كاميرات من 60 سنة.. استوديو يوثق رحلة الصورة من الأبيض والأسود إلى الألوان (صور)
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
رحلة تحول الصورة من الأبيض والأسود إلى الألوان الزاهية تجربة مدهشة، وثّقها أحد أقدم الاستوديوهات في محافظة المنوفية، والذي لم يتخلَّ أصحابه عن الكاميرات القديمة على مر عصورها، بل ويستعرضونها داخل محرابها لكل محبيها.
قصة أقدم استديو بالمنوفيةيروي أحمد السيد قمر، صاحب استوديو «قمر» ومقيم فى مدينة تلا، أنه منذ نعومة أظافره وهو فى السابعة من عمره اصطحبه والده إلى الاستوديو، والذي افتتحه عام 1960، ليعلمه أصول المهنة، وما إن بلغ الثانية عشرة من عمره حتى أصبحت لديه المعرفة فى التصوير الفوتوغرافى: «بقيت ملازم لوالدى طول فترة دراستي حتى تخرجت في كلية الحقوق، وبعد كده نجحت في اجتياز الأكاديمية الروسية للتصوير والتصميم لتحسين كفاءتي فى التصوير، ووقتها قررت التفرغ للاستوديو واستكمال مسيرة والدي اللي بدأها من سنة 1940».
ما زال الشاب الثلاثينى يحتفظ بالكاميرات القديمة التى يعتبرها «أثرية» ولا يمكن تعويضها، مثل كاميرا ياشكا أو العزل البصرى، وكاميرا هووب 120، والتي تحتوى على فيلم محدود، ويتم الحصول على الصورة عقب عملية التحميض. وبحسب «قمر»، تعتبر هذه الكاميرات الأسرع في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وحينها كانت الصور تظهر بالأسود والأبيض فقط.
ويمتلك «قمر» أيضا كاميرا «لوبتيل» عمرها أكثر من 60 عاماً، وظهرت مع الفنان عبدالحليم حافظ في فيلم «أبي فوق الشجرة»، والكثير من الكاميرات القديمة التي يحتفظ بها، ومرَّ على ظهورها أكثر من نصف قرن.
يروي «قمر»، أنه للحصول على الصورة في الماضي كانت توجد بعض الخطوات المرهقة، وكان المصور لا يستطيع رؤية الصورة إلا عند طباعتها، على عكس التطور الحالي، إلا أنه من الضروي الامتنان لكل المراحل، لذا يحرص على عرضها داخل الاستوديو: «الكاميرات القديمة هفضل محتفظ بيها طول العمر، وتبقى الصورة هى الأثر والذكرى بعد رحيل صاحبها».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المنوفية محافظة المنوفية تصوير كاميرات
إقرأ أيضاً:
سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
باستخدام السواد الذي يغطي أسفل القدور الخاوية من الطعام، تُجسد الفلسطينية رغدة الشيخ عيد بلوحات فنية، المعاناة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة جراء سياسة التجويع الإسرائيلية المتزامنة مع حرب إبادة جماعية مستمرة للشهر 22.
هذه القدور كان من المفترض استخدامها لطهي الطعام لكنها خاوية منذ أيام طويلة جراء نفاد الغذاء والمجاعة التي تفاقمت تداعياتها منذ إغلاق إسرائيل للمعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية في الثاني من مارس/ آذار الماضي.
لذا فضلت الشيخ عيد، التي تهوى الرسم منذ نعومة أظفارها، أن تُعيد استخدام هذه القدور بطريقة أُخرى بعدما لاحظت تراكم السواد المتكون من احتراق الخشب والفحم على سطحها الخارجي الذي يُعرف بالعامية باسم "الشحبار".
وحولت الشيخ عيد هذا السواد إلى بديل عن المواد الخام اللازمة لرسم اللوحات الفنية في ظل ندرة توفرها، في حين خصصته للوحات التي تعبر عن معاناة الفلسطينيين جراء المجاعة.
وفي ظل الظروف القاهرة التي يمر بها القطاع، أصبح الرسم متنفسا وحيدا للشيخ عيد، يُخفف عنها وطأة الإبادة والقصف والموت والتجويع.
والثلاثاء، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن ثلث الفلسطينيين في غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وقال روس سميث، مدير الاستعداد للطوارئ والاستجابة في برنامج الأغذية العالمي، في بيان: "لقد وصلت أزمة الجوع في غزة إلى مستويات غير مسبوقة من اليأس، حيث لا يأكل ثلث السكان لعدة أيام متتالية".
ووفقًا لتقديرات برنامج الغذاء العالمي، يواجه ربع سكان غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف سيدة وطفل فلسطينيين من سوء التغذية الحاد.
مع نزوحها من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وتدمير منزل عائلتها وفقدانها مواد الرسم قبل عام ونصف، بحثت الشيخ عيد في خيمة النزوح عن بدائل تمكنها من العودة إلى الرسم، "المتنفس الوحيد" لديها.
إعلانفبينما كانوا يستخدمون الفحم والحطب للطهي على النار، لاحظت الشيخ عيد تكون سواد ناجم عن احتراق الفحم حاولت استخدامه كبديل عن مواد الرسم، لكنه لم يعط الجودة المطلوبة، وفق قولها للأناضول.
وتابعت: "كان لا بد من استخدام أدوات بديلة، لأن الرسم متنفسي الخاص من الدمار والقصف".
وأشارت إلى أن توقيت ذلك تصادف مع نزوحهم من رفح وتدمير منزلهم حيث فقدت آنذاك مرسمها الخاص الذي كان يحتوي على أدوات ومواد خام كاملة وجديدة.
استطاعت الشيخ عيد، بعد فترة من قصف منزلها وتجريفه (لم تشر إلى الزمن)، انتشال ما تبقى من مرسمها الخاص ولوحاتها الفنية، ومواد الرسم التي نفدت تماما مع استعمال دام لأكثر من عام ونصف خلال حرب الإبادة.
وفي النهاية، عادت إلى السواد المتراكم على القدور، قائلة: "استخدمت الشُحبار المتكون على أسفل الطنجرة (من الخارج)، كي أكمل موهبتي في الرسم ولا أتوقف".
قطع حديثها صفير صاروخ أطلقته مقاتلة إسرائيلية صوب هدف قريب في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، حيث دوى انفجار أثار حالة من الفزع في المكان.
وفي ظل هذه الأحداث القاسية، أشارت الشيخ عيد إلى أن التوقف عن الرسم يدخلها في وضع نفسي "صعب"، حيث تعتبر الرسم "منقذا ومتنفسا" لها.
بين خيام النازحين وعلى ركام المنازل المدمرة، نصبت الشيخ عيد منصب الرسم المتهالك وثبتت عليه ورقة بيضاء خصصتها لتجسد مشهدا حقيقيا وقع في غزة لفتاة كانت تحمل إناء فارغا وتنتظر في طابور للحصول على نصيبها من تكية لتوزيع الطعام المجاني.
هذا المشهد التقط في صورة، لاقت تداولا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت علامات التعب والإرهاق والخذلان والقهر مجتمعة على وجه هذه الفتاة.
بحالة من القهر والألم بعدما بلغها نبأ مقتل شقيق والدها قبل فترة وجيزة من هذه المقابلة، أمسكت الشيخ عيد إناء الطهي المُغطى من الخارج بالسواد بيدها اليُسرى، بينما أمسكت بيمينها ريشة الرسم.
وبلمسات متماسكة، مسحت الشيخ عيد بريشة الرسم على "الشُحبار" الأسود المتكون على الإناء لتستكمل فيه لوحة تُجسد ذلك المشهد المأساوي.
وتقول الشيخ عيد عن استخدام إناء الطهي: "أرسم بشُحبار الطنجرة الفارغة التي تخلو من الطعام لإيصال رسالة توضح المعاناة".
وتابعت: "أحاول إيصال رسالة عن مجاعة غزة، أنا رسامة ويجب أن يرى العالم عملي، ويرى أننا نعاني من جوع وعطش وقصف وحصار".
وتأمل الشيخ عيد أن تعيش في أمان بلا صراعات ولا حروب، لافتة إلى أنها فقدت خلال الحرب إلى جانب منزلها اثنين من أعمامها وعددا من صديقاتها.
ومع الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر منذ مارس/آذار الماضي، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى.
وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، الاثنين، بلغ عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية 147 فلسطينيا، بينهم 88 طفلا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
إعلانوتحذر منظمات أممية ومؤسسات محلية من أن استمرار الحصار ومنع المساعدات ينذران بوقوع وفيات جماعية بين الأطفال، وسط تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وانهيار المنظومة الطبية بالكامل.
ومنذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، تهربت إسرائيل من مواصلة تنفيذ اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، وأغلقت معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.2 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.