"كم بلغ سعر صرف الدولار؟". سؤال شغل اللبنانيين يومياً على مدار الأعوام الخمسة الماضية. فبعدما بات الإقتصاد مدولراً ولو بشكل غير رسميّ، أصبحت العملة الخضراء تحكم اللبنانيين لتسيير أعمالهم اليومية، حتى أزاحت الليرة اللبنانية عن الساحة بصورة شبه كليّة. ومع الحرب الدائرة منذ أيلول المنصرم، وفيما اعتدنا أن يغتنم المتلاعبون بالأسعار الفرصة لتحقيق مكاسب أكبر، من المستغرب بقاء سعر الصرف مستقراً عند حدود الـ90 ألف ليرة للدولار الواحد منذ نهاية العام الماضي.


منذ ربيع عام 2023، شهد لبنان استقرارًا ملحوظًا في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، على الرغم من التداعيات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي هزّت المنطقة، بما في ذلك الحرب في غزة، وتصاعد التوترات في جنوب لبنان بعد إعلان حزب الله خوضه الحرب لإسناد غزة.
كما خلفت الحرب الإسرائيلية آثارًا كارثية من الدمار والتعطل الاقتصادي، مما زاد من الضغوط على الاقتصاد اللبناني الهش أصلًا.
وبحسب البروفسور بيار الخوري، تمكّن مصرف لبنان المركزي بعد تغيير الحاكمية والتوافق الذي حصل بين الحاكم بالتكليف د. وسيم منصوري والمؤسسات الدولية، من ضمان هذا الاستقرار النقدي نتيجة لاعتماد سياسات حذرة واستراتيجية مالية متميزة.
وأشار الخوري لـ"لبنان 24" إلى أن الخطوات تمثّلت بـ"وقف تمويل عجز الموازنة، فقد توقف المصرف عن تمويل العجز الحكومي، وتبنت الحكومة موازنات متوازنة تعتمد على الإيرادات الذاتية بدلًا من الاستدانة".
كما تمّ  الحد من التدخل في سوق القطع، وفق الخوري "إذ قلّل المصرف تدخله المباشر في سوق صرف العملات، مع التركيز على ضخ السيولة بالليرة اللبنانية فقط ضمن حدود تضمن توفير المتطلبات الأساسية للاقتصاد".
إلى ذلك، جرى ضبط السيولة من خلال اعتماد المصرف سياسة تقنين السيولة بالليرة اللبنانية، بحيث لا تتجاوز الكتلة النقدية بمعناها الضيق (النقد في التداول) ما يعادل 600 مليون دولار. تم تحقيق ذلك من خلال اعتماد الحكومة على زيادة الضرائب والرسوم بما ساهم في سحب الفائض النقدي من السوق.
 ووفق الخوري، استطاعت هذه السياسات الحد من الضغوط التضخمية وتحسين استقرار النظام النقدي، رغم الظروف القاسية والحوار وظيفة الليرة ودور البنوك في الاقتصاد، ما أدى إلى استعادة الثقة بالسلطة النقدية.
واعتبر الخوري أن مصرف لبنان يواجه اليوم تحديات سياسية واقتصادية تهدد استمرارية هذا الاستقرار النقدي، أبرزها  "تعرض الحاكم بالتكليف وسيم منصوري، لضغوط سياسية بهدف دفع المصرف إلى تمويل مشاريع مثل أعمال الإغاثة، مما قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية وبالتالي ارتفاع التضخم وانهيار قيمة العملة".
كما أن الآثار الاقتصادية للحرب المستمرة في لبنان والتداعيات الإقليمية تضع الاقتصاد اللبناني تحت ضغط إضافي، خاصةً مع تعطّل شرايين التجارة والصناعة والخدمات بسبب خروج ثلث الأراضي اللبنانية من الدورة الاقتصادية.
واعتبر الخوري أن الاقتصاد اللبناني يظل معتمدًا بشكل كبير على التحويلات من الخارج والقطاع المصرفي، مما يعرضه لمخاطر متزايدة في ظل انعدام النمو الإنتاجي.
من هنا، أشار إلى أن "أي خطوة لاستئناف تمويل الحكومة من قِبل مصرف لبنان قد تعيد البلاد إلى دوامة التضخم الجامح وفقدان الثقة في النظام المالي. هذا التمويل، وإن كان يستهدف أهدافًا إنسانية وإغاثية، يمثل تهديدًا للاستقرار النقدي الذي تحقق بشق الأنفس، خاصةً في ظل هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي وسيأتي بنتائج عكس المرتضى خاصة من حيث التأثير على الفئات الأكثر تعرضاً للازمة".
ورأى الخوري أن الحفاظ على الاستقرار النقدي في لبنان يحتاج إلى استمرار السياسات المالية والنقدية الصارمة التي تبناها مصرف لبنان. وبالتالي، يجب إيجاد مصادر تمويل في الوطن مثل المساعدات الدولية وزيادة الإيرادات من القطاعات الإنتاجية، بدلًا من الاعتماد على طباعة المزيد من النقود. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مصرف لبنان

إقرأ أيضاً:

شركة هائل سعيد أنعم تطالب بضمانات لإستقرار وتوفير العملة الأجنبية وتقول بأنها تعيد تسعيرة منتجاتها

طالبت مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، السبت، بضمانات لإستقرار وتوفير العملة الأجنبية، في الوقت الذي قالت بأنها تعمل على إعادة تسعيرة منتجاتها بما يحقق مصلحة المستهلك ويحافظ على استقرار السوق وتوافر السلع.

 

وارتفعت الأصوات الشعبية المطالبة بتخفيض الأسعار، بعد تعافي العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، حيث وصل الدولار الواحد إلى قرابة 1500 ريال بعد أن كان قد تجاوز 2900 ريال الأيام الماضية.

 

وقالت الشركة في بيان لها، إنها تابعت باهتمام الانخفاضات المفاجئة في أسعار الصرف، والمطالبات المشروعة في وسائل التواصل الاجتماعي بتخفيض الأسعار، مؤكدة انحيازها الدائم للمواطن والتزامها بمسؤوليتها المجتمعية.

 

وحذر البيان، من خطورة الإجراءات غير المدروسة التي يتم اتخاذها لمعالجة قضايا الأسعار دون وجود ضمانات حقيقية لاستقرار العملة ودون تنسيق مع الجهات المعنية.

 

وأوضحت أن فرض أسعار غير واقعية دون اعتبار للتكاليف الفعلية للمصنعين والمستوردين الذين غطوا التزاماتهم بالعملة الصعبة - والتي تم شراؤها بأسعار صرف مرتفعة عبر مزادات البنك المركزي وكذلك من السوق المحلي سيؤدي إلى اضطرابات تموينية خطيرة، وإفلاس واسع يشمل جميع المصنعين وتجار الجملة والتجزئة، وارتفاع لاحق للأسعار، يكون المتضرر الأكبر فيه المواطن البسيط.

 

وشدد المجموعة، على أن استقرار الأسعار يتطلب التزام الحكومة والبنك المركزي بتوفير العملة الصعبة بأسعار السوق السائدة حاليا، وأنه "بغير ذلك لن يتمكن القطاع الخاص من تحمل الأعباء والتكاليف، مما يهدد بانهيارات مالية واسعة".

 

وأشارت إلى "أنها تعمل حاليًا على إعادة تسعير منتجاتها بما يحقق مصلحة المستهلك ويحافظ على استقرار السوق وتوافر السلع، بما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز الأمن الغذائي".

 

وقالت المجموعة إنها سعت دائما لابتكار حلول عملية تسهم في خدمة المواطن وتدعم الاقتصاد الوطني وتؤمن بأن التوازن بين مصلحة المستهلك واستقرار السوق هو السبيل لضمان الأمن المعيشي والاستقرار الاقتصادي.

 

ودعت المجموعة الجهات الرسمية إلى اتخاذ معالجات مرحلية ومدروسة تراعي مصلحة المواطن والاقتصاد، مناشدة لعدم الانجرار خلف حملات الإثارة، مؤكدة دعمها لكل إجراء سليم ومدروس يحقق الصالح العام ويساهم في استمرار تدفق المواد الغذائية الأساسية للمواطنين، ويحمي الاقتصاد الكلي للبلد.


مقالات مشابهة

  • قرار حكومي جديد لتنظيم الواردات وتمويلها.. خطوة لتعزيز استقرار الصرف وتوحيد الرقابة (تقرير)
  • مجموعة هائل سعيد أنعم تصدر توضيحًا للرأي العام بشأن أسعار المواد الغذائية وتدعو لاستقرار حقيقي في سعر الصرف
  • شركة هائل سعيد أنعم تطالب بضمانات لإستقرار وتوفير العملة الأجنبية وتقول بأنها تعيد تسعيرة منتجاتها
  • رئيس احد الأحزاب اللبنانية: حزب الله أعاد لبنان فعلياً إلى الوراء مئة سنة!
  • استقرار نسبي في أسعار الصرف بعدن مساء الجمعة 1 أغسطس 2025
  • برلماني: دعم الاحتياطي النقدي وتوفير النقد الأجنبي يتحقق بهذه الإجراءات
  • عيسى الخوري: وحده الجيش يقاتل من أجل الجميع
  • أستاذ اقتصاد: تحرير الجنيه في 2016 أدى إلى استقرار مؤقت بسعر الصرف
  • قرارات استثنائية وخطط لإصلاح الاقتصاد المنهك.. الحكومة ومركزي عدن في مهمة انقاذ أخيرة
  • أسباب استقرار الحياة الزوجية .. أهم النصائح للطرفين