العالم يتجه نحو الهاوية في ظل التقلبات المناخية المتصاعدة
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
في الوقت الذي يشهد فيه العالم تزايد الكوارث الطبيعية وبروزها في شكل موجات جفاف متكررة وفيضانات غزيرة وحرائق مدمرة، حان الوقت للتفكير في مستقبل هذا العالم والبشرية جمعاء. لقد حان الوقت لنسائل أنفسنا عن المخاطر التي تهدد البشرية في ظل هذه الطبيعة القاسية التي تنتقم من العدوان الممنهج الذي تعرضت له على مر القرون، وحتى آلاف السنين.
وهكذا، فإن فترات الحرارة الشديدة، التي كانت تحدث مرة كل عقد في حدود 1900، ستتوالى ست مرات في كل عقد. ويمكن أن يتضاعف تواتر هطول الأمطار كل عشر سنوات، مع أكثر من 550 كارثة سنويًا اعتبارًا من سنة 2030، مما سيتسبب في أكثر من 150 مليون ضحية سنويًا في أفق سنة 2050. وفي أكثر من نصف الكوكب، سيصبح الهواء غير قابل للتنفس. والفيضانات ودرجات الحرارة القصوى ستدمر الجسور والطرق والسدود وستعزل بعض المناطق.
ولن يكون من الممكن الحفاظ على الناتج الداخلي الإجمالي لهذه البلدان عند مستواه الحالي. وسينهار المستوى المعيشي لسكان هذه البلدان. علاوة على ذلك، حددت دراسة أجرتها أليانزAllianz نُشرت مؤخرًا، التكلفة الاقتصادية للتقاعس عن معالجة إشكالية المناخ. وهكذا، فإن الخسارة التي سببتها موجات الحر في الأشهر الثلاثة الماضية قدرت بنحو 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويتم التقليل من أهمية هذا التقييم لكون الحسابات التي تم إجراؤها تقريبية وغير كاملة. فهي لا تأخذ في الاعتبار تكلفة الكوارث الطبيعية، مثل حرائق الغابات والجفاف والفيضانات الشديدة التي رافقتها. إنهم يركزون فقط على التأثير المعروف للحرارة على الإنتاجية: من المرجح أن يؤدي يوم شديد الحرارة إلى إبطاء ورش البناء، أو قد يؤدي إلى إغلاقه مؤقتًا. يحدث نفس الوضع في الاستغلاليات الفلاحية، حيث يمكن أن تصبح ظروف العمل لا تطاق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الموظفين الذين يعملون في أماكن غير مكيفة هم أقل مردودية. (راجع لوموند ليوم السبت 12 غشت). إن مثل هذه الدراسة لها عيب يكمن في كونها جزء من منطق الإنتاج الذي كان إلى حد كبير سببا في تغير المناخ.
مع مرور الوقت، وبحلول سنة 2050، سيتم محو جزء كبير من إفريقيا وجنوب آسيا وجنوب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. إذ سيعاني جنوب أوروبا من جفاف دائم. وستتضاعف حرائق الغابات في الولايات المتحدة ست مرات. وسوف تختفي معظم الكتل الجليدية، خاصة في القطبين، وفي جبال الألب والأنديز والهيمالايا، مما سيؤدي إلى اضطراب درجة حرارة المحيطات، حيث تصب الأنهار التي تعتمد عليها التيارات. يمكن أن يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سنتمتر في المحيط الهادئ، و35 سنتمتر في المحيط الأطلسي و45 سنتمتر في خليج البنغال. مما سيؤدي إلى غمر هولندا وباكستان وبنغلاديش ووادي السيليكون فالي وجزء كبير من مدن مثل البندقية وميامي ونيو أورلينز ودبي وشينزن وشنغهاي وبكين وجاكرتا ومدينة هو شي مين والإسكندرية والبصرة و معظم المدن الساحلية في المنطقة الاستوائية. علاوة على ذلك، سيؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى اندلاع حرائق في الغابات الشمالية وسيسرِّع البعض الآخر من إزالة غابات الأمازون التي تعتبر رئة العالم. (راجع ألتوسير المرجع السابق).
والأسوأ من ذلك، أنه بهذا المعدل، سيتم بحلول سنة 2030 تدمير 90٪ من الشعاب المرجانية (حيث يوجد 25٪ من الحياة البحرية والتي تغذي 500 مليون شخص)، مما سيزيل حاجزًا وقائيًا للسواحل، ويسرع تدهور التوازن الكيميائي للبحر، والذي قد يكون كافيا للتشكيك في وجود الحياة على هذا الكوكب.
عندئذ ستصبح عملية الاحتباس الحراري لا رجوع فيها. وستنطلق الظواهر التراكمية: إذ سيؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى تدمير غابات سيبيريا وإطلاق غاز الميثان الموجود في التربة الصقيعية في الغلاف الجوي. لن تكون هناك مساحة كافية متاحة على هذا الكوكب لزراعة الأشجار اللازمة لالتقاط غازات الاحتباس الحراري. وسيكون الوقت قد فات للعودة ومنع وقوع كارثة لا نهاية لها.
هذا يعني أن تهديد المناخ يجب أن يؤخذ على محمل الجد. إنه ليس الوحيد للأسف. هناك تهديد ثان للجنس البشري، إنه صراع أكثر شراسة: سنقاتل من أجل الماء، من أجل الغذاء، من أجل المواد الأولية، من أجل تقاسم أكثر عدلاً للثروة، من أجل الاستيلاء على أرض أو غزوها، أو من أجل تركها، وعزلها عن العالم، ومن أجل تملكها، لفرض معتقد ولمحاربة آخر، لجعل قيما بعينها تسود، ولإخراج الناس من ديارهم أو منازلهم.
بالطبع، الأسوأ ليس مؤكدًا أبدًا. يمكننا دائمًا معالجة هذا من خلال التصرف بسرعة وبشكل جماعي من خلال وضع مصلحة الإنسانية فوق المصالح الأنانية للأفراد. على أي حال، سيكون من العبث الاعتقاد بأن قضية المناخ يمكن حلها على مستوى جهة وحتى على نطاق أقل من بلد. يجب التعامل مع الإشكال على نطاق عالمي. وتقع على عاتق شعوب العالم مسؤولية على هذا المستوى لممارسة الضغط على حكوماتها من خلال أوراق الاقتراع الخاصة بها وتنظيم منتديات شعبية حول المناخ. وأعمال مثل تلك التي قامت بها الشابة السويدية غريتا ثونبرج Greta Thunberg المنخرطة في مكافحة تغير المناخ، تستحق أن تمتد إلى جميع أنحاء العالم. ويدعو جاك أتالي J. Attali إلى إطلاق “التحالف الدولي للأشخاص ذوي النوايا الحسنة” لبناء المؤسسات اللازمة للتنفيذ المحلي والكوكبي للمنعطف الكبير والمشروع الضخم!
على أية حال، يمكننا أن نأمل في حل يجنبنا هذه المسيرة العمياء نحو “الانتحار الجماعي”. لهذا، من الضروري للغاية القطع مع المنطق الإنتاجي والاهتمام بشكل أكبر بالحياة والحفاظ على التوازن البيولوجي لكوكبنا. إنه إرثنا المشترك جميعا. (ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة)
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
بنك ظفار يُسهم في بناء "حي العطاء" للأسر المتضررة من الأنواء المناخية
مسقط- الرؤية
ساهم بنك ظفار في بناء الوحدات السكنية في "حي العطاء" بولاية الخابورة للأسر المتضررة من الأنواء المناخية، إذ تم تدشين المرحلة الأولى من المشروع الأسبوع الماضي تحت رعاية معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني، وبحضور معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية، وسعادة محمد بن سليمان الكندي محافظ شمال الباطنة، وعدد من المسؤولين وممثلي الجهات الداعمة.
وتُعد المسؤولية الاجتماعية أحد ركائز بنك ظفار، إذ يسعى بشكل دائم إلى المساهمة في المبادرات المتنوعة التي تحدث بصمة إيجابية على المدى الطويل في المجتمع، وتعزيز دوره كمؤسسة مالية رائدة في تنمية المجتمعات المحلية عبر الأنشطة والفعاليات التي تخدم الأفراد بالدرجة الأولى، إضافة إلى تقديم الدعم إلى أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتطوير مهاراتهم وخبراتهم في قطاع ريادة الأعمال.
ويتكون مشروع "حي العطاء" في المرحلة الأولى من 35 وحدة سكنية على مساحة 272 مترًا مربعًا لكل وحدة، وبتكلفة إجمالية للمرحلة الأولى بلغت مليونًا و600 ألف ريال، وجرى تزويد الأحياء السكنية بأنظمة الطاقة الشمسية وتكرير المياه، ليكون حيًّا صديقًا للبيئة ويعكس مفهوم الإسكان المجتمعي المستدام.
وفي نفس إطار المسؤولية الاجتماعية لبنك ظفار، فقد شارك في رمضان الماضي في دعم معرض "عطاء" السنوي، الذي تُنظمه جمعية دار العطاء والذي يهدف إلى تعزيز دخل الجمعية، وتوفير منفذ تسويقي لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ بما يسهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية لهم، وتعزيز قيم العطاء والتكافل الاجتماعي.
وعلى صعيد خدمة المجتمع، عزَّز بنك ظفار دعمه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث افتتح أكثر من 13 ألف حساب جديد لمشاريع صغيرة ومتوسطة خلال عام 2024 فقط؛ مما يؤكد دوره الحيوي في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني. كما واصل البنك جهوده في تحسين سهولة الوصول للخدمات المصرفية، ورفع مستوى الثقافية المالية، وتمكين الأفراد ذوي الإعاقة، في إطار بناء منظومة مالية أكثر شمولية.
وكمؤسسة مالية رائدة في سلطنة عمان تمتلك خبرة تصل إلى 35 عامًا في القطاع المصرفي، يواصل بنك ظفار في تنفيذ التزاماته اتجاه الأفراد والمجتمع، وذلك من خلال ابتكار برامج استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية، إذ تُعد الاستدامة محور جميع المبادرات التي تضمن فوائد إيجابية دائمة وتعزيز الروابط مع المجتمع المحلي، وحجر الزاوية في الرؤية الإستراتيجية لبنك ظفار؛ حيث توجه جهوده نحو العمل المصرفي المسؤول، والحَوْكمة الأخلاقية، وتحقيق القيمة المستدامة طويلة الأمد لجميع المتعاملين وشركاء البنك.
ويُعد بنك ظفار ثاني أكبر بنك في سلطنة عمان من حيث شبكة الفروع الذي يُقدم مجموعة واسعة من الخدمات المصرفية المبتكرة للأفراد والشركات عبر أكثر من 130 فرعًا، إضافة إلى الخدمات الرقمية الحديثة.