بانتظار وصول الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت في الساعات المقبلة، بقي الحذر يسود الأوساط الرسمية اللبنانية إزاء مستقبل المفاوضات حول وقف إطلاق النار.
وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي"أن رد لبنان على الورقة الأميركية كان إيجابياً ولكن بعض النقاط تحتاج إلى نقاش، ونأمل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في أقرب وقت".


وقال: "العنوان الأساسي بالنسبة لنا في المسودة الأميركية هو تطبيق القرار 1701، ولبنان ملتزم تنفيذه وهدفنا أن يطبق في جنوب الليطاني كما نص عليه القرار، ولا بد من تحقيق الاستقرار ووقف الدمار وسفك الدماء في جنوب لبنان".
أضاف: "الرئيس نبيه بري يقود المباحثات مع الوسيط الأميركي وأنا على اتصال دائم معه، ولم أسمع عن شرط يتعلق بحرية التحركات العسكرية لإسرائيل في لبنان وهي مجرد تكهنات".
وقال: "ما يهمني هو تعزيز وجود الجيش في الجنوب اللبناني وإلا يكون هناك سلاح غير سلاح الشرعية". وشدّد على" أنه لا بد من انسحاب العدو الإسرائيلي من أي خطوة قام بها داخل الأراضي اللبنانية".

وكتبت" النهار": تأرجح موعد زيارة هوكشتاين لبيروت بما شكل وفق المعلومات المتوافرة مؤشراً إلى أمرين اعترضا زيارة حاسمة للموفد الأميركي تمكنه من الانتقال إلى تل أبيب بجواب لبناني يتيح التوصل إلى اعلان وقف النار والشروع في هدنة تضع أسس الحل المستدام لاحقاً. 
الأمر الأول أن الجانب الأميركي اعتمد مقاربة حازمة جداً هذه المرة لأنه لن يسمح بتجربة اخفاق جديدة فيما الادارة الأميركية الحالية على مشارف الشهرين الأخيرين من ولايتها. والأمر الثاني، أن ما تبلّغته واشنطن أولياً من مضمون الجواب اللبناني "الممانع"، بعدما تبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري ليل الأحد الماضي جواب "حزب الله" على الورقة الأميركية، ووصف بأنه اتسم "بمرونة وايجابية ظاهرية" ، إلا أنه كان لا يزال يحمل غموضاً وتحفظات عن بنود أساسية في الاقتراح بما دفع هوكشتاين إلى اتخاذ قرار أولي بارجاء حضوره إلى بيروت وتل أبيب ريثما يذلل "الغموض البناء" الذي طبع ما تبلغه عن جواب الجانب اللبناني علماً أن المعلومات تؤكد أن الاتصالات بقيت مفتوحة بين بري وهوكشتاين. 

وبازاء ذلك نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين أبلغ الرئيس بري تأجيل زيارته لبيروت الى حين توضيح موقف لبنان من إتفاق التسوية. وقال المسؤولون: "نريد إجابات من الجانب اللبناني قبل مغادرة هوكشتاين لبيروت، والكرة باتت في الملعب اللبناني".

وفي وقت لاحق مساء أمس عاد الموقع لينقل عن مسؤول أميركي أن هوكشتاين سيتوجه إلى بيروت قريباً. 

وكانت المعلومات المتوافرة عن موقف "حزب الله" أشارت إلى أن الحزب يعتبر أن الاقتراح الأميركي يشكّل "إطارا تأسيسيا" لأي اتفاق محتمل لوقف النار، لكنه في الوقت عينه يشدّد على أن الاقتراح  يحتاج إلى نقاش طويل قبل قبوله. وأضافت أن "حزب الله" "يعتبر نص اتفاق وقف النار "جيداً من حيث المبدأ ولكن صياغته تظهر أن إسرائيل هي المنتصر في هذا الاتفاق، وهو ما يشكل عائقاً أمام تمريره، وفي الوقت الذي يعتبر فيه الحزب أن إسرائيل فقدت جدوى القتال فإنه يسعى للاستثمار في هذه النقطة عبر تمسّكه بالـ1701 وصمود الجبهة ومواصلة إطلاق الصواريخ. 

وذكرت المعلومات أن "حزب الله" يُصرّ على أن إسرائيل لا يمكنها تحقيق انتصار حاسم، ويعتمد على استمرار المعركة السياسية والعسكرية لتحقيق أهدافه.
وكتبت" الاخبار": مع أن لبنان صاغ رداً على المسوّدة الأميركية وسلّمها الى السفارة الأميركية في بيروت ظهر أمس، فإن منسوب التفاؤل لدى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي تراجع بعد تأكيد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أن حكومته ستفاوض تحت النار، ما عُدّ ضغطاً إضافياً، فيما حرصت السفارة الأميركية في بيروت على تسريب إشارات سلبية، وتبيّن أن خلف هذه التسريبات احتمال أن ترفض إسرائيل المسوّدة بعد إدخال تعديلات عليها، وبالتالي محاولة تحميل لبنان مسؤولية فشل التوصل الى اتفاق.
وقالت مصادر مطّلعة إن ما أشيع نهار أمس عن احتمال تأجيل زيارة هوكشتاين مردّه الى أن الردّ اللبناني لم يكن قد وصل الى السفارة في عوكر بعد، علماً أن اتصالات المسؤولين اللبنانيين بهوكشتاين لم تتوقف، وترافق ذلك مع اتصالات أجراها الرئيس نجيب ميقاتي بمسؤولين في فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لاستكشاف حجم دعم الإدارة الجديدة لمهمة هوكشتاين، وسط مخاوف مستجدّة من أن تعمد إدارة جو بايدن الى مناورات لإفشال المهمة، في سياق إلقاء كرة اللهب في ملعب الرئيس الجديد بعد تسلّمه الحكم في 20 كانون الثاني المقبل.
ومع تمسك الأطراف الأميركية والإسرائيلية واللبنانية بعدم الإفصاح عن المسوّدة، فقد تبيّن أنها مؤلفة من نحو خمس صفحات تضمّ أكثر من 12 بنداً، وأن اعتبارها القرار 1701 أساساً لمشروع وقف إطلاق النار لا يجيب عن الأسئلة حول بندين رئيسيّين، أحدهما يتعلق بـ«مبدأ الدفاع عن النفس» الذي تدعو المسوّدة الى اعتماده كحق للطرفين، وآخر يتعلق بعضوية لجنة الرقابة على تطبيق القرار. إذ يرى لبنان أن «حق الدفاع عن النفس» مكرّس في القوانين الدولية، ولا يمكن إيراده في اتفاقية وقف للحرب، وإصرار إسرائيل عليه يبطن رغبة بأن «تحصل على شرعية لأيّ عمل تقدم عليه لاحقاً بإدراجه تحت بند الدفاع عن النفس»، وهو ما يرفضه لبنان بصورة قاطعة. أما في ما يتعلق بلجنة الرقابة، فإن لدى لبنان تحفظات حول عضوية بريطانيا وألمانيا وحول آلية العمل. غير أن المصادر أكدت أن النقاش حول البند الثاني أقلّ تعقيداً من الأول.
وفيما حرصت مصادر الرئيسين بري وميقاتي على عكس أجواء إيجابية والإشارة الى أن حزب الله يتعامل بإيجابية مع المشروع، استبعد رئيس حكومة العدو في اجتماع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أن تكون «التسوية في لبنان قابلة للتطبيق»، مشدداً على مطلب إسرائيل «بحرّية عمل للجيش الإسرائيلي وبمنْع إدخال أسلحة من سوريا». وقال نتنياهو: «قُدمت لنا 3 خيارات بشأن التعامل مع حزب الله، لكن كان لي خيار رابع هو تدمير قدراته الصاروخية (...) وسنمنع تعاظُم قدراته مجدداً».
وأشاعت السفارة الأميركية أجواء سلبية، شكّكت في نتائج المفاوضات، معتبرة أن «ملاحظات لبنان حمّالة أوجه تحمل في ظاهرها إيجابية، لكنها تنسف الاتفاق ضمنياً»، وأن «حزب الله يحاول من خلال هذه الملاحظات أن يعفي نفسه أمام اللبنانيين من مسؤولية إجهاض الفرصة الأكثر جدية في بلوغ حلّ ورمي كرة إحباط هذا المسعى في ملعب إسرائيل، علماً أنه لا يزال يحاول حماية نفسه من البنود الأكثر حساسية والتي تمنعه من الالتفاف على آلية تطبيق القرار ١٧٠١ بحذافيره».
وقالت مصادر رسمية لبنانية، تعليقاً على ما تسرّب عن السفارة الأميركية، إن الحذر المستمر عند المفاوض الرسمي ليس محصوراً في ما قد يصدر عن حكومة العدوّ، بل في أن الجانب الأميركي يقوم بالتغطية على عجزه عن الضغط على إسرائيل، وخصوصاً أن إدارة بايدن لا تجد سبيلاً لعلاقة سويّة مع نتنياهو، علماً أن الأخير كان أمس شديد الصراحة في إعلانه أنه تحدّى إدارة بايدن مرات عدة في شأن العمليات التي قامت بها قواته في غزة. كما تحدث عن أزمة ثقة تجاه الإدارة الأميركية بإشارته إلى أنه لم يُطلع الأميركيين على العمليات الأمنية التي قامت بها إسرائيل في لبنان، خشية تسرّب المعلومات الى حزب الله.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: السفارة الأمیرکیة فی لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

جنوب لبنان تحت النار الإسرائيلية مجدداً: قتيل وجريح في غارات مستمرّة

شهد جنوب لبنان اليوم غارات إسرائيلية جديدة أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخر، وسط تصاعد في التوتر رغم سريان إتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله منذ تشرين الثاني 2024. اعلان

قُتل شخص وأُصيب آخر، الأحد، جراء غارتين إسرائيليتين استهدفتا مناطق في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، وذلك رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله منذ أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

وذكرت الوزارة أن الغارة الأولى استهدفت دراجة نارية في بلدة أرنون الشقيف (قضاء النبطية)، على بُعد خمسة كيلومترات من الحدود، فيما أصيب شخص آخر في غارة ثانية طالت سيارة في بلدة بيت ليف (قضاء بنت جبيل). وتأتي هذه التطورات بعد مقتل ثلاثة أشخاص في ضربات إسرائيلية مماثلة خلال الأيام الماضية.

Relatedإسرائيل تشن غارات عنيفة على جنوب لبنان... قتيلان وجرحى في تصعيد خطيركاتس: الجيش الإسرائيلي باقٍ في 5 مواقع استراتيجية بجنوب لبنان "إلى أجل غير مسمى"بعد 25 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.. هل تدخل "مزارع شبعا" مرحلة التفاوض؟

عون: نعوّل على "مؤتمر نيويورك"

في السياق السياسي، شدّد رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون، خلال مؤتمر صحافي مشترك في بغداد مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، على ضرورة تعزيز المصلحة العربية المشتركة، معتبرًا أن الحل الإقليمي الشامل يبدأ من الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، داعيًا إلى خطوات عملية ضمن مؤتمر مرتقب دعت إليه السعودية وفرنسا في نيويورك.

وكان الجنرال أرولدو لاثارو، رئيس بعثة "اليونيفيل"، حذر، في وقت سابق من الشهر المنصرم، من خطورة التصعيد المستمر على طول الخط الأزرق، مؤكداً خلال احتفال باليوم الدولي لحفظة السلام، أنّ الوضع لا يزال هشًا وقابلًا للانفجار، وأن أي خطأ ميداني قد يؤدي إلى تداعيات كارثية. ودعا إلى دعم العملية السياسية واستمرار التعاون بين اليونيفيل والجيش اللبناني لتعزيز الأمن والاستقرار.

يُشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله نصّ على انسحاب مقاتلي الحزب من جنوب نهر الليطاني وتفكيك البُنى العسكرية هناك، مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل". في المقابل، يواصل لبنان مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من المناطق التي لا تزال تحتلها داخل الأراضي اللبنانية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • ردود فعل غاضبة بعد منع إسرائيل اجتماع اللجنة الوزارية العربية في رام الله
  • استشهاد لبناني في غارة للعدو الصهيوني
  • جنوب لبنان تحت النار الإسرائيلية مجدداً: قتيل وجريح في غارات مستمرّة
  • لبنان يعلن استهداف شخص في غارة إسرائيلية على الجنوب
  • بري: مصرون على انسحاب إسرائيل من لبنان تمهيدا لتطبيق 1701
  • ملف التجديد لـاليونيفيليفتح باكراً وتحرك لبناني لمواجهة تعديل مهامها
  • بالفيديو.. بري يعلن مواجهة إسرائيل بـموقف
  • بري: حزب الله جمع سلاحه وملتزم بوقف إطلاق النار
  • حبس وزير لبناني سابق وإلزامه بدفع غرامه مالية مليار ليره
  • رويترز: الخطة الأميركية تقترح وقف إطلاق النار في غزة 60 يوما