحول الجنسي لكل الأعمار، سيتم إنشاء صندوق لضحايا عمليات التحول الجنسي ورفع دعاوى قضائية ضد الأطباء الذين ارتكبوا هذه الأفعال التي لا تغتفر بحق الأطفال، ستقوم وزارة العدل بالتحقيق في تورط شركات الأدوية والمستشفيات الكبرى في التستر عمدًا».

ترامب رغم أنه مكروه ومعادٍ بالفطرة للأجانب وقد يكون عنصريًا مقيتًا إلا أنه يحظى بالإعجاب والاقتداء وخصوصا في القارة العجوز التي يجمعهم الكثير من أوجه التشابه.

أصبح ظاهرة في السياسة ملهمة للكثيرين، وبمثابة الناقل للعدوى، فهو يمثل «قدوة خطيرة» وكثيرون هم من يشبهون ويتشبهون بغطرسته وعنجهيته وصراحته المؤلمة فالغوغائية والتطرف أصبح أسلوبًا ينتهجه بعض القادة.

ترامب المقامر الذي دخل السياسة من بوابة الصفقات التجارية والمقامرات يحمل في يد معوّل الهدم وفي يد أخرى يعيد البناء ويعيد لا لتشكل أمريكا وحسب بل العالم وفق منظور مختلف ومغاير. فهو بحق وكأنه ذلك الخليط العجيب من كل شيء.

ترامب الشخصية التي تثير الكثير من التساؤلات والتأمل فهو بحق ظاهرة ينبغي تأملها بشكل جيد وهو نتاج وخليط عجيب بين كل شيء من تجارة ومقامر وسياسة ورياضة وديني ولا ديني عنصري ولا عنصري أهوج ومهادن، ذكي وربما غبي، صريح ومراوغ، لئيم وطيب، بسيط وعفوي وفي الوقت نفسه ثري ويعيش في أفخم القصور والمنتجعات، متحدث ويجيد استخدام لغة الجسد، ماكر وثعلب ويمكن أن يكون حملًا وديعًا في بعض المرات، صديق الكل وعدو الجميع، لا يؤتمن ويمكن أن يثير الأمن والاطمئنان، لا حدود لطموحاته ورغباته، «نسونجي» ويحارب النساء ولا يتورع من إظهار ذلك ولا يهمه مركز ومنصب، لا تحده مواثيق ولا اتفاقيات ولا أخلاق ولا دين ولا يتوانى في قذف الناس بأبشع الألفاظ، مزعج ومثير للاهتمام، مثير للمتاعب، تتراكم عليه سجلات من الجرائم والتحرشات، لا يكترث إن اتهم وحقق معه أو حتى أودع السجن، لكنه واضح ولا يجامل ولا ينافق وبعيد كل البعد عن اللغة الدبلوماسية وإذا أراد شيئًا ما فهو قادر على تحقيقه ربما يكون براجماتيا في بعض الأحيان لكن بالتأكيد هو حاد الطباع وصريح وقوي. ولا يتردد أن يقول علانية ودون مواراة عما يفكر فيه وينوي فعله. يجيد استخدام الإعلام ويطوعه لصالحه.

ترامب الذي قلب كل الموازين والنظريات السياسية والأخلاقية ويمكن الدينية أيضًا، ينظر له في كل العالم على أنه ليس فقط مجرد سياسي طموح ولكنه مولع بقلب التوازنات وإعادة صياغة العالم وفقًا لأهوائه ومزاجيته، وتقويض تحالفات التقليدية، وإعادة صياغة معاهدات واتفاقيات دولية وفقًا لما هو يريد ويشتهي ضارب بعرض الحائط كل المواثيق كاشفا تفاهة هذه المواثيق التي يقدسها البعض ويحترمها، ولا يقيم وزنًا لمنظمات دولية ولا لتحالفات إقليمية إذا تعارضت مع مصالح أمريكا، شخصية متقلبة المزاج لا يمكن التنبؤ بتصرفاته في كثير من الأحيان.

السياسة التي يمارسها ترامب هي سياسة منفلتة من كل شيء ولا يحكمها شيء غير المزاج والقوة، وليست إلا صفقات تجارية فمثلًا عقد (صفقة القرن) وصفقة (الاتفاقيات الإبراهيمية). يمكن أن يقال أن ترامب متناغم ومتناسق ومتصالح مع نفسه أولا ومع أغلبية الأمريكيين ثانيًا، فهو ليس إلا نتاج المجتمع الأمريكي والرجل الأبيض المتغطرس بكل ما تعني الكلمة من معنى. تحكى عنه الكثير من الحكايات الغريبة، تجده في حلبة المصارع وغيرها من الهوايات، لكن من أكثر غرائبيته في عام 1992 أرادوا تمثيل مشهد من فيلم «2alone home» في فندقه بلازا في نيويورك فاشترط عليهم أن يشارك في الفيلم فكان له ذلك فظهر في لقطة سريعة بالفيلم. ببساطة هذا هو دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المدبر المقبل.

قد لا يحدث ترامب جديد في ولايته الثانية غير استمرار لولايته الأولى. لكن من يدري لعل وجوده أصبح ضرورة ليعمل على بعثرة وهدم النظام الدولي بقصد أو بدون قصد لأن ببساطة النظام الدولي والرأسمالية المتوحشة وصلت إلى ذروتها في الإجرام والظلم وشن الحروب والكوارث. وقد زادت خبرته بدهاليز السياسة والتوازنات وضروريات الدبلوماسية وقد يكون أكثر واقعية وبراجماتية في هذه الفترة.

رغم صفاته العدوانية المتقلبة المزاج إلا أنه لا يمكن أن يشك أحد بأنه وطني يحب أمريكا ويريد أن يعلو من شأنها ويريدها أمريكا قوية متصدرة وفي المقدمة دومًا حتى ولو على حساب الشعوب الأخرى، حتى ولو دهس على الكل، وتلك تحسب له.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التحول الجنسی

إقرأ أيضاً:

أمريكا والحرب الضارية…!

أثارت تصريحات "ترامب" بشأن الحرب بين إسرائيل، وإيران تساؤلات عدة حول الموقف الأمريكى الحقيقى منها، وما إذا كانت نية "ترامب" تميل حقًّا إلى وقفها كونها تمثل خطرًا جسيمًا على حلفائه العرب وغير العرب فى المنطقة فى حال توسعها أو خروجها عن نطاق السيطرة. ويظل الهدف المضمر من تلك الحرب لا يختلف عن هدف إسرائيل المعلن وهو تدمير البرنامج والمنشآت النووية الإيرانية، وإضعاف النظام السياسى الإيرانى وربما الإطاحة به.

لقد سارعت الإدارة الأمريكية منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر الجمعة 13 يونيو الجارى إلى التأكيد على النأي بنفسها عن المشاركة الفعلية فيها. ورغم أنها ساعدت إسرائيل فى اعتراض الصواريخ أوضحت واشنطن أن حكومة "نتنياهو" تتصرف بمفردها فى الهجوم على إيران، وأن واشنطن كانت على علم بموعده، ووافقت على تنفيذه.

وكان قد نقل عبر الإعلام أن إدارة "ترامب" أبلغت حلفاءها فى المنطقة بعدم اعتزامها الانخراط الفعلي فى الحرب بين إسرائيل وإيران ما لم تقدم طهران على استهداف قواعد، أو مصالح أمريكية فى منطقة الخليج. ورغم تنديد بعض قادة الدول العربية والإسلامية بالهجوم الإسرائيلي على إيران، وتوجيه دعوات لضبط النفس، ومناشدات بخفض التصعيد فإن تصريحات "ترامب" اكتست صبغة تحذيرية وخطيرة على نحو متصاعد خلال الأيام الماضية. ففى أحدث منشوراته قال "ترامب"- وكأن الصراع قائم بين واشنطن وطهران-: (إن صبر الولايات المتحدة الأمريكية من إيران بدأ ينعدم)، مطالبًا إيران بـ(الاستسلام غير المشروط)، وأضاف قائلاً: (نعرف تمامًا أين يختبئ المرشد الأعلى فى إيران، هو هدف سهل، ولن نقضى عليه على الأقل فى الوقت الحالى).

لقد بدا للعالم اليوم أن "ترامب" بدأ يغلق الباب أمام الفرص الدبلوماسية الداعية لوقف الحرب.

جاء ذلك بعد تصريحات أدلى بها لشبكة (سى إن إن) الأمريكية بعد عودته من مؤتمر مجموعة الدول السبع فى كندا قال فيها: (إن الستين يومًا التى أمهلها لإيران انتهت دون إبرام أى اتفاق)، وأضاف: (إيران لا تكسب هذه الحرب، ويجب عليها الانخراط فى التفاوض على الفور قبل فوات الأوان). وعلى غرار الجيش الإسرائيلى دعا "ترامب" سكان العاصمة طهران إلى إخلائها فورًا. وبادر بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومى الأمريكى أعلنت القوات الأمريكية من خلاله نقل 28 طائرة للتزود بالوقود إلى المنطقة، وعشرات المقاتلات، فيما أبحرت حاملة الطائرات (يو إس إس نيميتز) من بحر الصين الجنوبى باتجاه المنطقة. كما أرسلت بريطانيا ودول غربية طائرات حربية إلى قبرص تحسبًا لأى تصعيد يقتضى مساعدة أوروبية عسكرية فعلية للجهد العسكري الإسرائيلي.

ولهذا قد لا تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية استهداف إيران للمصالح والقواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط لتتدخل إلى جانب إسرائيل، وتأكد ذلك من خلال لهجة ترامب وتهديداته وتحذيراته التى تشى طبقًا للمحليين بأن الساعات والأيام القليلة الماضية قد لا تكون فاصلة فى تاريخ المنطقة. ولهذا سارعت الصحف الإسرائيلية تصدرها صحيفة "جيروزاليم بوست" فدعت الرئيس "ترامب" إلى مساعدة إسرائيل فى إتمام تفكيك نظام خامنئي. ولقد أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن تدمير قاعات تخصيب اليورانيوم فى (نطنز)، بالإضافة إلى مخابئ صواريخ الحرس الثورى الإسلامى. وهو ما دعا الصحافة إلى أن يعتريها التعجب، من الصمود، بالإضافة إلى مخابئ صواريخ الحرس الثوري الإسلامي. أما ما أثار التعجب فهو صمود "آية الله خامنئي" الذي شبهته الصحافة بـ"ظلام الصحراء".ِ

مقالات مشابهة

  • ترامب يرد على طرح أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب قبل ضربة أمريكا
  • العرابي: إيران اكتسبت قوة ليست فى نفس الوضع التي كانت إسرائيل تستهين به من قبل العمليات العسكرية
  • القبض على طبيب نفسي لاتهامه بالاعتداء الجنسي على مريضاته
  • ترامب: المواقع التي ضربناها في إيران دمرت بالكامل
  • كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟
  • كم عدد الطائرات التي شاركت في قصف منشآت إيران النووية؟
  • زاخاروفا: “إسرائيل” التي تمتلك أسلحة نووية تقصف مع أمريكا إيران التي لا تمتلكها
  • بعد قرار البرلماني الإيراني إغلاق مضيق هرمز.. باحث أمريكي: طهران تحارب ترامب باللغة التي يفهمها
  • زاخاروفا: إسرائيل الوحيدة بالمنطقة التي تمتلك أسلحة نووية وهي تقصف مع أمريكا إيران التي لا تمتلكها
  • أمريكا والحرب الضارية…!