فى ظل التوجه العالمى نحو تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الأثر البيئى، أصبحت إعادة التدوير والاعتماد على المواد الطبيعية بدائل حيوية تهدف لتحقيق الاستدامة والحفاظ على الموارد.

وفى مصر بدأت تبرز توجهات جديدة تستغل الموارد الطبيعية المحلية التى كانت تعتبر «نفايات»، وتحولها لمنتجات ذات قيمة مضافة تسهم فى دعم الاقتصاد المحلى، ومن أبرز هذه الموارد «نواة البلح»، التى باتت تُستخدم فى صناعات مختلفة، مما يعزز من الجهود البيئية ويسهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويُعتبر البلح أحد الموارد الطبيعية الواسعة الانتشار فى مصر، إذ تحتل البلاد موقعًا رائدًا فى زراعة النخيل وإنتاج البلح على المستوى العربى والعالمى، ولعدة سنوات كانت نواة البلح تُعتبر منتجًا ثانويًا لا قيمة له، ويتم التخلص منه بشكل عشوائى فى الغالب ولكن فى الآونة الأخيرة، تم اكتشاف إمكانات هائلة لنواة البلح فى صناعات متعددة، سواء كمادة خام لإنتاج الفحم النباتى أو كمكون فى صناعة الزيوت، أو حتى كبديل للقهوة التقليدية.

بدأت العديد من الشركات الناشئة والمؤسسات المصرية بتركيز جهودها على استغلال نواة البلح فى مشاريع مبتكرة تخدم أهداف التنمية المستدامة وتساهم فى تقليل التلوث، من بينها مشروع «قهوة نواة البلح» ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الرائدة التى تهدف لاستغلال نواة البلح فى إنتاج بدائل للقهوة التقليدية، حيث يتم تحميص نواة البلح وطحنها لتحضير مشروب قهوة يتميز بطعم مختلف عن القهوة التقليدية، ويحتوى على فوائد صحية، نظرًا لخلوه من الكافيين.

وهناك شركة «إيكو مصر» وهى شركة بيئية ناشئة تهدف لإنتاج الفحم الطبيعى من نواة البلح وتُعد هذه المبادرة فريدة من نوعها، إذ تسعى لتحويل النفايات العضوية لمصدر طاقة نظيف، وتُقلل من استخدام الفحم النباتى التقليدى الذى يسبب التلوث البيئى ويتميز هذا الفحم بقدرته العالية على الاحتراق وكمية الدخان المنخفضة الناتجة عنه، مما يجعله بديلًا صديقًا للبيئة.

كما يتم إنتاج الزيوت الطبيعية من نواة البلح، فهناك بعض الشركات والمشاريع التى بدأت بإنتاج زيوت طبيعية ومستحضرات تجميلية تعتمد على الزيوت المستخلصة من نواة البلح وتعتبر هذه الزيوت غنية بالفيتامينات والعناصر المغذية، وتستخدم فى صناعة منتجات العناية بالبشرة والشعر، مما يعزز من القيمة الاقتصادية لنواة البلح ويعكس فوائد صحية وجمالية.

وتعتمد هذه المشاريع على تحقيق مجموعة من الأهداف التى تندرج ضمن رؤية التنمية المستدامة ٢٠٣٠، ومن أبرزها تقليل النفايات وزيادة الاستدامة من خلال استغلال نواة البلح بدلًا من التخلص منها، حيث تعمل هذه المشاريع على تقليل كمية النفايات التى يتم إلقاؤها فى البيئة، مما يساهم فى تقليل التلوث وتحقيق مبدأ الاستدامة.

فضلا عن خلق فرص عمل جديدة وتسهم هذه المشاريع فى توفير فرص عمل جديدة، خاصة للشباب والمجتمعات الريفية، فالعملية الإنتاجية تتطلب فرقًا لجمع النواة، ومعالجتها، وتحويلها لمنتجات مختلفة، مما يسهم فى دعم الاقتصاد المحلى.

بجانب التقليل من استهلاك الموارد الطبيعية حيث يعتمد إنتاج الفحم الطبيعى من نواة البلح على تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة مثل الفحم التقليدى، مما يسهم فى المحافظة على الموارد الطبيعية وتجنب التدمير البيئى الناتج عن استخراج الفحم.

وعلى الرغم من النجاح الذى حققته هذه المشاريع، إلا أنها لا تخلو من التحديات ومن أبرزها الحاجة إلى التكنولوجيا المتقدمة؛ فبعض العمليات تتطلب معدات متطورة وتقنيات عالية لضمان استخلاص منتجات ذات جودة عالية، وهذه المعدات قد تكون مكلفة، مما يزيد من التحديات المالية لهذه المشاريع.

بجانب التوعية المجتمعية؛ حيث تحتاج هذه المشاريع لزيادة الوعى بأهمية استخدام منتجات بديلة مثل قهوة نواة البلح والفحم النباتى الصديق للبيئة، إذ إن التغيير فى سلوك المستهلك يستغرق وقتًا ويحتاج لجهود توعوية مكثفة.

وأخيرًا الدعم الحكومى والتمويل، وبالرغم من أن هذه المشاريع تدعم أهداف التنمية المستدامة، إلا أنها تحتاج لدعم مالى من الحكومة والمؤسسات التمويلية لتتمكن من التوسع وتطوير قدراتها الإنتاجية.

لا تقتصر استخدامات نواة البلح على مصر فقط، بل انتقلت الفكرة للعديد من الدول العربية مثل السعودية والإمارات، حيث تعتمد بعض الشركات هناك على نواة البلح لإنتاج منتجات مختلفة، مثل السماد العضوى المستخدم فى تحسين جودة التربة، خاصة فى المناطق الصحراوية. وفى دول أخرى كالهند، هناك مشاريع تستخدم نواة البلح كمكون أساسى فى إنتاج مواد البناء مثل الطوب، مما يعكس إمكانات واسعة ومتنوعة لنواة البلح قد تُساهم فى خلق المزيد من فرص الاستفادة.

وفى ضوء الاتجاه العالمى نحو الاقتصاد الأخضر، تبرز فرص جديدة لهذه المشروعات، خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات الصديقة للبيئة، كما أن الاستثمار فى البحوث والتطوير يمكن أن يسهم فى اكتشاف تطبيقات جديدة لنواة البلح لذا فإن تبنى المزيد من المشاريع التى تعتمد على نواة البلح قد يسهم فى تعزيز الاقتصاد المحلى وخلق مجتمع أكثر استدامة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التنمية المستدامة إعادة التدوير المواد الطبيعية نواة البلح الاقتصاد المحلى مشاريع مبتكرة الفحم النباتي إيكو مصر الزيوت الطبيعية مستحضرات تجميلية الاستدامة البيئية تقليل التلوث رؤية 2030 تقليل النفايات الطاقة النظيفة فرص العمل الشباب المجتمعات الريفية تقنيات متقدمة التوعية المجتمعية السماد العضوي الاقتصاد الاخضر البحوث والتطوير تطبيقات جديدة المجتمع المستدام التنمیة المستدامة الموارد الطبیعیة هذه المشاریع یسهم فى

إقرأ أيضاً:

أصحاب منشآت صناعية في حمص: اتفاقيات الطاقة تسرع دوران عجلة الإنتاج

حمص-سانا

تفاؤل بالمستقبل المزدهر يعيشه الصناعيون في محافظة حمص، بعد توقيع الحكومة اتفاقيات مع مجموعة من شركات الطاقة العالمية لما لها من دور في تسريع دوران عجلة الإنتاج، وتخفيف تكاليفه، وتحسين جودة المنتجات كمّاً ونوعاً والمنافسة في الأسواق العالمية.

مراسل سانا في حمص استطلع آراء عدد من المعنيين بقطاع الصناعة وأصحاب منشآت في مدينة حسياء الصناعية، حيث أكد مدير مديرية الصناعة في حمص بسام السعيد أن هذه الاتفاقيات خطوة نوعية، تهدف إلى تعزيز المناخ الاستثماري في سوريا، وتمهد الطريق لإطلاق مشاريع إستراتيجية تدعم عملية إعادة الإعمار، وتسهم في استقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.

وأوضح السعيد أن هذه الاتفاقيات تفتح آفاقاً واسعة للشركات الدولية، ما يعزز مكانة سوريا كمركز للاستثمارات الصناعية والتطوير التكنولوجي، لافتاً إلى أنه مع تنفيذ المشاريع التي وردت في الاتفاقيات، تنتقل سوريا من حالة العجز في توليد الكهرباء إلى الاكتفاء الذاتي في التوليد، ما يخدم احتياجات كل القطاعات الاقتصادية والخدمية والخاصة، في ظل التوقعات بأن توفر هذه المشاريع 300 ألف فرصة عمل جديدة.

وبين السعيد أن استخدام التقنية الحديثة في محطات التوليد، يؤدي إلى تخفيض الفاقد من الكهرباء بنسبة كبيرة، ما ينعكس إيجاباً على تخفيض تكاليف سعر الكهرباء، وبالتالي تخفيض سعر الكهرباء سواء للمواطن أو الصناعي أو التاجر أو المزارع، ما يخفف من تكاليف الإنتاج على الصناعيين والمزارعين، ويزيد قدراتهم التنافسية، فضلاً عن زيادة صادرات المنتجات السورية.

بدوره أكد مدير الشركة السورية للموارد الطبيعية في مدينة حسياء الصناعية المهندس مهران النفوري، أن توفر حوامل الطاقة يشجع على الاستمرار بالعمل، وتأمين منتجات بجودة وبمواصفات عالية، ويساعد في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في الشركة، مشيراً إلى أن عجلة الإنتاج مرتبطة بشكل مباشر بالكهرباء، واستقرار الشبكة الكهربائية على مدار الساعة.

ولفت النفوري إلى أنه بعد توقيع الاتفاقيات بدأ التخطيط لتركيب خط إنتاج ثان في الشركة لم يكن يتجرأ على التفكير به سابقاً، لعدم ثقته باستقرار الكهرباء وتوفرها، داعياً إلى أن تتضمن الاتفاقيات تأمين الكهرباء بسعر منخفض، أسوة بدول الجوار، ليتمكن الصناعيون من منافسة المنتجات المستوردة.

صاحب دار الهندسة للمنشآت المعدنية المهندس عبد الإله زعرور عبر عن تفاؤله بتحسن نوعية وجودة منتجاته مع استقرار الكهرباء، وتوفرها على مدار الساعة بالتزامن مع الاستقرار الأمني، منوهاً بأن توقيع الاتفاقيات شجعه على البدء بالتخطيط لشراء آلة قص بالليزر ستكون الأولى من نوعها على مستوى سوريا، من حيث الجودة والحجم والإنتاج.

وأوضح زعرور أن استقرار الكهرباء وثباتها يحافظ على خطوط الإنتاج والآلات من الأعطال، التي كانت تحدث نتيجة الانقطاع المفاجئ والمتكرر، الأمر الذي يخفف من تكاليف الصيانة، وبالتالي الوصول إلى منتج بمواصفات عالية وسعر منافس بالأسواق، ما يسهم في استقرار المنشأة اقتصادياً، ويحقق أرباحاً مشجعة على الاستمرار، وتوسيع الاستثمار.

من جانبه المستثمر في مجال الإنشاءات المعدنية حسان بيطار، بين أن الاتفاقيات تؤدي إلى دعم الاستقرار الاقتصادي في جميع المدن الصناعية، لأن الكهرباء عصب الصناعة، وخاصة أن الكثير من الصناعات استغنت عن الوقود الأحفوري وتعتمد على الكهرباء، مشيراً إلى أن توفرها سيؤدي إلى انخفاض سعر الكيلو واط الساعي، ما يمكن المنتج الوطني من المنافسة عالمياً بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • أصحاب منشآت صناعية في حمص: اتفاقيات الطاقة تسرع دوران عجلة الإنتاج
  • سلطات العدو الإسرائيلي تهدم منزل فلسطيني في أم الفحم
  • هدم منزل في أم الفحم
  • وزير الزراعة يؤكد أهمية تعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية
  • وزير الزراعة: تعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية لمواجهة تغير المناخ
  • تكريم قيادة وكوادر إدارة المشاريع والأراضي والإسكان
  • حقيقة زيادة أسعار الغاز الطبيعى على المنازل بفاتورة يونيو الجارى.. تفاصيل
  • منال عوض تبحث دعم برامج الحوكمة والتحول الرقمي مع وزير التنمية الإدارية الأسبق
  • برج الجدي .. حظك اليوم الأحد 1 يونيو 2025 : قلل من الزيوت
  • مفاجأة بشأن اكتشاف أكبر مخزون من الذهب في باطن الأرض.. ما القصة؟