لجريدة عمان:
2025-06-03@16:06:49 GMT

إسرائيل ستشق التحالفَ الغربي

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

ترجمة - قاسم مكي -

توجيهُ اتهاماتٍ لبنيامين نتنياهو ويواف غالانت بارتكاب جرائم حرب كارثةٌ لإسرائيل. لكنه أيضا مشكلة كبيرة للتحالف الغربي. الحزبان الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة يؤيدان بشدة اسرائيل في محاولتها التصدي لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزرائها ووزير دفاعها السابق. لكن من المرجح أن تحترم معظم الحكومات في بلدان الاتحاد الأوروبي وأيضا في بريطانيا وأستراليا وكندا قرارَ الاتهام.

وسيتوجب عليها، ولو على مضض، اعتقال نتنياهو إذا وضع قدما على أراضيها.

هذا الانقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين سيكون صعبا جدا حتى في الأوقات العادية. لكن وقتنا الحالي أبعد من أن يكون عاديا. فدونالد ترامب الذي سيكون رئيسا اعتبارا من 20 يناير تعهد سلفا باتخاذ إجراءات تهدد بقدر كبير مصالح أصدقاء أمريكا. لقد وعد بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% و20%. هذه الرسوم ستشكل ضربة للمصدرين الأوروبيين والآسيويين. الى ذلك، التزامه تجاه حلف الناتو مشكوك فيه. وخطته لعقد صفقة سلام مع روسيا يمكن أن تعرِّض أمن أوروبا للخطر.

اندلاع مواجهة مريرة أخرى عبر الأطلسي (حول إسرائيل هذه المرة) آخر شيء يحتاجه التحالف الغربي. لكن هذا هو القادم.

بعض الوزراء الإسرائيليين يتوقعون بكل سرور أن تسمح إدارة ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وغزة رسميا. هذا الضم يعتبره الاتحاد الأوروبي خطرا وغير قانوني.

ومن المؤكد تقريبا أن إدارة ترامب ستفرض عقوبات ضد مدَّعي وهيئة المحكمة الجنائية الدولية. كما هنالك حديث أيضا في دوائر الجمهوريين بالقضاء على المحكمة ربما بالتهديد بمعاقبة البلدان التي تمولها. اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي الدول الأربع الكبرى المانحة للمحكمة الجنائية الدولية.

إسرائيل ليست حريصة وأيضا الولايات المتحدة كما يبدو على مناقشة التُّهَم الفعلية الواردة في لائحة الاتهام والتي تشمل اتهاما لإسرائيل بقتل المدنيين واستخدام "التجويع كوسيلة من وسائل الحرب." بدلا عن ذلك تبنَّى اليمين الترامبي زعم نتنياهو بأن المحكمة يحركها العداء للسامية.

وحقيقة أن المحكمة وجهت الاتهام لبوتين وقادة حماس وقادة أفارقة عديدين يتم تجاهلها مع وَصْم المحكمة وداعميها الأوروبيين بكراهية اليهود.

الواقع أن معظم الحكومات الأوروبية عملت الكثير لدعم إسرائيل منذ احداث 7 أكتوبر. فبريطانيا وفرنسا شاركتا مؤخرا في أعمال عسكرية لحماية إسرائيل من الصواريخ الإيرانية. وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا ملتزمة تجاه إسرائيل الى حد أنها قد تقاطع المحكمة على الرغم من قبولها بشرعيتها. لكن معظم البلدان الأوروبية ستميل الى الجمع بين تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ودعم النظام القانوني العالمي الذي يفرض قواعد الحرب.

القضايا التي على المحك تتجاوز المسألة الراهنة حول احتمال ارتكاب جرائم حرب في غزة. فمعظم بلدان الديموقراطيات متوسطة الحجم في أوروبا وآسيا تدرك أخطار الارتداد الى عالم تتصرف فيه القوى العظمى والدول التابعة لها دون محاسبة.

بعض الانتهاكات للقانون الدولي من شاكلة عدم الامتثال لحكم صادر عن منظمة التجارة الدولية لا تبدو مخيفة جدا. لكن روسيا بيَّنت عمليا أن تحدي القانون الدولي يمكن أن يعني أيضا الاستيلاء على أراضٍ واختطاف أطفال وقتل مدنيين. مشروعية الحملة الدولية لردع روسيا ترتكز على القانون الدولي وواسطة عقدها القضية المرفوعة من المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين. وإذا انقلبت أمريكا الآن على المحكمة والنظام القانوني الدولي الذي تمثله بعد ترحيبها باتهام بوتين ستنحسر بشدة فرص إقناع العالم بتنفيذ العقوبات ضد روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية.

الصدام الذي يتشكّل بين الولايات المتحدة وحلفائها إزاء إسرائيل جزء من جدال أوسع نطاقا حول مستقبل النظام العالمي. يرى جون آيكِنبيري أستاذ السياسة والشؤون الدولية بجامعة برنستون أن ترامب يحوِّل الولايات المتحدة الى دولة مراجعة (تسعى الى تعديل الوضع القائم) وتتحدى كل عنصر من عناصر النظام الليبرالي الذي سبق لها أن أنشأته بما في ذلك حرية التجارة والانفتاح تجاه الهجرة وتعددية الأطراف والتحالفات الأمنية والتضامن بين البلدان الديموقراطية وحماية حقوق الإنسان.

تشكل المحكمة الجنائية الدولية إضافة حديثة نسبيا للنظام القانوني الدولي. فقد بدأت عملها في عام 2002 فقط. والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل ليست بين 124 بلدا قبلت باختصاص المحكمة. لكن القضاء عليها عمدا سيبعث برسالة خطرة في وقت يشهد تزايدا في جرأة القوى المستبدة على شن الحرب وانتهاك حقوق الإنسان.

قد تشعر أمريكا بوصفها أقوى بلد في العالم أن الاحتكام الى القانون الدولي والمؤسسات الدولية يحتاج اليه الأوروبيون الضعاف فقط. لكن حتى الولايات المتحدة القوية في حاجة الى حلفاء وقوانين دولية. فالتحالفات التي تقيمها أمريكا ضد روسيا والصين قائمة على قاعدة الاحتكام الى قانون دولي.

لقد استخدمت الولايات المتحدة مبررات قانونية لتعزيز جهودها في التصدي للصين في بحر الصين الجنوبي وروسيا في أوكرانيا. بل حتى الروس والصينيون دائما ما يحاولون الزعم بأنهم يتصرفون وفق القواعد الدولية. فهم يعلمون أن انتهاك القانون الدولي علنا يفقد البلد الحلفاء ويعرِّضه للعقوبات.

القانون الدولي يمكن أن يكون محبطا وتطبيقه يمكن أن يبدو غير مطَّرِد في كل الأحوال. لكن العالم بدون قانون يُحتكَم اليه سيكون مكانا مخيفا وخطِرا.

جيديون راكمان كبير معلقي الشؤون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز

الترجمة خاصة لـ«عمان»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة القانون الدولی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا

في صيف عام 1812، وبينما كانت أوروبا مشتعلة بنيران الحروب النابليونية، اندلعت حرب جديدة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمبراطورية البريطانية.

 حرب قصيرة نسبياً، لكنها كانت مفصلية في رسم ملامح الهوية الأمريكية، وترسيخ استقلالها الناشئ.

جذور الصراع..سيادة مهددة ومصالح متشابكة

بدأت الحرب نتيجة تراكم طويل من التوترات، أبرزها فرض البحرية البريطانية لحصار اقتصادي على فرنسا خلال الحروب النابليونية، ما أثّر على التجارة الأمريكية. 

كما عمدت بريطانيا إلى تجنيد البحارة الأمريكيين قسرًا للخدمة في صفوفها، وهي سياسة أغضبت الإدارة الأمريكية واعتبرتها إهانة للسيادة الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، اتُهمت بريطانيا بدعم القبائل الهندية في الغرب الأمريكي بالسلاح، ما زاد من حدة الصراع في الداخل.

 كل هذه الأسباب دفعت الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون إلى إعلان الحرب في يونيو 1812.

حرب بلا نصر حاسم

شهدت الحرب معارك متفرقة عبر الأراضي الأمريكية والكندية، من بينها محاولة فاشلة للولايات المتحدة لغزو كندا، ومعركة بحرية شهيرة بين السفينتين USS Constitution الأمريكية وHMS Guerriere البريطانية.

وفي عام 1814، أحرقت القوات البريطانية العاصمة الأمريكية واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض، ردًا على هجوم أمريكي على مدينة يورك. 

ورغم ذلك، فشلت بريطانيا في كسر المقاومة الأمريكية في معركة بالتيمور.

سلام بلا منتصر

انتهت الحرب رسميًا بتوقيع معاهدة غنت في ديسمبر 1814، والتي أعادت الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، دون أن يحقق أي طرف انتصارًا صريحًا. 

لكن المعاهدة لم تصل إلى أمريكا إلا بعد أسابيع، وخلال ذلك الوقت خاض الطرفان معركة نيو أورلينز في يناير 1815، حيث حقق الجنرال الأمريكي أندرو جاكسون نصرًا مدويًا زاد من شعبيته وأدى لاحقًا إلى انتخابه رئيسًا.

 تُعد حرب 1812 نقطة تحول في التاريخ الأمريكي، فقد أثبتت قدرة الولايات المتحدة على الصمود أمام قوة عظمى. 

كما تراجعت بعدها المقاومة الهندية في الغرب، وبدأت أمريكا عصر التوسع نحو الغرب


 

طباعة شارك الأراضي الأمريكية أوروبا الحروب النابليونية الولايات المتحدة الأمريكية الإمبراطورية البريطانية

مقالات مشابهة

  • منظمة العفو الدولية: إسرائيل استهدفت المتضورين جوعا في غزة
  • إسرائيل تتسبب بتوقّف 52.6% من المنشآت الاقتصادية شماليّ الضفة الغربيّة
  • التحالف الوطني يبحث سبل التعاون مع البنك التجاري الدولي
  • لماذا لا تنجح الحكومة في أداء مهامها في الولايات المتحدة؟
  • إيران تطالب بـضمانات من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • الجهاز الوطني للتنمية: تسارع وتيرة رصف الطريق الدولي الغربي لسرت
  • إيران تطالب بـ”ضمانات” من الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات
  • الولايات المتحدة تعلق العقوبات الجديدة على إيران
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • متى تتراجع الولايات المتحدة؟