نظمت بولندا، الثلاثاء، أكبر موكب عسكري لها منذ عقود، في استعراض قوة يأتي مع تصاعد التوترات على حدودها مع بيلاروسيا حليفة روسيا الوثيقة، واستعداد البلاد لانتخابات رئاسية بعد شهرين.

وشهد الاستعراض العسكري المقام احتفالا بيوم الجيش البولندي، مشاركة ألفي جندي، وسيتم خلاله تقديم عرض لنحو 200 وحدة من المعدات العسكرية البولندية والأجنبية و 92 طائرة، حسبما كشفته وزارة الدفاع البولندية.

  

واستعرضت بولندا خلال الموكب العسكري  أحدث أسلحتها وأنظمتها الدفاعية، بما في ذلك دبابات "أبرارمز M1A1" الأميركية الصنع، ودبابات "K2" الكورية الجنوبية، ومدافع الهاوتزر ذاتية الدفع، وقاذفات صواريخ هيامارس ، ومدافع هاوتزر ذاتية الدفع، بالإضافة إلى صواريخ باتريوت الأميركية الصنع.

كما شارك في العرض مركبات مشاة بولندية الصنع من طراز بورسوك وناقلات جند مدرعة من طراز روسوماك، إضافة إلى أنظمة بطاريات الصواريخ "ويسلا"، والتي تعد جزءا من نظام الدفاع الجوي البولندي.

"قوة صاعدة"

وبرزت بولندا كواحدة من القوى العسكرية الرائدة في أوروبا في السنوات الأخيرة بعد ضخ المليارات في المعدات الجديدة بعد قرار روسيا بضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

كما نما نفوذ وارسو الدبلوماسي في أعقاب الدور الفعال الذي لعبته في دعم أوكرانيا، منذ غزو موسكو واسع النطاق.

وأنفقت حكومة بولندا، العضو بحلف الناتو، منذ بداية الحرب على أوكرانيا، أكثر من 16 مليار دولار على دبابات وأنظمة اعتراض صواريخ وطائرات مقاتلة.

Dziękuję, że byliście dziś z żołnierzami Wojska Polskiego! #SilnaBiałoCzerwona pic.twitter.com/VaMQ09kTAK

— Mariusz Błaszczak (@mblaszczak) August 15, 2023

وأعلن الرئيس البولندي دودا، أن ميزانية الدفاع البولندية لهذا العام ستصل إلى رقم قياسي، متجاوزة 51 مليار دولار، أو حوالي 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى بين جميع دول الناتو.

وقال إن الهدف من هذا التحديث الهائل هو تجهيز القوات المسلحة البولندية، وإنشاء نظام دفاعي قوي، بحيث لا يجرؤ أحد على مهاجمتنا، ولن يحتاج الجنود البولنديون للقتال أبدا.

"رسائل"

وأعلنت وارسو، الأسبوع الماضي، عن نشر آلاف القوات الإضافية على حدودها الشرقية، مع تزايد القلق بشأن وجود قوات المرتزقة الروسية فاغنر على حدودها مع بيلاروسيا.

وحذرت بولندا مؤخرا من خطر استفزازات مصدرها بيلاروسيا، وكذلك أيضاً من المخاطر المحتملة التي تشكّلها مجموعة فاغنر الروسية المسلحة التي انتشرت على حدودها.

كذلك، تتهم وارسو كلاً من مينسك وموسكو بالسعي مجددا لإرسال آلاف المهاجرين إلى أراضيها لإغراق الاتّحاد الأوروبي بهم وزعزعة استقرار المنطقة.

الرئيس البولندي أعلن زيادة الإنفاق العسكري

واعتبر خبراء لشبكة "سي إن إن"، أن بولندا تهدف من وراء تنظيم هذا الاستعراض الضخم للقوة، "إرسال رسالة إلى روسيا وبيلاروسيا".

في هذا السياق، يقول إدوارد أرنولد، زميل باحث في مركز الأبحاث الأمني البريطاني "روزي"، إن هذا الاستعراض جزء من "ثقافة التباهي بالقوة التي تتبنها دول سوفياتية سابقة"، مشيرا إلى أن روسيا وبيلاروسيا وإيران وكوريا الشمالية، تنظمان أحداثا مماثلة.

ويتابع في حديثه لـ"سي إن إن": "الدول التي تعتبرها وارسو عدوا تقوم بنفس هذا الاستعراضات، بالتالي قررت بولندا أيضا أن تقابلها بعرض قوتها أيضا".

"قبيل الانتخابات"

ويتزامن الاستعراض العسكري مع استعداد الأطراف السياسية البولندية للانتخابات البرلمانية المزمعة شهر أكتوبر القادم، إذ يسعى حزب "القانون والعدالة" الحاكم في الحصول على ولاية ثالثة على التوالي في السلطة.

هذا الجانب، يقول إدوارد أرنولد، إن الحكومة ترغب أيضا في توجيه رسالة إلى الداخل البولندي، خاصة إلى الناخبين قبل الانتخابات، موضحا: "بصرف النظر عن إظهار قدراتها لروسيا وحلفائها، تسعى الحكومة البولندية أيضًا إلى طمأنة شعبها بأنها ملتزمة بالأمن".

بولندا استعرضت خلال الموكب أحدث قدراتها العسكرية

وفي نفس السياق، يقول ألكس شزيربياك، أستاذ ورئيس قسم السياسة في جامعة ساسكس في إنكلترا، "القضايا الأمنية مهمة حقا، إلى جانب الاقتصاد والظروف الاجتماعية وهذا ليس مفاجئا منذ اندلاع حرب على حدود بولندا"، مضيفا "إظهار كفاءتهم في مجال الأمن أمر بالغ الأهمية لإعادة انتخاب الحكومة".

ودفع الغزو الروسي لأوكرانيا حزب القانون والعدالة القومي الحاكم إلى إعطاء الأولوية لتعزيز القوات المسلحة. ومع وصول الحملة الانتخابية إلى ذروتها، يوفر استعراض القوة العسكرية فرصة لتدعيم مؤهلاته الأمنية، وفقا لرويترز.

ويقول حزب القانون والعدالة، الذي تولى السلطة في 2015، إن العرض يظهر مدى التطوير الذي شهده الجيش في إطار عملية إعادة بناء بعد أعوام من نقص الاستثمار في عهد الحكومة السابقة، متعهدا بزيادة حجم الجيش إلى مثليه وإنفاق نحو أربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام.

وبالمقابل، ينتقد نواب البرلمان المنتمون للمعارضة الحكومة، ويقولون إنها تستخدم الجيش لصالح مكاسبها السياسية. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: على حدودها

إقرأ أيضاً:

إسرائيل: أزمة تجنيد الحريديم تهدد استقرار الحكومة بعد قرار الجيش باستدعاء عشرات الآلاف للخدمة

أعلن الجيش الإسرائيلي عزمه استدعاء 54 ألفًا من طلاب المعاهد الدينية اليهودية (الحريديم) للخدمة العسكرية، تنفيذًا لحكم المحكمة العليا، في خطوة تعكس تصاعد الأزمة السياسية والاجتماعية داخل الدولة العبرية. اعلان

أعلن الجيش الإسرائيلي عزمه إصدار 54 ألف أمر استدعاء لطلاب المعاهد الدينية اليهودية (الحريديم)، تنفيذًا لقرار المحكمة العليا القاضي بإلزامهم بالخدمة العسكرية.

وأكد المتحدث باسم الجيش، في بيان صدر الأحد، أن أوامر الاستدعاء ستصدر خلال الشهر الجاري، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية ستعمل على تطوير برامج خاصة لضمان احترام أسلوب حياة اليهود المتدينين، وتهيئة بيئة مناسبة لاندماجهم التدريجي في الجيش.

وتأتي هذه الخطوة في سياق أزمة داخلية متفاقمة، حيث يواجه الجيش الإسرائيلي تحديات ميدانية متعددة تمتد من قطاع غزة إلى الحدود الشمالية مع لبنان والعداء مح حزب الله، وامتدادًا إلى جبهة الحوثيين في اليمن، وإيران، ما زاد من الضغط على جنود الاحتياط الذين خدموا فترات طويلة منذ بدء الحرب الأخيرة.

الجدل السياسي والديني

ويأتي هذا القرار، بعد أن تصاعدت الخلافات داخل الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو، لا سيما مع الأحزاب الدينية المتشددة التي ترى في تجنيد طلاب المعاهد الدينية تهديدًا مباشرًا لهويتهم الدينية. وحذر قادة هذا التيار من أن دمج الحريديم في الوحدات العسكرية، وخاصة إلى جانب جنود علمانيين أو نساء، يُعد مساسًا بقيمهم ومعتقداتهم.

وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود مساعٍ برلمانية للتوصل إلى تسوية بشأن قانون التجنيد، يقودها حزبان دينيان من مكونات الائتلاف، في محاولة للحفاظ على الاستثناءات السابقة.

وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد أجّل سفره إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إشارة إلى حساسية الموقف وانعكاساته على استقرار الحكومة.

Relatedأزمة تجنيد الحريديم تعصف بالحياة السياسية في إسرائيل.. هل تسقط حكومة نتنياهو؟قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختبار بقاءبعد استدعائهم للخدمة العسكرية.. اليهود الحريديم في شوارع تل أبيب مجددا رفضاً للتجنيد الإجباريخلفية قانونية واجتماعية

منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، تمتع طلاب المعاهد الدينية من الحريديم بإعفاء غير رسمي من الخدمة العسكرية، شريطة تفرغهم الكامل لدراسة التوراة والنصوص المقدسة. وقد أقر هذا الترتيب في وقت كان فيه الحريديم يشكلون نسبة ضئيلة من السكان، لكن نسبتهم اليوم تجاوزت 13% من المجتمع الإسرائيلي، ما جعل استمرار الإعفاء محل انتقادات واسعة.

في العام الماضي، ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية هذا الإعفاء، معتبرة أنه يتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون، خصوصًا مع تصاعد الغضب الشعبي من تفاوت الأعباء، في ظل استمرار الحرب في غزة ودعوات الجنود العلمانيين إلى تقاسم الأعباء بشكل عادل.

وبحسب القانون الإسرائيلي، فإن الخدمة العسكرية إلزامية لمعظم اليهود من سن 18 عامًا، وتمتد من 24 إلى 32 شهرًا، تليها سنوات من خدمة الاحتياط.

أزمة اجتماعية مفتوحة

يرى مراقبون أن القرار الأخير قد يُشعل مواجهة سياسية واجتماعية داخل الدولة العبرية، خصوصًا إذا أصرّ الجيش على تنفيذ أوامر الاستدعاء دون تسوية سياسية تُرضي مكونات الائتلاف. وبينما ترى قطاعات واسعة من الإسرائيليين أن الوقت حان لإنهاء الإعفاء التاريخي للحريديم، تصرّ الأحزاب الدينية على أن المساس بهذا الملف يعني تفكيك التحالف الحكومي وتهديد لاستقراره.

وهكذا، يتقاطع القرار العسكري مع معادلات سياسية ودينية معقّدة، ويبدو أنه سيُشكّل اختبارًا حاسمًا لمستقبل حكومة نتنياهو، ولقدرة إسرائيل على فرض صيغة "تقاسم الأعباء" في واحدة من أكثر القضايا حساسية منذ عقود.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: رسائل سياسية وراء قصف المقاومة غلاف غزة
  • خبير عسكري إسرائيلي: حماس تتعافى في غزة وتعيد بناء قوتها سريعا
  • السفير البولندي بالمملكة: بولندا وجهة سياحية فريدة ونقدم تسهيلات للسياح الخليجيين
  • إسرائيل: أزمة تجنيد الحريديم تهدد استقرار الحكومة بعد قرار الجيش باستدعاء عشرات الآلاف للخدمة
  • الجيش الإسرائيلي يبلغ الحكومة باستحالة تحقيق هدفي حرب غزة معا وهذا المطلوب الآن
  • إسحاق بريك: الجيش في غزة منهار نفسيا.. وحماس استجمعت قوتها
  • بالإنفوجراف.. الحكومة تستعرض جهود توطين وتعزيز صناعة السيارات في مصر ضمن استراتيجية وطنية طموحة
  • إسرائيل تبحث عن مخرج من غزة.. استنزاف عسكري وإعلامي يضغطان على الحكومة
  • عرض عسكري لحزب الله يثير انتقادات لبنانية ورئيس الحكومة يوجه بـتوقيف المشاركين
  • الجيش الأوكراني يستهدف مطار عسكري في روسيا