خبراء: تعنت الحوثيين أوصل السلام في اليمن إلى المجهول
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
دخلت الأوضاع الميدانية في اليمن، طيلة العامين الماضيين، في حالة من الهدوء والركود (لا حرب / لا سلم)، وظلّت المساعي لتحقيق السلام تراوح مكانها دون أي تقدم يُذكر، بينما بدأت الجبهات مؤخرًا تشهد حالة من التصعيد العسكري، خصوصًا من جانب ميليشيا الحوثي، حيث يشير خبراء إلى أن تعنت الحوثيين أوصل عملية السلام في اليمن إلى المجهول.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول فرص السلام في ظل عودة تصاعد وتيرة القتال، وسط ترقب حذر لاحتمال استئناف الحرب البرية في أي لحظة، وبشكل يُتوقع أن يكون أعنف من المعارك السابقة.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، فتح في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ثقبًا في نافذة الأمل، عندما أعلن عن موافقة الأطراف على الالتزام بسلسلة من التدابير تمهيدًا للتوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق، تضع أسسها الأمم المتحدة، لإنهاء الحرب وتحقيق سلام شامل.
ويرى سياسيون ومراقبون يمنيون أن: "(الجنين) الذي تمخّض عن (عملية قيصرية) شاقّة استمرت لأشهر، قد (وُلِدَ ميتًا)".
وأوضحوا أن "تهديدات ميليشيا الحوثي لخطوط الملاحة الدولية انعكست بشكل مباشر على خارطة الطريق التي جُمدت منذ إعلانها، خصوصًا وأن الإعلان تزامن مع بدء الحوثيين تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف سفن الشحن التجارية بذريعة نصرة غزة وفلسطين".
وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فياض النعمان: "أعتقد أن صلف جماعة الحوثي الإرهابية وفشل تدابير المبعوث الأممي في إدارة عملية السلام، كانت أهم العوامل التي دفعت عملية السلام إلى أدراج الأمم المتحدة المجمدة والمنسية".
وأضاف النعمان لـ"إرم نيوز": "المتابع للتصعيد والأحداث التي تشهدها المنطقة، خصوصًا في المياه الدولية والإقليمية اليمنية، يلحظ مؤشرات واضحة على أن ميليشيا الحوثي غير جادة وغير جاهزة لأي عملية سلام".
وتابع: "أما المبعوث الأممي لليمن، فيبدو أن تحركاته بين عواصم القرار الفاعلة في الأزمة اليمنية والضغوط التي يمارسها على الأطراف المناهضة للميليشيات، تهدف بعد عامين من فشل عمله في تمديد الهدنة وتنفيذ بنودها، إلى إنقاذ سمعته ومحاولة تسويق نجاح، حتى لو كان ذلك على حساب الأزمة اليمنية نفسها".
ويرى النعمان أن "الأطراف المناهضة للميليشيا الحوثية الإرهابية وافقت على مجموعة من التدابير التي يمكن العمل عليها لرسم ملامح خارطة طريق للأزمة اليمنية. لكن المكونات السياسية والأحزاب اليمنية تؤكد أنها لم تتسلم خارطة طريق من المبعوث الأممي أو الأطراف الإقليمية والدولية الوسيطة".
وأشار إلى أنه "حتى لو وُجدت خارطة طريق، فإن التصعيد الحوثي في المنطقة والقرصنة في المياه الدولية والإقليمية اليمنية كفيلة بتجميدها، ما يستوجب ضغوطًا دبلوماسية وعسكرية دولية على الميليشيات لإيقاف هذا التصعيد".
ويُرجّح النعمان أن "المجتمع الدولي لن يُكافئ ميليشيات إرهابية تستهدف خطوط الملاحة الدولية، بإيجاد خارطة طريق تدعم مشروعها الإرهابي الذي يهدد الأمن المحلي والإقليمي".
*تجميد خارطة الطريق*
ويأمل المسؤول اليمني، أن يكون "السلام مرتكزًا بشكل واضح على المرجعيات الأساسية للحل السياسي في اليمن، وأي تهاون في تنفيذ هذه المرجعيات يعني تأجيلًا لجولة صراع دموية قادمة".
وبدوره، يرى المحلل السياسي ومدير مركز "سوث 24" للأخبار والدراسات، يعقوب السفياني، أن "خارطة الطريق التي أُعلن عنها قبل عام قد جُمّدت بسبب هجمات الحوثيين العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن والملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب".
وأشار السفياني في حديثه لـ"إرم نيوز" إلى أن "الحوثيين بدؤوا هذه الهجمات في وقت كانت فيه مساعي غروندبرغ والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جدًا، وكان الحديث حينها عن توقيع وشيك للأطراف على خارطة الطريق، حيث أشار مكتب المبعوث الأممي إلى التزام الأطراف بمجموعة من التدابير ضمن خارطة الطريق".
وأضاف السفياني أن "انخراط الحوثيين في الأزمة الإقليمية، بصرف النظر عن موقفهم من غزة، أثّر بشكل كبير على المسار السياسي للأزمة اليمنية، ما جعل أطراف مجلس القيادة الرئاسي غير مستعدة للمضي في خارطة الطريق في ظل تهديد الحوثيين للملاحة الدولية وباب المندب وخليج عدن وسقطرى والسواحل اليمنية".
وتابع: "علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تكن لتسمح بإنجاز خارطة طريق أو صفقة سياسية في اليمن، قد تصب في مصلحة الحوثيين، في ظل استهدافهم للملاحة الدولية والقطع البحرية الأمريكية في المنطقة".
ويعتقد السفياني أن "أي تقدم سياسي في الملف اليمني، أو استئناف العمل على خارطة الطريق، مرهون بوقف التصعيد البحري للحوثيين، وسحب قواتهم ومنصات الإطلاق من السواحل ومن محافظة الحديدة، والعودة إلى طاولة المفاوضات".
وأشار إلى أن "التحركات التي تجري مؤخرًا في الرياض قد لا ترتبط بالمسار السياسي أو إعادة خارطة الطريق، بل قد تكون مرتبطة بإجراءات عسكرية قادمة ضد الحوثيين".
ومن جهته، يرى الصحفي عبدالباسط الشاجع أن "الأزمة اليمنية وصلت إلى طريق مسدود، وزادها تعقيدًا استهداف الحوثيين ناقلات النفط وسفن الشحن بذريعة نصرة غزة، ما زاد من تعقيد الوضع السياسي والعسكري في اليمن".
وأضاف الشاجع أن "هناك تحركات عسكرية واسعة للحوثيين في مدينة الحديدة ومحيطها، استعدادًا لمعارك قادمة، بينما على الصعيد السياسي، يبدو أن هناك محاولات لإعادة إحياء دور الأحزاب اليمنية استعدادًا لما يبدو أنه تصعيد عسكري محتمل".
وأشار إلى أن "هذه التطورات تبقى مرتبطة بأمن البحر الأحمر، وسط توقعات بأن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب سيتخذ نهجًا أكثر تشددًا ضد الحوثيين، على العكس من سلفه جو بايدن".
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: المبعوث الأممی خارطة الطریق خارطة طریق فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
حشد دولي في نيويورك لوضع حل الدولتين على طريق التنفيذ
تنطلق بمقر الأمم المتحدة في نيويورك يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، أعمال الاجتماع الوزاري، الذي تستضيفه كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية لدعم حل الدولتين الخاص بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع السيد محمد مصطفى رئيس الوزراء الفلسطيني وعدد من الوزراء من كل أنحاء العالم، في المقابل لن تشارك كل من إسرائيل والولايات المتحدة في هذا الاجتماع.
ويعد هذا الاجتماع الذي يرأسه الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، وجان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي مبادرة فرنسية سعودية مشتركة تهدف إلى إحياء زخم عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكان من المقرر عقد الاجتماع الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو الماضي على أعلى مستوى، غير أنه تأجل بسبب الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران وقد تم الاتفاق لاحقا على عقده على مستوى الوزراء، تمهيدا لقمة متوقعة في سبتمبر المقبل في إطار الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، صدر في 17 يونيو الماضي بيان عن الرئاسة المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، ممثلة في المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، إلى جانب رؤساء مجموعات العمل التابعة للمؤتمر، وهم: قطر، البرازيل، كندا، مصر، إندونيسيا، إيرلندا، إيطاليا، اليابان، الأردن، المكسيك، النرويج، السنغال، إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وقد عبر البيان عن القلق البالغ إزاء التصعيد المستمر والتطورات الأخيرة في المنطقة التي استدعت تعليق المؤتمر، مؤكدا على الالتزام الكامل بضمان استمرار أعمال المؤتمر وتحقيق أهدافه.
واعتبر أن الوضع الراهن، يحتم أكثر من أي وقتٍ مضى مضاعفة الجهود الداعية لاحترام القانون الدولي، واحترام سيادة الدول، وتعزيز السلام والحرية والكرامة لجميع شعوب المنطقة.
كما أعاد البيان التأكيد على استمرارية الدعم لكافة الجهود الرامية لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تطبيق حل الدولتين، وضمان الاستقرار والأمن لجميع الدول في المنطقة.
وتؤكد دولة قطر دعمها الكامل لحل الدولتين، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتحقيق هذا الحل الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، مع التأكيد على أن قطاع غزة جزء لا يتجرأ من الأرض الفلسطينية، ورفض أي محاولة لإحداث تغيير ديموغرافي أو إقليمي فيه.
وفي السياق نفسه، صدر بيان قطري فرنسي مشترك في يونيو الماضي في ختام اجتماعات الحوار الاستراتيجي السنوي الثالث بين البلدين في باريس برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وجان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي.
ودعا البيان إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى والمحتجزين المتبقين في قطاع غزة ، والتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد يُعطي أملًا لضحايا هذا الصراع وإيجاد مسار نحو حل الدولتين.
وأكد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والوزير الفرنسي مجددًا معارضتهما لأي عملية تهجير قسري لسكان غزة الفلسطينيين، حيث إن ذلك يُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وعاملًا رئيسيًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها.
ورحب معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بالاجتماع الدولي المقرر عقده برئاسة فرنسية سعودية مشتركة من أجل تنفيذ حل الدولتين. وأعلن معاليه والوزير الفرنسي أن هذه الجهود هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين للإسرائيليين والفلسطينيين مما يضمن استقرار المنطقة كلها.
وأكدا أن المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن الحل السلمي لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، سيساهم في تحقيق هذا الهدف من خلال وضع خارطة طريق موثوقة، بما يتيح للبلدين العيش جنبًا إلى جنب بسلام ضمن حدودهما المعترف بها دوليًا.
وقبيل اجتماع نيويورك المرتقب، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل.
وقد لاقى هذا الإعلان ترحيبا واسعا، حيث وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه انتصار للحق الفلسطيني، معبرا عن تقديره لحرص فرنسا على دعم الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة في أرضه ووطنه فيما اعتبرت المملكة العربية السعودية هذا القرار بأنه "تاريخي".
في المقابل، هاجم بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي القرار الفرنسي، زاعما أن الفلسطينيين لا يسعون إلى دولة إلى جانب إسرائيل، بل إلى دولة بدلا منها.
وأكد خبراء في مجموعة الأزمات الدولية أن إعلان الرئيس الفرنسي يمثل نقطة تحول مهمة قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير في الاعتراف بدولة فلسطين.
وتسعى فرنسا خصوصا لإقناع قوى كبرى مثل المملكة المتحدة باتخاذ هذه الخطوة، لكن كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني أكد أمس الأول الجمعة أن الاعتراف يجب أن يكون جزءا من خطة شاملة، أما ألمانيا فأعلنت أنها لا تعتزم القيام بذلك في المستقبل القريب.
وتفيد قائمة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) بأن 142 دولة على الأقل من أصل 193 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها فرنسا، تعترف الآن بدولة فلسطين التي أعلنتها القيادة الفلسطينية في المنفى عام 1988.
وعلى مدى عقود، أيدت الغالبية العظمى من المجتمع الدولي مبدأ حل الدولتين اللتين يعيش فيهما الإسرائيليون والفلسطينيون جنبا إلى جنب في سلام وأمن.
وفي تعليق له، قال رياض منصور السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، قبل أيام، إن المؤتمر الخاص بحل الدولتين يمثل فرصة فريدة لتحويل القانون الدولي والإجماع الدولي إلى خطة عملية وواقعية.
وأكد أن المؤتمر يشكل منصة لإظهار العزم الحقيقي على إنهاء الاحتلال ووضع حد نهائي للنزاع، داعيا الجميع إلى التحلي بالشجاعة لمواجهة التحديات وتحقيق السلام.
وفي مايو الماضي، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا تحضيريا للمؤتمر رفيع المستوى الخاص بحل الدولتين، حيث أكد فيلمون يانغ رئيس الجمعية العامة، على الأهمية القصوى لهذا المؤتمر معتبرا أنه لا يمكن حل هذا الصراع من خلال الحرب الدائمة، ولا من خلال الاحتلال أو الضم اللانهائي.
ورأى أن هذا الصراع سينتهي فقط عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنبا إلى جنب في دولتيهما المستقلتين وذات السيادة، في سلام وأمن وكرامة.
من جهتها شددت المستشارة منال بنت حسن رضوان، رئيسة الفريق التفاوضي للمملكة العربية السعودية في وزارة الخارجية على ضرورة أن يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة بدلا من مجرد الإيماءات الرمزية.
وقالت في سياق متصل: إن السلام الإقليمي يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين، ليس كبادرة رمزية، بل كضرورة استراتيجية، مضيفة أن المؤتمر القادم يجب أن يكون "بداية النهاية للصراع وأن الأمر لا يتعلق بالكلمات، بل بالفعل، ويتعلق بضمان ترجمة المبادئ الجماعية إلى حقائق دائمة.
وبدورها أكدت آن كلير ليجاندر مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التزام فرنسا القوي، إلى جانب المملكة العربية السعودية، بدفع حل الدولتين بوصفه المسار الوحيد القابل للتطبيق للسلام، وشددت على الحاجة الملحة لحشد دولي للمؤتمر، والذي يهدف إلى تطوير خارطة طريق ملموسة لتطبيق حل الدولتين.
من جانبها اعتبرت روز ماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، أن السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق بدون الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، داعية إلى إعادة التأكيد على أن الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، لهما الحق في العيش في سلام وأمن وكرامة وأن الأمن لا يمكن أن يفرض بالوسائل العسكرية.
ووفق ما صرحت به الجهات المنظمة، فمن المتوقع أن يتبنى المؤتمر وثيقة ختامية بعنوان "التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين"، وذلك لرسم مسار لا رجعة فيه نحو التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين على وجه السرعة.